منصور الجمري: أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينيات
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 13
منصور الجمري: أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينات
--------------------------------------------------------------------------------
تجربة الحوار بين أحد أطراف المعارضة والحكومة في الفترة من أغسطس 5991 إلى يناير 6991
«أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينات
الوسط - منصور الجمري
«انتفاضة التسعينات» كانت أحد الأسباب التي أدت الى حدوث الانفتاح السياسي الذي نعيشه في البحرين في هذه الفترة.
.. تلك الانتفاضة كانت قد انفجرت في ديسمبر/ كانون الأول 4991 واستمرت حوادثها حتى نهاية التسعينات من القرن الماضي. الانتفاضة عبّرت عن تحرك جانب من الشارع البحريني لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، وكانت تتوازى في جانب مع الحركة المطلبية التي قادتها «لجنة العريضة» التي طرحت المطالب المتفق عليها من فئات واتجاهات المجتمع البحريني. غير أن الحوادث تطورت وأدت الى اصطدام الشارع السياسي الشيعي مع قوات الأمن لعدة أسباب، ومن بين تلك الأسباب الاستراتيجية التي اتبعتها القيادة الأمنية آنذاك لإحداث شرخ داخل الحركة المطلبية من خلال تركيز القمع على فئة واحدة من المجتمع، وبالتالي يمكن أن ينفصل الشيعة عن السنة، ويسهل التعامل مع الأمور.
تشكلت عدة جهات قيادية ورمزية أثناء التحرك السياسي في التسعينات، ومن تلك الجهات التي تشكلت بعد انفجار الانتفاضة كانت «أصحاب المبادرة».
أصحاب المبـادرة
مباشرة وبعد انفجار الانتفاضة في ديسمبر 4991 ظهرت شخصية الشيح عبدالأمير الجمري بصورة محورية، لأنه كان أكبر رمز ديني شيعي يتبنى «العريضة النخبوية» في العام 2991، ومن ثم «العريضة الشعبية» في العام 4991. وبعد ذلك تقدم للصلاة على الشهداء الذين سقطوا أثناء المسيرات التي عمت مناطق عدة في البحرين. وفي 1 أبريل/ نيسان 5991 تمت محاصرة منزل الشيخ الجمري لمدة أسبوعين، ومن ثم نقل الى سجن القلعة،
وبعدها نقل الى سجن سافرة. بعد ادخال الجمري السجن ازدادت الأوضاع سوءاً، ما أدى بالقيادة الأمنية (ممثلة حينها بالمدير العام للأمن العام إيان هندرسون) إلى فتح حوار معه داخل السجن. ولكن الجمري طلب ان يكون معه ايضا اثنان من رموز المعارضة الذين تم اعتقالهم أيضاً، هما: الاستاذ عبدالوهاب حسين، والاستاذ حسن مشيمع. وبعد ان اكتملت الحوارات الأولية تم إشراك عدد من الشخصيات التي كانت داخل المعتقل للمساندة في تنفيذ بنود الاتفاق، وهؤلاء اطلق عليهم لاحقاً «أصحاب المبادرة».
المعارضة في لندن تدخل على الخط
كنت في لندن مع الناشطين في حركة أحرار البحرين، التي كانت قد تصدرت وكان لها دور رئيسي في تمثيل وجهة نظر المعارضة في الخارج. وفي منتصف اغسطس/ آب 5991 انهالت علينا التقارير من داخل البحرين تتحدث عن اطلاق عدد من الرموز القيادية في التحرك الشعبي المطالب بعودة الحياة الدستورية للبلاد، وما هي إلا فترة وجيزة حتى اتصل الأستاذ حسن مشيمع (أحد القياديين الذين افرج عنهم) بنا في لندن يعلمنا انه عازم على السفر إلى الخارج لتبادل وجهات النظر بشأن المحادثات التي بدأت في السجن بين القيادة الامنية وخمسة من قياديي التحرك الشعبي (الشيخ عبدالأمير الجمري، الأستاذ حسن مشيمع، الأستاذ عبدالوهاب حسين، الشيخ خليل سلطان، والشيخ حسن سلطان).
وهكذا، دخلت انتفاضة التسعينات مرحلة جديدة اتسمت بالأفراح الشعبية ومظاهر الزينة للاحتفال بمئات من المفرج عنهم بعد ان وصلت الاوضاع إلى حال من الاختناق... ما طبيعة هذه المحادثات؟ وكيف تم التوصل إليها؟ وما كان المرجو منها؟ وهل... وهل... وهل؟ الأسئلة بدأت تنهال من كل جانب وبدا كأن البحرين قد دشنت آنذاك مرحلة حرية التعبير عن الرأي والحوار بين المعارضة والحكومة. الشكوك والظنون كثيرة وكذلك الآلام والآمال، وهكذا بدأنا في لندن نترقب مجيء الاستاذ حسن مشيمع والشيخ خليل سلطان للاطلاع على ما دار مع القيادة الامنية.
وصل الوفد لندن يوم 62 اغسطس/ آب 5991 (بعد يوم واحد من إطلاق سراح الشيخ الجمري من الاعتقال الاول)، وكان في وداع الوفد في مطار البحرين الدولي فريق أمني برئاسة عادل فليفل، لتسهيل سفر الوفد (ذلك لأن من يعتقل ويفرج عنه لا يسمح له بالسفر مباشرة). كان الارهاق بادياً على مشيمع وسلطان، ولذلك تركناهما ليرتاحا في اليوم الأول من وصولهما لكي نبدأ معهما حوارات مكثفة استمرت 4 ايام متتالية.
رسالة الشيخ الجمري
في أول لقاء لي بالاستاذ حسن، سلمني رسالة كتبها الوالد الشيخ عبدالأمير الجمري في السجن بتاريخ 42 اغسطس 5991، أي قبل يومين من سفر الوفد إلى لندن. والرسالة لخصت الحوار الجاري بالقول: «فإنني قد اطلعت على البيان الصحافي الصادر عن حركة احرار البحرين الاسلامية بتاريخ 12 اغسطس 5991م، والذي تـناول فيما تـناول موضوع الاتفاق بيننا وبين الحكومة، وجاء فيه التزام الحركة مشكورة بما جاء في الاتفاق، وانني ارجو منكم جميعا التعاون معنا لإتاحة الفرصة الكافية لإنجاحه، وتجنب كل ما يعوق تنفيذه ويطيل زمن محنة شعبنا، وأن تتكرس الجهود في البحث عن افضل السبل بتعزيز الحوار مع الحكومة التي أعربت عن رغبتها فيه، مؤكداً الحاجة القصوى للتعاون من اجل اخراج البلاد من محنتها بأسلوب حضاري حكيم وراق يتناسب مع تراثنا التاريخي والثقافي وقيم ومبادئ شعبنا المسلم وطبائعه الانسانية النبيلة، ومؤكداً رفض الاسلام لاستخدام العنف مادام يوجد للحوار سبيل، ومؤكداً أيضاً ان عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد مع المحافظة على الحقوق والواجبات المتبادلة بين الشعب والحكومة تمثل الاساس الاقوى والأفضل لنمو البلاد وازدهارها وتحقيق آمال وطموحات شعبنا والمحافظة على مكتسباته، وانني على ثقة بأنكم سوف تهتدون بفضل الله تعالى وتسديده لأفضل السبل السلمية الدستورية الحكيمة التي تمر عبر الحوار لتحقيق ذلك، وعدم تضييع الفرص التاريخية الثمينة ولاسيما هذه الفرصة التي تمثل منعطفاً خطيراً في تاريخ شعبنا، متمنياً لكم التوفيق والتسديد فيما تصبون اليه من الخير لهذا الشعب والوطن».
مشيمع وسلطان في لندن
الحوار بين مشيمع وسلطان من جانب وشخصيات المعارضة الموجودين في لندن من جانب آخر تطرق إلى جميع الامور المنظورة، وكان النقاش جاداً وصريحاً إلى الدرجة التي كان الوفد الضيف يشعر وكأنه خرج من سجون البحرين والمشادات مع المخابرات إلى سجون منازل لندن ومشادات المعارضة.
وبينما كنا نتحاور مع الوفد القادم إلى لندن، كان وزير الاعلام آنذاك محمد المطوع يصرح لاذاعة لندن بأن الافراج عن المعتقلين كان «لتوفير الفرصة للمفرج عنهم لكي يعودوا إلى الصراط المستقيم».
وعلى رغم كل ذلك شعرنا بضرورة المتابعة لمجريات الامور بصبر وحذر شديدين، وكان علينا أن نبتعد عن الجوانب النظرية البحتة ونتعامل مع الواقع وظروفه، وكيفية معالجة السلبيات التي قد تصاحب مثل هذه التجربة.
وكان مشيمع قد بدأ حواره بالاشارة إلى أن مثل هذا الحوار لم يكن ليحصل لو أنهم كانوا على انفراد في زنزانات متفرقة، وكانت الخطوة الاولى التي سعوا إليها هي اقناع وزارة الداخلية بسجنهم في مكان مشترك لأجل التداول في جميع القضايا،
وفي مقابل هذا الطلب، كانت المخابرات تريد الحصول على ورقة مكتوبة وموقعة من الشخصيات الخمس يقدمون فيها «اعتذاراً» للحكومة. ومن أجل هذا الأمر تُرك الخمسة في غرفة خاصة ومجهزة بأجهزة التنصت للاستماع لما يتم الاتفاق عليه. وكان القرار الذي اتخذه الخمسة كتابة رسالة تحمل جملة «شرطية» يقول فيها الموقعون عليها إنهم يعتذرون «إذا» كان قد صدر منهم خطأ، وذكر مشيمع ان كلمة «إذا» وضعت في منتصف الجملة لكي لا يتم حذفها بعد ذلك، عندما تقوم الحكومة بنشرها فيما لو تراجعت عن الحوار. وهكذا كُتبت الرسـالة الموجهة إلى سمو امير البلاد بتاريخ 42 ابريل 5991 (اي بعد 3 اسابيع من اعتقال الشيخ الجمري) متضمنة الجملة الشرطية الآتية: «وإزاء الأحداث المؤلمة التي شهدتها البحرين في الأشهر القليلة الماضية نعرب عن اسفنا الشديد لسموكم (إذا) كانت قد تسببت تصرفاتنا والأعمال التي قمنا بها وأدت إلى الاضطرابات في البلاد». لقد كانت خطـورة الرسـالة واضحة امـامهم، لكنهم فضلوا أن يقدموا على المخاطرة لكي يتمكنوا من الاجتماع مع بعضهم بعضاً بصورة مستمرة والخروج بمشروع مشتـرك استمر الحوار فيه لإخراجه قرابة الاربعة أشهـر داخل السجن مع قيادة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية.
ملخص الحوار في لندن
أشار الوفد الزائر إلى أن جذور المبادرة بدأت بعد أيام قلائل من الاعتقال، وخرج عدد من الاخوة بصورة مستقلة اثناء اعتقالهم الانفرادي بفكرة لتهدئة الاوضاع مقابل الدخول في حوار مع الحكومة. بعد عدة جلسات من التحقيق المنفرد مع المخابرات بدا واضحاً أن هناك رأياً مشتركاً بين عدد من القياديين، ولهذا تم تقديم طلب بالسماح لخمسة منهم بالاشتراك في سجن واحد لكي يخرجوا بمشروع مشترك تضمن اربعة بنود، إلا أن البند الـرابع حذف بعد اعتراض الحكومة عليه. وجاء في بنود المشروع ما يأتي:
البند الاول: الدعوة للهدوء والاستقرار مقابل اطلاق سراح جميع الموقوفين (غير المحكومين) وتم الاتفاق على أن يطلق سراح 3 من المحاورين مع 051 شخصاً في 61 اغسطس 5991، ثم يتم الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين مع 051 معتقلاً آخرين، وفي 03 سبتمبر / أيلول 5991 يتم الافراج عن الشيخ عبدالأمير الجمري مع 005 إلى 006 موقوف.
البند الثاني: معالجة آثار الازمة. فقد خلفت آثاراً مختلفة، ولكي يتحقق استقرار دائم فلابد من الافراج عن الذين حكم عليهم وارجاع المبعدين ومناقشة عودة البرلمان المنتخب.
البند الثالث: تعزيز العلاقة الطيبة بين الشعب والحكومة. وقد اصرت الحكومة على كلمة «تعزيز» بدلاً من الكلمة الاصلية «خلق».
البعد الرابع: (الذي لم توافق عليه الحكومة): كان ينص على تصحيح العلاقة بين المعارضة في الخارج والحكومة.
ملاحظات ذكرها الوفد الزائر
1 * قال رئيس المخابرات ايان هندرسون في إحدى جلسات الحوار: «لقد استطعتم هز الكأس فلا تكسروه، لقد وصلنا إلى قناعة بأن القمع لن يخمد الشارع العام بالصورة التي نحب، كما أن الوجهاء الذين اعتمدنا عليهم لم يستطيعوا حل المشكلة».
2 * عندما طلبنا توثيق الاتفاق قبل بدء الافراجات تم ترتيب لقاء مع وزير الداخلية بتاريخ 41 اغسطس 5991 (قبل يومين من الافراج عن الدفعة الاولى) حضره وزير العمل (آنذاك) عبدالنبي الشعلة وقضاة المحكمة الجعفرية المرحوم الشيخ سليمان المدني والشيخ أحمد العصفور والمرحوم الشيخ منصور الستري بالإضافة إلى الوجيه الحاج احمد منصور العالي، وقام الشيخ الجمري بقراءة المبادرة المكتوبة أمام الحضور الذين استمعوا لما قيل عن الحوار الدائر.
3 * قال هندرسون إن زيارة لندن واقناع المعارضة هناك سيكون لهما الأثر الكبير في الاسراع بحلحلة الاوضاع، وخصوصاً بعد ذهاب العلماء الثلاثة الذين تم ابعادهم في يناير/ كانون الثاني 5991 إلى لندن، لأن ذلك قلب الموازين على الحكومة.
4 * تم إخبار وزارة الداخلية أن المحاورين لن يطلبوا من المعارضة ومن الجماهير التوقف وانما سيطلبون اعطاء فرصة للحوار.
ملاحظات ذكرها أفراد المعارضة في لندن
1* الحكومة رفضت أن توثق الاتفاق من جانبها كتابياً ورفضت وضع جدولة واضحة للفترة الأمنية من الحوار. كما أن المرحلة السياسية للحوار غامضة بالنسبة إلى الآلية. فالمعارضة طرحت مطالب دستورية تعتمد على الاجماع الوطني وأي آلية للحوار لابد أن تحتوي على ممثلين من الاطراف المشاركة في العريضة الشعبية ومن الاطراف الأخرى المؤثرة في الساحة.
2* ان الحكومة طلبت كتابة رسالة اعتذار كمقدمة للحوار، وعلى رغم أن الرسالة كتبت بلغة «شرطية» فإن الابتزاز واضح ولن تتوانى وزارة الداخلية عن استخدام هذه الورقة ونكران الحوار لأنها لم تقدم شيئاً مكتوباً.
3* إن النهج الذي تسير عليه الحكومة آنذاك لا ينبئ بالخير.
4* إن تكرار وزير الاعلام آنذاك لوصف خروج القياديين بأنه من أجل العودة للصراط القويم أمر آخر لا ينبئ بالخير في التوجه الحكومي.
5* الحكومة تريد معالجة عوارض الازمة وليس جذورها، ولا يبدو أن تغييراً حقيقياً في النهج قد حصل. فالحديث كان ينصب عن مجلس شورى معين.
رجوع مشيمع إلى البحرين
رجع مشيمع إلى البحرين (بينما بقي الشيخ خليل سلطان خارج البحرين وهاجر لاحقاً الى هولندا ولم يعد حتى الآن) والتقى الشيخ عبدالأمير الجمري والأستاذ عبدالوهاب حسين داخل السجن ليخبرهما بنتيجة الحوار مع المعارضة في الخارج. ولكن سرعان ما بدأت الحوادث تأخذ منحى آخر عندما جاء موعد الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في 7 سبتمبر/ أيلول. فوزارة الداخلية لم تفرج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في اليوم المحدد، كما لم تفرج عن العدد الكامل المتفق عليه احتجاجاً على مظاهر الفرح الجماهيرية التي بدأت تتسع مع الايام، وعندما أفرج عن الشيخ الجمري في 52 سبتمبر، وخرجت الجماهير من كل مكان لاستقباله، انزعجت «الداخلية» من دون سبب معقول وامتنعت عن الافراج عن باقي الموقوفين المتفق عليهم ويقدر عددهم بـ 005 شخص.
وكان شهر اكتوبر/ تشرين الأول 5991 حافلاً بالمساجلات والاتهامات بين القيادة الامنية والمعارضة، في الوقت الذي بدا واضحاً ان الحكومة لم تكن جادة في فتح باب الحوار وان ما كانت تريده هو الالتفاف على المطالب الجوهرية للتحرك الشعبي، التي منها إعادة الحياة الدستورية واحترام حقوق المواطن.
تصاعد الحوادث مرة أخرى
وهكذا بدأت الحوادث في التصاعد وبدأت تختفي مظاهر الفرح وتعود حال اللاأمن واللااستقرار والاعتقالات العشوائية والمحاكمات الجائرة والتصريحات غير المسئولة.
لقد تسارعت الحوادث في يناير/ كانون الثاني 6991 بصورة خاطفة، وبدا الارتباك واضحاً في ردود فعل الحكومة، ويمكن تلخيص الحوادث المتسارعة مع ما سبقها كما يأتي:
* 52 سبتمبر 5991: الافراج عن الشيخ عبدالأميرالجمري.
* 32 أكتوبر/ تشرين الأول 5991: اعتصام 7 قياديين واضرابهم عن الطعام في منزل الشيخ الجمري، احتجاجاً على عدم وفاء الحكومة بالاتفاق المبرم معها.
* 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 5991: انتهاء الاعتصام واحتشاد أكبر تجمع في تاريخ البحرين (قدر العدد 06 * 07 ألف شخص) أمام منزل الشيخ الجمري للاستماع إلى البيان الختامي للمعتصمين.
* 3 يناير 6991: بعثت قيادة أمن المنامة إلى مسئول جامع الصادق بالقفول (المنامة) وأنذروه بمنع الشيخ الجمري من الصلاة مساء الجمعة كل أسبوع. وعندما اتصل المسئول عن الجامع بادارة الأوقاف الجعفرية قيل له إنه ليس من مسئوليتنا أن نمنع أو نحدد من يصلي جماعة في المسجد. مدير أمني في وزارة الداخلية اتصل بالاوقاف ليأمرهم، لكن الاوقاف اعتذرت عن ذلك. بعدها اتصل المدير الأمني بالشيخ الجمري، وقال له: «إنك ممنوع من الصلاة والخطبة في مسجد الصادق»، وكررها ثلاث مرات، فرد عليه الشيخ الجمري بأنه يرفض المنع.
* 4 يناير 6991: هجمت قوات الأمن على جامع الامام زين العابدين، إذ كان الشيخ الجمري مع جمهور من المصلين يقرأون الدعاء، واستخدمت مسيلات الدموع بكثافة وتم الاعتداء على المارة بصورة عشوائية وفرض الحصار حول منزل الشيخ الجمري. بعد فترة انسحبت قرابة 02 سيارة جيب من المنطقة وبقيت السيارات المدنية و4 شاحنات مملوءة بالقوات. وبعد فترة تجمعت أعداد غفيرة حول منزل الشيخ الجمري وخرج الشيخ وخطب فيهم قائلا: «إن هذه الحركة الصبيانية المراهقة قد فعلها هؤلاء من دون سبب، وأرى أنهم قد أرهقتهم وحدة الشعب وإصراره على مطالبه، وأرهقتهم الجماهير الهائلة التي تجتمع للصلاة يوم الجمعة في جامع الصادق ولا نستغرب مثل هذه الحركة، ونحن صامدون لن نتراجع، والذي أراه أن هذا الانسحاب تكتيكي لكي تتجمعوا بسبب هذه المكيدة ثم يأتون مرة اخرى للهجوم زاعمين ان هناك فوضى وتجمعا غير مشروع، اننا سوف نظل متمسكين بسلوكنا الذي هزمهم وجعلنا نستـقطب الرأي العـام في الداخل والخارج وهو السلوك السلمي، وأرى أن نفوّت عليهم الفرصة ونحبط هذه المكيدة بالتفرق والانصراف من هذا المكان، شكر الله مساعيكم، على أن الانصراف لا يعني التخـلي عـن المسـئولية، بل هـو انصراف مع التحسـب للطوارئ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
* الجمعة 5 يناير 6991: صلى الشيخ الجمري الظهر في جامع الصادق بالدراز، بينما كانت مداخل الدراز توجد فيها القوات ولكن الجماهير انهالت من كل حدب وصوب، أما صلاة المغرب فكان يصليها الجمري في جامع الصادق بالقفول. وعندما توجه الناس إلى القفول كانت القوات قد حاصرت الجامع منذ الثالثة بعد الظهر بـ 052 مسلحاً وأغلقت جميع الطرق إلى الجامع. وقامت هذه القوات باستخدام مسيلات الدموع والرصاص المطاطي وأصبحت الاجواء مشحونة، وأصيب عدد غير قليل من النساء والرجال والاطفال.
* مساء الجمعة 5 يناير 6991: اقيم حفل ديني في منطقة النعيم بالمنامة وكان من بين الحضور الشيخ الجمري. وبينما كان الاستاذ حسن مشيمع يلقي كلمته أمام الحضور هجمت قوات الشغب بالقنابل الخانقة على الحضور، فانفض الجمهور وسقط عدد كبير على الأرض من بينهم الشيخ الجمري، فحمله الشباب إلى بيت صغير ملاصق لمكان الحفل. وقد التجأ إلى هذا المنزل نحو 001 شخص، وبقوا هناك ما لا يقل عن ساعة ونصف الساعة لا يستطيعون النزول ويتكلمون بالهمس، لأن البيت كان مطوقا والمنطقة كذلك. بعد ذلك هجمت قوات الشغب على المنزل وكسروا ابوابه ودخلوا واقتادوا الشباب بصورة وحشية ضرباً ورفساً وشتماً. وقيّدوا أيدي الشباب من الخلف. وتعرض الشيخ الجمري لضربة على ظهره من أحد افراد قوات مكافحة الشغب.
* 8 يناير 6991: الشيخ الجمري يصلي في جامع الصادق على رغم التهديد له قبل الصلاة والجماهير تجتمع من كل مكان وتجدد العهد. بعد ذلك توجه الشيخ الجمري للدراز وحضر احتفالاً جماهيرياً ضخماً رددت فيه هتافات الصمود ضد الهجمة الحكومية.
* 21 يناير 6991: طوقت قوات الأمن جامع الصادق بالقفول، وعندما جاء عدد كبير من الناس وغالبيتهم من الشباب للصلاة وجدوا شرطة الشغب اغلقت المنافذ المؤدية للجامع من الجهات الأربع، وتمت ملاحقة القادمين للصلاة باستخدام الرصاص المطاطي الذي تسبب في اتلاف عدد من السيارات والممتلكات.
* 31 يناير 6991: استدعت وزارة الداخلية الشيخ الجمري و7 من رفاقه وادخلوهم واحداً بعد الآخر في مكتب وزارة الداخلية الذي كان يتوسطه 41 من قوات الأمن وضباط الداخلية، قالوا إن الهدف هو ابلاغ رسالة، ان الحكومة قررت منع الصلاة جماعة وإلقاء الخطب أمام الناس. وكان جواب الشيخ الجمري ورفاقه، أنهم لا يعترفون بهذا القرار لأنه غير دستوري.
* 41 يناير 6991: اعتقل الاستاذ عبدالوهاب حسين من منزله الساعة الثالثة بعد الظهر. وكان حسين ألقى كلمة أمام حفل جماهيري في عراد مساء 31 يناير شرح فيه ما جرى مع ضباط وزارة الداخلية وموقف قادة المعارضة الرافض لمثل هذه التهديدات.
* 51 يناير 6991: بدأت حملة اعتقالات واسعة شملت جميع الذين ظهرت اسماؤهم للعلن خلال الأشهر الماضية من علماء دين وأساتـذة وخطباء ووجهاء ومسئولي مساجد، من مختلف مناطق البلاد.
* 61 يناير 6991: الشيخ الجمري يلقي كلمة أمام جمهور غفير في مدينة حمد ويتعرض للحوادث الجارية ويدعو إلى وحدة الشعب ويؤكد المطالب العادلة.
* 71 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري لمقابلة اللجنة الأمنية التي انشئت لقمع الانتفاضة، وكان اللقاء مختلفا عما قبله. اذ قُدم الاعتذار لاساءة المعاملة في الاجتماع السابق (31 يناير). فطالب الشيخ الجمري بالافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين وإيقاف الهجوم على المساجد والتجمعات العامة لكيلا ينفلت الوضع الأمني وتعود الاضطرابات. طلبت اللجنة الامنية عدم رفع الشعارات السياسية، إلا أن الشيخ قال إن المطالب سلمية ودستورية وليس من شأنها الاضرار بالأمن، بل على العكس، ولكن الاجتماع انتهى من دون معرفة الهدف الاساسي من اللقاء بهذا الاسلوب المختلف عن سابقه.
* 91 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري للقاء اللجنة الأمنية مرة أخرى، وكان هذا اللقاء عكس اللقاء الذي سبقه ما يعكس تذبذب الحكومة وعدم استقرارها على رأي محدد بشأن كيفية التعامل مع الحوادث.
* 02 يناير 6991: فرض الحصار المنزلي على الشيخ الجمري ابتداء من الساعة 3 فجراً. المظاهرات تعم مناطق البحرين وتعود مظاهر الاشتباكات مرة اخرى للساحة. اعتقالات واسعة شملت جميع اعضاء «المبادرة» ومعظم العلماء والخطباء والوجهاء الذين تحركوا خلال تلك الفترة.
* 12 يناير 6991: اعتقال الشيخ الجمري (للمرة الثانية) من منزله والعودة الكاملة لحال التوتر التي سبقت الافراج عن «اصحاب المبادرة» في اغسطس وسبتمبر 5991.
رسالة الجمري قبيل الاعتقال الثاني
قبل اعتقاله بساعات قليلة كتب الشيخ الجمري رسالة لي بالفاكس، قائلا:
«أنا والعائلة نعيش الحصار داخل البيت وقد طوقنا بعشرات الجنود وعدد من السيارات، بل حوصر جيراننا في بيوتهم وهم الذين بجانبنا وخلفنا حتى المغتسل، وشرقا حتى بيت طه جاسم، ويمتد غرباً إلى بيت ميرزا آدم، ولم يسمح لأحد منا بالخروج الا الاطفال إلى المدرسة ويفتشون في خروجهم ودخولهم تفتيشاً دقيقاً. نحن في حال سيئ جداً... لا أدري ما سيجري بالنسبة إلينا وللشعب من تطور وتصعيد للعنف... هذا وإذاعتهم وتلفزيونهم وصحفهم تتكلم ضدنا وتربط الاحداث (احداث العنف) التي استدرجوا الناس إليها بنا وبالمساجد وتزعم اننا استغللنا المساجد. الآن يحاولون اسكات الأمة من خلال اعتقال عدد من العلماء وجميع الشيالين (خطباء المواكب الحسينية) وأعداد كبيرة من الشباب... وتعتبر هذه الاصـوات قـد أخمـدت، ولم يبـق إلا الأمـل فـي الله والرجـاء منه... ولعلمـكم، من جانبنا لا تراجع عن مطالب الشعب ونحن * إن شاء الله * على الدرب سائرون... مع السلامة».#
اليراع الفضي
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة اليراع الفضي
24-02-06, 09:36 AM #2
آهات أوال
صديق الملتقى
تاريخ التسجيل: Jun 2002
الدولة: جمهورية البحرين
المشاركات: 2,240
منصور الجمري: أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينات
--------------------------------------------------------------------------------
تجربة الحوار بين أحد أطراف المعارضة والحكومة في الفترة من أغسطس 5991 إلى يناير 6991
«أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينات
الوسط - منصور الجمري
«انتفاضة التسعينات» كانت أحد الأسباب التي أدت الى حدوث الانفتاح السياسي الذي نعيشه في البحرين في هذه الفترة.
.. تلك الانتفاضة كانت قد انفجرت في ديسمبر/ كانون الأول 4991 واستمرت حوادثها حتى نهاية التسعينات من القرن الماضي. الانتفاضة عبّرت عن تحرك جانب من الشارع البحريني لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، وكانت تتوازى في جانب مع الحركة المطلبية التي قادتها «لجنة العريضة» التي طرحت المطالب المتفق عليها من فئات واتجاهات المجتمع البحريني. غير أن الحوادث تطورت وأدت الى اصطدام الشارع السياسي الشيعي مع قوات الأمن لعدة أسباب، ومن بين تلك الأسباب الاستراتيجية التي اتبعتها القيادة الأمنية آنذاك لإحداث شرخ داخل الحركة المطلبية من خلال تركيز القمع على فئة واحدة من المجتمع، وبالتالي يمكن أن ينفصل الشيعة عن السنة، ويسهل التعامل مع الأمور.
تشكلت عدة جهات قيادية ورمزية أثناء التحرك السياسي في التسعينات، ومن تلك الجهات التي تشكلت بعد انفجار الانتفاضة كانت «أصحاب المبادرة».
أصحاب المبـادرة
مباشرة وبعد انفجار الانتفاضة في ديسمبر 4991 ظهرت شخصية الشيح عبدالأمير الجمري بصورة محورية، لأنه كان أكبر رمز ديني شيعي يتبنى «العريضة النخبوية» في العام 2991، ومن ثم «العريضة الشعبية» في العام 4991. وبعد ذلك تقدم للصلاة على الشهداء الذين سقطوا أثناء المسيرات التي عمت مناطق عدة في البحرين. وفي 1 أبريل/ نيسان 5991 تمت محاصرة منزل الشيخ الجمري لمدة أسبوعين، ومن ثم نقل الى سجن القلعة،
وبعدها نقل الى سجن سافرة. بعد ادخال الجمري السجن ازدادت الأوضاع سوءاً، ما أدى بالقيادة الأمنية (ممثلة حينها بالمدير العام للأمن العام إيان هندرسون) إلى فتح حوار معه داخل السجن. ولكن الجمري طلب ان يكون معه ايضا اثنان من رموز المعارضة الذين تم اعتقالهم أيضاً، هما: الاستاذ عبدالوهاب حسين، والاستاذ حسن مشيمع. وبعد ان اكتملت الحوارات الأولية تم إشراك عدد من الشخصيات التي كانت داخل المعتقل للمساندة في تنفيذ بنود الاتفاق، وهؤلاء اطلق عليهم لاحقاً «أصحاب المبادرة».
المعارضة في لندن تدخل على الخط
كنت في لندن مع الناشطين في حركة أحرار البحرين، التي كانت قد تصدرت وكان لها دور رئيسي في تمثيل وجهة نظر المعارضة في الخارج. وفي منتصف اغسطس/ آب 5991 انهالت علينا التقارير من داخل البحرين تتحدث عن اطلاق عدد من الرموز القيادية في التحرك الشعبي المطالب بعودة الحياة الدستورية للبلاد، وما هي إلا فترة وجيزة حتى اتصل الأستاذ حسن مشيمع (أحد القياديين الذين افرج عنهم) بنا في لندن يعلمنا انه عازم على السفر إلى الخارج لتبادل وجهات النظر بشأن المحادثات التي بدأت في السجن بين القيادة الامنية وخمسة من قياديي التحرك الشعبي (الشيخ عبدالأمير الجمري، الأستاذ حسن مشيمع، الأستاذ عبدالوهاب حسين، الشيخ خليل سلطان، والشيخ حسن سلطان).
وهكذا، دخلت انتفاضة التسعينات مرحلة جديدة اتسمت بالأفراح الشعبية ومظاهر الزينة للاحتفال بمئات من المفرج عنهم بعد ان وصلت الاوضاع إلى حال من الاختناق... ما طبيعة هذه المحادثات؟ وكيف تم التوصل إليها؟ وما كان المرجو منها؟ وهل... وهل... وهل؟ الأسئلة بدأت تنهال من كل جانب وبدا كأن البحرين قد دشنت آنذاك مرحلة حرية التعبير عن الرأي والحوار بين المعارضة والحكومة. الشكوك والظنون كثيرة وكذلك الآلام والآمال، وهكذا بدأنا في لندن نترقب مجيء الاستاذ حسن مشيمع والشيخ خليل سلطان للاطلاع على ما دار مع القيادة الامنية.
وصل الوفد لندن يوم 62 اغسطس/ آب 5991 (بعد يوم واحد من إطلاق سراح الشيخ الجمري من الاعتقال الاول)، وكان في وداع الوفد في مطار البحرين الدولي فريق أمني برئاسة عادل فليفل، لتسهيل سفر الوفد (ذلك لأن من يعتقل ويفرج عنه لا يسمح له بالسفر مباشرة). كان الارهاق بادياً على مشيمع وسلطان، ولذلك تركناهما ليرتاحا في اليوم الأول من وصولهما لكي نبدأ معهما حوارات مكثفة استمرت 4 ايام متتالية.
رسالة الشيخ الجمري
في أول لقاء لي بالاستاذ حسن، سلمني رسالة كتبها الوالد الشيخ عبدالأمير الجمري في السجن بتاريخ 42 اغسطس 5991، أي قبل يومين من سفر الوفد إلى لندن. والرسالة لخصت الحوار الجاري بالقول: «فإنني قد اطلعت على البيان الصحافي الصادر عن حركة احرار البحرين الاسلامية بتاريخ 12 اغسطس 5991م، والذي تـناول فيما تـناول موضوع الاتفاق بيننا وبين الحكومة، وجاء فيه التزام الحركة مشكورة بما جاء في الاتفاق، وانني ارجو منكم جميعا التعاون معنا لإتاحة الفرصة الكافية لإنجاحه، وتجنب كل ما يعوق تنفيذه ويطيل زمن محنة شعبنا، وأن تتكرس الجهود في البحث عن افضل السبل بتعزيز الحوار مع الحكومة التي أعربت عن رغبتها فيه، مؤكداً الحاجة القصوى للتعاون من اجل اخراج البلاد من محنتها بأسلوب حضاري حكيم وراق يتناسب مع تراثنا التاريخي والثقافي وقيم ومبادئ شعبنا المسلم وطبائعه الانسانية النبيلة، ومؤكداً رفض الاسلام لاستخدام العنف مادام يوجد للحوار سبيل، ومؤكداً أيضاً ان عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد مع المحافظة على الحقوق والواجبات المتبادلة بين الشعب والحكومة تمثل الاساس الاقوى والأفضل لنمو البلاد وازدهارها وتحقيق آمال وطموحات شعبنا والمحافظة على مكتسباته، وانني على ثقة بأنكم سوف تهتدون بفضل الله تعالى وتسديده لأفضل السبل السلمية الدستورية الحكيمة التي تمر عبر الحوار لتحقيق ذلك، وعدم تضييع الفرص التاريخية الثمينة ولاسيما هذه الفرصة التي تمثل منعطفاً خطيراً في تاريخ شعبنا، متمنياً لكم التوفيق والتسديد فيما تصبون اليه من الخير لهذا الشعب والوطن».
مشيمع وسلطان في لندن
الحوار بين مشيمع وسلطان من جانب وشخصيات المعارضة الموجودين في لندن من جانب آخر تطرق إلى جميع الامور المنظورة، وكان النقاش جاداً وصريحاً إلى الدرجة التي كان الوفد الضيف يشعر وكأنه خرج من سجون البحرين والمشادات مع المخابرات إلى سجون منازل لندن ومشادات المعارضة.
وبينما كنا نتحاور مع الوفد القادم إلى لندن، كان وزير الاعلام آنذاك محمد المطوع يصرح لاذاعة لندن بأن الافراج عن المعتقلين كان «لتوفير الفرصة للمفرج عنهم لكي يعودوا إلى الصراط المستقيم».
وعلى رغم كل ذلك شعرنا بضرورة المتابعة لمجريات الامور بصبر وحذر شديدين، وكان علينا أن نبتعد عن الجوانب النظرية البحتة ونتعامل مع الواقع وظروفه، وكيفية معالجة السلبيات التي قد تصاحب مثل هذه التجربة.
وكان مشيمع قد بدأ حواره بالاشارة إلى أن مثل هذا الحوار لم يكن ليحصل لو أنهم كانوا على انفراد في زنزانات متفرقة، وكانت الخطوة الاولى التي سعوا إليها هي اقناع وزارة الداخلية بسجنهم في مكان مشترك لأجل التداول في جميع القضايا،
وفي مقابل هذا الطلب، كانت المخابرات تريد الحصول على ورقة مكتوبة وموقعة من الشخصيات الخمس يقدمون فيها «اعتذاراً» للحكومة. ومن أجل هذا الأمر تُرك الخمسة في غرفة خاصة ومجهزة بأجهزة التنصت للاستماع لما يتم الاتفاق عليه. وكان القرار الذي اتخذه الخمسة كتابة رسالة تحمل جملة «شرطية» يقول فيها الموقعون عليها إنهم يعتذرون «إذا» كان قد صدر منهم خطأ، وذكر مشيمع ان كلمة «إذا» وضعت في منتصف الجملة لكي لا يتم حذفها بعد ذلك، عندما تقوم الحكومة بنشرها فيما لو تراجعت عن الحوار. وهكذا كُتبت الرسـالة الموجهة إلى سمو امير البلاد بتاريخ 42 ابريل 5991 (اي بعد 3 اسابيع من اعتقال الشيخ الجمري) متضمنة الجملة الشرطية الآتية: «وإزاء الأحداث المؤلمة التي شهدتها البحرين في الأشهر القليلة الماضية نعرب عن اسفنا الشديد لسموكم (إذا) كانت قد تسببت تصرفاتنا والأعمال التي قمنا بها وأدت إلى الاضطرابات في البلاد». لقد كانت خطـورة الرسـالة واضحة امـامهم، لكنهم فضلوا أن يقدموا على المخاطرة لكي يتمكنوا من الاجتماع مع بعضهم بعضاً بصورة مستمرة والخروج بمشروع مشتـرك استمر الحوار فيه لإخراجه قرابة الاربعة أشهـر داخل السجن مع قيادة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية.
ملخص الحوار في لندن
أشار الوفد الزائر إلى أن جذور المبادرة بدأت بعد أيام قلائل من الاعتقال، وخرج عدد من الاخوة بصورة مستقلة اثناء اعتقالهم الانفرادي بفكرة لتهدئة الاوضاع مقابل الدخول في حوار مع الحكومة. بعد عدة جلسات من التحقيق المنفرد مع المخابرات بدا واضحاً أن هناك رأياً مشتركاً بين عدد من القياديين، ولهذا تم تقديم طلب بالسماح لخمسة منهم بالاشتراك في سجن واحد لكي يخرجوا بمشروع مشترك تضمن اربعة بنود، إلا أن البند الـرابع حذف بعد اعتراض الحكومة عليه. وجاء في بنود المشروع ما يأتي:
البند الاول: الدعوة للهدوء والاستقرار مقابل اطلاق سراح جميع الموقوفين (غير المحكومين) وتم الاتفاق على أن يطلق سراح 3 من المحاورين مع 051 شخصاً في 61 اغسطس 5991، ثم يتم الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين مع 051 معتقلاً آخرين، وفي 03 سبتمبر / أيلول 5991 يتم الافراج عن الشيخ عبدالأمير الجمري مع 005 إلى 006 موقوف.
البند الثاني: معالجة آثار الازمة. فقد خلفت آثاراً مختلفة، ولكي يتحقق استقرار دائم فلابد من الافراج عن الذين حكم عليهم وارجاع المبعدين ومناقشة عودة البرلمان المنتخب.
البند الثالث: تعزيز العلاقة الطيبة بين الشعب والحكومة. وقد اصرت الحكومة على كلمة «تعزيز» بدلاً من الكلمة الاصلية «خلق».
البعد الرابع: (الذي لم توافق عليه الحكومة): كان ينص على تصحيح العلاقة بين المعارضة في الخارج والحكومة.
ملاحظات ذكرها الوفد الزائر
1 * قال رئيس المخابرات ايان هندرسون في إحدى جلسات الحوار: «لقد استطعتم هز الكأس فلا تكسروه، لقد وصلنا إلى قناعة بأن القمع لن يخمد الشارع العام بالصورة التي نحب، كما أن الوجهاء الذين اعتمدنا عليهم لم يستطيعوا حل المشكلة».
2 * عندما طلبنا توثيق الاتفاق قبل بدء الافراجات تم ترتيب لقاء مع وزير الداخلية بتاريخ 41 اغسطس 5991 (قبل يومين من الافراج عن الدفعة الاولى) حضره وزير العمل (آنذاك) عبدالنبي الشعلة وقضاة المحكمة الجعفرية المرحوم الشيخ سليمان المدني والشيخ أحمد العصفور والمرحوم الشيخ منصور الستري بالإضافة إلى الوجيه الحاج احمد منصور العالي، وقام الشيخ الجمري بقراءة المبادرة المكتوبة أمام الحضور الذين استمعوا لما قيل عن الحوار الدائر.
3 * قال هندرسون إن زيارة لندن واقناع المعارضة هناك سيكون لهما الأثر الكبير في الاسراع بحلحلة الاوضاع، وخصوصاً بعد ذهاب العلماء الثلاثة الذين تم ابعادهم في يناير/ كانون الثاني 5991 إلى لندن، لأن ذلك قلب الموازين على الحكومة.
4 * تم إخبار وزارة الداخلية أن المحاورين لن يطلبوا من المعارضة ومن الجماهير التوقف وانما سيطلبون اعطاء فرصة للحوار.
ملاحظات ذكرها أفراد المعارضة في لندن
1* الحكومة رفضت أن توثق الاتفاق من جانبها كتابياً ورفضت وضع جدولة واضحة للفترة الأمنية من الحوار. كما أن المرحلة السياسية للحوار غامضة بالنسبة إلى الآلية. فالمعارضة طرحت مطالب دستورية تعتمد على الاجماع الوطني وأي آلية للحوار لابد أن تحتوي على ممثلين من الاطراف المشاركة في العريضة الشعبية ومن الاطراف الأخرى المؤثرة في الساحة.
2* ان الحكومة طلبت كتابة رسالة اعتذار كمقدمة للحوار، وعلى رغم أن الرسالة كتبت بلغة «شرطية» فإن الابتزاز واضح ولن تتوانى وزارة الداخلية عن استخدام هذه الورقة ونكران الحوار لأنها لم تقدم شيئاً مكتوباً.
3* إن النهج الذي تسير عليه الحكومة آنذاك لا ينبئ بالخير.
4* إن تكرار وزير الاعلام آنذاك لوصف خروج القياديين بأنه من أجل العودة للصراط القويم أمر آخر لا ينبئ بالخير في التوجه الحكومي.
5* الحكومة تريد معالجة عوارض الازمة وليس جذورها، ولا يبدو أن تغييراً حقيقياً في النهج قد حصل. فالحديث كان ينصب عن مجلس شورى معين.
رجوع مشيمع إلى البحرين
رجع مشيمع إلى البحرين (بينما بقي الشيخ خليل سلطان خارج البحرين وهاجر لاحقاً الى هولندا ولم يعد حتى الآن) والتقى الشيخ عبدالأمير الجمري والأستاذ عبدالوهاب حسين داخل السجن ليخبرهما بنتيجة الحوار مع المعارضة في الخارج. ولكن سرعان ما بدأت الحوادث تأخذ منحى آخر عندما جاء موعد الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في 7 سبتمبر/ أيلول. فوزارة الداخلية لم تفرج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في اليوم المحدد، كما لم تفرج عن العدد الكامل المتفق عليه احتجاجاً على مظاهر الفرح الجماهيرية التي بدأت تتسع مع الايام، وعندما أفرج عن الشيخ الجمري في 52 سبتمبر، وخرجت الجماهير من كل مكان لاستقباله، انزعجت «الداخلية» من دون سبب معقول وامتنعت عن الافراج عن باقي الموقوفين المتفق عليهم ويقدر عددهم بـ 005 شخص.
وكان شهر اكتوبر/ تشرين الأول 5991 حافلاً بالمساجلات والاتهامات بين القيادة الامنية والمعارضة، في الوقت الذي بدا واضحاً ان الحكومة لم تكن جادة في فتح باب الحوار وان ما كانت تريده هو الالتفاف على المطالب الجوهرية للتحرك الشعبي، التي منها إعادة الحياة الدستورية واحترام حقوق المواطن.
تصاعد الحوادث مرة أخرى
وهكذا بدأت الحوادث في التصاعد وبدأت تختفي مظاهر الفرح وتعود حال اللاأمن واللااستقرار والاعتقالات العشوائية والمحاكمات الجائرة والتصريحات غير المسئولة.
لقد تسارعت الحوادث في يناير/ كانون الثاني 6991 بصورة خاطفة، وبدا الارتباك واضحاً في ردود فعل الحكومة، ويمكن تلخيص الحوادث المتسارعة مع ما سبقها كما يأتي:
* 52 سبتمبر 5991: الافراج عن الشيخ عبدالأميرالجمري.
* 32 أكتوبر/ تشرين الأول 5991: اعتصام 7 قياديين واضرابهم عن الطعام في منزل الشيخ الجمري، احتجاجاً على عدم وفاء الحكومة بالاتفاق المبرم معها.
* 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 5991: انتهاء الاعتصام واحتشاد أكبر تجمع في تاريخ البحرين (قدر العدد 06 * 07 ألف شخص) أمام منزل الشيخ الجمري للاستماع إلى البيان الختامي للمعتصمين.
* 3 يناير 6991: بعثت قيادة أمن المنامة إلى مسئول جامع الصادق بالقفول (المنامة) وأنذروه بمنع الشيخ الجمري من الصلاة مساء الجمعة كل أسبوع. وعندما اتصل المسئول عن الجامع بادارة الأوقاف الجعفرية قيل له إنه ليس من مسئوليتنا أن نمنع أو نحدد من يصلي جماعة في المسجد. مدير أمني في وزارة الداخلية اتصل بالاوقاف ليأمرهم، لكن الاوقاف اعتذرت عن ذلك. بعدها اتصل المدير الأمني بالشيخ الجمري، وقال له: «إنك ممنوع من الصلاة والخطبة في مسجد الصادق»، وكررها ثلاث مرات، فرد عليه الشيخ الجمري بأنه يرفض المنع.
* 4 يناير 6991: هجمت قوات الأمن على جامع الامام زين العابدين، إذ كان الشيخ الجمري مع جمهور من المصلين يقرأون الدعاء، واستخدمت مسيلات الدموع بكثافة وتم الاعتداء على المارة بصورة عشوائية وفرض الحصار حول منزل الشيخ الجمري. بعد فترة انسحبت قرابة 02 سيارة جيب من المنطقة وبقيت السيارات المدنية و4 شاحنات مملوءة بالقوات. وبعد فترة تجمعت أعداد غفيرة حول منزل الشيخ الجمري وخرج الشيخ وخطب فيهم قائلا: «إن هذه الحركة الصبيانية المراهقة قد فعلها هؤلاء من دون سبب، وأرى أنهم قد أرهقتهم وحدة الشعب وإصراره على مطالبه، وأرهقتهم الجماهير الهائلة التي تجتمع للصلاة يوم الجمعة في جامع الصادق ولا نستغرب مثل هذه الحركة، ونحن صامدون لن نتراجع، والذي أراه أن هذا الانسحاب تكتيكي لكي تتجمعوا بسبب هذه المكيدة ثم يأتون مرة اخرى للهجوم زاعمين ان هناك فوضى وتجمعا غير مشروع، اننا سوف نظل متمسكين بسلوكنا الذي هزمهم وجعلنا نستـقطب الرأي العـام في الداخل والخارج وهو السلوك السلمي، وأرى أن نفوّت عليهم الفرصة ونحبط هذه المكيدة بالتفرق والانصراف من هذا المكان، شكر الله مساعيكم، على أن الانصراف لا يعني التخـلي عـن المسـئولية، بل هـو انصراف مع التحسـب للطوارئ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
* الجمعة 5 يناير 6991: صلى الشيخ الجمري الظهر في جامع الصادق بالدراز، بينما كانت مداخل الدراز توجد فيها القوات ولكن الجماهير انهالت من كل حدب وصوب، أما صلاة المغرب فكان يصليها الجمري في جامع الصادق بالقفول. وعندما توجه الناس إلى القفول كانت القوات قد حاصرت الجامع منذ الثالثة بعد الظهر بـ 052 مسلحاً وأغلقت جميع الطرق إلى الجامع. وقامت هذه القوات باستخدام مسيلات الدموع والرصاص المطاطي وأصبحت الاجواء مشحونة، وأصيب عدد غير قليل من النساء والرجال والاطفال.
* مساء الجمعة 5 يناير 6991: اقيم حفل ديني في منطقة النعيم بالمنامة وكان من بين الحضور الشيخ الجمري. وبينما كان الاستاذ حسن مشيمع يلقي كلمته أمام الحضور هجمت قوات الشغب بالقنابل الخانقة على الحضور، فانفض الجمهور وسقط عدد كبير على الأرض من بينهم الشيخ الجمري، فحمله الشباب إلى بيت صغير ملاصق لمكان الحفل. وقد التجأ إلى هذا المنزل نحو 001 شخص، وبقوا هناك ما لا يقل عن ساعة ونصف الساعة لا يستطيعون النزول ويتكلمون بالهمس، لأن البيت كان مطوقا والمنطقة كذلك. بعد ذلك هجمت قوات الشغب على المنزل وكسروا ابوابه ودخلوا واقتادوا الشباب بصورة وحشية ضرباً ورفساً وشتماً. وقيّدوا أيدي الشباب من الخلف. وتعرض الشيخ الجمري لضربة على ظهره من أحد افراد قوات مكافحة الشغب.
* 8 يناير 6991: الشيخ الجمري يصلي في جامع الصادق على رغم التهديد له قبل الصلاة والجماهير تجتمع من كل مكان وتجدد العهد. بعد ذلك توجه الشيخ الجمري للدراز وحضر احتفالاً جماهيرياً ضخماً رددت فيه هتافات الصمود ضد الهجمة الحكومية.
* 21 يناير 6991: طوقت قوات الأمن جامع الصادق بالقفول، وعندما جاء عدد كبير من الناس وغالبيتهم من الشباب للصلاة وجدوا شرطة الشغب اغلقت المنافذ المؤدية للجامع من الجهات الأربع، وتمت ملاحقة القادمين للصلاة باستخدام الرصاص المطاطي الذي تسبب في اتلاف عدد من السيارات والممتلكات.
* 31 يناير 6991: استدعت وزارة الداخلية الشيخ الجمري و7 من رفاقه وادخلوهم واحداً بعد الآخر في مكتب وزارة الداخلية الذي كان يتوسطه 41 من قوات الأمن وضباط الداخلية، قالوا إن الهدف هو ابلاغ رسالة، ان الحكومة قررت منع الصلاة جماعة وإلقاء الخطب أمام الناس. وكان جواب الشيخ الجمري ورفاقه، أنهم لا يعترفون بهذا القرار لأنه غير دستوري.
* 41 يناير 6991: اعتقل الاستاذ عبدالوهاب حسين من منزله الساعة الثالثة بعد الظهر. وكان حسين ألقى كلمة أمام حفل جماهيري في عراد مساء 31 يناير شرح فيه ما جرى مع ضباط وزارة الداخلية وموقف قادة المعارضة الرافض لمثل هذه التهديدات.
* 51 يناير 6991: بدأت حملة اعتقالات واسعة شملت جميع الذين ظهرت اسماؤهم للعلن خلال الأشهر الماضية من علماء دين وأساتـذة وخطباء ووجهاء ومسئولي مساجد، من مختلف مناطق البلاد.
* 61 يناير 6991: الشيخ الجمري يلقي كلمة أمام جمهور غفير في مدينة حمد ويتعرض للحوادث الجارية ويدعو إلى وحدة الشعب ويؤكد المطالب العادلة.
* 71 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري لمقابلة اللجنة الأمنية التي انشئت لقمع الانتفاضة، وكان اللقاء مختلفا عما قبله. اذ قُدم الاعتذار لاساءة المعاملة في الاجتماع السابق (31 يناير). فطالب الشيخ الجمري بالافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين وإيقاف الهجوم على المساجد والتجمعات العامة لكيلا ينفلت الوضع الأمني وتعود الاضطرابات. طلبت اللجنة الامنية عدم رفع الشعارات السياسية، إلا أن الشيخ قال إن المطالب سلمية ودستورية وليس من شأنها الاضرار بالأمن، بل على العكس، ولكن الاجتماع انتهى من دون معرفة الهدف الاساسي من اللقاء بهذا الاسلوب المختلف عن سابقه.
* 91 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري للقاء اللجنة الأمنية مرة أخرى، وكان هذا اللقاء عكس اللقاء الذي سبقه ما يعكس تذبذب الحكومة وعدم استقرارها على رأي محدد بشأن كيفية التعامل مع الحوادث.
* 02 يناير 6991: فرض الحصار المنزلي على الشيخ الجمري ابتداء من الساعة 3 فجراً. المظاهرات تعم مناطق البحرين وتعود مظاهر الاشتباكات مرة اخرى للساحة. اعتقالات واسعة شملت جميع اعضاء «المبادرة» ومعظم العلماء والخطباء والوجهاء الذين تحركوا خلال تلك الفترة.
* 12 يناير 6991: اعتقال الشيخ الجمري (للمرة الثانية) من منزله والعودة الكاملة لحال التوتر التي سبقت الافراج عن «اصحاب المبادرة» في اغسطس وسبتمبر 5991.
رسالة الجمري قبيل الاعتقال الثاني
قبل اعتقاله بساعات قليلة كتب الشيخ الجمري رسالة لي بالفاكس، قائلا:
«أنا والعائلة نعيش الحصار داخل البيت وقد طوقنا بعشرات الجنود وعدد من السيارات، بل حوصر جيراننا في بيوتهم وهم الذين بجانبنا وخلفنا حتى المغتسل، وشرقا حتى بيت طه جاسم، ويمتد غرباً إلى بيت ميرزا آدم، ولم يسمح لأحد منا بالخروج الا الاطفال إلى المدرسة ويفتشون في خروجهم ودخولهم تفتيشاً دقيقاً. نحن في حال سيئ جداً... لا أدري ما سيجري بالنسبة إلينا وللشعب من تطور وتصعيد للعنف... هذا وإذاعتهم وتلفزيونهم وصحفهم تتكلم ضدنا وتربط الاحداث (احداث العنف) التي استدرجوا الناس إليها بنا وبالمساجد وتزعم اننا استغللنا المساجد. الآن يحاولون اسكات الأمة من خلال اعتقال عدد من العلماء وجميع الشيالين (خطباء المواكب الحسينية) وأعداد كبيرة من الشباب... وتعتبر هذه الاصـوات قـد أخمـدت، ولم يبـق إلا الأمـل فـي الله والرجـاء منه... ولعلمـكم، من جانبنا لا تراجع عن مطالب الشعب ونحن * إن شاء الله * على الدرب سائرون... مع السلامة».#
http://www.alwasatnews.com/topic.asp...date=2-24-2006
آهات أوال
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة آهات أوال
24-02-06, 10:41 AM #3
أيمان
عضو فعَّال
تاريخ التسجيل: Jul 2002
المشاركات: 185
تجربة الحوار بين أحد أطراف المعارضة والحكومة في الفترة من أغسطس 1995 إلى يناير 1996
--------------------------------------------------------------------------------
تجربة الحوار بين أحد أطراف المعارضة والحكومة في الفترة من أغسطس 5991 إلى يناير 6991
«أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينات
الوسط - منصور الجمري
«انتفاضة التسعينات» كانت أحد الأسباب التي أدت الى حدوث الانفتاح السياسي الذي نعيشه في البحرين في هذه الفترة.
.. تلك الانتفاضة كانت قد انفجرت في ديسمبر/ كانون الأول 4991 واستمرت حوادثها حتى نهاية التسعينات من القرن الماضي. الانتفاضة عبّرت عن تحرك جانب من الشارع البحريني لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، وكانت تتوازى في جانب مع الحركة المطلبية التي قادتها «لجنة العريضة» التي طرحت المطالب المتفق عليها من فئات واتجاهات المجتمع البحريني. غير أن الحوادث تطورت وأدت الى اصطدام الشارع السياسي الشيعي مع قوات الأمن لعدة أسباب، ومن بين تلك الأسباب الاستراتيجية التي اتبعتها القيادة الأمنية آنذاك لإحداث شرخ داخل الحركة المطلبية من خلال تركيز القمع على فئة واحدة من المجتمع، وبالتالي يمكن أن ينفصل الشيعة عن السنة، ويسهل التعامل مع الأمور.
تشكلت عدة جهات قيادية ورمزية أثناء التحرك السياسي في التسعينات، ومن تلك الجهات التي تشكلت بعد انفجار الانتفاضة كانت «أصحاب المبادرة».
أصحاب المبـادرة
مباشرة وبعد انفجار الانتفاضة في ديسمبر 4991 ظهرت شخصية الشيح عبدالأمير الجمري بصورة محورية، لأنه كان أكبر رمز ديني شيعي يتبنى «العريضة النخبوية» في العام 2991، ومن ثم «العريضة الشعبية» في العام 4991. وبعد ذلك تقدم للصلاة على الشهداء الذين سقطوا أثناء المسيرات التي عمت مناطق عدة في البحرين. وفي 1 أبريل/ نيسان 5991 تمت محاصرة منزل الشيخ الجمري لمدة أسبوعين، ومن ثم نقل الى سجن القلعة،
وبعدها نقل الى سجن سافرة. بعد ادخال الجمري السجن ازدادت الأوضاع سوءاً، ما أدى بالقيادة الأمنية (ممثلة حينها بالمدير العام للأمن العام إيان هندرسون) إلى فتح حوار معه داخل السجن. ولكن الجمري طلب ان يكون معه ايضا اثنان من رموز المعارضة الذين تم اعتقالهم أيضاً، هما: الاستاذ عبدالوهاب حسين، والاستاذ حسن مشيمع. وبعد ان اكتملت الحوارات الأولية تم إشراك عدد من الشخصيات التي كانت داخل المعتقل للمساندة في تنفيذ بنود الاتفاق، وهؤلاء اطلق عليهم لاحقاً «أصحاب المبادرة».
المعارضة في لندن تدخل على الخط
كنت في لندن مع الناشطين في حركة أحرار البحرين، التي كانت قد تصدرت وكان لها دور رئيسي في تمثيل وجهة نظر المعارضة في الخارج. وفي منتصف اغسطس/ آب 5991 انهالت علينا التقارير من داخل البحرين تتحدث عن اطلاق عدد من الرموز القيادية في التحرك الشعبي المطالب بعودة الحياة الدستورية للبلاد، وما هي إلا فترة وجيزة حتى اتصل الأستاذ حسن مشيمع (أحد القياديين الذين افرج عنهم) بنا في لندن يعلمنا انه عازم على السفر إلى الخارج لتبادل وجهات النظر بشأن المحادثات التي بدأت في السجن بين القيادة الامنية وخمسة من قياديي التحرك الشعبي (الشيخ عبدالأمير الجمري، الأستاذ حسن مشيمع، الأستاذ عبدالوهاب حسين، الشيخ خليل سلطان، والشيخ حسن سلطان).
وهكذا، دخلت انتفاضة التسعينات مرحلة جديدة اتسمت بالأفراح الشعبية ومظاهر الزينة للاحتفال بمئات من المفرج عنهم بعد ان وصلت الاوضاع إلى حال من الاختناق... ما طبيعة هذه المحادثات؟ وكيف تم التوصل إليها؟ وما كان المرجو منها؟ وهل... وهل... وهل؟ الأسئلة بدأت تنهال من كل جانب وبدا كأن البحرين قد دشنت آنذاك مرحلة حرية التعبير عن الرأي والحوار بين المعارضة والحكومة. الشكوك والظنون كثيرة وكذلك الآلام والآمال، وهكذا بدأنا في لندن نترقب مجيء الاستاذ حسن مشيمع والشيخ خليل سلطان للاطلاع على ما دار مع القيادة الامنية.
وصل الوفد لندن يوم 62 اغسطس/ آب 5991 (بعد يوم واحد من إطلاق سراح الشيخ الجمري من الاعتقال الاول)، وكان في وداع الوفد في مطار البحرين الدولي فريق أمني برئاسة عادل فليفل، لتسهيل سفر الوفد (ذلك لأن من يعتقل ويفرج عنه لا يسمح له بالسفر مباشرة). كان الارهاق بادياً على مشيمع وسلطان، ولذلك تركناهما ليرتاحا في اليوم الأول من وصولهما لكي نبدأ معهما حوارات مكثفة استمرت 4 ايام متتالية.
رسالة الشيخ الجمري
في أول لقاء لي بالاستاذ حسن، سلمني رسالة كتبها الوالد الشيخ عبدالأمير الجمري في السجن بتاريخ 42 اغسطس 5991، أي قبل يومين من سفر الوفد إلى لندن. والرسالة لخصت الحوار الجاري بالقول: «فإنني قد اطلعت على البيان الصحافي الصادر عن حركة احرار البحرين الاسلامية بتاريخ 12 اغسطس 5991م، والذي تـناول فيما تـناول موضوع الاتفاق بيننا وبين الحكومة، وجاء فيه التزام الحركة مشكورة بما جاء في الاتفاق، وانني ارجو منكم جميعا التعاون معنا لإتاحة الفرصة الكافية لإنجاحه، وتجنب كل ما يعوق تنفيذه ويطيل زمن محنة شعبنا، وأن تتكرس الجهود في البحث عن افضل السبل بتعزيز الحوار مع الحكومة التي أعربت عن رغبتها فيه، مؤكداً الحاجة القصوى للتعاون من اجل اخراج البلاد من محنتها بأسلوب حضاري حكيم وراق يتناسب مع تراثنا التاريخي والثقافي وقيم ومبادئ شعبنا المسلم وطبائعه الانسانية النبيلة، ومؤكداً رفض الاسلام لاستخدام العنف مادام يوجد للحوار سبيل، ومؤكداً أيضاً ان عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد مع المحافظة على الحقوق والواجبات المتبادلة بين الشعب والحكومة تمثل الاساس الاقوى والأفضل لنمو البلاد وازدهارها وتحقيق آمال وطموحات شعبنا والمحافظة على مكتسباته، وانني على ثقة بأنكم سوف تهتدون بفضل الله تعالى وتسديده لأفضل السبل السلمية الدستورية الحكيمة التي تمر عبر الحوار لتحقيق ذلك، وعدم تضييع الفرص التاريخية الثمينة ولاسيما هذه الفرصة التي تمثل منعطفاً خطيراً في تاريخ شعبنا، متمنياً لكم التوفيق والتسديد فيما تصبون اليه من الخير لهذا الشعب والوطن».
مشيمع وسلطان في لندن
الحوار بين مشيمع وسلطان من جانب وشخصيات المعارضة الموجودين في لندن من جانب آخر تطرق إلى جميع الامور المنظورة، وكان النقاش جاداً وصريحاً إلى الدرجة التي كان الوفد الضيف يشعر وكأنه خرج من سجون البحرين والمشادات مع المخابرات إلى سجون منازل لندن ومشادات المعارضة.
وبينما كنا نتحاور مع الوفد القادم إلى لندن، كان وزير الاعلام آنذاك محمد المطوع يصرح لاذاعة لندن بأن الافراج عن المعتقلين كان «لتوفير الفرصة للمفرج عنهم لكي يعودوا إلى الصراط المستقيم».
وعلى رغم كل ذلك شعرنا بضرورة المتابعة لمجريات الامور بصبر وحذر شديدين، وكان علينا أن نبتعد عن الجوانب النظرية البحتة ونتعامل مع الواقع وظروفه، وكيفية معالجة السلبيات التي قد تصاحب مثل هذه التجربة.
وكان مشيمع قد بدأ حواره بالاشارة إلى أن مثل هذا الحوار لم يكن ليحصل لو أنهم كانوا على انفراد في زنزانات متفرقة، وكانت الخطوة الاولى التي سعوا إليها هي اقناع وزارة الداخلية بسجنهم في مكان مشترك لأجل التداول في جميع القضايا،
وفي مقابل هذا الطلب، كانت المخابرات تريد الحصول على ورقة مكتوبة وموقعة من الشخصيات الخمس يقدمون فيها «اعتذاراً» للحكومة. ومن أجل هذا الأمر تُرك الخمسة في غرفة خاصة ومجهزة بأجهزة التنصت للاستماع لما يتم الاتفاق عليه. وكان القرار الذي اتخذه الخمسة كتابة رسالة تحمل جملة «شرطية» يقول فيها الموقعون عليها إنهم يعتذرون «إذا» كان قد صدر منهم خطأ، وذكر مشيمع ان كلمة «إذا» وضعت في منتصف الجملة لكي لا يتم حذفها بعد ذلك، عندما تقوم الحكومة بنشرها فيما لو تراجعت عن الحوار. وهكذا كُتبت الرسـالة الموجهة إلى سمو امير البلاد بتاريخ 42 ابريل 5991 (اي بعد 3 اسابيع من اعتقال الشيخ الجمري) متضمنة الجملة الشرطية الآتية: «وإزاء الأحداث المؤلمة التي شهدتها البحرين في الأشهر القليلة الماضية نعرب عن اسفنا الشديد لسموكم (إذا) كانت قد تسببت تصرفاتنا والأعمال التي قمنا بها وأدت إلى الاضطرابات في البلاد». لقد كانت خطـورة الرسـالة واضحة امـامهم، لكنهم فضلوا أن يقدموا على المخاطرة لكي يتمكنوا من الاجتماع مع بعضهم بعضاً بصورة مستمرة والخروج بمشروع مشتـرك استمر الحوار فيه لإخراجه قرابة الاربعة أشهـر داخل السجن مع قيادة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية.
ملخص الحوار في لندن
أشار الوفد الزائر إلى أن جذور المبادرة بدأت بعد أيام قلائل من الاعتقال، وخرج عدد من الاخوة بصورة مستقلة اثناء اعتقالهم الانفرادي بفكرة لتهدئة الاوضاع مقابل الدخول في حوار مع الحكومة. بعد عدة جلسات من التحقيق المنفرد مع المخابرات بدا واضحاً أن هناك رأياً مشتركاً بين عدد من القياديين، ولهذا تم تقديم طلب بالسماح لخمسة منهم بالاشتراك في سجن واحد لكي يخرجوا بمشروع مشترك تضمن اربعة بنود، إلا أن البند الـرابع حذف بعد اعتراض الحكومة عليه. وجاء في بنود المشروع ما يأتي:
البند الاول: الدعوة للهدوء والاستقرار مقابل اطلاق سراح جميع الموقوفين (غير المحكومين) وتم الاتفاق على أن يطلق سراح 3 من المحاورين مع 051 شخصاً في 61 اغسطس 5991، ثم يتم الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين مع 051 معتقلاً آخرين، وفي 03 سبتمبر / أيلول 5991 يتم الافراج عن الشيخ عبدالأمير الجمري مع 005 إلى 006 موقوف.
البند الثاني: معالجة آثار الازمة. فقد خلفت آثاراً مختلفة، ولكي يتحقق استقرار دائم فلابد من الافراج عن الذين حكم عليهم وارجاع المبعدين ومناقشة عودة البرلمان المنتخب.
البند الثالث: تعزيز العلاقة الطيبة بين الشعب والحكومة. وقد اصرت الحكومة على كلمة «تعزيز» بدلاً من الكلمة الاصلية «خلق».
البعد الرابع: (الذي لم توافق عليه الحكومة): كان ينص على تصحيح العلاقة بين المعارضة في الخارج والحكومة.
ملاحظات ذكرها الوفد الزائر
1 * قال رئيس المخابرات ايان هندرسون في إحدى جلسات الحوار: «لقد استطعتم هز الكأس فلا تكسروه، لقد وصلنا إلى قناعة بأن القمع لن يخمد الشارع العام بالصورة التي نحب، كما أن الوجهاء الذين اعتمدنا عليهم لم يستطيعوا حل المشكلة».
2 * عندما طلبنا توثيق الاتفاق قبل بدء الافراجات تم ترتيب لقاء مع وزير الداخلية بتاريخ 41 اغسطس 5991 (قبل يومين من الافراج عن الدفعة الاولى) حضره وزير العمل (آنذاك) عبدالنبي الشعلة وقضاة المحكمة الجعفرية المرحوم الشيخ سليمان المدني والشيخ أحمد العصفور والمرحوم الشيخ منصور الستري بالإضافة إلى الوجيه الحاج احمد منصور العالي، وقام الشيخ الجمري بقراءة المبادرة المكتوبة أمام الحضور الذين استمعوا لما قيل عن الحوار الدائر.
3 * قال هندرسون إن زيارة لندن واقناع المعارضة هناك سيكون لهما الأثر الكبير في الاسراع بحلحلة الاوضاع، وخصوصاً بعد ذهاب العلماء الثلاثة الذين تم ابعادهم في يناير/ كانون الثاني 5991 إلى لندن، لأن ذلك قلب الموازين على الحكومة.
4 * تم إخبار وزارة الداخلية أن المحاورين لن يطلبوا من المعارضة ومن الجماهير التوقف وانما سيطلبون اعطاء فرصة للحوار.
ملاحظات ذكرها أفراد المعارضة في لندن
1* الحكومة رفضت أن توثق الاتفاق من جانبها كتابياً ورفضت وضع جدولة واضحة للفترة الأمنية من الحوار. كما أن المرحلة السياسية للحوار غامضة بالنسبة إلى الآلية. فالمعارضة طرحت مطالب دستورية تعتمد على الاجماع الوطني وأي آلية للحوار لابد أن تحتوي على ممثلين من الاطراف المشاركة في العريضة الشعبية ومن الاطراف الأخرى المؤثرة في الساحة.
2* ان الحكومة طلبت كتابة رسالة اعتذار كمقدمة للحوار، وعلى رغم أن الرسالة كتبت بلغة «شرطية» فإن الابتزاز واضح ولن تتوانى وزارة الداخلية عن استخدام هذه الورقة ونكران الحوار لأنها لم تقدم شيئاً مكتوباً.
3* إن النهج الذي تسير عليه الحكومة آنذاك لا ينبئ بالخير.
4* إن تكرار وزير الاعلام آنذاك لوصف خروج القياديين بأنه من أجل العودة للصراط القويم أمر آخر لا ينبئ بالخير في التوجه الحكومي.
5* الحكومة تريد معالجة عوارض الازمة وليس جذورها، ولا يبدو أن تغييراً حقيقياً في النهج قد حصل. فالحديث كان ينصب عن مجلس شورى معين.
رجوع مشيمع إلى البحرين
رجع مشيمع إلى البحرين (بينما بقي الشيخ خليل سلطان خارج البحرين وهاجر لاحقاً الى هولندا ولم يعد حتى الآن) والتقى الشيخ عبدالأمير الجمري والأستاذ عبدالوهاب حسين داخل السجن ليخبرهما بنتيجة الحوار مع المعارضة في الخارج. ولكن سرعان ما بدأت الحوادث تأخذ منحى آخر عندما جاء موعد الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في 7 سبتمبر/ أيلول. فوزارة الداخلية لم تفرج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في اليوم المحدد، كما لم تفرج عن العدد الكامل المتفق عليه احتجاجاً على مظاهر الفرح الجماهيرية التي بدأت تتسع مع الايام، وعندما أفرج عن الشيخ الجمري في 52 سبتمبر، وخرجت الجماهير من كل مكان لاستقباله، انزعجت «الداخلية» من دون سبب معقول وامتنعت عن الافراج عن باقي الموقوفين المتفق عليهم ويقدر عددهم بـ 005 شخص.
وكان شهر اكتوبر/ تشرين الأول 5991 حافلاً بالمساجلات والاتهامات بين القيادة الامنية والمعارضة، في الوقت الذي بدا واضحاً ان الحكومة لم تكن جادة في فتح باب الحوار وان ما كانت تريده هو الالتفاف على المطالب الجوهرية للتحرك الشعبي، التي منها إعادة الحياة الدستورية واحترام حقوق المواطن.
تصاعد الحوادث مرة أخرى
وهكذا بدأت الحوادث في التصاعد وبدأت تختفي مظاهر الفرح وتعود حال اللاأمن واللااستقرار والاعتقالات العشوائية والمحاكمات الجائرة والتصريحات غير المسئولة.
لقد تسارعت الحوادث في يناير/ كانون الثاني 6991 بصورة خاطفة، وبدا الارتباك واضحاً في ردود فعل الحكومة، ويمكن تلخيص الحوادث المتسارعة مع ما سبقها كما يأتي:
* 52 سبتمبر 5991: الافراج عن الشيخ عبدالأميرالجمري.
* 32 أكتوبر/ تشرين الأول 5991: اعتصام 7 قياديين واضرابهم عن الطعام في منزل الشيخ الجمري، احتجاجاً على عدم وفاء الحكومة بالاتفاق المبرم معها.
* 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 5991: انتهاء الاعتصام واحتشاد أكبر تجمع في تاريخ البحرين (قدر العدد 06 * 07 ألف شخص) أمام منزل الشيخ الجمري للاستماع إلى البيان الختامي للمعتصمين.
* 3 يناير 6991: بعثت قيادة أمن المنامة إلى مسئول جامع الصادق بالقفول (المنامة) وأنذروه بمنع الشيخ الجمري من الصلاة مساء الجمعة كل أسبوع. وعندما اتصل المسئول عن الجامع بادارة الأوقاف الجعفرية قيل له إنه ليس من مسئوليتنا أن نمنع أو نحدد من يصلي جماعة في المسجد. مدير أمني في وزارة الداخلية اتصل بالاوقاف ليأمرهم، لكن الاوقاف اعتذرت عن ذلك. بعدها اتصل المدير الأمني بالشيخ الجمري، وقال له: «إنك ممنوع من الصلاة والخطبة في مسجد الصادق»، وكررها ثلاث مرات، فرد عليه الشيخ الجمري بأنه يرفض المنع.
* 4 يناير 6991: هجمت قوات الأمن على جامع الامام زين العابدين، إذ كان الشيخ الجمري مع جمهور من المصلين يقرأون الدعاء، واستخدمت مسيلات الدموع بكثافة وتم الاعتداء على المارة بصورة عشوائية وفرض الحصار حول منزل الشيخ الجمري. بعد فترة انسحبت قرابة 02 سيارة جيب من المنطقة وبقيت السيارات المدنية و4 شاحنات مملوءة بالقوات. وبعد فترة تجمعت أعداد غفيرة حول منزل الشيخ الجمري وخرج الشيخ وخطب فيهم قائلا: «إن هذه الحركة الصبيانية المراهقة قد فعلها هؤلاء من دون سبب، وأرى أنهم قد أرهقتهم وحدة الشعب وإصراره على مطالبه، وأرهقتهم الجماهير الهائلة التي تجتمع للصلاة يوم الجمعة في جامع الصادق ولا نستغرب مثل هذه الحركة، ونحن صامدون لن نتراجع، والذي أراه أن هذا الانسحاب تكتيكي لكي تتجمعوا بسبب هذه المكيدة ثم يأتون مرة اخرى للهجوم زاعمين ان هناك فوضى وتجمعا غير مشروع، اننا سوف نظل متمسكين بسلوكنا الذي هزمهم وجعلنا نستـقطب الرأي العـام في الداخل والخارج وهو السلوك السلمي، وأرى أن نفوّت عليهم الفرصة ونحبط هذه المكيدة بالتفرق والانصراف من هذا المكان، شكر الله مساعيكم، على أن الانصراف لا يعني التخـلي عـن المسـئولية، بل هـو انصراف مع التحسـب للطوارئ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
* الجمعة 5 يناير 6991: صلى الشيخ الجمري الظهر في جامع الصادق بالدراز، بينما كانت مداخل الدراز توجد فيها القوات ولكن الجماهير انهالت من كل حدب وصوب، أما صلاة المغرب فكان يصليها الجمري في جامع الصادق بالقفول. وعندما توجه الناس إلى القفول كانت القوات قد حاصرت الجامع منذ الثالثة بعد الظهر بـ 052 مسلحاً وأغلقت جميع الطرق إلى الجامع. وقامت هذه القوات باستخدام مسيلات الدموع والرصاص المطاطي وأصبحت الاجواء مشحونة، وأصيب عدد غير قليل من النساء والرجال والاطفال.
* مساء الجمعة 5 يناير 6991: اقيم حفل ديني في منطقة النعيم بالمنامة وكان من بين الحضور الشيخ الجمري. وبينما كان الاستاذ حسن مشيمع يلقي كلمته أمام الحضور هجمت قوات الشغب بالقنابل الخانقة على الحضور، فانفض الجمهور وسقط عدد كبير على الأرض من بينهم الشيخ الجمري، فحمله الشباب إلى بيت صغير ملاصق لمكان الحفل. وقد التجأ إلى هذا المنزل نحو 001 شخص، وبقوا هناك ما لا يقل عن ساعة ونصف الساعة لا يستطيعون النزول ويتكلمون بالهمس، لأن البيت كان مطوقا والمنطقة كذلك. بعد ذلك هجمت قوات الشغب على المنزل وكسروا ابوابه ودخلوا واقتادوا الشباب بصورة وحشية ضرباً ورفساً وشتماً. وقيّدوا أيدي الشباب من الخلف. وتعرض الشيخ الجمري لضربة على ظهره من أحد افراد قوات مكافحة الشغب.
* 8 يناير 6991: الشيخ الجمري يصلي في جامع الصادق على رغم التهديد له قبل الصلاة والجماهير تجتمع من كل مكان وتجدد العهد. بعد ذلك توجه الشيخ الجمري للدراز وحضر احتفالاً جماهيرياً ضخماً رددت فيه هتافات الصمود ضد الهجمة الحكومية.
* 21 يناير 6991: طوقت قوات الأمن جامع الصادق بالقفول، وعندما جاء عدد كبير من الناس وغالبيتهم من الشباب للصلاة وجدوا شرطة الشغب اغلقت المنافذ المؤدية للجامع من الجهات الأربع، وتمت ملاحقة القادمين للصلاة باستخدام الرصاص المطاطي الذي تسبب في اتلاف عدد من السيارات والممتلكات.
* 31 يناير 6991: استدعت وزارة الداخلية الشيخ الجمري و7 من رفاقه وادخلوهم واحداً بعد الآخر في مكتب وزارة الداخلية الذي كان يتوسطه 41 من قوات الأمن وضباط الداخلية، قالوا إن الهدف هو ابلاغ رسالة، ان الحكومة قررت منع الصلاة جماعة وإلقاء الخطب أمام الناس. وكان جواب الشيخ الجمري ورفاقه، أنهم لا يعترفون بهذا القرار لأنه غير دستوري.
* 41 يناير 6991: اعتقل الاستاذ عبدالوهاب حسين من منزله الساعة الثالثة بعد الظهر. وكان حسين ألقى كلمة أمام حفل جماهيري في عراد مساء 31 يناير شرح فيه ما جرى مع ضباط وزارة الداخلية وموقف قادة المعارضة الرافض لمثل هذه التهديدات.
* 51 يناير 6991: بدأت حملة اعتقالات واسعة شملت جميع الذين ظهرت اسماؤهم للعلن خلال الأشهر الماضية من علماء دين وأساتـذة وخطباء ووجهاء ومسئولي مساجد، من مختلف مناطق البلاد.
* 61 يناير 6991: الشيخ الجمري يلقي كلمة أمام جمهور غفير في مدينة حمد ويتعرض للحوادث الجارية ويدعو إلى وحدة الشعب ويؤكد المطالب العادلة.
* 71 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري لمقابلة اللجنة الأمنية التي انشئت لقمع الانتفاضة، وكان اللقاء مختلفا عما قبله. اذ قُدم الاعتذار لاساءة المعاملة في الاجتماع السابق (31 يناير). فطالب الشيخ الجمري بالافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين وإيقاف الهجوم على المساجد والتجمعات العامة لكيلا ينفلت الوضع الأمني وتعود الاضطرابات. طلبت اللجنة الامنية عدم رفع الشعارات السياسية، إلا أن الشيخ قال إن المطالب سلمية ودستورية وليس من شأنها الاضرار بالأمن، بل على العكس، ولكن الاجتماع انتهى من دون معرفة الهدف الاساسي من اللقاء بهذا الاسلوب المختلف عن سابقه.
* 91 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري للقاء اللجنة الأمنية مرة أخرى، وكان هذا اللقاء عكس اللقاء الذي سبقه ما يعكس تذبذب الحكومة وعدم استقرارها على رأي محدد بشأن كيفية التعامل مع الحوادث.
* 02 يناير 6991: فرض الحصار المنزلي على الشيخ الجمري ابتداء من الساعة 3 فجراً. المظاهرات تعم مناطق البحرين وتعود مظاهر الاشتباكات مرة اخرى للساحة. اعتقالات واسعة شملت جميع اعضاء «المبادرة» ومعظم العلماء والخطباء والوجهاء الذين تحركوا خلال تلك الفترة.
* 12 يناير 6991: اعتقال الشيخ الجمري (للمرة الثانية) من منزله والعودة الكاملة لحال التوتر التي سبقت الافراج عن «اصحاب المبادرة» في اغسطس وسبتمبر 5991.
رسالة الجمري قبيل الاعتقال الثاني
قبل اعتقاله بساعات قليلة كتب الشيخ الجمري رسالة لي بالفاكس، قائلا:
«أنا والعائلة نعيش الحصار داخل البيت وقد طوقنا بعشرات الجنود وعدد من السيارات، بل حوصر جيراننا في بيوتهم وهم الذين بجانبنا وخلفنا حتى المغتسل، وشرقا حتى بيت طه جاسم، ويمتد غرباً إلى بيت ميرزا آدم، ولم يسمح لأحد منا بالخروج الا الاطفال إلى المدرسة ويفتشون في خروجهم ودخولهم تفتيشاً دقيقاً. نحن في حال سيئ جداً... لا أدري ما سيجري بالنسبة إلينا وللشعب من تطور وتصعيد للعنف... هذا وإذاعتهم وتلفزيونهم وصحفهم تتكلم ضدنا وتربط الاحداث (احداث العنف) التي استدرجوا الناس إليها بنا وبالمساجد وتزعم اننا استغللنا المساجد. الآن يحاولون اسكات الأمة من خلال اعتقال عدد من العلماء وجميع الشيالين (خطباء المواكب الحسينية) وأعداد كبيرة من الشباب... وتعتبر هذه الاصـوات قـد أخمـدت، ولم يبـق إلا الأمـل فـي الله والرجـاء منه... ولعلمـكم، من جانبنا لا تراجع عن مطالب الشعب ونحن * إن شاء الله * على الدرب سائرون... مع السلامة».#
أيمان
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة أيمان
24-02-06, 10:52 AM #4
hassn_17
عضو فعَّال
تاريخ التسجيل: Sep 2003
المشاركات: 195
--------------------------------------------------------------------------------
مباشرة وبعد انفجار الانتفاضة في ديسمبر 4991 ظهرت شخصية الشيح عبدالأمير الجمري بصورة محورية، لأنه كان أكبر رمز ديني شيعي يتبنى «العريضة النخبوية» في العام 2991، ومن ثم «العريضة الشعبية» في العام 4991. وبعد ذلك تقدم للصلاة على الشهداء الذين سقطوا أثناء المسيرات التي عمت مناطق عدة في البحرين. وفي 1 أبريل/ نيسان 5991 تمت محاصرة منزل الشيخ الجمري لمدة أسبوعين، ومن ثم نقل الى سجن القلعة،
نعم لازلت اتذكر موقف الشيخ الجمري ( في صلاته على روح الشهيد عبد الحميد قاسم )
في ضل الجو المرعب في ذالك الوقت ووجود عناصر الامن بشكل كبير ولن ولن أنسى موقف الشيخ الجمري في ذالك اليوم الذي أنب النظام على فعلتهم الشنعاء .
كما اشكر الدكتور منصور الجمري على طرحة الى هاذي المفصلة التأريخية في حياة البحرين والتي عاصرها الكثير.
لا أدري هل هي سلسة متصلة ام ماذا لئنه هناك فصول وفصول
Wednesday, March 26, 2008
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment