Wednesday, December 10, 2008

مقابلة مع منتديات البحرين ( الحلقة : 1 ، 2 ، 3 )

WEDNESDAY, DECEMBER 10, 2008
مقابلة مع منتديات البحرين ( الحلقة : 1 ، 2 ، 3 )
حاولت أن أحصر أهم الأحداث حيث أني كنت موجودة في بيت والدي يوم السبت الأسود ،
وحضرت الحصار كاملا و بعد ذلك تم اعتقال الشيخ .


كان اعتقالي بتاريخ 8/5/ 95 وكان قبل يوم عيد الأضحى بيوم
و ذلك غير قانوني لأنه لايجوز الاعتقال في يوم الإجازة .

وهنا أود أن أنوه بأن إخواني على فكرة لا يرضون أن يتكلم أحد في هذه الأمور خوفا من الفتنة ، ولذلك فأنا أتكلم من غير إذنهم لأن هنالك أسماء تسبب فتنة إذا ذكرناها وعند الحديث نضطر لذكرها ونحن نحرص على الوحدة ولانريد الفتن , ولما نشرت المقابلة مع عادل فليفل أول مرة في الوسط تضايقت من
خالد أبو احمد الذي أجرى المقابلة وجلسنا معه أنا وأمي في المنزل .
لكن موافقتي على المقابلة معكم هي تصرف فردي مني وأتوقع اللوم والعتاب الشديد ، لذا سأحاول قدر المستطاع تحاشي ذكر الأسماء لأنني أيضا حريصة على الوحدة ،

لكني أرى أن هنالك أشياء ذات أهمية , و أن والدي ظلم بشدة وهي حقيقة للتاريخ ومن حق الشعب أن يعرف تلك الحقائق
سواء دفاعا عنه أو عن التاريخ لأجل الأجيال القادمة وللتأريخ وكتأريخ للانتفاضة والانتفاضة يجب أن تؤرخ وكلا يؤرخ الانتفاضة من موقعه فاذا انا تكتمت لهذا السبب وذاك تكتم لذاك السبب
إذا طمست الحقائق ولم يعرف شيء .
عاصرت الانتفاضة الأولى(سنة 88) واعتقل زوجي وأخي وفصل أبي من القضاء في تلك الانتفاضة ، واستمر علينا البلاء إلى الانتفاضة الثانية . سأحاول قدر المستطاع أن أتقي ذكر الأسماء خصوصا أن من هؤلاء الناس من أعزهم والإنسان غير معصوم وكوني أشهر بهذا الشخص أو ذاك فأنا أسبب فتنة وأسد أمامهم أبواب التوبة وهذا ليس من مبادئي
لكن في ذات الوقت أرى بأن هنالك ما هو أهم من ذلك هناك حقائق تطمس والوالد ظلم ظلما شديد ومن حقه علي كبنت عايشت وعاصرت وكمواطنة أن أذكر بعض الأمور هنالك أشياء قد لا أقولها لكن الكثير سافصح عنه.
ولنبدأ بماقبل الحصار ، ولنذهب إلى أبعد ، إلى الانتفاضة الأولى :
الانتفاضة الأولى لم تكن شعبية مئة بالمئة لم يكن كل شعب البحرين وكانت بعض مناطق البحرين مثل البلاد وبني جمرة وبعض الأجزاء من قرى البحرين , وهذه الانتفاضة لم تكن مرسومة مثل الانتفاضة الثانية ولم تكن واضحة المطالب جدا ومخطط لها
وكانت تلقائية نتيجة للتراكمات السيئة من الظلم و واكبها حدوث مذبحة الحرم المكي عام (87) و قد بدأها الشيخ عيسى قاسم بشجب الوجودالعسكري الامريكي بالخليج وذلك في خطبة حماسية في ليلة العاشر من محرم في مسجد الخواجة بالمنامة ،
والناس تفاعلت وحدث التكبير وكان لأول مرة يكبر في البحرين ويهتف بالموت لأمريكا ، ودخل الناس مرحلة جديدة في مساجد ومآتم البحرين وأصبح الشجب في جميع المآتم ومن قبل جميع العلماء الذين كانوا جميعهم في نفس الاتجاه

وأذكر –على سبيل المثال - الشيخ أحمد العصفور حيث كان دائما يشجب في كل منبر له
في ليالي محرم والجميع كان مستنكرا للمذبحة
وابتدأت هذه في سنة 87 واستمرت التكبيرات "الله اكبر والموت لأمريكا" وتدريجيا بدأت تنحسر في كل المناطق , عدا بني جمرة حيث كان أبي يصلي
في جامع الإمام زين العابدين الذي افتتح في عام87
وتوقفت الشعارات في جميع مناطق البحرين نتيجة للتهديد الحكومي ، ولكنها استمرت عند أبي واستمر التكبير والهتاف بالموت لأمريكا في كل اسبوع يوم الجمعة أثناء الخطبة
حيث كان والدي يتعرض إلى أمور سياسية و مطالب شعبية والتي كانت من سمات خطه من زمن بعيد لكن لم يكن يتضمن التكبير والهتاف قبل ذلك
وهنا حدثت المشكلة , السفارة الامريكية احتجت عبر سفيرها وطالبت بتأديب الشعب لرفعه شعارات ضدها ، و رد اعتبارها .

كان الاحتفال بيوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان في 88 وحدث الاحتفال في جامع الإمام زين العابدين ، الذي اعتبر من أضخم الاحتفالات التاريخية في ذلك الوقت حيث حضره عدد ضخم جدا , ومنذ تلك الليلة هجمت المباحث وقوات الشغب
وطوقت الجامع واعتقلوا جميع الشباب و على رأسهم الأستاذ عمرا ن حسين ، واستمرت حركة الاعتقالات وتزامن هذا الشيئ مع اعتقال شباب بحرينيين في مصر بتهمة انتمائهم الى حزب الله ومن بينهم محمد الهندي و هو طالب يدرس الطب ،
واستمرت الاعتقالات وتزامن ذلك مع إسقاط الطائرة الايرانية المدنية في الخليج من قبل القوات الأمريكية , وكانت الاعتقالات بالمئات للشباب والتهمة الموجهة اليهم كانت انتمائهم الى حزب الله .في سنة 88 كانوا يوميا يستدعون ابي للتحقيق . وإلى أن جاء محرم وفي العشرة تم تهديد أبي بامور كثيرة اذا لم يتم إيقاف تلك التكبيرات و لم يتم ضبط الشعب
فسيتم إحضار الدبابات , وكان أبي يلتقي بالشيخ عيسى والعلماء ويجتمعون ويتناقشون , ولم يتم إيقاف هذا الهيجان الشعبي ، من قبل العلماء ولا أعلم بالتحديد هل أن العلماء لم يتفقوا أم أن الشعب منفلت ؟ حيث أن المسبب الرئيسي له أوضاع الشعب المأساوية و الحكومة ترفض حتى الاعتراف بالشعب كشعب و إنما هم دائما متهمون بالعمالة ، و الاعتقالات كانت مكثفة والشباب كسروهم بالسجون واتهموهم وكانوا يأخذونهم بالمئات ويفرجون عنهم بالمئات مقابل مبالغ يدفعونها لعادل فليفل ، وإن تكلموا فسيتم تعذيبهم وكان أحد المحامين
يتعاون مع العقيد كانا يتفقان على أن يدفع الناس ثلاثة الاف دينار ( يقتسمها العقيد مع المحامي ) فيطلق سراح المعتقل بعد أن يستدين ذووه المبلغ و يشقون في تدبير المبلغ و أذكر أن أحدهم ( من عائلة الطويل من جدحفص ) ذهب مطالبا باسترداد المبلغ من الداخلية حيث أنه ضعيف الحال ، و قد استدانه من الناس فأحضره العقيد و أشبعه جلاوزته تعذيبا و مزق الرصيد أمامه و قال له اذهب فإن نطقت بعدها ستعرف ما سيصيبك
ويختلف المبلغ على حسب الحالة الاجتماعية ( فابن صاحب محطة البترول في جدحفص طلبوا عنه خمسة آلاف دينار ) ،
وهذه المبالغ -كما ذكرنا - لاتذهب الى خزنة الداخلية بل تذهب الى جيب المحامي والضابط بالتناصف .في تاريخ 28/8/1988 تم اعتقال زوجي ( في اليوم العاشر لولادتي بابني حسين بينما زينب كانت تبلغ من العمر سنة و نصف ) وكان معه مجموعة من الشباب, وبعدها بخمسة أيام تم اعتقال اخي محمد جميل وبعدها بيومين تم استدعاء الوالد وأقيل من القضاء بتهمة أنه لديه حزب يخرب البلد ومن دون أدلة وتمت إقالته بشكل غير قانوني لأنه التعيين في منصب القاضي بالذات يكون بمرسوم
والفصل أيضا يكون بمرسوم ويكون بسبب قانوني دستوري أما والدي جاءه الاتصال بالهاتف وهو على كرسي القضاء " قم الوزير يريدك" فلما ذهب قال له الوزير أنت مقال وتمت إقالته بسبب أنه ( أنت انسان محرض وتقوم على الشغب وتثير الفتنة) وهذا لم يحصل من قبل في ذلك الوقت وكان السبب سياسيا وغير مكتوب وأعطوه رسالة ، وكان طول وجوده في القضاء كانت أحداث كثيرة تحدث لاتعجبه وكان يحتج على ذلك باستمرار إلى أنه في إحدى المرات قدم استقالته ولم تقبل وبقيت تلك الورقة في الملف ولما أرادوا إقالته إقالة سياسية استدعوه واخرجوا طلبه السابق بالاستقالة وطلبوا منه توقيعها , حتى إذا أتت المنظمات الحقوقية يكون لديهم دليل على أنه هو الذي تقدم بالطلب بالاستقالة حتى لايكون عليهم مأخذ ولم يتم الإعلان الرسمي عن ذلك ومن المفترض أنه لما يقال القاضي - كما الوزير - أنه يتم الإعلان عن ذلك ......... وكان فصله ، و عندما جاءوا لاعتقاله كان ذلك بعد خروجه من صلاة الظهر في الجامع فحدث ما لم تعتد عليه لا الحكومة و لا الشعب في ذلك الوقت الصعب بالذات حيث و قفت أمي بالباب ورفضت السماح له باعتقاله و أمسكت جوازه و رفضت تسليمهم إياه ثم ذهبت إلى الجامع و طلبت من الأستاذ عمران أن يفتح لها السماعة و نادت الله أكبر يا ناس لقد اعتقلوا الشيخ و كان حدثا غريبا جدا في ذلك الوقت أن تتجرأ السلطة على اعتقال شيخ من ذوي الوزن الثقيل ، فخرج جميع الناس في مظاهرة بشكل تلقائي و كان معظمهم يتناول وجبة الغذاء فتركها و خرج و كانوا شبابا و شيوخا و نساء و أطفال و غص بيت الوالد و حواليه بالجمهور الذين ما أن وصلوا إلا و أبي قد اقتيد و وضع في السيارة ( و كان الضابط هو عادل فليفل و معه آخر قد يكون النعيمي حسبما سمعت فلا أعرف إلا شكله ) أخذت النساء الحجارة و الطابوق و ألقتها على السيارة التي انطلقت بسرعة البرق ، و بسبب هذه المظاهرة فقد حولوا الاعتقال إلى جلسات تحقيق يومية و كانوا يطلبون منه أثناء التحقيق أن يتصل بنا لنفهم من ذلك أنه سيرجع فيهدأ الجمهور ، و لذلك فإنه حتى المحاكمة التي حصلت للشباب و بينهم أخي و زوجي كان يحضرها كمتهم أول ( رئيس حزب الله في البحرين ) يليه في التهمة أخي ( رئيس الجناح العسكري ) يليه زوجي ( رئيس الخلايا أم الجناح الفكري ) و لست أعلم ماهذه المسميات المضحكة بل أي حزب في الدنيا ليس فيه إلا رجل و ابنه و صهره مع اثنين من الشباب هما سيد جميل و سيد علي الذي لم نتعرف عليه عن كثب إلا من خلال التهمة المشتركة .
سجن أبي و .و جي و أخي كلهم في نفس الأسبوع ومعهم مجموعة شباب عددهم تسعة وتمت محاكمتهم بعد سنتين وكانت تهمهم مثل سائر جميع الناس ( حزب الله) و بعد سنتين خرج الجميع براءة إلا أبي ( إقالة و سحب جواز سفره و تضييق حتى أنه لم يكن يسمح له بزيارة أخي طوال سنتي المحاكمة و لزوجي طوال مدة السجن و لا يكلم منصور عبر الهاتف أما سيارات المخابرات فلا تفارقه أينما ذهب و كل من يتعامل معه يضايق و يهدد أصحاب المآتم بألا يستأجروه لمحرم و مع ذلك بقي باب مجلسه مفتوح بشكل يومي للشباب خصوصا يوم الجمعة فإن الباب يفتح من الصباح للمساء مع صلاة الجماعة و وجبة غذاء بعدها ) و أخي ( عشر سنوات ) و زو جي ( سبع سنوات ) و سيد جميل سيد كاظم ( 3 سنوات ) و سيد علي ( 3 سنوات ) و قد يكون معهم واحد أيضا لست متأكدة .
سحب جواز سفر أبي في 79 وأعطي في سنة 85 وسافر مرة واحدة وتم سحب جوازه أيضا لأن سيرته لم تكن مرغوبة لدىالحكومة بسبب خطاباته وفي إحدىالمرات سافر إلى الحج ولكنه عندما وصل تقدم منه ضابط و قال له أنت شخص غير مرغوب في دخولك إلىالسعودية وكان ذلك في سنة 80
وفي 1985 استلم جوازه وسافر تركيا ومن ثم إلى الأردن وتم معاملته نفس المعاملة في الأردن حيث احتجز في المطار و جرد من ملابسه عدا الداخلية ثم تم طرده ورجع إلى البحرين.
وبقى هو و السجناء سنتين ( من 88 إلى 90 ) من دون محاكمة وقدمنا تظلم
والتهم كان أنه رئيس حزب الله بالرغم انه لا وجود لحزب الله في البحرين وولده قائد الجناح العسكري
وزوج ا بنته قائد الجناح الفكري . تم إطلاق سراح الجميع إلا هؤلاء
المتهمين بالحزب وتم الحكم عليهم وهم الأربعة وهم السيد جميل 3 سنوات والسيد علي 3 سنوات وعبد الجليل 7 سنوات ومحمد جميل 10 سنوات أما والدي لم يحكموا عليه بسبب التحرك من قبل أخي منصور في المنظمات الحقوقية وكانوا يطالبون بدخول المحاكمة وهذا التحرك أعاق الحكم عليه ولم تكن هنالك أدلة
وعالميا هذا يسبب الإحراج للحكومة لأنه قاض و برلماني سابق و عالم دين و لا أدلة ضده .
كنا نطلع على الأوراق عند المحامي عبد الشهيد خلف وننظر إلىالاعترافات المضحكة كانت الاعترافات متباعدة من قبل الجميع وكانت متضاربة جدا في الزمان والمكان وبالرغم من ذلك تم الحكم عليهم بالرغم من زيف الأدلة ، و بالرغم من أن حتى الشهود الذين حضروا المحكمة جميعا شهدوا ببراءتهم و هم مجموعة شباب رغم تهديدهم قبل المحاكمة من قبل الحكومة و الشيخ عيس أحمد قاسم ذهب في حالة فريدة للشهادة ببراءة و الدي و براءتهم و لكن كل ذلك لم يؤخذفي الاعتبار أما المنظمات الحقوقية فلم يمسح لها بالحضور ..
وأخذ وا حكمهم بالكامل واكثر حيث غيرهم من السجناء يعفون من الإجازات السنوية فتسقط عنهم مدة من السجن أما هم فلم ينالوا حتى هذا الحق ، وبقى ا أبي مدة طويلة من دون السفر من دون أن يرى ابنه لمدة سنتين وبعدها حصل تحسن نسبي اما بالنسبة الى عبد الجليل فبقى سبع سنين من دون ان يره غير مرة واحدة اما منصور خرج من البحرين سنة 83 وجاء خلسة سنة 87
جاء البحرين لمدة اقل من شهر وما رآه او اتصل به لمدة طويلة جدا حتى عهد الاصلاح حيث كان الاتصال معه ممنوعا
وجاءت الانتفاضة الثانية وكانت فيها مطالب واضحة ومدروسة ومخططة وكان فيها العلماء من الشيعة والسنة ولما لعبت الحكومة على وتر الطائفية انسحبت الجهة السنية وبدأت الانتفاضة والعلماء السنة والشيعة اجتمعوا في سنة 1994 ، وكان من قبلها عريضة 92 النخبوية وفي 94 قدموا العريضة الثانية وبدأت الاحداث وانعزل السنة وبقى التيار الليبرالي اليساري الوطني بعدما لعبت الحكومة على وتر الطائفية وبقى الشيعة ايضا .
استمرت الاحداث وسقط الشهداء بدأ من الهانيين وفي ذالك الوقت الشيخ عيسى لم يكن موجود والناس في البحرين يسيرون خلف العلماء مثل أبي والشيخ علي سلمان وكان أبي يجتمع بهم في ذلك الوقت وكان يذهب للصلاة على الشهداء وفي واحد ابريل سقط العديد من الشهداء والكثير من المعتقلين وكانت هذه اخر ضربة توجه ولم يبقى احد في الساحة وفي تلك الليلة تم الحصار و هجم على بني جمرة وتم اعتقال رجال المبادرة وتم اعتقال زهرة هلال ام حوراء بسبب نشاطها وكان لديها اربعة اطفال وكانت تلك الليلة مشهودة ولا انساها ولا اصدق ان ذلك حدث في البحرين كان مثل الخيال
والذي جعل الواحد من ابريل يكون بهذا الشكل والخشونة انه المخابرات لديهم تجربة لما جاءوا ليعتقلو الوالد في سنة 1988
حدث شيئ غريب ومن دون تخطيط فالمظاهرات خرجت تلقائيا من قبل الناس العجائز والكبار وكانت في وقت الظهيرة . عندما اعتقلوه دخلت امي الى الجامع واعلنت في السماعات نبأ اعتقال والدي فخرج الناس وتفاعلوا بالرغم من انه لم يدع احدا الناس ليتظاهروا وتجمع الناس حول البيت وجاءوا الى البيت ورموا سيارة المخابرات بالحجارة وكان عدد الناس كبيرا واضطرت المخابرات ان يرجعوا ابي بعد التحقيق بسبب تواجد الناس المتواصل امام المنزل واستمر هذا الشيئ ثلاثة ايام على مدة التحقيق وكان المحقق هندرسون وكانوا يدعونه يتصل لنا من القلعة ويقول سأرجع بعدما انتهي كل هذا كان حتى لاتحدث الفوضى ..
كان اخي منصور حازما اغراضه بعدما انهى دراسته
واتصلت امي به وقالت له لاترجع لانه اسمه ورد في التحقيق واصبحنا ثلاث اسر نعيش في منزل واحد وكانت الظروف صعبة جدا مثل جميع الناس الذين تعرضوا للسجن قبل الانتفاضة ، والى الانتفاضة الثانية استمر سجنهم .

وفي الواحد من ابريل و في المظاهرة العفوية الثانية التي خرجت بعداعتقال الوالد سنة 94 م وفي الليل تم اخذ الاحتياط من قبل قوات الشغب ، فمنذ الساعة الثانية عشرة ملات طرقات بني جمرة وبدقة وكانوا يعرفون جميع الطرقات وكانوا كامنين للشباب في كل زاوية ومكان وهجموا الساعة الثانية وكانت القوات اعدادها غفيرة تقدر بجيش كامل ينزل على قرية وسدوا جميع المنافذ وطاقم خاص كامل كان في محيط منزل ابي وهجموا علىالناس النائمين واخرجوا جيراننا النائمين من بيوتهم كانوا الجيران مستغربين وغير فاهمين وكان ذلك حتى لايكون أي اتصال والتقاء بيننا وبينهم في الساعة الثانية فتحت عيني بالغرفة واذا بالغرفة مليئة بالقوات الصاعقة وشعورنا مكشوفة وحالتنا حالة والاطفال نائمين وكان من ضمنهم عقيد برتبة كبيرة (عادل فليفل) وكان هو من يأمرهم وكان ملثما وكانوا ملثمين وكأنهم داخلين على أناس مدججين بالسلاح بالرغم من اننا كنا اسرة عزلاء كنا مجرد نساء واطفال وكان موجودا صادق فقط معنا وكانوا من دخلوا البيت يقدرون بعدد المئة فقط داخل المنزل وبقوا لمدة اسبوعين لم نكن نستطيع التحرك داخل المنزل وبثوا فينا الخوف وتم مصادرة جميع الاجهزة والتلفزيونات والراديوات وفتشوا البيت بالكامل وكانوا ويشتمون أبي وكان من ضمنهم عبد النبي الذي اهان ابي بشدة
وكانو منتشرين في المنزل مدججين بالسلاح ولما انتهوا من التفتيش كانوا يبحثون عن الخمس وكان هذا هو همهم
واخذوا الخمس وذهب اختي ، طالب ابي بمذكرة التفتيش فاجابه الضابط اننا قادمون بامر من ارفع المستويات ( ولي العهد نفسه ) هذا ما قاله عادل فليفل .
. على مدى اسبوعين لم نكن نعلم بشيئ سوى من برقياتهم
التي كانو يتراسلون منها . كاانو يطعمونا على حساب الداخلية وكانو يعطونا الخبز والجبن وكانوا يدعونا نطبخ وكان الخبز موضوعا في كرتون ومكتوب عليه 19 مجرما " أي نحن النساء والاطفال الذين في المنزل" كان البيت ضيق جدا ولايسمح بوجود اطفال يلعبون . كانت ابنة منصور صغيرة وعمرها سبعة شهور وكانت تبكي باستمرار كنا نصلي جماعة مع الوالد ونقرأ القران وندعوا الله ، و في تلك الليلة وفي الفجر سمعنا هتاف الله اكبر وسمعنا صوت اطلاق رصاص وكان الصوت ضعيف جدا ولم نكن نعلم بالضبط ما حصل وفي اليوم التالي سمعنا مكبر الصوت عن وجود جنازة فعرفنا ان هنالك شهداء وما عرفناه من الجيران بعد فك الحصار ان بعض الجيران ( أستاذ عمران و زوجته ) جزاهما الله خير وهم شجعان بحق قاما بفتح السماعات في المسجد (في الديرة ) وخبرا الناس بانه مكروه ما حصل الى الشيخ وقالو ياناس شيخكم اخذوه فصلوا صلاةالصبح وخرجوا في نفس الوقت كان حسهم اسلامي وبشكل كبير عند الشعب كان الشهيد محمد جعفر خارجا فحذرته امه من التواجدالامني الا انه ابى الا ان يذهب اما الشهيد محمد علي رأته امرأة وحذرته من التوجد الامني واطلاق الرصاص ولكنه
قال : اللي خايف يرجع وكان اقبالهم غريب ونيتهم التجمع ولكن الشغب كانو لهم بالمرصاد واطلقوا الرصاص عليهم فلاذوا بالفرار الى مكان" نخيل النبي" وتفاجؤا بكمين للشغب ورشوهم رش وكان من ضمنهم محمد حبيب الجمري أصيب واخذ يزحف على بطنه ووجهه واخذ يضرب بوجهه على احد الابواب وانفجع اهل البيت لحاله و صاحوا : مسلم!!( تشبيها بمسلم بن عقيل (ع) .
والشهيد محمد جعفر قتل عن قرب بعدما اصيب جاءه احد قوات الشغب وقلبه ووضع رجله على وجهه وضحك الشاب وقال له رجل الشغب لماذا تضحك فقال له الشهيد لانك كلب وواضع رجلك على صدري ففرغ الرصاص فيه عن قرب وكانت قتلته تشبه قتلة الحسين (ع) .كانوا يعرفون جميع الاماكن وكان من بينهم المندسين
انتهت مدةالحصار بعد اسبوعين دخل رجال الامن واعتقلوا الوالد

سالناهم متى بترجعونه
وقالوا : يعتمد عليه
الجزء الثالث :
اخذوه وودع امي وقال لها لن اتنازل لهم " خسا لهم " اخذوه وبقى في السجن خمسة اشهر الى المبادرة ونشأت فكرة المبادرة والتحرك عليها وبدأجمع التواقيع وسألت ابي عمن اقترح فكرة المبادرة فقال نحن جميعا قلت له لا أريد أول من بزغت عنده الفكرة فقال هو الاستاذ حسن المشيمع وطلبوا من المسؤولين التوصل الى حل وكان في تلك الفترة مد جديد من العلماء في الساحة ومن ضمنهم الشيخ علي سلمان وكان يعبر عنهم بعلماء الصف الثاني حسب تعبير الوالد هؤلاء العلماء كان لهم دورا في الانتفاضة وطلبهم والدي في زنزانته من اجل إشراكهم في المبادرة
فاتفقوا على المبادرة واتفقوا على ان تكون من شقين سياسي وامني بانهم يهدئون الشارع والدولة تطلق سراح السجناء
وبالفعل تم ذلك وتم اطلاق عدد الكثير من السجناء
وبدأ المبادرون بتهدئة الشارع لكن بعدها تم التعثر ولم يطلق سراح البقية وجاء إعدام الشهيد عيسى قمبر والحكومة لم تفي والشيئ الثاني ان الحكومة لم تعلن عن المبادرة الشعبية رسميا
لانه الحكومة كان مهما عندها حفظ ماء وجهها عالميا ويعتبرون المبادرة تذهب ماء وجههم ولم توثق ولم يعترف بها رسميا
وهذا الشيئ الذي جعلهم يخلون بها بكل بساطة
انقطعت المبادرة من النصف ولم نصل الى الشق السياسي
لكن لم تصل الى هذه المرحلة وحصل الاضراب عن الطعام واعتبرته الحكومة تجييش وتأجيج للشارع واعادت اعتقال الجماعة وفي هذه الفترة
بالنسبة لما اخذوا الوالد في المرة الثانية كان قاسيا جدا وكان يوم الاثنين في الواحد من شهر رمضان و أذكرأنني حاولت السفر هذا اليوم فسجونني في زنزانة في المطار خمس ساعات ثم أرجعوني ، وحاصروا منزل أبي لمدة 3 ايام هذه المرة ، وفي هذه المرة كانوا يسمحون للصغار الذهاب الى المدرسة على عكس المرة الأولى إذ كان يمنع ذلك كان لي نصف شهر لاتخرج من الجامعة وفصلوني و سجنوني و سجنوا مجموعة من النساء في ذلك الوقت على أكثر من فترة منهن أم حوراء (التي سجنت مرتين ) و نازي كريمي و منى زوجة أخي جميل و غيرهن . كما فصلوااختي (منصورة ) و كان باقي عليها سنة عن التخرج و فصلوا عددا كبيرا من الطلبة و الطالبات .
ولما رجعت إلى الجامعة في عهد الإصلاح أعدت سنة كاملة لأنه تم مسح درجاتي من الكمبيوتر .
في الاعتقال الثاني عزل أبي عن جماعته في السجن ووضعوه في مكتب قديم لاحد الضباط بعيدا عن المعتقلين وكان في مبنى مستقل وكان المجمع مجمع مكاتب ويحتوي على الشرطة البنجابيين فقط كيلا يتعاطفوا معه ، ولمدة تسعة شهور و نصف تقريبا وكان لديه امراض كثيرة من ضغط والتهابات في المعدة والقولون والمثانة ويحتاج الى الحمام بكثرة ولديه الضغط ويحتاج الى الادوية باستمرار وكان عمره ثمانية وخمسون تقريبا ، كانت انواع التعذيب له خاصة جدا وكانت بالدرجة الاولى التعذيب " النفسي" فالنفسي اكبر واقسى واصعب كان في هذه الزنزانة
لمدة تسعة شهور و نصف وكانو يوهمونه بانه سيظل في هذه الزنزانة طول العمر
كان يطلب الحمام ولكنهم لايسمحون له كان يطرق الباب الى ان يغمى عليه
وكانوا يحرمونه من الاكل بالوجبتين ويغلقون عنه المكيف في الحر وينقل بعدها الى العناية القصوى ولم يكن يسمح له ان يقابل احد كانت طريقة التحقيق تبدأ من الساعة الثانية بالليل
وتستمر الى اربع ساعات تحقيق والمحققون من ارفع المستويات ويلتمون عليه ويشكلون حلقة وانفعال متبادل من الطرفين ونهاية كل تحقيق يغمى عليه من شدة الانفعال حيث يرتفع ضغطه ،وتسلط عليه الاضواء و يصوب نحوه الرشاش كل ذلك بطريقة ارهابية وكان مدار الكلام كله حول مطالبه وان يتنازل عنها
وهو كان مصرا وكان يطلب جماعته جماعة البادرة وفي احدى المرات طلب على الاقل الاستاذ عبد الوهاب للمشاركة ولكن طلبه رفض و قالوا له أنت رأسك يابس و هذا رأسه يابس نحضره لك ؟
تغيرت نوعية التعذيب ولم تكن هنالك مقابلات في هذه الفترة
ايضا وبعد تسعة اشهر ونصف سمح بالمقابلات للجميع
وبعد تلك الفترة انتقل التعذيب الى مرحلة جديدة وبعد الخروج من الانفرادي تم تجنيد احد السجناء وكان يكتب التقارير عنه وكشف الوالد ذالك بنفسه حيث رأى التقرير يسقط من يد ذلك الشخص " وهذا الكلام ممنوع علي ان اقوله " فالوالد اخذ التقرير وحاول تسريبه الينا لكن خوفه من تفاقم المشاكل أوقفه لكنه قال لأمي مايحويه ذلك التقرير وكان مماذكر في التقارير مثلا أن فتن عليه عن كثير من القصائد في حب اهل البيت والبعض عن حياته الاسرية وكان من ضمنها
قصائد عن الشعب وبلغ عليه وتم تفتيش اغراضه حاجة حاجة وتمت مصادرة تلك الاشياء .كان اول ماحاول معه ذلك الشخص
الذي يعتبر من جماعة الوالد ومن الموثوقين هو انه يحاول اغرائه بالنساء وانه زوجته جميلة وكانها لبنانية من جمالها
ويوصف الثانية التي يريده أن ( يتزوجها و لو متعة ) بتلك البنت الدعائية ويقول له لماذا انت متعلق بام جميل فقط بجيب لك الصورة وبجيب لك صورة البنية وعندي صورتها واسمها وكان الوالد الى ذلك الوقت يثق فيه
وكان ذالك الشخص يرغب فيه ويقول له تمتعها أوتزوجها , وكان كل الغرض ان يوقعوه في امر مهين الا ان الوالد ابى ولم يستجب الى ان ثارت اعصاب ذلك الشخص ولم يعد يحتمل والوالد من النوع اللي يحب الجميع ويكتب القصائد في اهله وزوجته و الشعب و أصحابه ، فتضايق ذلك الشخص وقال له .ماعندك زوجة إلا انت وكله زهرة وزهرة ( اسم أمي ) , فابتدأت المشاكل وفصل المكان بستارة بينه وبين ابي , ولما كنا نعطي ابي النقود في الزيارات كان ابي يأخذ للشخص الذي معه نقودا ايضا وحتى الثياب كان يطلب له اثواب ايضا وكان اخي صادق هو من يتولى توزيع الاخماس على اسر المعتقلين وكان الوالد يوصيه
بأسرة هذا الشخص .
من باب حرق الاعصاب كان ابي لما يشرب الماء في الكاس يقوم هذا الشخص بغسل الكاس وكانه يقول لابي بانك نجس وهو يعرفه جيدا بانه حساس جدا
واخباره كان يوصلها اولا باول من يكتب شيئا ولان القلم والورق ممنوع , فكان الشيخ يكتب بالمعجون ويكتب به على ورق الحمام ومن يكشفه يخبرهم وكانوا يأتون ويفتشون المكان وفي تلك الفترة لم يكن الوالد مركزا الى انه هو من كان يخبرهم عن تلك الامور
وكان يقول له ساجلب لك ورقة وقلم واكتب رسائلك وخبئها في اسفل الكرتون حينما تذهب الى المقابلة وفي طريقه الى المقابلة يتم توقيف والدي وتفتيشه ومصادرة مالديه بعلمهم من المخبر " صاحبه بالسجن"
المصباح الذي في الغرفة قام بكسره ليبقوا في الظلام ويطفئ المكيف بالايام عنادا لأبي والوالد لديه الضغط ولايتحمل كل هذا الى ان وصل الحال به ان استشاط غضبا على أبي وقال له" لعنك الله"
فرد عليه أبي هل يجوز لك انا مسلم وتلعنني فقام يريد ضرب أبي
وتداركت الشرطه الموقف بعدما سمع صراخ هذا الشخص وكانت يد الشخص في الاعلى يريد ضرب والدي الا انه الشرطة اوقفته في اللحظات الاخيرة

كان الذي معه بالزنزانة تدخل له امور كثيرة
كان يدخل الى الحمام لمدة يفترشه
لمدة طويلة جدا تصل الى الساعات ولما يخرج يسأله ابي اين كنت هذه المدة فيجيبه "اظل في الحمام اشرف لي من مقابلتك"
وفي احدى المرات دخل والدي الحمام وسقط عليه قلم من الاعلى
فاكتشفه بانه يكتب رسائل وتقارير وحصل والدي على تقرير فيه فضائح كتبه زميله بالزنزانة ومكتوب فيه انه يشكر العقيد على المبلغ الذي اعطاه اياه ويشكره على انه اخرجه وياه في السيارة واصطحبه الى المطار ووداه جامع الفاتح ووداه بيتهم ينام ويا زوجته يشكره على هذه الاشياء ويقول له اوعدك اني بحرق اعصاب الجمري حرق بجننه اليك اوعد واوعدك باني انا وفلان( متعاون آخر استعمل أيضا للتجسس على أبي ) راح انصير الجمري اذا طلعنا من السجن وجنونه راح يكون على ايدي وكانت هذه الفترات والتعذيب تزداد وكان المطلب هو التخلي عن المطالب والاعتذار وغالبا ينتهي التحقيق بالاغماء على والدي
من الانفعال من قبل الطرفين وكانوا ايضا لما يريدون الضغط عليه اكثر بعد أي تحقيق يأتون ويأخذون الشخص الذي معه
بحجة انه سيجري عملية جراحية ليبقى والدي وحيدا لوحده
منفردا لمدة طويلة . فكان يسأل عن هذا الشخص وعن احوال
عمليته فكنا نجيبه بانه لم تجر له عملية وللتورأينا اهله خرجوا
للتو من المقابلة ومن ضمن الاساليب ايضا التي استخدموها معه
كانت الاغراء بالنساء ولم تكن في السجن فقط ففي الحصار الثالث جاءت واحدة وحاولت معه بشتى الطرق وكانت تدخل
بالرغم من الحصار ؟ وحاولت اغرائه بجميع الوسائل وكانت شابة ولكن لم تنجح هذه العملية التي استمرت سنة و قد اخترقت الحصار !! و حاولت الاختلاء به عندما كانت امي مسافرة في ذلك الوقت ( لمدة19 يوما لزيارة منصور ) وكانت من ضمن الاشياء ايضا كانوا دائما في المفاوضات يحاولون ان يفاوضونه من دون معطيات صحيحة ويقولون له بانه الساحة هدأت وماتت وانت مصر على المطالب على حساب من الشعب انتهى ونسوك وانت لوحدك في هذا الموقف
ولا احد معك لكنه لم يصدقهم ويقول لهم مستحيل بالرغم من أن الساحة كانت في اوجها يقولون له هذا الكلام ولكي يثبتوا له صحة هذاالكلام أتوا له بشخص من جماعته من خارج السجن ليقنعه بأن كل شيء انتهى و أن عليه أن يتنازل ، كما أنهم كانوا في الزيارات يهددوننا على ان لا نتكلم عن هذه الامور والا عوقبنا جميعا و كانوا يصورون المقابلات بالفيديو و يجلس معنا الغقيد نفسه و يجلس أبي بعيدا عنا كيلا نسر له بشيء , فكنت احاول و أمي ان نخبره بطريقة الخلسة وعلى طريقة النكته ليفهم الشيء فاكتشفت وعاقبني الضابط بان
منعني من الزيارة نهائيا وانه سيرفع تقريرا للوزير لسجني
لكن في ذلك اليوم كان هنالك وفد من احدى المنظمات على مايبدو
وحسب ماقال لي اخواني بانه لولا وجودهم لحدث ما لا يحمد عقباه



كانوا يأتون باشخاص من جماعتنا ايضا بعضهم من السجن غير هذا الشخص وكان عددهم ثلاثة وبعضهم مسجونين والبعض الاخر لم يكونو مسجونين فاتوا اليه بواحد ( شيخ ) يحبه والدي ويثق فيه ويعرفه من زمان فقام الوالد باخراج بعض الاسرار والامور التي جهد
المحققون من اجل الحصول عليها ولكنهم لم يستطيعو ذلك فبعد عدد من الايام مع هذا الشخص اخبره الجمري بجميع الامور
فوجئ لما نودي للتحقيق وعرض عليه شريط كاسيت يتضمن
الاحاديث التي دارت بينهما فانهار والدي من هذه الحرب النفسية على جميع المستويات وكانت في هذه الفترة يتم تغيير هؤلاء الاشخاص الذين يقومون بنفس الدور
وكان الثالث في فترة الانتفاضة قامت الداخلية باعطاء هذا الشخص رسالة الاعتذار التي كتبها و رجال المبادرة بصيغة مشروطة لأنها كانت الشرط الذي وضعته الحكومة للحوار وقام بتسريبها لخارج البحرين ونشرها
وايضا واحد من خارج السجن ( شيخ ) و الوالد يحبه كثيرا
ادخلوه مع والدي في السجن لكن والدي عرف بان هذا الشخص غير مسجون وحس والدي وشك بامره فاخذ يحذره من عذاب الله فقال له صحيح انا لست مسجونا لكني اتيت لاقول لك بان الساحة ميته ويقوم باعطائه المعطيات التي تدفعه للتنازل فاستاء منه الوالد كثيرا .
ويتوالى هذا الامر وكانت نفسيته تتعب بالشكل الكبير وفي المقابلات كان يشتكي لامي بانه فلان وفلان اتعبوني كثيرا
وهذه المقابلات ايضا كانت لابي عذاب فمن المفترض ان يخرج السجين من المقابلة متجدد النشاط و لكنه بالنسبة له تحول إلى وجبة تعذيب ،من حيث التضييق و حرق أعصابه قبل المقابلة بطريقة تفتيشه بطريقة مهينة بنزع ملابسه في الساحة من قبل الشرطة البنجاب و أثناء المقابلة بتجيلها و جلوس العقيد نفسه بقربه و أحيانا بينه و بين أمي فيرفض أبي هذا الوضع و يحدث الانفعال من الطرفين و بعد المقابلة عن طريق التدقيق فيما تم تسجيله فيها و إعادة تفتيشه بدقة و استجوابه و استجوابنا على ماتم فيها أو في مكالماتنا المنزلية التي تراقب بدقة و كان صادق أخي يستدعى بشكل يومي للتحقيق معه بهذا الشأن و إرسال التهديدات لنا واحدا واحدا ، و حتى بعد خروجه من السجن جندوا أحد المشايخ يبعث رسائل لأبي (لأجل مواصلة النشاط السياسي ) ثم بدر منه ما جعلنا نشك فيه و بأنه يتعامل مع العقيد . قد يكون الكثيرون ممن آذوه سواء من ذكرت و من لم أذكر قد تابوا الآن و الله غفور رحيم و لكن الأثر النفسي السيء الذي أحدوثوه لدى الوالد هم و غيرهم ممن لا أريد ذكرهم الآن بقي عنده حتى النهاية و هذه سنة الحركات السياسية غير أن الشعب في البحرين يستحق كل التضحيات فقد وفى و ما قصر و قبله الحق سبحانه الذي رضاه هو هدف كل التضحيات .
بعد خروج الوالد بالمسرحية التي دبرت له سألتني إحدى المتفرجات ( فالنقد ذائما لا يأتي إلا من المتفرجين ، فمن لا يعمل لا يخطئ كما يقال ) سألتني لماذا فعل أبوك القائد ما فعل ؟فقلت لها : أتعلمين ابحثي لك عن قائد غيره و دعيه يواجه كل ما واجه من ضغوط و حيل و ألاعيب لمدة تزيد عن العقد ، أنت في حل و حثي البحث عن غيره .
إن زعيم الانتفاضة الفلسطينية المرحوم الشيخ أحمد آل ياسين كان في السجن محكوما لمدة طويلة و إذا به يظهرونه على الشاشة يخطب في الجاهدين و يدعوهم للتراجع و( و هذا موقف أصعب و لكن النزيه يعرف أنه ما صدر عنه إلا فوق إرادته أما المتربص المرتاح فسيستغلها ضده ) و عندما سأل مذيع البي بي سي القياديين في الخارج عن موقفهم بعد أمر زعيمهم لهم بالتراجع أجابوا : كيف يمكن أن يأخذوا أوامر من شيخ تحت قبضة العدو في السجن ، فلما خرج بعد فترة وجدوه قد عاد لطبيعته و سلبق عهده من الجهاد حت استشهد ، أما المناضل الثوري زعيم الأكراد عبد الله أوجلان الذي أتعب الحكومة التركية لسنين طويلة حتى تم القبض عليه و بعيد اعتقاله المهين بقليل و التعذيب و الحكم عليه بالإعدام خرجت علينا الأخبار المتلفزة بعرض منه لوقف الجهاد المسلح ، فهل يؤخذ بقوله في هذا الحال ؟ أما المرحوم آية الله الخوئي فقد أظهروه على شاشة التلفاز العراقي و هو يصافح صدام و يعلن له الولاء قبيل موت السيد ( قدس سره بفترة بسيطة ) في زمن كثرت فيه المجازر الصدامية في العلماء الشيعة ، فهل نأخذ بالظاهر؟ و قد تسربت الأنباء بعد ذلك بأن ذلك كان تحت الضغط .
في مثل هذا الموقف تميز الغث من السمين فالمواقف المناوئة ظهرت ممن لم يمدوا يده قيد أنملة في الانتفاضة بل إن بعضهم كانوا أساسا ضد الانتفاضة و كان يناكفون القائمين عليها باستمرار فقط لأنها ليست مشروعهم و لا يريدون الانضمام للجماعة ، بينما كان هناك من المواقف المشرفة التقية و أخص بالذكر الشيخ عيسى أحمد قاسم الذي قال للشباب الذين ذهبوا إليه : انظروا تقولون عني قائد و بطل و لكنني أجزم لكم بأنني لو تعرضت لما تعرض له أبو جميل لا إقول لمدة ثلاث سنوات و نصف من التعذيب و لكن خمس دقائق لما استطعت فقفوا معه و ساندوه . و سرعان ما تكشفت اللعبة عندما وضعوه مباشرة تحت الحصار ، فالجميع تساءل حينها إن كان قد تنازل فلماذا يوضع تحت الحصار و لماذا لا يكافأ بمناصب و مغريات و هلم جرا ؟ و قد قال في إحدى خطبه بعد فك احصار و حدوث الانفتاح : ( و ليعذرني الشعب على مواقف صدرت مني فوق إرادتي ) فهو متواضع غير متصلف ثقافة الاعتذار عنده قوية و لديه نقاء نفسي شديد يدفعه للاعتذار في أي موقف لا يراه صحيحا و لا يكابر و كما رأيتم في أكثر من مثال من على المنبر لا يهمه ما يقوله المتربصون بعد ذلك إذا أراح ضميره و صارح الشعب الذي يستحق.

القصة الكاملة لخلفيات محاكمة الشيخ الجمري والإفراج عنه


بقلم د. منصور الجمري (26 يوليو 1999)

الحدث الذي هز البحرين

في 7 يوليو 1999 أصدرت محكمة أمن الدولة برئاسة عبد الرحمن جابر آل خليفة وعضوية على منصور (‏مصري) ومحمد رأفت مصطفى برغش ( مصري) حكما قاسيا على الشيخ عبد الأمير الجمري بالسجن عشر ‏سنوات ودفع غرامة قدرها 15 مليون دولار (5.7 مليون دينار). جاء هذا الحكم بعد أربعة جلسات، ‏عقدت الأولى في 21 فبراير 1999 وكانت مدتها 45 دقيقة قرأت فيها التهم الموجهة للشيخ الجمري ‏تضمنت خمسة تهم أساسية وهي:

1 - جناية السعي و التخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية.
2 - جناية إدارة منظمة ترمي إلى قلب نظام الحكم بالقوة.
3 - جناية التحريض على اتفاق الغرض منه ارتكاب جناية الإتلاف العمدي للمباني والأملاك العامة.
4 - جنحة التحريض على إتلاف أموال خالصة ثابتة ومنقولة مما ترتب عليه حمل حياة الناس وأمنهم في خطر.
5 - جنحة إذاعة أخبار و إشاعات كاذبة وبث دعايات مثيرة في داخل البلاد وخارجها من شأنها النيل من هيبة الدولة واعتبارها ولضرب الأمن العام.

وكان من المتوقع أن تعقد الجلسة الثانية في 7 مارس، إلا أن وفاة الأمير السابق الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، في 6 مارس أدى إلى تأجيل ‏المحاكمة حتى 4 يوليو. وهذه الجلسة (الثانية) كانت مدتها قرابة 40 دقيقة. أما الجلسة الثالثة والجلسة الرابعة لم تستغرق كل ‏واحدة منهما أكثر من 5 دقائق. ‏الجلسة الثانية عقدت في 4 يوليو وتمكن الدفاع من إحضار أربعة شهود احدهم ابن الشيخ الجمري ( المهندس محمد ‏جميل ) وكل من الأستاذ عبد الوهاب حسين والأستاذ حسن المشيمع وكلاهما موقوف منذ يناير 1996. وقد تحدث رئيس محكمة أمن الدولة مع ‏المحامين لإقناعهم بعدم استدعاء شهود آخرين كان الدفاع سيطلبهم وهؤلاء كانوا بالتحديد الأستاذ علي ‏ربيعة والشيخ عيسى الجودر والسيد جواد الوداعي. وكان الدفاع يريد - إثبات بطلان ادعاء الحكومة بأن ‏الشيخ الجمري له ارتباطات خارجية من خلال شهادة رفاق دربه في المشروع الوطني ( اثنان من السنة ‏وهم علي ربيعة وعيسى الجودر) وشخصية دينية شيعية مرموقة متمثلة في السيد جواد الوداعي.

غير أن رئيس ‏محكمة أمن الدولة قال لبعض المحامين " بأن الشيخ الجمري صديقي وأنا أعلم بأن تهمة التخابر ليست جدية ‏ولن تكون هدفا للمحكمة خصوصا وأن القيادة العليا في البلاد طلبت تخليص موضوع الشيخ الجمري ‏بسرعة". والادعاء العام ايضا اوحى بأنه لن يصر على هذه التهم. غير أن هدف محكمة أمن الدولة اتضح لاحقا، لأنها أدانت الشيخ الجمري في آخر ‏المحاكمة بتهمة التخابر، واصبح واضحا بعد ذلك أن القاضي كان سيوضع في حرج فيما لو استدعى ‏الشهود الثلاثة. فإدانة الشيخ الجمري بالتخابر لأنه طالب مع آخرين (من السنة) بمطالب وطنية سوف يكون أمرا غير معقولا. كما أن السيد جواد الوداعي لديه علاقات دينية مماثلة للشيخ الجمري، وإذا أدين الشيخ ‏الجمري بالتخابر مع دولة أجنبية ( إيران ) فإن جميع علماء الشيعة تلزم إدانتهم بنفس التهمة لأنهم ‏جميعا لديهم علاقات دينية منذ القدم مع كل من النجف الأشرف في العراق وقم المقدسة في إيران.

‏في الجلسة الثانية، شهد الشهود أنهم جميعا ليس لهم علاقة بأي من التهم الموجهة للشيخ الجمري، وأن ‏الشيخ كان يشارك الشعب في مطالبه بصورة علنية تشهد بذلك جميع نشاطاته وخطبه واتصالاته ونهجه. أما الجلسة الثالثة، فكانت للإدعاء العام لكي يطرح رده على الشهود. إلا أن الإدعاء العام لم يقدم أي شهود، ‏لأن جميع الملفات التي قدمها هي عبارة عن اعترافات لأشخاص موقوفين واكتفى الادعاء العام بتسليم ‏مذكرة مكتوبة مملوءة بالعبارات الشعرية والشتائم البذيئة مثل وصف الشيخ الجمري "بالأفعى"، وشتمه بأسلوب لا يليق بمهنة الإدعاء أو القضاء. ولذلك فإن الجلسة لم تدم ‏أكثر من خمس دقائق بعد تسليم مذكرة الادعاء العام. استلم الدفاع المذكرة وذهب للرد عليها في ‏اليوم التالي 7 يوليو. وفي صباح 7 يوليو سلم الدفاع مذكرة مكتوبة لقضاة محكمة أمن الدولة. وبعد دقيقة من ‏استلام المذكرة المكتوبة، فتح القاضي ورقة وقرأ حكما قاسيا دون أن يطلع على رد الدفاع. وانتهت الجلسة بعد ‏أقل من خمس دقائق من انعقادها.

الهزة التي أحدثتها هذه المحكمة لم تتوقع مردوداتها الحكومة. فقد كانت الأوضاع هادئة منذ تولي الشيخ ‏حمد آل خليفة مقاليد الحكم في 6 مارس إثر وفاة والده. وكانت فصائل المعارضة قد دعت للهدوء وقدمت ‏العزاء للأمير الجديد وتمنت أن يكون عهده عهد إصلاح وخير. وأمل الشعب كثيرا بعد سماع تصريحات ‏الأمير التي تحدثت عن تغييرات وإصلاحات ومساواة بين المواطنين. إلا أن الحكم القاسي غير كل شيء، ‏وعاد الوضع للتوتر مرة أخرى، وانتشرت الكتابات الجدارية وبدأت الحرائق الاحتجاجية في العودة ‏وسمعت أصوات اسطوانات الغاز التي يفجرها أبناء الشعب تعبيرا عن احتجاجهم. هذا الوضع المتفجر كان على موعد مع هزة أخرى في اليوم التالي.

ففي صباح الثامن من يوليو، كان الوضع ‏متأزما ومتفجرا، إلا أنه ومع الظهيرة نشرت الحكومة خبرا بأنها سوف تفرج عن الشيخ الجمري في حدود ‏الساعة الثالثة بعد الظهر. واتصل مكتب رئيس الوزراء بمنزل الشيخ الجمري وطلب لقاء عاجلا مع ‏اثنين من أبناء الشيخ الجمري (محمد جميل وصادق) وكان الاثنان قد استدعيا من قبل جهاز المخابرات في ‏صباح ذلك اليوم. بعد ان عادا للمنزل قرابة الساعة الثانية عشرة والنصف علما عن استدعائهما ‏لجلسة طارئة مع رئيس الوزراء. وهكذا وصلا إلى مكتب رئيس الوزراء، وكان في استقبالهما الأخير وابرز حفاوة لهما ‏وجلس معهما لمدة نصف ساعة قال فيها أنه " ليس لديه شئ ضد الشيخ الجمري وأنه يعرفه منذ أيام ‏المجلس الوطني ولكن أطراف أخرى دخلت بيننا"، وأخبرهما أن الشيخ الجمري سيفرج عنه قبل الساعة ‏الخامسة عصرا.

رجع ابنا الشيخ الجمري إلى المنزل، وكان هناك اتصال آخر بصادق يطلب منه أخذ ثياب علماء الدين التي ‏يلبسها الشيخ الجمري والتوجه بها إلى سجن القلعة. وهناك كان الشيخ على موعد آخر. إذ طلبت منه المخابرات الذهاب للأمير لتعزيته بوفاة الأمير السابق. ولكنه عندما وصل إلى ‏قصر الأمير في الرفاع فوجيء بوجود رموز العائلة الحاكمة ومجلس الوزراء. وقبل دخوله سلمت له ورقة لقراءة "رسالة اعتذار" أمام كل من الأمير ورئيس الوزراء وولي العهد وجميع أعضاء ‏مجلس الوزراء. وكان هناك طاقم تلفزيوني كامل التجهيزات يصور كل شئ ليعرضه في الساعة السابعة ‏مساءً على تلفزيون البحرين، وليشاهد الشعب كيف "يقدم الشيخ الجمري اعتذاره"، وكيف يطلب العفو وكيف يتحدث عن تعهده بالالتزام بالشروط التي طلبتها وزارة الداخلية. الكاميرا لم تكن أمينة في النقل، فقد حذفت عبارات وحركات هنا وهناك.

قبل ساعتين من العرض التلفزيوني كانت الشوارع قد امتلأت بأبناء الشعب الذين انهالوا من كل حدب ‏وصوب للقاء الشيخ الجمري. إلا أن قوات مكافحة الشغب انتشرت في كل مكان، وما أن تفرقت الحشود ‏حتى سيطرت قوات الأمن والمخابرات ومكافحة الشغب على جميع المنافذ وفرضت حصارا مستمرا منعت ‏تجمع أبناء الشعب ومنعت وصول الأشخاص إلى منطقة بني جمرة التي يسكنها الشيخ الجمري. وهكذا فرض الحصار على منزل ومنطقة سكنى الشيخ الجمري بعد الإفراج، والحصار مستمر حتى كتابة هذه السطور.

‏خلفيات الحدث الدرامي

أولا: الاعتقال الأول والمبادرة

وضع الشيخ الجمري في 1 أبريل 1995 تحت الإقامة الجبرية وقتل اثنان من جيران الشيخ الجمري ‏عند محاصرة المنزل ثم نقل إلى المعتقل وبقي هناك حتى 25 سبتمبر 1995. وفي نهاية أبريل 1995 تقدم ‏الشيخ الجمري مع رفاقه بمبادرة لتهدئة الوضع مقابل الإفراج عن الموقوفين والمعتقلين، على أن يتم تقديم ‏المطالب السياسية بعد عودة الهدوء. افرج عن " جماعة المبادرة" في أغسطس وسبتمبر 1995، ‏وعاد الهدوء وانتشرت الأفراح في البحرين. غير أن وزارة الداخلية لم تطلق الموقوفين والمعتقلين ‏الذين وعدت بالإفراج عنهم، بل واستمرت المحاكمات مما وضع جماعة المبادرة في حرج شديد، أدى ‏بهم لإعلان الاعتصام داخل منزل الشيخ الجمري والإضراب عن الطعام لمدة عشرة أيام حتى 1 نوفمبر ‏‏1995. وفي 1 نوفمبر اجتمع قرابة 80 ألف مواطن أمام منزل الشيخ الجمري معلنين التضامن ‏والصمود، وكان هذا اكبر تجمع في تاريخ البحرين.

استشاطت الحكومة غيظا وبدأت المصادمات تزداد ‏داخل المساجد بين قوات الأمن وأبناء الشعب، وتصاعدت وتيرتها حتى 21 يناير 1996، عندما أعيد ‏اعتقال جميع أفراد المبادرة وجميع الخطباء وعلماء الدين والنشطاء والذين ظهروا على السطح خلال ‏الفترة المنصرمة.

ثانيا: الاعتقال الثاني والزنزانة الانفرادية

‏وضع الشيخ الجمري في زنزانة انفرادية مباشرة بعد اعتقاله في الساعات الأولى (بعد منتصف الليل) في 21 يناير 1996، لمدة تزيد على تسعة شهور. ونعرف ‏هذه الحقيقة من رسالة استطاع الشيخ الجمري تسريبها لاحقا إلى عائلته مؤرخة بتاريخ 2 نوفمبر 1996 ‏يقول فيها ما يلي (وهي موجهة لزوجة الشيخ "أم جميل"):

" بسمه تعالى، قرة العين أم جميل، أعزائي ‏وعزيزاتي، فسلام من الله عليكم ورحمة وبركات، وبعد:
فأحمد الله سبحانه على عظيم نعمه علي، ‏ومنها نعمة السجن، لتكفير ذنوبي، وإعلاء درجتي إذا شاء سبحانه، ومواساتي ومشاركتي لإخواني وأبنائي السجناء والغرباء، وحصولي على تربية نفسية عالية، وإتاحة فرصته كبيرة لعبادته سبحانه ‏وتلاوة كتابه، فله المنة وله الحمد.

قرة العين، أحبائي، حبيباتي: ما اعظم شوقي إليكم، وما اشد حنيني لرؤيتكم، شوق الواله الحزين، ‏وحنين المفارق والمعذب. وليكن ذلك، وليكن السجن، فما عسى أن يكون مهما عظم بلاؤه - في سبيل الله ‏تعالى، وبسبب قضية عادلة، ومن اجل شعب عظيم وفي سبيل يستحق أن يفدى بأغلى الأشياء.

أحبائي بلغني ما حصل للحبيبة منى (زوجة ابن الشيخ الجمري المهندس محمد جميل الذي كان معتقلا أيضا لقضاة فترة سجنه لمدة عشر سنوات - بدأت منذ 1988) من اعتقال شهرين، وذلك بعد الإفراج ‏عنها، وقد كدر هذا وجدي وضاعف ألمي، ولكن ذلك بعين الله تعالى.‏ بلغني مرض العزيز صادق ورقاده بالمستشفى عشرة أيام وذلك بعد أن رخص، فلله الحمد والمنة على ‏شفائه، وكفى وكفيتم كل بلاء.

بعد مرور 9 أشهر و12 يوما في السجن الانفرادي جيء إليّ - بفضل الله ومنه- بالشيخ علي أحمد، ‏فكان كالماء البارد على قلب الظمآن، في الحر الشديد، فلله الحمد والمنة.‏

أحبائي: لا تقلقوا، فالفرج قريب تلوح أمامي تباشيره ومؤشراته. اجل : سنعود بإذن الله تعالى، وستعود ‏الابتسامة على الثغور الحبيبة، والراحة إلى النفوس المتعبة... وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل ‏الظن أن لا تلاقيا. تحياتي لكل الأهل والأبناء وأبناء العم والجيران وتحياتي وأشواقي للغائبين جمع الله الشمل معهم، والى ‏اللقاء، يا كل الأحبة، القريب القريب بإذن الله تعالى ودمتم محروسين".

‏‏توضح الرسالة المذكورة الوضع القاسي الذي كان يعيشه الشيخ الجمري في الزنزانة الانفرادية لا يعلم ‏ماذا حصل في هذه الفترة التي شهدت معظم الحوادث الخطيرة في فترة الانتفاضة التي بدأت في ‏ديسمبر 1994.

‏ثالثا: الصمود داخل السجن

كان الشيخ الجمري يرفض جميع التهم الموجهة إليه واستطاع الصمود أمام ظروف الاعتقال حتى ‏مارس 1998، وبعد هذا التاريخ تحول الوضع كثيرا. طوال عام 1997 كان الشيخ الجمري يعاني الأمرين ويعاني ‏من ازدياد مرضه ( ضيق التنفس وحالة ضعف عامة) ومع ذلك فقد كان صامدا وشامخا وفي كل ‏مقابلة يسمح له بها مع عائلته كان يتحدث بجرأة ويوصي بالصمود. وخلال هذه الفترة كانت هناك ‏محاولات لإعادة فتح حوار مع الحكومة، وكان الشيخ يرفض إعادة ما حصل عام 1995. وكان يطالب ‏أن يكون الحوار مع القيادة السياسية وليس الجهاز الأمني، وأن يكون الحوار مع الأطراف الوطنية الأخرى لكي لا تنحصر المشكلة بالطائفة الشيعية فذلك خطر إستراتيجي. ‏

كان الشيخ الجمري يضايق كثيرا أثناء مقابلته لعائلته ووضعت أجهزة تصنت وتصوير دقيقة، وبعد ‏كل مقابلة يتم استدعاء ابن الشيخ الجمري (صادق) ويشغل له الفيديو ليشاهد ويسمع ما يقوله الشيخ ‏الجمري بصورة منخفضة جدا لعائلته. ويتم تهديد صادق وبقية أفراد العائلة إذا استمروا في التحدث ‏بقضايا لا تعلم عنها المخابرات. وبالفعل تمكن جهاز المخابرات من الأطباق على المنفذ الوحيد الذي كان متوفرا للشيخ الجمري مع العالم الخارجي.

منذ مطلع1997 لم يستطع الشيخ الجمري أن يتعرف على ما ‏يجري خارج السجن ولم يستطع أن ينقل أي شئ إلى خارج السجن. وهذه المعاملة القاسية لم يخضع لها ‏أي سجين آخر. وبعد أن تمكنت المخابرات من أحكام السيطرة على جميع منافذ العالم الخارجي ( خارج ‏السجن) بدأت مرحلة أخرى انتهت بكسر عزيمة الشيخ الجمري.

رابعا: محاولات كسر العزيمة

في الأيام الأولى من مارس 1998 حصلت زيارة عائلية للشيخ الجمري، وبعد انتهاء المقابلة ‏تلك أخضع الشيخ الجمري لأسلوب شديد في المعاملة وتعذيب اشتمل على الضرب. فقد درست المخابرات شخصية الشيخ كثيرا وعلمت ‏كيف تزعجه. وأكثر ما يزعجه هو الاعتداء على كرامته واحترامه. وبالفعل أمروا أحد الشرطة بسحبه ‏ودفعه وتمزيق ثيابه . ثم وبعد ذلك وضعوه في غرفة يوجد بها ضوء شديد الأشعة وأحاط به ستة ضباط وبدأوا معه دورات قاسية من التحقيق والصراخ والتهديد بالاعتداء عليه وعلى عائلته. ‏وقالوا له "أن الوضع خارج السجن هدأ، ولم تبقى إلا أنت، ولا يفكر فيك أحد، ولا توجد سلطة في العالم ‏تمنعنا من عمل أي شئ نريده، وسوف نخلص عليك". وتناوشوه بالشتم والشدة والتهديد ‏وحرموه من النوم إلى أن سقط مغشيا عليه عدة مرات وقالوا له: "لن نتركك إلا إذا وقعت على ورقة ‏تقول فيها كل ما نريد، وبالتحديد بأنك تطالب بالدستور للتغطية على مطالبك الحقيقية وهي إقامة دولة ‏شيعية في البحرين وأنك مرتبط بإيران .. .. الخ". ونتيجة للمعاملة الشنيعة فإن الشيخ الجمري بحاجة للعلاج حتى بعد الإفراج عنه في 8 يوليو. وقد دخل المستشفى أكثر من مرة بعد أن سقط من الوجع المؤلم في أذنه اليسرى.

انهارت قوى الشيخ الجسدية كثيرا ووافق على كتابة ما يريدون اعتقادا منه أنه سيستطيع نفي ذلك في ‏المرحلة التي تلي كتابة الاعترافات. فحسب الإجراءات الأمنية تقوم المخابرات بسحب الاعتراف ثم ينقل ‏المتهم إلى "قاضي تحقيق". وبمجرد أنه يوقع على الاعترافات أمام قاضي التحقيق، تعتبر الأدلة كافية لتقديم ‏الشخص لمحكمة أمن الدولة. ذلك لأن محكمة أمن الدولة تقبل بكل ما هو موقع أمام قاضي التحقيق ‏كشهادة ثابتة وغير قابلة للنقاش. ولأن الشيخ الجمري على علم بهذا الإجراء، تصور أن بإمكانه أن يوقع أمام المخابرات ويفلت من ذلك ‏التوقيع لاحقا. وبالفعل بعد التوقيع أمام المخابرات (أثناء التعذيب) أخذ الشيخ الجمري لقاضي التحقيق، وعندما طلب منه الاعتراف أمام قاضي التحقيق أبى ذلك بشدة ونفى كامل الاعترافات التي اكره على التوقيع عليها.

وهنا قال له المدعو عادل فليفل: "سأخيّسك في السجن"، فرد عليه الشيخ: "افعل ما تشاء، فأنا لست بأحسن من غيري". رفض الشيخ الإدلاء بأي شئ أو التوقيع على أي شيء أمام قاضي التحقيق، مما أدى لتعريضه لوجبات تعذيب أخرى. وهذا أدى بدوره أن يسقط مريضا بشكل ‏خطر أدى لنقله للمستشفى العسكري وانتقل الخبر عن الحالة الصحية المتدهورة للشيخ بعد نقله للمستشفى ‏العسكري، وقامت المعارضة باتصالات فورية مع لجنة الصليب الأحمر الدولي ومنظمات حقوق الإنسان. ‏وعلم لاحقا أن وفدا من الصليب الأحمر توجه إلى البحرين وتم إيقاف التعذيب في حدود 18 أبريل 1998، أي بعد ‏عدة أسابيع من وجبات التعذيب الشديدة.‏

استهدفت المخابرات الشيخ الجمري بالأساس لأنها أرادت الانتقام منه (والانتقام من حشده لـ80 ألف مواطن أمام منزله في 1 نوفمبر 1995) ولأنها تعلم أيضا أن كسره يعني ‏كسر عزيمة الشعب. وهكذا حاولت المخابرات إجبار الشيخ الجمري أن يوقع على الاعترافات أمام ‏قاضي التحقيق طوال الأشهر المتبقية من 1998 ولكنها فشلت في إجباره على التوقيع أمام قاضي تحقيق. ‏

كان الشيخ الجمري يعيش الآلام وهو يسمع ما يجري بالقرب منه في الزنزانة. فبالقرب من زنزانته الانفرادية هناك يقع سجن يسمى "سجن المكاتب"، وكان الشيخ يسمع التكبيرات والتأوّهات والصرخات عندما تداهم الشرطة السجن لممارسة الضرب بالهراوات، حتى أنه أخذ يكبّر في إحدى المرات و يقول "دعوا أبنائي بسلام". ناهيك عن أنه كان يرى الشباب وهم معصّبوا الأعين، يُقادون هنا وهناك، في الوقت الذي
تقول له المخابرات بأنه وراء كل عذاب يصيب هؤلاء إن لم يتنازل.

من الضروري الإشارة لما كان يجري داخل السجن مع الشيخ الجمري طوال الأشهر المتبقية من ‏‏1998. فعندما رفض الشيخ الجمري التوقيع على اعترافات أمام قاضي التحقيق، سعت الحكومة لكسره ‏مرة أخرى، ولكن بطريقة أخرى، وذلك من خلال إيصال معلومات مغلوطة - بوسائل شتى وبصورة مستمرة - لتشويش
وجهة نظر الشيخ. كما وأشاعت الحكومة بأنها ستوسط الإمام محمد ‏مهدي شمس الدين (رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان) لزيارة البحرين.

خامسا: انتهاء فترة التوقيف دون محاكمة

مع اقتراب موعد انتهاء فترة الثلاث سنوات التي يحددها قانون أمن الدولة للإفراج عن المتهم إذا لم يقدم ‏لمحاكمة شعرت الحكومة بحرج شديد خصوصا مع ازدياد المطالبات الداخلية والخارجية للإفراج عن الشيخ عبد الأمير الجمري القاضي والنائب في البرلمان المنحل وعضو لجنة العريضة الشعبية، والكاتب والشاعر ‏وعالم الدين.

لقد اعتقد الشيخ الجمري أن خطته (وهي عدم التوقيع أمام قاضي تحقيق) قد نجحت. إلا أن القانون - حتى قانون أمن الدولة - لا يلزم دولة لم تعد تحترم نفسها. فعندما انتهت فترة الثلاث سنوات تقدم المحامي عبد الله هاشم بتظلم لدى محكمة أمن ‏الدولة استعرض فيها نصوص قانون أمن الدولة وكيف أن هذا القانون نفسه يوجب الإفراج عن الشيخ ‏الجمري في 21 يناير 1999. ذلك لأن المادة الأولى من قانون أمن الدولة تقول "ولا يجوز أن تزيد مدة الإيداع على ثلاث سنوات كما لا ‏يجوز القيام بأي تفتيش أو اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في الفقرة الأولى إلا بأمر من القضاء". إلا ‏أن الحكومة لم ترد على لائحة التظلم هذه.‏

سادسا: الشروع في المحاكمة بعد انقضاء وقتها

‏غير أن وزارة الداخلية بيدها كل شئ والحكومة لا يوجد من يسائلها عما تعمل. وبالفعل قامت وزارة الداخلية بتقديم الشيخ الجمري للمحاكمة في ‏‏21 فبراير1999، أي بعد شهر كامل من وجوب الإفراج عنه. حيثيات الجلسات كثيرة، وأدى تقديم ‏الشيخ الجمري للمحاكمة لحدوث ضجة إعلامية وحقوقية دولية. وقد قال الشيخ الجمري أمام المحكمة (وتناقلت ذلك وكالات الأنباء) انه ليس مجرما وان كل ما يطالب به هو عودة المجلس الوطني.

بدأت الأوضاع تزداد توترا، حتى ‏توفى الأمير الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة في 6 مارس، واستلم الحكم ابنه الشيخ حمد، وتأجلت ‏الجلسة الثانية التي كان من المقرر أن تعقد في 7 مارس حتى إشعار آخر. وارجع الشيخ الجمري إلى زنزانته انفرادية حتى أنه لم يعلم بوفاة ‏الأمير السابق إلا بعد أن التقى بعائلته في شهر أبريل، أي بعد شهر من الوفاة.

أثناء فترة الحداد لثلاثة اشهر، انتشرت الآمال بأن الحكم الجديد سوف يتبع سياسة جديدة مع أبناء ‏الشعب. وبالفعل كان هناك آمال وتفاؤلات حسنة خصوصا عندما تحدث الأمير الجديد عن عزمه للإصلاح وأنه لا يفرق بين المواطنين على أساس المذهب. وفي هذه الفترة طلب الشيخ محمد بن سلمان آل خليفة (عم الأمير) الاتصال بأبناء ‏الشيخ الجمري. وبالفعل ذهب أبناء الشيخ الجمري للقائه، وهناك استقبلهم بحفاوة بالغة، وقال لهم أن ‏الشيخ حمد رجل يختلف كثيرا عما يعتقده الآخرون وسيكون من افضل الحكام، وأنا اعلم ذلك لأني من ‏كبار عائلة آل خليفة. إنني معكم وأطالب بالإفراج عن الشيخ الجمري وتعويض عوائل المقتولين ‏والإفراج عن جميع المسجونين. واقترح عليهما كتابة رسالة يوجهونها للأمير ووعد أن يسلمها بنفسه.

علمت المخابرات بموضوع الرسالة ‏فاستدعت صادق ابن الشيخ الجمري للتحقيق معه حول الأمر. وكان واضحا أن قضية الشيخ الجمري أصبحت ضمن الأوراق التي يختلف عليها أطراف الحكم. فرئيس الوزراء استشاط غضبا وأصر ‏على إهانة الشيخ الجمري وتقديمه للمحاكمة في مقابل رأي آخر يطالب بالإفراج عنه لفتح صفحة ‏جديدة مع أبناء الشعب. المخابرات كانت تستدعي صادق كل عدة أيام وتحقق معه وتهدده أحيانا وتأمله ‏خيرا أحيانا أخرى. كما أن المخابرات طلبت من صادق الاتصال بالوكالات الأجنبية (مثل رويتر) عدة مرات لنفي تعرض الشيخ الجمري ‏للضغوط. وكانوا يهددونه بأنه إذا لم يفعل ذلك فسيعاقبونه وسيعاملون والده بشدة وسيصدرون عليه أحكاما قاسية.

في هذه الفترة أيضا استدعت المخابرات صادق وقالت له إن الأمير يريد الإفراج عن والدك ولكن وزير الداخلية ‏ورئيس الوزراء يريدان تعهدا مكتوبا من والدك بالأمور الأساسية التالية:

‏أ - أن لا يصرح لأي وكالة صحافية وأن لا يعطي تصريحا سياسيا لأحد.‏‏

ب- أن لا يلقي خطابات جماهيرية وأن لا يرفع مطالب سياسية أمام الجماهير.‏

ج- أن يتوقف عن تدريس طلاب العلوم الدينية في جامع الإمام زين العابدين (الكائن أمام منزل الشيخ ‏الجمري في بني جمرة).

وقالوا له "إذا وقع والدك على هذه الشروط فأنه سوف يؤخذ لقراءتها أمام الأمير ورئيس الوزراء وولي ‏العهد، وسوف تقوم المخابرات بتصويره للاحتفاظ بالفلم في الأرشيف، وبعد ذلك سوف يفرج عنه". بعد ذلك احضر الشيخ الجمري لمقابلة ابنه والتحدث معه حول هذه الشروط. ونتيجة للمحيط الذي عاشه الشيخ ونتيجة لإيمانه بأن ‏المرحلة الجديدة قد تغيرت وأن بإمكانه أن يعمل بصورة أخرى مع رفاق دربه فقد قرر التوقيع على هذا ‏التعهد.

في اليوم التالي للتوقيع، استدعت المخابرات صادق مرة أخرى وأحضرت الشيخ الجمري وقالت لهما "أن ‏رئيس الوزراء يرفض إطلاق سراحك دون محاكمة". وهنا استشاط الشيخ الجمري غضبا وقال "لقد ‏غدرتم بي كعادتكم".

سابعا: إصدار الحكم الجائر ومسرحية الإفراج والحصار المنزلي

وهكذا كان، فبعد يوم أو يومين (في 28 يونيو) اعلنت الحكومة عن نيتها لتقديم الشيخ الجمري للمحاكمة، وكانت ‏النتيجة هي جلسات الخمس دقائق، وإصدار الحكم الجائر. بعد إصدار الحكم الجائر اهتز جميع من حضر المحاكمة وقال الشيخ الجمري لعائلته بعد المحاكمة: "إنها أصغر هدية أقدمها للمستضعفين من هذا الشعب".

ارجع الشيخ الجمري لزنزانته الانفرادية، وبعد ذلك قال له الضابط الأول المسؤول عن تعذيب الشيخ الجمري (المدعو عادل جاسم فليفل): "إنسى كل شيء قلناه لك وعن الإفراج عنك. سوف تبقى في هذه الزنزانة الانفرادية مدى الحياة" لإكمال العشر سنوات والتعويض عن غرامة 15 مليون دولار.

في اليوم التالي تغيرت الأوضاع وجاء المعذب فليفل ومعه خالد بن محمد آل خليفة ليقولا "أن الأمير قرر الإفراج عنك ولكن بشرط زيارة قصر الرفاع لتقديم العزاء للأمير بوفاة والده". في هذا الوضع المؤلم لم يكن للشيخ الجمري أن يختار أي شي أو أن يستطيع التفكير في أي شيء.

وهكذا كان يوم 8 يوليو ‏‏1999. وصل صادق ابن الشيخ الجمري إلى سجن القلعة ومعه الزي الذي يلبسه الشيخ الجمري (زي علماء الدين). لبس الشيخ الجمري ثيابه وركب سيارة تابعة للمخابرات متجهة إلى قصر الأمير بالرفاع. وعند وصوله هناك ولدى دخوله القاعة سلمت له رسالة اعتذار مفروضة عليه. وهناك في ‏قصر الإمارة كان الأمير ورئيس الوزراء وولي العهد وأعضاء مجلس الوزراء - وطاقم تلفزيوني - كلهم جاهزين لتنفيذ آخر بنود الدراما التي هزت المجتمع البحريني.

بعد الإفراج عن الشيخ الجمري في 8 يوليو فرض الحصار على منطقة بني جمرة لمنع المواطنين من زيارته. فهناك أحد عشر مدخلا للمنطقة ووقف على كل منها ما بين سبعة وعشرة من الشرطة، ويمنع هؤلاء أي مواطن من خارج المنطقة من دخولها ويطلبون البطاقة السكانية للتأكد من هوية الشخص. أما الدائرة الثانية المحيطة بمنزل الشيخ ومقبرة المنطقة فهي اكثر حصارا ولا يسمح باجتيازها إلا بصعوبة. ويتكثف الحصار خلال أوقات الصلاة والليل. وهناك ثلاث سيارات للشرطة ترابط بالقرب من منزل الشيخ والمسجد الذي يصلي فيه لمنع المواطنين من دخولهما. ويتم تنفيذ إجراءات الحصار بشدة. وأقيم مكتب خاص لذلك الحصار بمركز الشرطة بالبديع يقيم فيه عناصر المخابرات.

الشيخ الجمري كان في وضع لا يحسد عليه والتاريخ سيقرأ الأحداث مرات ومرات، إلا أن المؤكد أن الحكومة خسرت فرصة ذهبية لبناء جسور الثقة مع شعبها باللجوء لهذه الأساليب الرخيصة.

كانت ردة الفعل الشعبية الأولية بعد العرض التلفزيوني للشيخ الجمري، هي الصدمة، إلا أن الشعب كشف تلك اللعبة التي لعبتها الحكومة. ففي ذلك مساء 8 يوليو - أي بعد العرض التلفزيوني بأقل من ساعة - خرج الكثير من الناس للشوارع لإعلان مساندته
Posted by afaf aljamri at 4:47 AM