Thursday, May 6, 2010

نتفاضة التسعينات

هذه هي نسخة Google لعنوان http://www.aljazeeratalk.net/forum/archive/index.php/t-162656.html. وهي عبارة عن لقطة شاشة للصفحة كما ظهرت في 3 أيار (مايو) 2010 07:27:46 GMT. ربما تم تغيير الصفحة الحالية في غضون ذلك. تعرف على المزيد


نسخة نصية فقطتم تظليل مصطلحات البحث التالية: الشيخ الجمري بي سي تظهر مفردات البحث التالية في الروابط التي تشير إلى هذه الصفحة فقط، ولا تظهر ضمن الصفحة نفسها: صرح للبي
منتديات الجزيرة توك > عالمنا " مراسلو الجزيرة توك " > الخليج العربي > [ .. " الوسط " تفتح ملف التسعينيات في البحرين .. ]

--------------------------------------------------------------------------------

المساعد الشخصي الرقميمشاهدة النسخة كاملة : [ .. " الوسط " تفتح ملف التسعينيات في البحرين .. ]


--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين10-23-2008, 05:01 PM
[ .. " الوسط " تفتح ملف التسعينيات في البحرين .. ]


( بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) الروم/5
http://www.up1up2.com/up3/uploads/628b5ae66c.jpg

::

«الوسط» تفتح أوراق«تسعينيات البحرين» (1) //البحرين

انقشاع أتربة عاصفة الصحراء... والنّخبة البحرينية تقود قطار الإصلاح

الوسط - حيدر محمد


«لماذا تسعينيات البحرين»...؟

ليس بوسع أي سبب أن يتحمل لوحده المسئولية كاملة عن هذه الحقبة، لأن أي عامل - مهما عظمت أهميته - لم يكن كافياًً لرسم هذه الصفحة بكل تفاصيلها المؤلمة، وهذا يدل على أن «التسعينيات» ولدت من رحم التراكم، فهي من جهة الوريثة الشرعية لنضالات البحرينيين من أجل خلق واقع اجتماعي وسياسي عادل، وهي من جهة أخرى ارهاص من ارهاصات ما بعد صيف العام 1990 الذي غيّر وجه هذه المنطقة رأساً على عقب.

ومن نافلة القول إن الساحة البحرينية الملتهبة هي بنت الواقع الإقليمي المضطرب جدّاً الذي بدأ يلبّد سماء المنطقة منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني وهو الحدث التاريخي الذي وجدته حكومات المنطقة التهديد الأبرز والأهم لها، فالحماس المعزز بشعارات «تصدير الثورة» أرهب حكومات المنطقة، وخصوصاً مع انتقال الحماس إلى خيار الشارع القادم من الضفة الاخرى للخليج، ورأت هذه الدول أنه ليس من خيارٍ أمامها سوى التكتل في منظومة سياسية معززة باتفاقيات عسكرية وتعاون وثيق مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، ولعل ذلك كان السبب المحوري لنشأة مجلس التعاون الخليجي الذي أراد ان يحمل على عاتقه مواجهة ما يراه من خطر يداهم جيران «إيران الثورة».

من جانب آخر، أدى انهيار أسعار النفط في نهاية الثمانينيات إلى خلق وضع اقتصادي متأزم أضيف إلى مناخ سياسي محتقن بعد حوادث الثمانينيات المريرة التي مرَّت بها البحرين، ففي الثمانينيات من القرن الماضي تشابكت كل الخطوط مع بعضها بعضاً، ومرت الساحة بأكثر مراحل تشنجها منذ فرض قانون أمن الدولة في بعيد إغلاق المجلس الوطني المنتخب الذي أوقف أيضاً قاطرة الديمقراطية في البحرين لعقود ثلاثة مضت.

خريف الثمانينيات

مواجهات حادة عرفتها البحرين في الثمانينيات خصوصاً بين السلطة وأعضاء الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين التي اتهمتها الدولة بالسعي إلى تدبير عملية انقلاب، وبلغ الوضع ذروته مع سقوط عدد من المواطنين في المعتقلات ومن بينهم جميل العلي وآخرون.

حقبة الثمانينيات خلفت مئات المعتقلين والمعذبين والمبعدين ووصل الوضع إلى مرحلة الاختناق الذي كان بحاجة إلى عملية جراحة لتعيد إلى البحرين شيئاً من نسيم الحياة، وخصوصاً بعد فشل كل محاولات التهدئة ولم تؤت كل الوساطات أُكُلها.

فحوادث الثمانينيات تزامنت مع دوي الحرب العراقية - الإيرانية التي خلقت فرزاً واضحاً في كل بقاع هذه المنطقة المشتعلة من العالم. وخرجت المنطقة من الحرب منهكة جدّاً، وكان شغلها يتركز في الاستقرار وخصوصاً مع الخسائر الهائلة التي طالت بغداد وطهران، فضلاً عن تأثر الخزينة الخليجية التي كانت واقفة مع صدام حسين في حربه التي عنونها بحماية البوابة الشرقية للأمة العربية.

ولكن ما أن وضعت الحرب التي استمرت ثماني سنين أوزارها حتى عاشت المنطقة مجدداً على دوي زلزال آخر... إنها عاصفة الصحراء التي قلبت كل الموازين، فهاهي القوات العراقية وصلت الى قلب الكويت (العاصمة) في2 أغسطس/آب 1990، وصحيح أن الغزو لم يمكث طويلاً، ولكن كل المعادلات قد انقلبت رأساً على عقب، لأن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وجدت من «مغامرة صدام حسين» فرصة سانحة لا تعوض للبقاء في المنطقة الى أجلٍ غير مسمى.

هزات «عاصفة الصحراء»

ومن الهزات السياسية التي خلَّفتها «عاصفة الصحراء»،وهو اسم عملية تحرير الكويت التي قادتها القوات الأميركية هي شعور المنطقة بالحاجة الى التغيير والى دور فعال في إدارة الشئون العامة، وامتد الحلم لدى نخبة الخليج الى ضرورة أن تشكل الحربين الأخيرتين درساً قويّاً لحكومات المنطقة لإشراك شعوبها في السلطة والثروة.

نُخَب الخليج دغدغتها أيضاً تصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش الأب بأن «الولايات المتحدة تريد أن ترى ديمقراطيات في المنطقة وأن حكم الفرد الواحد قد ولَّى»، فقد سعى بوش الأب الى معالجة تداعيات الأزمة وتقليل خسائرها قدر الإمكان عبر تهيئة السبل لاستقرار في الشرق الأوسط عموماً وفي منطقة الخليج خصوصاً.

ودعا الرئيس الأميركي إلى عقد مؤتمر دولي لبحث الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما تمثل في عقد مؤتمر مدريد في العام 1991، برعاية كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي وبحضور وفود ممثلة لجميع أطراف الصراع العربي - الإسرائيلي، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وممثلين عن الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهو ما مثل أول لقاء في التاريخ يضم أطراف الصراع على طاولة واحدة.

تصاعد نغمة التغيير

نغمة التغيير التي انطلقت بعد حربين ضروسين شهدتهما المنطقة، وجدت في البحرين صدى كبيراً لها، وأحست النخبة المثقفة ومعها الشارع أن الأمور بعد التغيرات الكبرى التي حدثت في المنطقة يجب ألا تعود الى سابق عهدها، وخصوصاً أن ما حدث خلال العشرين عاماً من غياب الشفافية ونمو الطبقية وتفاقم التمييز في كل مناحي الحياة وغياب القانون فرض واقعاً جديداً كانت ترى النخبة البحرينية أن على السلطة أن تواجه ذلك بالشجاعة التي تتطلبها دقة الظروف في المنطقة.

وبناء على كل هذه الإرهاصات، سعت النخبة البحرينية الى تغيير حقيقي يعيد العمل بدستور البلاد للعام 1973 وإطلاق سراح المعتقلين وإرجاع المبعدين وإقرار سبل الحوار والمشاركة الشعبية في الحكم، فضلاً عن تحسين الأوضاع الاقتصادية وخصوصاً لدى آلاف الأسر الواقعة تحت خط الفقر، ولكن لم تكن السلطة حينها مستعدة لمواجهة استحقاقات كبرى من هذا القبيل، فكان لزاماً على نخبة المجتمع أن تتحرك نحو قطاع الإصلاح والمشاركة الشعبية غير المنقوصة.

فتح الملف الحقوقي في جنيف

كان أول إنجاز تحققه المعارضة البحرينية المتمركزة في الخارج (لاسيما لندن) أنها استطاعت أن تصل إلى فتح الملف الحقوقي البحرين لدى لجنة حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ففي أغسطس/ آب 1991 قررت هذه اللجنة إحالة ملف حقوق الإنسان في البحرين إلى المحاسبة السرية (بحسب إجراء 1503)، وتولت اللجنة الخاصة بالمحاسبة السرية مناقشة الخروقات التي تعتقد أنها كانت تمارس في البحرين بصورة منهجية.

وأثناء تلك المحاسبة غير العلنية، قدمت المعارضة البحرينية في الخارج وثائق عديدة حول مجريات الأحداث في البحرين، من ضمنها منع البحرينيين من العودة إلى بلادهم والتعذيب في السجون والحرمان من الحقوق المدنية لأتفه الأسباب.

وعليه، فقد وعد وفد الحكومة البحرينية إجراء بعض التحسينات، وعلى إثر ذلك سمحت الحكومة لنحو 60 شخصاً من المبعدين بالعودة وذلك في يناير/ كانون الثاني 1993، وكان من بين الذين عادوا إلى البحرين من قم المقدسة كل من الشيخ علي سلمان والشيخ حمزة الديري والسيد حيدر الستري (حالياً ضمن كتلة الوفاق البرلمانية).

في هذه الفترة بالذات، بدأت النخبة تتحرك، وتصدى الشيخ عبدالأمير الجمري لقيادة الساحة الإسلامية الشيعية وعاونه في نشاطه عدد من الذين عادوا للتو من الخارج.

كما قامت الحكومة بتحسين ظروف السجن قليلاً، وبناء على سماحها بعودة عدد من المبعدين وتحسين ظروف السجناء، قامت لجنة حقوق الإنسان في جنيف بإغلاق ملف المحاسبة السرية للملف الحقوقي البحريني في فبراير/ شباط 1993.

الجمري: العريضة عبرت عن طرح متقدم

يقول رئيس تحرير صحيفة «الوسط» الناطق باسم حركة أحرار البحرين سابقاً منصور الجمري عن إرهاصات هذه المرحلة: «بعد انتهاء الغزو العراقي للكويت في العام 1991، واكتساح الرياح الديمقراطية أجزاء كبيرة من العالم بدأت النخبة السياسية في البحرين التحرك للتعبير عن إرادة الشعب ومطالبه الحقوقية، ونتجت عن ذلك عريضة نخبوية وقعها أكثر من 300 شخصية في العام 1992. وتصدَّرت العريضة لجنة مثلت الاتجاهات الفكرية الإسلامية والوطنية ومثلت كذلك مجتمع البحرين بقسميه الشيعي والسني. وعبَّرت العريضة عن الطرح المتقدم للمعارضة الوطنية التي قادت الحالة السياسية إلى نهج دستوري حقوقي معتدل. لكن الدَّولة لم تستجب للمطالب الشعبية التي قدمتها الرموز الشعبية إلى سمو أمير البلاد الراحل عبر العريضة النُّخبوية».

ويضيف «في تلك الفترة كانت مجموعة الناشطين في لندن على اتصال مباشر بالمرحوم الشيخ عبد الأمير الجمري، وكانت هناك حوارات عديدة بشأن ترشيد الخطاب السياسي نتج عنه التزام القيادات والناشطين في البحرين ولندن بالأهداف الدستورية والحقوقية المتفق عليها مع الاتجاهات الأخرى الناشطة في الساحة. وقمنا من لندن بالاتصال بالإخوة في الجبهة الشعبية وجبهة التحرير الوطني والجبهة الاسلامية والمبعدين في سورية وايران والدنمارك بهدف تنسيق النشاطات بحسب امكانات الاتفاق مع هذا الطرف أو ذاك ».

المحمود: الهم الوطني جمعنا

ويقول الشيخ عبداللطيف المحمود في لقاء سابق مع «الوسط»: «كانت الساحة في البحرين مقسمة إلى الإسلاميين السنة والشيعة من ناحية، والليبراليين والقوميين والعلمانيين من جهة أخرى، ولم يكن يجمعهم جامع مشترك في اللقاءات، في الوقت الذي كانت تمر فيه البحرين بمرحلة من التأزم السياسي الذي بدأ في العام 1975، وكانت الحكومة أذكى من الناس، فعموم الناس لم تكن لديهم تجربة سياسية ومؤسسات تطور من وعيهم السياسي وتصنع لهم أدوات للتعاطي في هذا الأمر، وكانت التحركات السياسية عفوية بطيب خاطر، تحاول أن تحلحل الأزمة».

ويضيف المحمود «بالنسبة لي لم أكن أتحرك بصفتي ممثلاً لجهة، وإن كنت أنتمي إلى الجمعية الإسلامية في النطاق الخاص، وإلى التيار الإسلامي السني في النطاق الأوسع، فلم أكن أمثل أحداً، والسبب في هذا الوضع السياسي آنذاك الذي كان يأخذ البريء بذنب المخطئ، والساكن بذنب المتحرك، وهذا ما حدث بالنسبة لي في العام 1991 عندما شاركت في ندوة تتحدث عن مستقبل الخليج وإمكان لمِّ الصفوف لدول المنطقة، وكان البحث يدور أساساً في كيفية تجنب هذه الأزمات مستقبلاً، والنتيجة كانت أنَّ تقوية مجلس التعاون ونظر دوله إلى مصالح الشعوب سيكون الدرع الواقي لتكرار أزمة كما حدث في العام 1990. في تلك المشاركة، بيّنتُ وجهة نظري - ولاأزال مقتنعاً بها - هي أن الإشكالية الأساسية في أنظمة المنطقة المسببة في عدم التلاحم بين النظام الحاكم والشعب، وأساسها تداول الثروة وتوزيعها في البلاد، ليس لنظام معين، بل في عموم المنطقة، كما أن عدم وجود المجالس النيابية وعدم مشاركة شعوب المنطقة في صنع القرار والتشريع يعني تغييب الشعب عن ممارسة دور مهم من أدواره»...

ومضى قائلاً: «لم أرد أن أحمّل أحداً هذا الموقف، فكنت منطلقاً من رؤاي الخاصة، فوجدت لزاماً عليّ أن أقول كلمة أؤمن بها، مع صلاتي الطيبة بالأسرة الحاكمة - كانت ومازالت - وكنت أريد لهذه الصلة أن تكون مدخلاً لإحداث بعض التغيير، ولكن ما حدث هو إلقاء القبض عليَّ والتحقيق لمدة أسبوعين، ومنعي من التدريس والخطابة وسحب جواز السفر... كل هذه الأمور جعل من الفعاليات السياسية المحلية ترى أن هناك مشتركات لها معي، فالتقينا».

ويردف «كانت الاجتماعات تضم الإسلاميين الشيعة واللبراليين، والهم الرئيسي الذي كان مسيطراً على لقاءاتنا هو: كيف للبحرين أن تخرج من هذه الأزمة السياسية وما يتبعها من أزمات اقتصادية وأمنية... فتلاقت الأفكار على أن أفضل طريق سلمي للخروج من هذه الأزمة هو المطالبة بعودة المجلس الوطني، ومخاطبة الحاكم مباشرة في هذا الشأن وهو ما يتيحه الدستور، ولكن المنطلق أيضاً كان يرتكز على أمرين: أن يكون العمل قانونيّاً لكي لا يصطدم بأي قانون في البلد، وأن يكون سلميّاً ليست فيه أي من مظاهر العنف».

ويعود المحمود بقوله: «كان التحرك صعباً ولا شك في تلك المرحلة، فالكل كان يخشى من الأمن والإجراءات التي يمكن أن تتخذ، ولكن المجموعة الأساسية كانت تجاوزت مرحلة الخوف والتوجس، مطمئنين إلى أننا لا ندعو إلى العنف أو تغيير نظام الحكم، فالمطلب الأساسي هو تفعيل الدستور، ولذلك فإن ما تتفق عليه المجموعة والصياغات كانت تتسرب وتصل إلى الجهات الأمنية، فما تجاوز الاثنين ذاع وانتشر، فكانت بعض الصياغات تعطى أيضاً لأفراد من خارج المجموعة للرأي والتقييم، ولم نكن نخشى هذا التسرب، لأننا نتحرك سلميّاً وقانونيّاً».

ويضيف المحمود «بدأت عملية جمع التوقيعات، وكانت العملية محدودة وصعبة نظراً إلى طبيعة الظروف في ذلك الوقت، ولذلك لم يتم جمع سوى مئات قليلة من التوقيعات، لكنها كانت تكفي لتمثيل شريحة من الشعب ترغب في القول لحاكمها إنها تدعو إلى تفعيل الدستور. كنا نأمل أن يمثل الموقعون المجتمع البحريني بشكل متوازن، لكنني لست «حركيّاً» لكي أحمل هذه العريضة إلى البيئة التي أتصل بها، وفي المقابل، فإن الإسلاميين الشيعة لديهم من المنابر والمساجد والمآتم ما مكَّنهم من خلالها من جمع عدد أكبر من الأسماء والتواقيع، ولكن - في المقابل - لم تكن هذه العريضة مطروحة على أنها شعبية، بل كما أسميت بأنها نخبوية».

ويشرح المحمود تفاصيل اللقاء مع الأمير السابق، فيقول: «طلبنا مقابلة الأمير الراحل سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه)، لم نتلقَّ ردّاً من الديوان لبعض الوقت، ربما لثلاثة أشهر، في تلك الفترة خرجت فكرة إنشاء مجلس للشورى، بعد ذلك تم تحديد موعد المقابلة، وفي المقابلة، قال لنا الأمير الراحل أن لا تفكير حاليّاً في عودة المجلس الوطني، وإننا أمام تجربة جديدة للشورى، فقلنا إن للحكومة والدولة أن تشكل لها من المجالس الشورية ما تشاء، وبأسماء مختلفة أيضاً، ولكن هذا لا يغني عن المجلس الوطني الذي يمارس الدور التشريعي والرقابي، وليس مجلساً شوريّاً لا يقوم، ولا يمكنه أن يقوم مقام المجلس الوطني».

الشهابي: اشتد عود المطالبات

وفي مقابلة أجرتها «الوسط» مع المرحوم هشام الشهابي في 2005، يستعيد الشهابي شيئاً من الذاكرة الوطنية لإرهاصات الساحة المحلية بعد حرب الخليج الثانية، واشتداد عود المطالبات بعودة الحياة الدستورية وإعادة العمل بالبرلمان المنتخب وإيقاف عجلة قانون أمن الدولة.

وعن توصيف الحال، يقول الشهابي: «بعد حل المجلس الوطني مباشرة، حدث أكثر من تجمع ولقاء بأنّ هذا الوضع يجب ألا يستمر، وإنْ استمر يجب ألا يتجاوز سنة أو سنتين على الأكثر، ومن ثم تعود الأمور إلى مجاريها. إلا أنّ الوضع طال إلى ربع قرن من الزَّمان، وذلك بمبادرة من البرلمانيين الذين أحسوا بخطورة القرار الذي اتخذ». ويضيف «عندما جاءت الثورة الإيرانية، وأحد تداعياتها أنّ النظام أصبح أكثر قلقاً من أي وقت مضى (...) وتداعت الأمور إلى نشوء مجلس التعاون، فبدأت جولة جديدة من الاعتقالات، وهنا أيضاً اختلفت الوجوه والتوجّهات التي صارت محل المطاردة، فبعد أنْ كانت الاعتقالات في السبعينيات تطول اليساريين والقوميين والليبراليين، وبعض غير المنتمين الذين أوقعهم سوء حظهم في الطريق، تحوّل في الثمانينيات إلى الجماعات الإسلامية الشيعية، وصارت الأعداد تتزايد داخل المعتقلات والذاهبين رهباً أو كرهاً إلى الخارج».

ويتابع الشهابي قائلاً: «عندما حدث الغزو العراقي للكويت في العام 1990، كان عدد المعتقلين كبيراً، وكانت الحكومة أكثر شدَّة في تعاملها معهم، لم تكن هناك مساحة أو فسحة للتعاطي، وهذا دليل على ازدياد حال القلق لدى السلطة. كان أحد أثمان حرب تحرير الكويت من قبل قوّات التحالف أنْ تسود حال من الديمقراطية في المنطقة؛ لكي يكون الأمر مبرراً أمام الشعوب الغربية فيما لو تحرّكت القوّات الدَّولية لحماية دولة أو أكثر في المنطقة فيما لو حدث أيّ توتر في المنطقة مستقبلاً، إذ لقيت الإدارة الأميركية معارضة شديدة في ذاك الوقت بأنّ أنظمة المنطقة أنظمة غير ديمقراطية، فلماذا تُراق الدماء الأميركية في مقابل النَّفط، صاحب ذلك - أثناء الاستعدادات لتحرير الكويت - مؤتمر عقد في جدة للقوى الوطنية والسياسية الكويتية، وذلك لفتح صفحات جديدة من العلاقات بين عائلة الصباح والشعب، والحفاظ على الدستور».

الدستور أولاً

ويستعرض الشهابي العريضة ومخاضاتها: «في تلك الفترة كانت اللقاءات المهمومة بالوطن لاتزال تعقد، وكان من ضمن الأشخاص الذين يلتقون دائماً عبدالله مطيويع، محمد جابر الصباح، أحمد الشملان، وآخرون، وبدأ يتوسّع اللقاء، وحاولت استثمار هذه الفرصة لتحديد المطالب. الملفات الموجودة سابقاً هي الملفات التي لاتزال مطروحة، إلاّ أن الرأي استقر على بند واحد ومطلب واحد، وهو: الدستور الذي يرسّخ الديمقراطية ومبدأ فصل السلطات، والحياة البرلمانية وغيرها، وإذا لم تكن هناك جدية أو وضوح في الرؤية خلال العقدين الماضيين في المطالبة بإحيائه أو تفعيله، فليكن هذا الأمر الآن، على أنْ تكون المطالبة سلمية وعلنية، فمن حق المواطن مخاطبة السلطات بحسب الدستور».

ويشدد الشهابي على الصبغة الوطنية، وليس الفئوية لحركة المطالب السياسية: «كانت الفكرة ألا تكون هذه المطالبة مقصورة على مجموعة قليلة من الأشخاص، حتى لا يكون هناك انفراد بالأمر، وأنْ يبدو المطلب مطلباً وطنيّاً وليس فئويّاً، فأخذت تتوسع دوائر اللقاءات، وصارت تتبلور الفكرة أكثر بأنْ تتم كتابة شيء في هذا الشأن، وأن تشمل أكبر قدر من المواطنين الذين يحملون الهمّ نفسه، بغض النظر عن انتماءاتهم أو ماضيهم السياسي، وهذا ما استغرق وقتاً طويلاً في الحوار مع جماعات انقطع الحوار معها لسنوات طويلة، إذ لم يكن هناك أيّ حوار في الأساس، وذلك لطبيعة الحياة السياسية في البحرين بعد حل المجلس والثورة الإيرانية، فكان هناك نوع من القطيعة الشعبية، فكلّ مجموعة كانت تتحاور مع دوائرها القريبة. والفكرة في الأساس هي المطالبة بعودة تفعيل كلّ موادّ الدستور، ولتترك التفاصيل إلى وقت لاحق».

ويتابع: «بادرت هذه المجموعة بالاتصال بالآخرين، من أمثال: الشيخ عبداللطيف المحمود، الشيخ عبدالأمير الجمري، عبدالوهاب حسين، واكتشفنا أنّ هناك لغة مشتركة فيما بيننا لم نكن نعلم أننا إلى هذا الحد قريبون منها، وكان الجيّد في الأمر أن جدول الأعمال كان مقتصراً على بند واحد وهو: عودة الحياة البرلمانية في البحرين».

ويضيف «...إلى جانب المذكورة أسماؤهم، كانت المجموعة تتلقى دعماً من قبل أشخاص يرون أنّ وجودهم بشكل علني لا يخدم المسألة، ولكنهم قدّموا ما يستطيعون من دعم، وبهذا تكونت هذه الكتلة الحرجة في العام 1991، ووضعت الخطوط لطريقة العمل (السلمية العلنية)، وبدأت تتوسّع الدائرة للاستماع إلى آراء أخرى إنْ وجدت. وبدأ المشاركون يتخاطبون بشكل أكثر انفتاحاً بعد طول انقطاع، في محاولة لإبعاد الشكوك والتربّص فيما بينهم أولاً».

وفد العريضة الأولى

ويتحدّث الشهابي عن مرحلة الإجهار العلني بدعوة العريضة: «بدأ التفكير في كم العدد المطلوب أنْ يوقع العريضة (1992) التي تم الاتفاق على رفعها إلى سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، فإذا كان العدد ضخماً فلربما يُحدث هذا نوعاً من رد الفعل السلبي والارتياب لدى السلطة، فتم الاتفاق على أنْ يكون العدد محدوداً بما يعبّر عن التنوّع البحريني في هذا المطلب. فكان المنتظر ألا يتجاوز عدد التوقيعات خمسين توقيعاً، ولكن فوجئت المجموعة بأن الأعداد أكبر، ربما وصلت إلى 300 توقيع، فكان البعض يعتب لـ «استفراد» المطلب من قبل جماعة صغيرة من المواطنين، فيما هو مطلب شعبي عام».

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين10-23-2008, 05:16 PM
ليس هذا مانريد!

في هذه الأثناء «ربما» عجّلت هذه الحركة العلنية السلمية بإنشاء مجلس للشورى في مطلع 1993 لكي يكون - كما قيل في تلك الفترة - مقدّمة لعودة الحياة البرلمانية إلى البحرين، ولكن هذا لم يكن مطلبنا من هذه العملية، فبالإمكان تكوين مجالس على مد البصر، وبالتسميات التي توضع، ولكن أمر العريضة كان يدور حول الدُّستور نفسه وعودة الحياة البرلمانية. الوفد الذي ذهب لملاقاة الأمير الراحل لتسليم العريضة كان مؤلّفاً من حميد صنقور، عبدالأمير الجمري، عبداللطيف المحمود، محمد جابر الصباح، وعيسى الجودر.

ولابدّ من التوقف هنا عند الدور الذي أداه صنقور، إذ لم يكن من ضمن المجموعة التي تحاورت وصاغت العريضة، ولكن عندما تم البحث عن وجه؛ ليترأس وفد العريضة، تم طرح حميد صنقور، ويُذكر للرجل أنّه لم يناقش في المسألة، ولم يتردد طرفة عين، ولم يحاجج أو يعتب على أنّه كان بعيداً طوال هذه المدة ولم يُعلم بها إلاّ في اللحظة الأخيرة، لكنه أبدى كلّ الاستعداد للمشاركة، وأعلن تشرفه بالمساهمة في هذا الموضوع.

ولكن كيف كان رد السلطة على العريضة؟ يجيب الشهابي: «كان الرد بأنّ التجربة الآنَ هي تجربة مجلس الشورى الذي يجب دعمه بدلاً من تشتيت الجهود، ولكن هذا الأمر لم يكن ليلبي المطلب الأساسي، إذ لايزال الدستور معلقاً (...) قُبلت العريضة الأولى على مضض من قبل الحكم، فتم إثر ذلك العمل على العريضة الثانية في 1994، وهي العريضة الشعبية التي تغيّر صوغها، لكنها كانت تحمل المطلب نفسه، فتم جمع حوالي خمسة وعشرين توقيعاً لتأكيد المطالبة، فجرت هنا عمليات الاعتقال الواسعة والمواجهات والنفي، فبقيت العريضة لدينا، ولم يكن هناك من فرجة لإرسالها؛ لأنّ الوضع كان على أشد ما يكون التوتر... تمت كتابة أكثر من رسالة في هذا الإطار من قبل المجموعة نفسها تدعو إلى تهدئة الأوضاع، في تلك الفترة ترك المحمود العمل مع المجموعة لأسبابه الخاصة، فيما تم اعتقال الجمري، وكان من «اللعبة» أنْ، يتم اعتقال الشيعة فقط حتى تبدو المطالب بشكلها العام مطالب طائفية وليست وطنية».

ويوضح الشهابي أنّ المسألة «تعدت مجرد المواجهة؛ لأنّ هذه العملية غطت على لغة الحوار التي كنا نرجوها، فكان لدى السلطة منطق في تلك الأيام أنه إذا كانت هناك مشكلة ما... فاقضِ على صاحب المشكلة تقضِ على المشكلة من أساسها، فهذه الثقافة خطرة وهي «إسماع» الطرف الآخر الأوامر بأقصر الطرق وأقلّها تحضراً، فقد يفقد الإنسان صبره، وقد ينفجر، ولكن بشكل عام فإنّ اللجوء إلى العنف غير مبرر إطلاقاً، ويجب ألا يسمح أيّ طرف أن ينجر إلى ساحة المواجهة؛ لتغيب فيما بعد لغة الحوار، فالحوار والمزيد من الحوار يعد نقطة البداية في أي عمل، وخصوصاً إنْ كان على المدى البعيد (...) وفي المقابل، فإنّ الثمن الذي سيُدفع سيكون غالياً جدّاً ومعرقلاً لأيّ مبدأ للحوار يمكن أن يتم... ليس عن جبن، ولكن عن قناعة أكيدة بأنني قادر على أنْ أقول كلمتي مرات ومرات، ولكنني لن أبادئ في رفع يدي على الآخرين».

مناهضة مجلس الشورى

من جهته يقول المحامي عبدالله هاشم: «عندما أنجزت العريضة النخبوية، تم تشكيل وفد من مختلف الأطياف التي شاركت في توقيع العريضة للقاء الأمير الراحل، فقال لهم إن ما لدينا فقد علمتموه، وليس لدينا شيء آخر (...) كانت الحكومة تعتقد في ذلك الوقت أن مخرجها من الفراغ الدستوري هو تشكيل مجلس شورى صوري يحرك الأمور، لكي يقال للرأي العام العالمي إن في البحرين مشاركة شعبية، وتتمثل في هذا المجلس، ولم يطرح المجلس على أنه أولى خطوات العودة إلى الدستور، بل كان المطروح هو البديل في ذلك الوقت. وكنا نعلم، أن هذا المجلس لا يمكنه أن يقدم شيئاً، وناهضناه بوعي، لأنه حركة تزوير لواقع يمثل هدفاً لسحق المطالب الأساسية».

ويضيف هاشم «لم أكن ضمن أعضاء العريضة لكنني كنت أحد أجنحتها الوطنية، فتم الاتفاق ضمن دوائر لجنة العريضة على أن يكون هناك تحرك جديد أوسع، وطرحت العريضة الشعبية كخيار، أما الجناح الوطني، فلم يكن مرتبطاً بحركة شعبية عميقة وواسعة، لكننا مرتبطون بمثقفين لهم دور مهم في المجتمع، واستطعنا إقناع الكثيرين بالتوقيع، فكانت الأدوار تتكامل بين النخب والامتداد الشعبي».

الجودر: الصبغة الوطنية لونت العريضة

ويقول الشيخ عيسى الجودر: «للتاريخ، أذكر أن سمو الأمير الراحل استجاب للمطالب الوطنية في مطلع السبعينيات بعد الاستفتاء على عروبة البحرين، وذلك بإصدار دستور عقدي بين الشعب والحاكم وهو دستور العام 1973، لكن للأسف تم حل البرلمان وجاء قانون أمن الدولة وجثم على أنفاس أهل البحرين حتى استعاد ثلة من الوطنيين العزم والهمة من أجل بدء مرحلة المطالبات بإعادة الحياة النيابية وتفعيل الدستور الشرعي للبلاد وكانت العريضة الدستورية النخبوية التي استغرق انجازها سنتان».

ويضيف «كنا مجموعة من المواطنين المطالبين بالحق من دون خوف وكان معنا علي ربيعة وأحمد الشملان والشيخ عبدالأمير الجمري والشيخ عبداللطيف المحمود وعبدالوهاب حسين وأحمد منصور وإبراهيم كمال الدين وسعيد العسبول واستطعنا أن نحصد 350 توقيعاً تقريباً وكان ذلك صعباً للغاية في تلك الفترة… ولم يكن لهذه التحركات أية صبغة طائفية فالهم الوطني كان فوق كل شيء».

ويستدرك الجودر، قائلاً: «*صحيح أن سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة لم يستقبلنا، وذلك بسبب تعارض زيارتنا المفاجئة للديوان الأميري مع ارتباط سمو الأمير مع السفير الفرنسي، وسبب الزيارة المفاجئة أننا كنا نخاف أن نمنع من دخول الديوان الأميري وتسليم العريضة أو أن يخلقوا مماطلة في ذلك، وتم تسليمها إلى رئيس الديوان الأميري آنذاك المرحوم يوسف أرحمة الدوسري الذي رحب بنا كثيراً وأكرمنا وتسلم العريضة وأبلغنا اعتذار سمو الأمير عن استقبالنا لانشغاله ووعدنا بعرضها عليه». وبدا واضحاً أن النخبة السياسية المتحركة بكل تلاوينها أجمعت على أن مجلس الشورى الذي أسس ليس هو مطلبها، وإنما هو إطار غير ذي محتوى أريد له أن يكون العصا التي توضع في عجلة المطالبة الشعبية بالديمقراطية المتمثلة في حكم الدستور والانتخابات المباشرة للمجلس الوطني، ومن هنا بدا أن تحرك النخبة لوحده لن يجدي نفعاً، وكان خيار الشارع».

وللحديث بقية

العريضة التي قدمت إلى أمير البلاد العام 1992م والتي تطالب بعودة المجلس الوطني

بسم الله الرحمن الرحيم

15-11-1992م

حضرة صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة

أمير دولة البحرين وفقه الله لما يحبه ويرضاه



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

لقد صدقتم يا صاحب السمو وأصدرتم في لحظة تاريخية دستور دولة البحرين بتاريخ 12\11\1393هـ الموافق 6\12\1973م - بعد أن ناقشه وأقره المجلس التأسيسي الذي دعوتم الى تكوينه بالمرسوم بقانون رقم 12\1972 بتاريخ9\5\1392هـ الموافق 6-12-1972م - في الوقت الذي كنتم تستعيدون فيه ماضي البحرين في رحاب العروبة والإسلام، وتتطلعون بإيمان وحزم الى مستقبل قائم على الشورى والعدل، حافل بالمشاركة في مسئوليات الحكم والإدارة، كافل للحرية والمساواة، وموطد للإخاء والتضامن الاجتماعي، كما جاء في مقدمة الدستور، فرسخ هذا الدستور أمس المشاركة الشعبية في الحقوق والواجبات العامة على نهج قويم من أحكام وأصول الشورى المستمدة من ديننا الإسلامي الحنيف، ومن مبادئ العدل و الحرية و المساواة التي كانت دوماً مبادئ راسخة في الحضارة الإسلامية والإنسانية. وما كان ذلك الأمر الا تغيير رائد سعى إليه سموكم لإرساء نظام حديث يحكم دولة البحرين، وإنجاز حضاري سيذكره التاريخ لسموكم. واذا كان حل المجلس الوطني يوم 26-8-1975م بالمرسوم الأميري رقم 14-1975 بموجب الصلاحية التي تمنحها المادة 65 لسموكم فإن المادة نفسها تؤكد إعادة الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل وإلا استرد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، علماً بأن المادة 108 من الدستور قد قررت عدم جواز تعطيل أي حكم من أحكامه الا اأناء قيام الأحكام العرفية في الحدود التي يبينها القانون، ولم يكن حل المجلس في حالة قيام هذه الأحكام.

بناء على ما ذكر وبناء على المتغيرات المحلية والإقليمية الدولية خلال السنوات الماضية وما تتجه اليه الإرادة الدَّولية لخلق نظام إعلامي جديد فإن الأمر يستدعي - إن لم يتم الأخذ بالمادة رقم 65 من الدستور - الدَّعوة الى انتخاب مجلس وطني جديد يعتمد على الانتخاب الحرِّ المباشر حسب ما يقرره الدستور، من أجل ممارسة الدولة نظامها الديموقراطي الذي نصت عليه المادة (1) فقرة (د) القاضية بأن: «الحكم في البحرين ديموقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور» ومن أجل إرساء الثقة والاحترام المتبادل بين الدولة والمواطنين، وحرصا على تضافر جهود جميع أفراد هذا الشعب حكاماً ومحكومين في تقدم وازدهار هذا البلد، ومن أجل إطلاق طاقات كل مواطن للمشاركة في عملية البناء والتنمية الاجتماعية والاقتصادية طبقاً لنص المادة (1) فقره (هـ) من الدستور والتي تنص على أن: «للمواطنين حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بدءًاً بحق الانتخاب، وذلك وفقاً لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون».

إننا الموقعين أدناه نرفع الى سموكم هذا الخطاب انطلاقاً من مسئوليتنا كمسلمين ومواطنين، ومن حقوقنا المشروعة كمحكومين واستناداً الى نص المادة (29) من الدستور التي تقضي بأن: «لكل فرد أن يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه» وباعتبار سموكم رأس الدولة طبقاً لنص المادة (33) فقرة (أ) من الدستور مطالبين سموكم بالمبادرة بإصدار الأمر لإجراء الانتخابات للمجلس الوطني عملاً بما ورد من تنظيم له في الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور. وان المجلس الوطني كمجلس تشريعي دستوري لا يتعارض مع ما ذكر مؤخراً عن عزم الحكومة إنشاء مجلس استشاري لتوسيع دائرة استشاراتها فيما تريد القيام به، ولا يحل المجلس الاستشاري محل المجلس الوطني كسلطة تشريعية دستورية.

إننا على أمل ان يحقق سموكم هذا المطلب الجماهيري لما فيه خير الجميع.

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين10-24-2008, 07:50 PM
إرهاصات 1994... والعريضة الشعبية//البحرين


الوسط - حيدر محمد


خريف قاسٍ ومؤلم عاشته البحرين بعد حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، وهالة من الإحباط تلاحق كثيراً من الشباب الذين ازدادت أعدادهم، فقدرهم أن يكونوا ضحية، لا لذنب ارتكبوه وإنما لأنهم ولدوا في بقعة جغرافية تنتمي إلى محيط إقليمي ملتهب.

ثمانينيات القرن الماضي أشعلت الحس الطائفي في المنطقة العربية والإسلامية بعد الحرب العراقية الايرانية التي استمرت من العام 1980 حتى 1988... وتحول الحس الطائفي الى غربة لدى كثير من شباب الشيعة في البحرين. «أنت شيعي إذن أنت في دائرة المراقبة»... هذه ببساطة مخلفات الثمانينيات.

في تلك الفترة لم يكن أحد يجرؤ على المرور بجانب مبنى وزارة الداخلية (القلعة)، لأن القلعة كانت تذكِّر بصنوف من المعاملة الخارجة عن إطار القانون، وممارسات مُحِطَّة بالكرامة، ثمة شباب معتقلون خلف أسوارها يتعرضون لتعذيب ممنهج بحسب تقارير المنظمات الحقوقية الدولية.

ولكن الثمانينيات لم تكن سوى بوابة العبور لعقدٍ مرٍّ آخر، هوس الشك يطوِّق عنق كل من يعيش مع بقايا حلم بالإصلاح. زهور قضت تحت التعذيب وعوائل تطرد الى المنافي في العالم من أقصاه إلى أقصاه، تحولت الحياة في الداخل إلى حياة بلا لون وليست ذات معنى، هكذا رآها جزء كبير من شباب الوطن آنذاك الذين كتب عليهم الحرمان في كل شيء تقريباً... من كل شيء... وحتى المتفوقون دراسيّاً لم يجدوا سبيلاً إلى استكمال دراساتهم، لأن البعثات لهذه الشريحة - بشكل عام - باتت في دائرة الممنوعات.

حينما خيّم الصمت على كل شيء، وظنت السُّلطة أنها أرعبت وأرهبت وأسكتت كل ذي صوت عالٍ برز في الأفق. غير أن عمامة نفضت غبار السنين لتقود الشارع إلى المطالبة العلنية بالإصلاح، فقد تعلق آلاف الشباب بشخصية المرحوم الشيخ عبدالأمير الجمري الذي نجح في أن يعبر بالوطن إلى مربع جديد من مراحل النِّضال الشَّعبي السِّلمي من أجل الحرية والحياة الدستورية، وذلك من خلال الانفتاح على مختلف الاتجاهات والفئات في المجتمع.

ففي وقت أغلقت فيه كل الأبواب تقريباً، فتح الشيخ عبدالأمير الجمري مجلسه للناس، ورفض أن يزوي أو أن ينأى بجانبه... لم يكن يعرف سوى البحرين، وعمامته لم تحُلْ بينه وبين تلاوين الطيف الاجتماعي، فقد شيّد جسراً مع كل التيارات التي جمعها تحت عباءة وطنيته، عازماً مع بضع من رفاقه والمحيطين به أن يخرج الساحة الى أفق رحب من الحوار والتعاون بين الجميع من أجل الصالح العام.

«نحن أصحاب قضية»... هكذا حمل الجمري ورفاقه في مطلع التسعينيات شعار المطالبة بالحياة الدستورية كاملة، وعودة المجلس الوطني المنتخب وإغلاق صفحة أمن الدولة، كان رهانه على الناس كبيراً وأكبر من أي شيء آخر.

في تلك الفترة بدأت بعض الجدران تحمل شعار: «البرلمان هو الحل»، وجاء هذا الشعار على صفيح ساخن في أجواء أمنية رهيبة، فالتسعينيات ورثت صفحة الثمانينيات التي أرهقت الشارع.

قد لا يختلف اثنان في أن العريضة النخبوية في 1992 مثلت نقلة نوعية في تاريخ الحركة الوطنية بصورة عامة، وفي تاريخ حركة الشارع الإسلامي الشيعي في البحرين من مختلف الجوانب.

فلو رجعنا إلى ما قبل هذه العريضة، فقد تميزت مرحلة الثمانينيات بأحداث قاسية جدّاً، فالحرب العراقية الإيرانية اشتعلت أوارها، و «إسرائيل» وصلت إلى قلب بيروت، والاحتلال السوفياتي لأفغانستان، والثمانينيات خلَّفت استقطاباً كبيراً (شيعي - سني)، وتنامى المد السلفي بشكل واضح جدّاً، وبرزت ظاهرة «المجاهدين العرب» في أفغانستان، وكان في لبنان مد شيعي جديد متمثل في نشوء حزب الله في منتصف الثمانينيات بعد الغزو الاسرائيلي الذي سبق تلك الفترة.

لم تكن البحرين بعيدة عن هذه الأجواء، بل لربما كانت الأكثر تأثراً بما يجري من حولها على أن الساحة كانت مشتعلة أصلاً، فالوضع في الثمانينيات كان قاسياً من الناحية الأمنية على الشارع الشيعي، والثمانينيات شهدت بدء السياسة التمييزية، والشاب الشيعي أصبح محروماً من العمل والسفر والبعثة، وبصورة عامة هو متهم لأنه ضحية لاستقطاب أكبر منه خارج البحرين، واستغل هذا الاستقطاب لممارسة سياسات التهميش، وكان هذا الشارع في مطلع الثمانينيات مرهقاً جدّاً بسبب شدة الضغط الأمني والقمع وسيطرة أجهزة المخابرات على كل شيء.

ساحة مقموعة وتعمل في السرِّ وعدة حركات سرية ضربت في الساحة البحرينية وكانت الشعارات والأجندة المطروحة على الأرض مختلطة، فهناك مؤثرات آتية من الخارج بسبب الأحداث.

وفي نهاية الثمانينيات مع انتهاء الحرب كان سعر برميل النفط قد انخفض وكان الوضع الاقتصادي سيئاً وازدادت البطالة وانتهت الحرب العراقية الإيرانية، ولكن لم تنجلِ غبارها.

التغييرات الدراماتيكية تتعاقب، وخصوصاً بعد غزو الكويت في صيف 1990، فقد أدى هذا الغزو إلى انهيار مفاهيم السياسة الإقليمية وتغيرت منظومة «التَّضامن العربي» الذي كان سائداً ذي قبل على المستوى النظري على الأقل، وكانت هذه الدول الخليجية تمد العراق بالأموال من أجل ضرب إيران ولكن عادت الأموال التي دفعوها باحتلال الكويت عكساً لتكوي هذه الدول.

أميركا تدخل «جزيرة العرب»

اضطرت دول المنطقة بعد غزو الكويت في 2 أغسطس / آب 1990 إلى السماح لأميركا بدخول أراضيها، فتغيرت المفاهيم بل المعادلات تماماً، وحتى اليسار تغيرت منظومته لأن انهيار الاتحاد السوفياتي وانفراد أميركا بقيادة العالم مع جورج بوش الأب مباشرة بعد أن سقط المعسكر الشرقي أوجد عالماً ذا قطب واحد، كما تحركت الحركات الإسلامية الشيعية والسنية على حد سواء باتجاهات مختلفة.

الحركات اليسارية تجاوزت مفهوم التجاذب والاستقطاب بين الشرق والغرب، لأن أميركا أصبحت متحكمة في المشهد الدَّولي لوحدها، فسارعت بعض النخب اليسارية والوطنية والاسلامية إلى تبني منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، وأصبح هذا هو الخيار الأكثر واقعية المطروح على الساحة، كما تبنت هذه القوى الأجندة الدولية الجديدة المتمثلة بتفعيل دور المجتمع المدني وحماية البيئة وحقوق المرأة ومنع الانفجار السكاني، الخ. وبدأت النزعة الواقعية لدى النخب تسيطر بدلاً من الأيديولوجية المعهودة.

وكان للإسلاميين قصتهم أيضاً، فالاتجاه الإسلامي السني بدا في مطلع الثمانينيات مع أفغانستان، وساندت دول الخارج وأميركا وبريطانيا باكستان لشن عمليات جهادية ضد المحتل السوفياتي، ولكن الاحتلال السوفياتي سقط وخرج من أفغانستان... ولكن كل البنية التحتية من تمويل وقواعد للمجاهدين ومدارس دينية بقيت موجودة، وكلها كانت حليفة أميركيّاً وبريطانيّاً وباكستانيّاً ومدعومة خليجيّاً، ولكن عندما غزا صدام الكويت وجاءت أميركا إلى أرض الجزيرة العربية وجد بعض الحركات السلفية - الجهادية أنهم في حيرة من أمرهم، وبدا لهم أن أميركا جاءت إلى جزيرة العرب لاحتلالها، وإذا كان الاتحاد السوفياتي قد خرج من أفغانستان فإن أميركا أتت إلى الخليج، فانقلبت البوصلة لدى الأفغان العرب ضد أميركا، وهذا تغير استراتيجي غير مسبوق، ونشأ تنظيم القاعدة على هذه الفلسفة لاحقاً.

الاتجاه الإسلامي الشيعي عاش فصولاً من التغيرات التاريخية هو الآخر، ففي الثمانينيات اهتزت المنطقة بزلزال الثورة الإسلامية في إيران، وكان هذا السبب مضافاً إلى أسباب أخرى كفيل بالإجهاز من قبل حكومات المنطقة على كل التحركات السياسية الشيعية، فعلى المستوى الإقليمي ضربت التنظيمات الشيعية المتحركة في كل الوطن العربي ماعدا لبنان، فقد ضرب حزب الدعوة في العراق وصفيت قياداته تصفية جسدية، ومع انتهاء الثمانينيات لم تبقَ إلا أطلال حزب الدعوة، وتجمع العراقيون في إيران وأسسوا المجلس الأعلى للثورة الإسلامية.

ضرب التنظيمات الشيعية

شيعة الخليج لم يسلموا من هذه الحملة، ففي دول الخليج تفتت كل المؤسسات العلنية تقريباً، والضربة الأمنية قضت على التنظيمات السياسية الشيعية ... ففي الكويت مثلاً عطلت جمعية الثقافة الاجتماعية وكذلك دار التوحيد، وفي البحرين أغلقت السلطة جمعية التوعية الإسلامية في 1984وطوردت النشاطات الإسلامية وتم التشديد على مراقبة المساجد ومنعت الاجتماعات وأصبح كل شيء خاضعاً تحت المجهر أكثر من أي وقت آخر. هذه التغيرات على المسرح الإقليمي وانتهاء الحرب العراقية - الإيرانية وغزو صدام للكويت وتأسف دول الخليج على ما فعلته تجاه إيران (لأن صدام انقلب عليها) ودخول أميركا على الخط وإعلانها أن نظاماً عالميّاً جديداً قد بدأ، وأن هذا النظام يتمحور حول الديمقراطية والمفاهيم الملاصقة لها مثل تنشيط المجتمع المدني وتمكين المرأة والمساواة، وأصبحت أميركا وأروبا والمنظمات الدولية وغيرها يتحدثون عن أجندة إنسانية جديدة، وجد الإسلاميون في مناطق عدة أن هذه الأجندة تتوافق مع مطالبهم بل تمثل سقفاً أعلى ومتاحاً بلغة يفهمها العالم، وكانت الحركة الإسلامية الشيعية في مقدمة من تبنى هذه الأجندة.

الشيخ الجمري يتصدر الساحة

في مطلع التسعينيات كانت البحرين على موعد مع تغيير طارئ على الساحة، وتمحور هذا التغيير في قطبين:

أولاً: قيادة الشيخ عبدالأمير الجمري وهو الذي عرف عنه الانفتاح على كل الاتجاهات الأخرى منذ عمله في المجلس الوطني والمعروف أيضاً بعلاقاته مع مختلف الفعاليات في المجتمع، فالشيخ الجمري لم يكن عضواً في المجلس الوطني فحسب، وإنما قاضٍ في المحاكم الجعفرية، وناشط في الحوزات الدينية وخطيب حسيني سابقاً، وبالتالي فإن شخصيته فرضت حضورها وبرزت ميدانيّاً وأصبح الرجل الأول في الساحة بالنسبة إلى الشارع الإسلامي الشيعي.

الشيخ الجمري كانت له المبادرة الأساسية في تبني أجندة سياسية جديدة للشارع الشيعي وهو الذي باشر بالاتصال مع الوطنيين واليساريين الذين وجدوا منه حليفاً ومتنفساً ونافذة مطلة على الشارع المتحرك، وقد سبق الشيخ الجمري غيره من الإسلاميين وكذلك اليساريين في تبني هذه الأجندة.

وعلى المستوى الخارجي، فعاصمة الضَّباب احتضنت «مجموعة لندن» التي تتحرك سياسيّاً منذ العام 1982 باسم حركة أحرار البحرين، ونشطائها الذين كانوا ينتمون إلى حزب الدعوة - فرع البحرين الذي انحل في العام 1984، ومنذ ذلك الوقت أصبحت حركة أحرار البحرين تتحرك على محاور عدة أهمها التصدي لمجال حقوق الإنسان كما نشطت في محور الاتصالات السياسية وتوثيق أرشيف متكامل للبحرين من خلال إصدارات شهرية راصدة للأحداث بدقة، وكانت لفترة طويلة الوحيدة التي تتصدى لهذا الأمر.

تقاطع الأجندة

إن تقاطع الأجندة وتشاطر الأهداف أوجدا التحالف الطبيعي بين قيادة الشيخ عبدالأمير الجمري للساحة ومجموعة لندن، ولاسيما أن أحد القياديين الذين أعادوا تأسيس الحركة في لندن هو ابنه منصور الجمري بجانب آخرين مثل سعيد الشهابي ومجيد العلوي. وقد بدا واضحاً التناغم بين لندن والساحة البحرينية من خلال الشيخ الجمري والمحيطين به الذين قادوا التحالف مع الوطنيين في الدَّاخل.

أمَّا في الخارج؛ فحركة أحرار البحرين تولَّت مهمة تنسيق المواقف مع الفعاليات الناشطة في الخارج مثل: الجبهة الشعبية في البحرين بقيادة المناضل عبدالرحمن النعيمي وجبهة التحرير الوطنية البحرانية بقيادة المناضل المرحوم أحمد الذَّواذي وكان الاثنان يقيمان في دمشق التي كانت أيضاً حاضنة لأعضاء الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، وبعضهم الآخر كان مقيماً في الدنمارك، وكذلك «مجموعة طلبة قم المقدسة» الذين كانوا يركزون على الدراسات والعلوم الدينية ولكن كانت لديهم اهتمامات سياسية قريبة من الشارع.

وعندما جاء العام 1992 أصبحت هناك أجندة مشتركة بين كل هذه المحاور، فالعريضة النخبوية كانت نتاجاً لتغيرات داخلية وإقليمية ودولية أهمها بروز الحركة الإسلامية الشيعية بقيادة الشيخ الجمري في الدَّاخل وحركة أحرار البحرين في لندن والاتفاق على التحالف مع الوطنيين الأمر الذي توّج بإصدار عريضة 1992، وهذه العريضة أصبحت رئة كبيرة جدّاً وأصبحت منطلقاً كبيراً وجديداً لكثير من الحركات التي وجدت فيها فرصة سانحة لأن تتنفس وأن تخاطب العالم بأجندتها.

«حركة أحرار البحرين»

«مجموعة لندن» عملت كخلية نحل على أن توصل العريضة النخبوية إلى أوسع نطاق، ونجحت في الوصول إلى مواقع قرار نافذة في البرلمانات الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان المهمة مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وآراتكل نايتين والكثير من المنظمات المهتمة بالدفاع عن حرية التعبير، وكانت هناك منظمات رائدة على اتصال وثيق بمجموعة لندن، بالإضافة إلى قيام مجموعة لندن بتكوين شبكة واسعة من العلاقات مع وسائل الإعلام المهمة وكبريات وكالات الأنباء الدَّولية والصحف وكتاب الأعمدة ومؤسسات البحث والجامعات وتكوين قاعدة معلومات غنية عن البحرين.

كل هذه المنابر وصلت إليها حركة أحرار البحرين (في تشكيلتها آنذاك، والتي تختلف عن تشكيلتها الحالية) بفضل نشطائها، وبعض هؤلاء الناشطين معروف ولكن آخرين آثروا العمل كجنود مجهولين، وبذل نشطاء الحركة جهوداً كبيرة لجعل قضية البحرين حية وحاضرة ومتفاعلة في كل المحافل المهمة دوليّاً. وبالفعل فقد كتبت عدة دراسات عليا وبحوث مهمة كانت تقدم في الجامعات والمؤتمرات عن قضية البحرين ما شكل أجندة حقيقية من التحركات السياسية والإعلامية على المستويات كافة، فكانت عريضة 1992 مثلت قمة الإنجاز الذي تحقق بفعل التأطير المنظم والمتجانس بين الشيخ عبدالأمير الجمري ورفاقه وتحالف هؤلاء مع الأطراف الأخرى.

المعارضة تجهر بمطالبها

حينما طرحت العريضة النخبوية في العام 1992 دبت حركة جديدة مع بدء مرحلة جسورة من النشاطات العلنية لتحلَّ محلَّ كثير من الأنشطة ذات الطبيعة السريَّة، ففي لندن أصبح هناك لأول مرة من يتحدث رسميّاً باسم المعارضة، فحتى ذلك الحين لم يكن أحد يجرؤ على الإفصاح عن هويته علناً، وحتى قيادات ونشطاء اليسار والإسلاميين كانوا يختارون أسماء وهمية، بينما التطور النَّوعي الذي حدث في لندن بأن نشطاء معارضين بدأوا يتحركون بأسمائهم الحقيقية وأرقام هواتفهم، فهذه المجموعة أضحت ذات مرجعية واضحة، هذه القوة نبعت من الدَّاخل لأن نشطاء لجنة العريضة النخبوية تحركوا بأسماء مشهرة أيضاً، فالتغير المهم إذن هو لا وجود لأسماء مجهولة، فهذه الأسماء لا يمكن النيل منها ببساطة، لأنها أسماء ذات ثقل ولها تاريخ حافل وتنتمي إلى كل الاتجاهات، وبالتالي أصبحت انطلاقة الحركة في البحرين تفوق الحجم الجغرافي والسكاني.

كل هذا كان يجري مترافقاً مع تصاعد عدد الناشطين الإسلاميين في البحرين وكثر عدد المتطوعين وتنامى عدد الناشطين من النخب من الاتجاهات الأخرى كالوطنيين واليساريين الذين بدأوا يعملون كجنود مجهولين، وفي هذه الفترة أيضاً بدأت وفود إعلامية تأتي إلى البحرين وتكتب تقارير من الدَّاخل، كما شرعت منظمات حقوق الإنسان في كتابة تقارير عن البحرين التي وجدت سبيلها إلى وكالات الأنباء الدولية.

ثمة عوامل مختلفة جعلت من قدرة التواصل بين الناشطين في الدَّاخل والخارج أكثر من ذي قبل، فقد انتشرت الهواتف العمومية كما تمكن الكثيرون من السفر إلى الخارج لتأمين تواصلهم بحرية، كما ازداد استخدام الفاكس لاحقاً وأصبحت وسائل الاتصال متاحة أكثر من ذي قبل (قبل عصر الانترنت).

لقد أصبح الهدف معروفاً ومشروعاً ومتفقاً عليه، فتحركت الساحة وبدا أن أجهزة الأمن والاستخبارات ترتبك لأنها لم تكن تتعود على مثل هذه الأنشط النوعية، فأصبحت الساحة تحت المجهر الإعلامي والحقوقي الدولي معاً، فما أن يعتقل أي شخص حتى ينتشر خبره في كل الأرجاء.

وثمة تطور آخر مهم حصل أيضاً، فقد أخضعت لجنة حقوق الإنسان في جنيف البحرين إلى المحاسبة السرية في مطلع التسعينيات كما ذكر في الحلقة الماضية، واضطرت الحكومة بسبب ذلك إلى السماح بعودة عدد من المبعدين، وتقليص عدد الاعتقالات.

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين10-24-2008, 07:54 PM
الانطلاقة الشعبية

الاحتضان الشعبي للمعارضة كان سمة مميزة لهذه الفترة، وتعزز تعلق الشباب بالشيخ عبدالأمير الجمري الذي كان اسمه يتصدر العرائض... الانطلاقة الشعبية أصبحت قوية جدّاً وبات هذا المد يزداد يوماً بعد يوم وبدأ ناشطو الدَّاخل في توزيع دستور البحرين للعام 73، كما استثمروا المواسم الدينية للتعبير عن المطالب الدستورية.

بدأت لغة جديدة تنتشر في الساحة،غير أن الحكومة لم تبارح أسلوبها السابق، وقد انكسر حاجز الخوف لأول مرة منذ نهاية عقد الثمانينيات، فالناس كانوا قبل ذلك يمرون على مقر وزارة الداخلية (القلعة) وهم خائفون، أما في التسعينيات فأصبح هناك توزيع للمنشورات أمام الشرطة كما حدث في البلاد القديم في 1994، وأيضاً أصبح مندوبو وكالات الإعلام الدولية والاذاعات الدولية ينقلون الخبر من البحرين واضطرت الحكومة إلى طرد معظم المندوبين من البحرين ما أكد لوسائل الإعلام أن هناك شيئاً تود الحكومة أن تخفيه.

في الوقت ذاته استمرت حركة أحرار البحرين في إصدار البيانات اليومية ووفرت خدمة خبرية معتبرة في تلك الفترة، في الوقت الذي طرحت لجنة العريضة الشعبية وتصدرها الشيخ الجمري وجمعت نحو 25 ألف توقيع وكان أبطالها ورموزها معروفين.

في منتصف العام 1994 فتحت صفحة أخرى من صفحات الحراك الشعبي فقد حدث أول اعتصام للشباب العاطلين عن العمل أمام وزارة العمل في يونيو / حزيران 1994 وكان رد فعل الحكومة مضطرباً جدّاً، لأن الاعتصام كان مفاجئاً، وقد وجهت السلطة اتهاماً إلى الشيخ علي سلمان بأنه وراء هذا الحدث.

وفي حديث إلى «الوسط» مع الشيخ علي سلمان عن الوضع في تلك الفترة، قال: «لقد كان هناك غياب للقوى السياسية للدَّولة لصالح القوى الأمنية، فقد كانت هي التي تتعامل مع الشخصيات السياسية والتيارات، وفي هذه الأثناء لم يكن هناك أي نوع من التواصل بين القوى السياسية والنظام، وغياب هذا التواصل أدى إلى أن تكون المعالجات أمنية أساساً... كان هناك نوع من العناد والمقاومة، لكنها انهارت تحت تتالي الضربات الأمنية، فتمت تصفيتها، وبقي نوع من المقاومة المسجدية التي تتميز بآلية معقدة، وهي الاعتماد على الرَّمزية، وعندما يغيب الرَّمز لأي ظرف، تنتقل العملية إلى الشخص الذي يليه...

حاولنا الحوار مع السلطة، ولكن الأبواب كانت موصدة، وكان أي توقيع على عريضة يرافقه تهديد وإنذار من البوليس السياسي بالكف عن الموضوع، وكان الأمر عند توقيع العريضة أننا كنا نتوقع أن نعتقل في أية لحظة، ولم تلتقِِ السلطة مع الناس في تلك الفترة إلا لقاءً واحداً لتسلم العريضة، وفي اللقاء قيل للوفد إن هناك تجربة جديدة لمجلس الشورى، وإن على الناس الانتظار حتى تتبين ثمار هذه التجربة الجديدة، فبينت اللجنة أن المجلس الشوروي ليست له علاقة بالبرلمان، ولكن الحوار انقطع هنا. وهنا بدأ الإعداد للعريضة الشعبية، ولكن الشعب يحتاج إلى تثقيف: ما الذي يعنيه البرلمان؟ وما الذي سيعود على الناس منه؟».

وأضاف «هنا بدأت حملة توعية مسجدية - وهي الوسائل المتاحة للتواصل في تلك الفترة مع الناس - انطلاقاً من مسجد الخواجة، وغيره من المساجد تحت مظلة «منبر الجمعة»، وكان من أبرز المنشغلين بهذا الأمر من الناحية الدينية الشيعية أشخاص من أمثال الشيخ عبدالأمير الجمري، عبدالوهاب حسين، حسن مشيمع، الشيخ حسن سلطان، الشيخ عادل الشعلة، إضافة إلى المثقفين، وربما استغرب البعض - وخصوصاً من كبار السن - هذا الطرح الذي ربما صعب عليهم فهمه، ولكنه كان الوسيلة الوحيدة للتوعية... وفي الاجتماعات الرَّامية إلى توحيد المواقف فيما بيننا، اتخذنا قراراً بألا تتخذ الاجتماعات طابع السرية، وأن تكون في مجالس معروفة، إذ لم يكن لدينا ما نخفيه أو نخاف عليه، فقد كان الحديث في الشأن الوطني. وبعد العريضة الأولى، بدأ توقيع العريضة الثانية، والكل كان مجمعاً على نبذ العنف واتخاذ الأساليب السلمية في التعبير».

العريضة الشعبية

بعد مشاورات عدة تصدرتها رموز الساحة والاتجاهات الفاعلة الممثلة لمختلف فئات المجتمع، انطلقت في أكتوبر / تشرين الأول 1994 العريضة الشعبية، وهي نسخة مطورة من العريضة النخبوية، والفرق أنها طرحت للتوقيع بشكل عام لكل مواطن (ومواطنة) يبلغ من العمر 18 سنة وما فوق.

كانت عملية جمع التواقيع بحاجة إلى التواصل الشعبي من خلال المؤسسة الدينية والشرح للحاضرين أهمية ما هم مقدمون عليه، وتم تشكل ما يشبه اللجان في عدد من القرى والمناطق، وهي لجان كانت تنظم نفسها بنفسها، فبدأ جمع التوقيعات يوم السبت، فيما طرحنا العريضة الجمعة بشكل رسمي، بعدها بأسبوعين بدأ متطوعون بحمل العريضة إلى مناطق متعددة للتوقيع.

الماراثون

في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1994 كان هناك سباق للماراثون يجري على شارع البديع، إذ إن بعض المشاركات فيه من الأجنبيات يلبسن ملابس لا تتناسب مع قيم المجتمع وثقافته. واعتصم بعض الشباب في ساحة في منطقة القدم، وساروا إلى دوار جنوسان وعادوا من جديد، في هذه الحركة حدث نوع من الاحتكاك مع 3 من المشاركين في الماراثون، هذا الحدث في ذلك التاريخ في البحرين لم يكن مقبولاً، لأن الاعتصام بحد ذاته كان يقع تحت طائلة قانون أمن الدولة، فاعتقل عدد من الشباب، وطبيعة الجهاز الأمني في البحث عن «قضية» ليحمّلها المخالفات القانونية ويرفعها بالتالي إلى المحكمة.

وعندما توجهت «الوسط» بالسؤال إلى عدد من الناشطين في تلك الفترة، بدا واضحاً أن قرار مواجهة المارثون اتخذ بصورة شخصية من قبل المنظمين الذين ربما استشفُّوا موافقة ارتجالية من خارج إطار العمل الجماعي المحسوب على تحرك العريضة الشعبية.

(... يتبع)



العريضة الشعبية

بسم الله الرحمن الرحيم

حضرة الفاضل/ صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة

أمير دولة البحرين حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لقد كانت خطوتكم التاريخية الموفقة في إرساء دعائم دولة البحرين الحديثة بعد الاستقلال بمصادقتكم على الدستور في 6 ديسمبر 1973م واجراء الانتخابات التشريعية علامة بارزة في تاريخ دولة البحرين الحديث وتاريخ المنطقة تؤكد إيمانكم بأهمية المشاركة الشعبية على أساس من الشورى والعدل، لمواجهة متطلبات مستقبل التطور الحضاري لدولتنا الحديثة وتوطيد دعائم مؤسساتها بعزم وثقة لا حدود لها بأبنائها وبأهليتهم لتحمل مسئولياتهم في تنمية البلاد وتوطيد الأمن والاستقرار فيها على أساس من الإخاء والتضامن والتكافل الاجتماعي. واذا كان وطننا قد عانى الكثير بعد حل المجلس الوطني منذ يوم 26-8-1975م وحتى يومنا هذا وتراكمت من جراء ذلك العديد من الرواسب نتيجة تعطيل المسيرة الديمقراطية الرائدة التي افتتحتموها بافتتاحكم أول فصل تشريعي للمجلس الوطني المنتخب، وكان شعبكم حريصاً على ترفير فرص التفكير المتروي لسموكم الكريم في التجربة التي مرت بها دولة البحرين ونتائجها بعد افتتاح المجلس الوطني وبعد حله بموجب المرسوم الأميري رقم 4\1975، فان أملنا كان كبيراً في فتح باب التحاور مع سموكم الكريم حول مستقبل هذا الوطن، عندما تقدمت نخبة من أبناء وطنكم ومن مواطنيكم بالعريضة التي قدمت الى سموكم في 15-11-1992م والتي لخصت مطالبها في عودة المجلص الوطني وفقاً للدستور. وكما تعلمون سموكم فإن مجلس الشورى الذي ارتأيتم تأسيسه بإرادة أميرية لا يسد الفراغ الدستوري الموجود بسبب تعطل أهم مؤسسة تشريعية عن العمل. والحقيقة التي تظهر أمامنا كمواطنينن ومسلمين هي أننا سنكون مقصرين في تحملنا المسئولية ما لم نصارحكم ونصارح فيكم القيادة الحكيمة المؤمنة بما نلمسه من أوضاع غير سوية يمر بها بلدنا في ظروف من المتغيرات الدولية والإقليمية في ظل تعطيل المؤسسة الدستورية، والتي لو انتهى عطلها لكانت خير معين على ايقاف التراكمات السلبية التي تكاد تسد مجرى حياتنا كمواطنين نعيش معاناة متعددة الأوجه في محدودية فرص العمل وتضخم البطالة وغلاء المعيشة وتضرر القطاع التجاري ومشاكل الجنسية والتجنس ومنع العديد من أبنائنا من العودة الى وطنهم، يرافق كل ذلك القوانين التي صدرت منذ غياب السلطة التشريعية التي تحد من حرية المواطنين، وتتناقض مع الدستور، وما رافقها من انعدام حرية التعبير والرأي وخضوع الصحافة للسلطة التنفيذية خضوعاً مباشراً الى جانب الاعلام الموجه من قبلها. وهذه الأمور مجتمعة يا صاحب السمو الكريم هي التي تستحثنا كمواطنين الى المطالبة بعودة المجلس الوطني للعمل مع النظر في اشتراط المرأة في العملية الديموقراطية، وذلك باجراء انتخابات حرة إن ارتأيتم عدم دعوة المجلس الوطني المنحل الى الانعقاد طبقاً للمادة 65 من الدستور التي نصها:

«للأمير أن يحل المجلس الوطني بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، ولا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، واذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، فان لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله الى أن ينتخب المجلس الجديد».

واننا على أمل وثقة في رؤيتكم لعدالة مطالب هذه العريضة التي قصدنا منها الحث
على استكمال هيكل دولتنا الفتية، وتقديم العون لقيادتكم الحكيمة على أساس من العدل والشورى والايمان بما أرساه ديننا الاسلامي الحنيف من دعائم متينة اعتمدتها حكمتكم السامية في دستور وطننا الغالي. وأدامكم الله وأدام لكم موفور الصحة والعزيمة، ووفقنا الله وإياكم لما فيه خير وعزة وطننا.

اكتوبر 1994

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين10-24-2008, 08:02 PM
الشارع يتحرك في نهاية 1994 // البحرين


الوسط - حيدر محمد


منذ مطلع العام 1994 برزت إرهاصات على الساحة السياسية البحرينية تسترعي الاهتمام، ولم تكن في غالبيتها معهودة من ذي قبل. حراك الشارع بات مميزاً... استقطاب شبابي كبير في المساجد... توزيع منشورات وأدبيات المعارضة بجرأة مثيرة... إجماع بين التيارات الدينية والوطنية على أجندة العريضتين... بات الهدف مشتركاً وتدور رحاه حول المطالبة بإعادة المجلس الوطني المغلق والدستور المجمد وإطلاق سراح المعتقلين وإعادة مبعدي الخارج.

عريضةٌ شعبية في أكتوبر / تشرين الأول 1994 تلت العريضة النخبوية التي وقعت في نوفمبر / تشرين الثاني 1992، وبيانٌ يتلو آخر... وباتت المعارضة البحرينية في الخارج تمسك بحيز كبير من اهتمام وسائل الإعلام الخارجية وتضع لها قدماً آخر في المواقع الدولية المؤثرة، ولم يبقَ منبر مهم الا وصلت اليه.



كل شيٍ كان يتجه نحو تسريع عجلة المطالبة بالإصلاحات، وقد ساعد على ذلك جهوزية المعارضة في الدَّاخل والخارج للعمل جنباً الى جنب في إيصال ما يجري على الواقع واستثمار كل فرصة سانحة من أجل التنفيس عن تطلعات النخبة التي يساندها الشَّارع، كل شيء كان يشير الى مخاضٍ قادم. وفي خضم كل هذه الأحداث المتلاطمة انفجرت انتفاضة شعبية في نهاية 1994، لكن كيف بدأت؟

في مطلع التسعينات من القرن الماضي ازدادت النشاطات العامة في البحرين بشكل ملحوظ وتغير الخطاب السياسي للحركة الإسلامية الشيعية بقيادة الشيخ عبدالأمير الجمري الذي طرح موضوع العريضة النخبوية مع من توافق معهم من الوطنيين والإسلاميين، وهذا الطرح الجديد وحد المطالب مع الاتجاهات الأخرى وحدثت النقلة النوعية المتمثلة في تفعيل دور المساجد كقاعدة استقطاب جماهيري، والنَّشاطات والمطالبات آخذة في التصاعد، وذلك عبر طرح العريضة الشعبية في العام 1994.

مع بزوغ فجر كل يوم كانت الجماهير أكثر حماساً تجاه مطالب مشروعة، واقتنعت النخبة بأنه لا مفر من المطالبة العلنية، وتحرك الشارع الاسلامي الشيعي بصفته الأكثر تضرراً من حقبة السنوات التي سبقت، ولاسيما عقد الثمانينات الذي تمثلت كل سنة من سنواته بمرارات ومعاناة كبيرة جدّاً.

تحرك الشارع

في يونيو/ حزيران 1994، شهدت البحرين أول اعتصام لمجموعة من الشباب العاطلين ينظم في تلك الفترة أمام وزارة العمل والشئون الاجتماعية، إذ كان أول تحرك علني من هذا النوع. قررت قوات الأمن أن تضرب ذلك الاعتصام الجريء لئلا يفتح الباب بمصراعيه أمام حوادث أخرى، وخصوصاً أن البحرين لم تتعافَ بعدُ من آثار الأزمة الاقتصادية الخانقة التي ضربت المنطقة بعد تهاوي أسعار النفط الى أدنى مستوياتها منذ عقود.

وبالتزامن مع هذا الحدث كانت النخبة تتحرك في الداخل على توحيد الصفوف والأجندة على العريضة التي انطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول 1994، وشرعت لجنة العريضة في جمع التوقيعات بشكل كبير في مختلف مناطق البحرين وهو حدثٌ جسورٌ آخر لم يكن في الحسبان.

وعلى صلة بتطورات الدَّاخل كانت المعارضة البحرينية في الخارج وتحديداً «مجموعة لندن» التي كانت تتحرك باسم حركة أحرار البحرين في أوج قوتها، إذ كانت تنسق مع مجموعات العمل في الداخل بشكل مكثف وتحولت إمكانات المجموعة اللندنية إلى قدرات استراتيجية لإدارة عمل المعارضة وتوجيه النشاطات والاتصالات بالناشطين في الداخل وكذلك نشطاء الخارج في مختلف أنحاء العالم.

الآن وأكثر من أي وقت مضى أصبحت «حركة أحرار البحرين» على صلة تفاعلية وثيقة مع كل المعنيين بالنَّشاط السياسي وشئون حقوق الإنسان، فقد ارتقت الاستعدادات الى التعامل مع «جنين الداخل»، وقد كانت المجموعة اللندنية تمتلك أرشيفاً غنيّاً بالمعلومات والأحداث الراصدة والتحليلية عن أوضاع البحرين فضلاً عن نمو مؤشر الاتصالات الممنهجة مع وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والمؤسسات الفاعلة والناشطين على الساحة.

مجموعة لندن في أوج نشاطها

لقد بدا واضحاً أن أنشطة المعارضة في الخارج نشطت بشكل كبير جداًّ، فمع حلول العام 1994، وكانت المعارضة في لندن، قد شرعت في تنظيم وحضور النَّدوات، وبدأت تمارس نشاطاً ملحوظاً ونظمت اعتصامات مفاجئة أمام عدد من الفعاليات البحرينية التي أقامتها الحكومة، ومنها معرض للمنتجات البحرينية في لندن، كما سجلت حضوراً كبيراً في منتدى أقامه وزير الإعلام السابق طارق المؤيد وسط لندن، إذ حضرت المعارضة المنتدى باعتصام وتمت مناقشة الحضور، وكانوا من فئة السلك الدبلوماسي والأكاديميين المهتمين بشأن الخليج، عما يحدث في البحرين... حدث كل ذلك في شهري أكتوبر ونوفمبر/تشرين الثاني من العام 1994.

وفي هذه الفترة أيضاً قامت المعارضة البحرينية بترجمة كل ما يرد من البحرين لإيصاله إلى كل ما يعنيهم الأمر من الجهات الإعلامية والحقوقية والبرلمانية والسياسية الدولية التي تحتاج إلى أن تعرف مطالب النخبة المتحركة في البحرين والتي يساندها الشارع.

ولم يكن خافياً أن الجماعات المعارضة في الدَّاخل توحدت هي الأخرى بشكل فاعل على أسس قاعدة مشتركة... إنها «المطالبة بالحياة الدستورية»، وكانت رمزية الشيخ عبدالأمير الجمري محورية في جمع هذا الطيف، لأنه أصبح قائد الشارع المتحرك وفي الوقت ذاته تحالف مع الاتجاهات الوطنية والسياسية على أرضية مشتركة ضمن إطار مقبول دستوريّاً في الداخل و في الخارج.

ماراثون نوفمبر

في 25 نوفمبر من العام 1994 حدثت تظاهرة ضد ماراثون كان يقام على شارع البديع بالقرب من قرية القدم، ويرجع بعض النَّاشطين تلك المظاهرة إلى عمل فردي قامت به مجموعة من الشباب من دون علم القائمين على التَّحرك المطلبي في الدَّاخل أو في الخارج، ولكن على أي حال، حدثت مناوشات بين شباب اعترضوا على الماراثون الذي تضمن نساء أجنبيات يركضن بالقرب من أحياء سكنية محافظة، وبعد ذلك وظفت قوات الأمن هذا الحادث وشنت حملة اعتقالات غير مسبوقة في صفوف شباب المنطقة. وبدا واضحاً أن قوات الأمن هنا أرادت أن تقول إن هذه «الحركة تركز على أمور ترعب الغرب لأنها ضد الماراثون الخيري»، وأثناء هذه الاعتقالات قالت الحكومة لاحقاً إن هؤلاء المعتقلين اعترفوا على رجل الدين الشاب الشيخ علي سلمان، وقامت السلطة باعتقاله في 5 ديسمبر/ كانون الأول 1994 وبقي في السجن إلى منتصف يناير 1995.

الآن انطلقت الشرارة لتنفجر الانتفاضة، إذ بدأت الساحة تتحرك في مناطق محددة في بادئ الأمر ولكن سرعان ما انتشرت الاحتجاجات في كل مكان... تحركت أولاً مجموعة في البلاد القديم للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين وعلى رأسهم الشيخ علي سلمان، وتجمعت قوات مكافحة الشغب بكثافة... ومن المفاجآت أن بعض الشباب كانت لديهم الشجاعة في تسليم نسخٍ من المنشورات الى قوات الأمن، وهذه علامة أخرى على ولوج مرحلة جديدة مختلفة عن سابقاتها.

كرة الثلج تتدحرج

موجة كبيرة من الاعتقالات، وأصبحت كرة الثلج تتدحرج من منطقة الى أخرى، راسمة مضلعاً متحركاً... أضلاعه الأولى كانت في المنامة والبلاد والدراز والسنابس، وربما لم تكن الحكومة تتوقع هذا المد الشبابي المتحرك الذي يجرف معه يوميّاً شباباً جدداً.

في العاصمة (المنامة) خرجت مسيرة كبيرة من فريق المخارقة، وجابت المنطقة إلى مسارين: فريق متجه الى مركز شرطة باب البحرين (أغلق لاحقاًً). أما الفريق الآخر فقد انطلق إلى منطقة الفنادق المحاذية لمبنى البلدية، وأغلقت المنامة على إثر الأحداث التي أعادت التذكير بالمواجهات الساخنة في ثمانينات القرن الماضي.

في غضون أيام عدة اعتقلت الحكومة أعداداً كبيرة من الناشطين، وحدث تجمع كبير في الدراز وحدثت مواجهة أمنية وقتل أحد أفراد الشرطة، ولكن حتى الآن السلطة تقرر التكتم على ما يجري، وكانت الحكومة تقول ببساطة «لا شيء يحدث في البحرين».

البحرين تستعد لاحتضان «قمة التعاون»

ولعل السبب الرئيسي في فرض هالة من التكتم على الأحداث كان يعود الى رغبة الحكومة في عدم التشويش على استعدادات البحرين لاحتضان قمة مجلس التعاون الخليجي التي تنعقد في ديسمبر من العام 1994.

أصبحت البحرين محط اهتمام كل وسائل الإعلام التي انتدبت وفوداً إعلامية لتغطية قمة مجلس التعاون الخليجي، ولكن حملات الاعتقالات بدت واسعة على نحوٍ لم يكن يجعل من مهمة الحكومة في التغطية على الوضع مهمة غاية في السهولة، وكل المؤشرات لم تكن تجعل السلطة تفكر في مفاجآت كبيرة من جانب المعارضة أثناء انعقاد القمة.

ولكن لم تسر الأمور كما خطط لها، فالوضع أصبح متأزماً جدّاً، وساد اعتقاد لدى المحتجين بضرورة اسماع صوتهم للمسئولين الخليجيين ووسائل الإعلام المجتمعين في فندق الميريديان (الرتز كارلتون حاليّاً)، وأقرب منطقة للفندق يمكن الوصول اليها كانت السنابس. وكانت المفاجأة هي توجه الناس إلى السنابس بزحف كبير لأول مرة، وهي أقرب نقطة يمكن أن يصل إليها المتظاهرون في ظل الطوق الأمني.

لقد شهدت هذه الفترة تفجير أول اسطوانة غاز (سلندر) في المواجهات الأمنية من قبل الشباب، وكانت الفكرة أن يسمعوا الإعلاميين ومن يتواجد في المريديان بأن هناك شيئاً مَّا يحدث في البحرين، وكان رد فعل قوات الأمن قويّاً جدّاً على المتظاهرين، وعلى إثر ذلك سقط الشابان هاني أحمد الوسطي (22 عاماً) وهاني عباس خميس (24 عاماً) في 17 ديسمبر / كانون الأول 1994بسبب الوابل المطاطي والرصاص الحي ومسيلات الدموع التي وصلت رائحتها الى الوفود الرسمية المشاركة وكذلك الإعلاميين الذين بدا بعضهم الذهاب مباشرة إلى منطقة الأحداث بصحبة عدد من الناشطين.

وكان من بين من ذهبوا الى السنابس مراسل هيئة الاذاعة البريطاينة «البي بي سي» حمدي فرج الله الذي بدأ يبث أخباراً من البحرين عما يجري هنا فاستدعته الحكومة وطردته من البلاد. ولكن ما حدث أن الحكومة استعدت «البي بي سي» التي أصبحت فيما بعد أهم رئة للمعارضة لإسماع صوتها للعالم كله.

في 20 ديسمبر 1994 سقط الحاج ميرزا علي عبد الرضا (70 عاماً) أثناء أحد الاحتجاجات، وبذلك ارتفع عدد الضحايا الى 4 أشخاص مع نهاية العام 1994 (رجل شرطة واحد وثلاثة من المواطنين).

مفترق طرق

الآن أصبحت الأمور على مفترق طرق، وكلا الفريقين (قوات الأمن والشباب الناشطين) باتوا يعتقدون أن المرحلة فاقت التوقع، بسبب إسالة الدماء، وباتت الأمور أقرب الى الفلتان، وخصوصاً مع فشل كل المحاولات التي بذلتها أطراف متعددة لاحتواء الأزمة المشتعلة.

وبالعودة الى نشاط المعارضة المتصاعد في لندن فإن الأحداث ضاعفت من حجم اتصالاتها مع الداخل، وخصصت المعارضة غرفة اتصالات فيها هواتف وفاكسات عدة، وفتحت خطوطاً ساخنة مع الداخل، وكانت تتلقى التقارير وكان النشطاء يتصلون من الهواتف العمومية التي بدأت تنتشر في البحرين (قبل عصر الإنترنت)، وكان المتصلون يتحدثون بسرعة وينقلون ما يجري من أحداث، وتقوم المجموعة اللندنية بتفريغ التسجيلات وكتابة التقارير عنها، وفي هذه الفترة أيضاً كان هناك أشخاص يسافرون إلى مناطق مجاورة للبحرين لتسهيل عملية التواصل والاتصال.

حتى تلك الفترة كانت المعارضة قد سلمت وكالات الأنباء 450 موقوفاً، غير أن مصدراً مطلعاً أبلغ وكالة الأنباء الفرنسية أن عدد المعتقلين وصل إلى 1600 شخص. و انتشر هذا الخبر في البحرين والخارج كانتشار النار في الهشيم.

«البي بي سي»... نافذة المعارضة

وعن سر توثيق عرى العلاقة بين المعارضة اللندنية و«البي بي سي» يقول المتحدث باسم حركة أحرار البحرين سابقاً منصور الجمري: «بعد إخراج مراسل البي بي سي حمدي فرج الله من البحرين (بعد الأحداث الدامية في ديسمبر 1994) أراد معلومات أكثر، وكان سأل الناشطين في البحرين قبل طرده عن طريق الاتصال بهم لاحقاً، فأرشدوه الى حركة أحرار البحرين في لندن وقالوا له إنها تمثلهم. في تلك الفترة كنت على اتصال شبه يومي مع البي بي سي والإذاعات الأخرى، وعندما اتصلت بالإذاعة في أحد الأيام رفع الهاتف حمدي فرج الله الذي أخبرني أنه جاء للتو من البحرين، وطلب الاستزادة عن حقيقة الأوضاع التي رآها بأم عينيه».

ويضيف الجمري: «من هنا انفتحت البي بي سي على المعارضة البحرينية بشكل كبير، ومن حسن حظ المعارضة أنها الإذاعة الأهم والأكثر انتشاراً في العالم العربي، حينها خرجت في البي بي سي على الهواء مباشرة باسم حركة أحرار البحرين، وهذا منح المعارضة بعداً إعلاميّاً دوليّاً عبر أهم إذاعة ناطقة باللغة العربية».

توتر الوضع أكثر من ذي قبل

لقد بدا واضحاً أن هناك حراكاً شديداً وتقدم الساحة مجموعة من المحامين للدِّفاع عن الموقوفين، في الوقت ذاته توسعت الاحتجاجات لتشمل كل يوم منطقة جديدة، وتصاعدت الأحداث في منتصف يناير / كانون الثاني 1995، وسقط مواطن آخر ضحية لإطلاق الرصاص. ففي 12 يناير 1995 قتل عبدالقادر الفتلاوي (18 عاماً) في الدراز، وتوسعت الاحتجاجات أكثر وأكثر.

وفي يوم 13 يناير 1995 حاصرت قوات الأمن الدراز من كل جانب تحسباً لتشييع الفتلاوي، غير أن الشيخ عبد الأمير الجمري ذهب بنفسه للصلاة على الفتلاوي، وكان في مقدمة المشيعين، تماماً كما كان كذلك عندما سقط الهانيين في السنابس في 17 ديسمبر 1994.

إبعاد سلمان والديري والستري

في 15 يناير 1995 قررت وزارة الداخلية إبعاد الشيخ علي سلمان (كان في المعتقل آنذاك) مع الشيخ حمزة الديري والسيد حيدر الستري لتهدئة الوضع في البحرين، فاتصل مسئول رسمي وأبلغ وكالات الإعلام بأن الحكومة وافقت على طلب رجال دين ثلاثة أرادوا الخروج من البحرين الى سورية، وأن الحكومة تعلم أن الثلاثة سيلتحقون بحزب الله في لبنان.

الواقع أن علماء الدين الثلاثة أبعدوا قسراً وسلمتهم الحكومة تذاكر سفر في اتجاه واحد الى سورية عبر دبي. ولكن سلمان والديري والستري وصلوا الى الإمارات وبقوا هناك يومين، ومن ثم قرروا التوجه الى لندن بدلاً من سورية.

وعن خلفيات تلك الخطوة، يقول الجمري «اتصلت بي اذاعة البي بي سي في 16 يناير 1995 تقول لي إن لديها تصريحاً من مصدر بحريني رسمي يقول ان علماء الدين الثلاثة سيتوجهون الى لبنان، ولكن كنت أعلم أن العلماء قرروا الاتجاه الى لندن، فقلت له ان الخبر غير صحيح، والثلاثة سيأتون الى لندن في يوم الغد - أي 17 يناير - ولكني لا أريد التصريح بذلك لأن الإخوة يخشون من أن معرفة وجهتهم قد تؤدي الى تعطيل خروجهم من الامارات... فطلب مني مندوب البي بي سي ان اخرج على الهواء مباشرة وأن أتحدث برأي المعارضة. وبالفعل خرجت في المقابلة ونفيت كل تلك الأنباء وقلت انهم سيتجهون الى مكان آخر، وان العلماء الثلاثة هم جزء من تحرك داخلي يشمل مختلف فصائل المعارضة، وإن المعارضة البحرينية ليست لها أية علاقات مع منظمات خارجية كالتي تحدث عنها المصدر الرسمي، وكانت مقابلة مطولة قياساً الى الوقت الإذاعي، وبالفعل وصل رجال الدين الثلاثة في اليوم التالي الى لندن، وتعزز ثقل المعارضة في لندن أكثر، ومباشرة توحدت جهود مجموعة لندن ومجموعة العلماء الثلاثة، وسمعنا أن الحكومة طلبت طردهم أو تسليمهم إياها».

ولكن لماذا لندن؟ يجيب على السؤال الجمري بالقول: «أعتقد أن الفكرة انطلقت أثناء مكالمة هاتفية بين العلماء الثلاثة وأحد الإخوة في لندن وهم رحبوا بالفكرة».

المعارضة تعقد أول مؤتمر صحافي

في الأسبوع الثالث من يناير1995 ذهب وزير الخارجية آنذاك الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة إلى لندن، وأجرى مباحثات في الخارجية البريطانية، وفي اليوم ذاته (26 يناير 1995) نظمت المعارض في لندن أول مؤتمر صحافي يعقد في مبنى البرلمان البريطاني وحجز غرفة البرلمان عضو مجلس العموم جورج غالاوي».

ويوضح الجمري أن هذا المؤتمر الصحافي شهد اهتماماً منقطع النظير من الصحف ووسائل الإعلام المتمركزة في لندن، وكان من أكبر المؤتمرات الصحافية التي عقدتها المعارضة آنذاك، وشارك في المؤتمر الشيخ علي سلمان وأنا وجورج غالاوي، وكان الرد في المؤتمر الصحافي قويّاً وأخذ بعداً كبيراً، وصار واضحاً أن المعارضة البحرينية نشطة اذ سجلت حضوراً فاعلاً في كل وسائل الإعلام المهمة».

البحرين تخرج للشارع

هذا الوقع الإعلامي الكبير المصحوب بالضغط السياسي تزامن مع وضع أصبح أكثر توتراً في البحرين، ويشير الجمري الى تلك الفنرة بالقول «أخبرنا الإخوة في الداخل بأن جميع المناطق (الشيعية) في البحرين قررت أن تخرج في 19 يناير 1995عن بكرة أبيها، لم نكن نتوقع أن كل المناطق المعنية ستخرج بمعنى الكلمة وإنما بالمعنى المجازي، ولكن ما حدث في تلك الليلة غريب جدّاً، اذ خرجت تقريبا كل المناطق المعنية وأغلقت الطرق، وكان ربما أكبر احتجاج على الإطلاق نظمته المعارضة احتجاجاً على القمع والاعتقالات في تلك الفترة».

لم ينقض شهر يناير 1995 الا وسقط المزيد من القتلى، اذ سقط محمد رضا منصور (34 عاماٍ) في بني جمرة بتاريخ 25 يناير، وثم حسين علي الصافي (26 عاماً) في سترة في 26 يناير 1995.

في هذه الفترة خرجت مناطق للمرة الأولى مثل بعض قرى المنطقة الغربية كالهملة وصدد والمالكية، كما أصبحت سترة في هذه الفترة مشتعلة وكذلك الدير وسماهيج والقرى الأخرى في مختلف المناطق. وفي هذه المرحلة فرضت الحكومة طوقاً أمنيّاً على الأحياء السكنية وأنزلت القوات الأمنية في الشوارع وأصبح عدد المعتقلين بمد البصر... والبقية تأتي.

--------------------------------------------------------------------------------

الملا10-25-2008, 01:31 AM
الله يرحم الشيخ عيسى صج كان من حكماء الخليج

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين10-25-2008, 01:19 PM
الله يرحم الشيخ عيسى صج كان من حكماء الخليج

رحم الله شهدائنا الأبرار ...

أفضل ما فعله عيسى بن سلمان هو دستور 73 ... خير ذلك لا يُذكر !

دُمت مُخَربِش قصدي بخير

--------------------------------------------------------------------------------

بقعة ضوء10-25-2008, 03:06 PM
موضوع قيم جداً يحكي تفاصيل كثيرة عن الظروف التي صاحبت الانتفاضة التسعينية وكانت المسبب لها، بالإضافة إلى حال المنطقة في تلك الفترة!

مع بداية الإنتفاضة لم نكن نتجاوز السادسة من عمرنا ولكننا نملك ذكريات كثيرة خالدة في الأذهان فيما يخص إرهاب ما يسمى بأمن الدولة. الاعتقالات ومسيلات الدموع التي أغرقت القرى والمناطق البحرانية ،والرصاص الذي طال الكثير من التجمعات والمظاهرات، والشهداء الذين سقطوا من جراء ذلك ..

صفحات سوداء تبين قذارة أفعال العائلة الخليفية الدخيلة لتشكل وصمة عار أبدية على جباههم هم ومن تحت أيديهم من مرتزقة جبناء!

النهايات تؤكد بأن الملوك إلى زوال وتبقى الشعوب صوتاً يصدح .. فإلى مزابل التاريخ وإلى نار جهنم وبئس المصير يا طغاة هذا العصر!

رحم الله الشيخ الجمري ورحم الله جميع الشهداء الأبرار!

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين10-25-2008, 04:06 PM
موضوع قيم جداً يحكي تفاصيل كثيرة عن الظروف التي صاحبت الانتفاضة التسعينية وكانت المسبب لها، بالإضافة إلى حال المنطقة في تلك الفترة!


مع بداية الإنتفاضة لم نكن نتجاوز السادسة من عمرنا ولكننا نملك ذكريات كثيرة خالدة في الأذهان فيما يخص إرهاب ما يسمى بأمن الدولة. الاعتقالات ومسيلات الدموع التي أغرقت القرى والمناطق البحرانية ،والرصاص الذي طال الكثير من التجمعات والمظاهرات، والشهداء الذين سقطوا من جراء ذلك ..

صفحات سوداء تبين قذارة أفعال العائلة الخليفية الدخيلة لتشكل وصمة عار أبدية على جباههم هم ومن تحت أيديهم من مرتزقة جبناء!

النهايات تؤكد بأن الملوك إلى زوال وتبقى الشعوب صوتاً يصدح .. فإلى مزابل التاريخ وإلى نار جهنم وبئس المصير يا طغاة هذا العصر!


رحم الله الشيخ الجمري ورحم الله جميع الشهداء الأبرار!


بالفعل أختي ( بقعة ضوء ) كُنا صغار و حملنا هموم الكبار في تلك الفترة السوداء التي مرت على البلاد ، عندما كان لشعب قائد واحد و هو شيخنا الجمري رحمه الله ... أعتصم و أضرب و عُذب من أجلنا نحن و من أجل الوطن ، من أجلنا نحن الصغار و كنا مثل البذور في الأرض الخصبة و سقينا من دماء الشهداء حتى كبرنا و شتد عودنا و نحن نهمل فلسفة الفداء و التضحية و حب الوطن ...

لم أنسى يوم واحد من تلك الفترة ، أعتقال جارنا .. ضرب والدي .. أقتحام منزلنا مراراً و تكراراً ... دموع أم الشهيد فاضل عباس ... أقتحام أحد المساجد في القرية آخر يوم تأبين لشهيد... هؤلاء الحكماء المسلمون متقون الله يقتحمون بيوت الله و يدنسونها بدون الأعتبار لحرمتها ...!!

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين10-28-2008, 01:43 PM
"تسعينات البحرين"- 1995: التحـرك الشعــبي يتعمــق والمعارضة في الخارج تتوسع


الوسط - حيدر محمد



بزغ نجم العام 1995 مع إرث ثقيل من العام 1994 الذي شهد حوادثَ أمنيةً مريرةً، وأضحت البحرين سجناً كبيراً بعد اعتقال آلاف الشباب الذين كانوا وقوداً محركاً للمطالبة الشعبية المنادية بعودة الحياة الدستورية.

كان العام 1995 قاسياً في كل فصوله، فقد أغلقت فيه كل نوافذ الأمل، وبات منطق القوة - في قاموس السلطة - هو عنوان المرحلة. ولكن القسوة الأمنية التي بدا وكأنها قد أحكمت هيمنتها لم تفلح في لجم التحرك المطلبي.

النساء بدأن يشاركن في صنع الحدث... الطلبة يتحركون... والناس يقتسمون الألم، المعارضة في الخارج هي الأخرى كان العام 1995 بالنسبة إليها مشهوداً، فقد خاضت جولات في اروقة المنظمات الحقوقية والبرلمانات في العواصم المهمة وفي لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحة في جنيف.

قررت السلطة آنذاك أن تقضي على وهج الانتفاضة من خلال فرض الحصار المنزلي على الشيخ عبدالأمير الجمري وثم إيداعه بين جدران سجونها الأربع، ولكن ذلك أشعل جذوة الانتفاضة مجدداً، وأصبح الشيخ عنوان المطالبة. كثيرة هي الحوادث، وكثيرة هي الذكريات في سنة حبلى بالمصادمات.



في الحلقة الماضية تمت الإشارة الى أن شهر يناير/ كانون الثاني 1995 شهد خروج جميع مناطق البحرين (الشيعية) إلى الشارع بعد أن تأزمت الأوضاع وسقط المزيد من القتلى وبدأت المواقف تتبلور في هذه الفترة. وفي الداخل برز دور النخبة الوطنية التي تحالفت مع الشيخ عبدالأمير الجمري والمتصدين للشارع الإسلامي الشيعي المتحرك.

النخبة بدأت تتحرك في الداخل بشكل متناغم مع حركة الشارع، وفي الخارج كانت المعارضة المتمركزة في لندن تمر بفترة ذهبية من النشاط السياسي والاتصالات مع الجميع. وكانت المعارضة تشعر بتحقيق نوع من الانتصار في الداخل والخارج، إذ اعترفت بها مختلف وسائل الإعلام والبرلمانات والمنظمات الدولية وعدد غير قليل من الفعاليات السياسية بأحقية المطالب المطروحة وعدم تطرفها إضافة إلى أن الشارع المتحرك كان ملتزماً بالأجندة المتفق عليها وهذا عزز قوة المعارضة.

وعلى صعيد الداخل تكثفت الاتصالات وتنسيق الجهود بين رموز العريضة وفي مقدمتهم الشيخ عبدالأمير الجمري وأحمد الشملان الذين استمروا في تعاونهم تجاه إيصال المطالب إلى أوسع نطاق، وأكدوا عدم القبول بطأفنة الحركة، وبرزت في هذه الفترة شخصية الشيخ الجمري كرمز للشارع المتحرك بشكل واضح، لأنه تصدى لقيادة الميدان وجاء معه عدد من علماء الدين والنشطاء مثل الناشط عبدالوهاب حسين، والناشط حسن مشيمع، الشيخ حسن سلطان، الشيخ خليل سلطان، وغيرهم، وهؤلاء تضامنوا وتعاضدوا في اتجاه موحد وضمن أطر متفق عليها.

وفي الوقت ذاته كانت الحكومة تستخدم الأساليب الأمنية التي أدت إلى انطلاق إدانات من مختلف الجهات الحقوقية، فكانت أجهزة الأمن ترفض استقبال العائدين إلى البحرين وتسفرهم إلى الخارج، وذلك خلافاً لتعهداتها إلى لجنة حقوق الإنسان التي أخضعت البحرين إلى المحاسبة السريّة بين العام 1991-1993.

أما على مستوى الخارج، فعندما وصل علماء الدين الثلاثة المبعدين ( الشيخ علي سلمان، الشيخ حمزة الديري، السيد حيدر الستري) إلى لندن تقدموا بطلب اللجوء السياسي مباشرة وذلك في 17 يناير 1995 وأحدث ذلك قلقاً كبيراً لدى السلطات في البحرين، لأن لندن اصبحت تحتضن العديد من الناشطين السابقين والجدد.

الدبلوماسية البحرينية تلاحق أنشطة المعارضة

الدبلوماسية البحرينية الرسمية بدأت في محاولة الحد من انشطة المعارضة في الخارج، وتجلى ذلك في الزيارة التي قام بها وزير الخارجية آنذاك الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة إلى باريس ولندن.

ففي 26 يناير/ كانون الثاني 1995 اجتمع وزير الخارجية مع نظيره وزير الخارجية البريطاني سابقاً دغلاس هيرد، وقدم له طلب البحرين بمنع استضافة المبعدين الثلاثة، ولكن هيرد أخبر الصحافيين لاحقاً أن «قضايا اللجوء السياسي ليس من اختصاص وزارة الخارجية، وإنما من اختصاص وزارة الداخلية وهي عملية خاضعة لاتفاقية دولية بآليات محددة».

قبل زيارته الى لندن كان الشيخ محمدبن مبارك قد زار فرنسا والتقى وزير الخارجية الفرنسي آنذاك الان جوبيه... والأخير صرح للصحافة الفرنسية بعد اللقاء بأنه يعتبر«إن إطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين خطوة في الاتجاه الصحيح»، وكانت مثل هذه التصريحات تستبطن نقداً للحكومة البحرينية من جانب أصدقائها الأوروبيين واعتبرتها المعارضة نصراً كبيراً ليس متوقعاً في تلك الفترة وهو ما عزز من موقفها ونشاطها في الخارج.

التحرك النسائي

وفي الداخل استمرت الاحتجاجات، وظهرت النشاطات النسوية بشكل ملحوظ في هذه الفترة لمواكبة التحركات الأخرى، اذ نظم اعتصام نسائي أمام مبنى المحكمة (وزارة العدل) وقامت نحو 130 امرأةً بترديد الشعارات قرابة 45 دقيقة في المنطقة الدبلوماسية في العاصمة، وكان هذا الاعتصام أثار انتباه تلك المنطقة التي تعج بالحياة الاقتصادية لكونها تحتضن عدداً كبيراً من المؤسسات التجارية والمالية المهمة بالاضافة الى وكالات الأنباء.

سجون تمتلئ والناس يتشاركون الألم

السجون بدأت تمتلئ أكثر فأكثر بالمعتقلين والتصعيد بدأ يزداد. وفي يوم الأربعاء 8 فبراير/ شباط 1995اختنق طفل ذو سنة واحدة في البلاد القديم واسمه إبراهيم سلمان الصفار بفعل مسيلات الدموع، وبهذا ارتفع عدد الذين سقطوا بعد اندلاع الانتفاضة، ازدادت الاحتجاجات اليومية في مختلف المناطق المنتفضة.

في منتصف فبراير 1995 أصبح الوضع هادئاً نسبياً لكنه مصحوب بجو من التوتر الشديد، وكانت تحدث بعض الأحداث الصغيرة المتناثرة، ولا زالت قوات الأمن تجوب الشوارع في مناطق الأحداث إلى أن تطورت الأوضاع مجدداً، وبدأت حركة طلابية تنشط احتجاجاً على ما يجري من اعتقالات داخل البحرين وكانت الأحداث تتضارب والأمور أصبحت متداخلة بسبب الإرباك، بحيث أن قوات الأمن هجمت على بعض الأعراس والاحتفالات اعتقاداً منها أنها مسيرات، فكل تجمع شعبي كان مثاراً للشبهة، وهذا ساهم بأنْ تدخل فئات مختلفة من المناطق في الانتفاضة رغم أنهم لم يكن معهوداً عنهم المشاركة في الأحداث الجارية، فما كان لهم إلا الدخول في الحدث.

وفي 7 مارس/آذار 1995خرجت مظاهرة طلابية في جامعة البحرين رفعت شعار «نحن لا نشاغب بالدستور نطالب» و «لا سنية لا شيعية وحدة وحدة وطنية»، كما بدأت تنطلق مسيرات شارك فيها رجال ونساء كما تعززت ظاهرة حرق الإطارات والتراشق بين الشرطة والمتظاهرين. وتميزت هذه الفترة بمسيرات شبه ليلية تخرج في مناطق مختلفة، وفي كثير من الأحيان كانت النساء هن اللاتي يقدن المسيرات وبدأ دور المرأة يتعاظم في المشاركة في الأحداث بصحبة الأطفال أيضاً.

علاوة على ذلك، فإن ثقافة جديدة ولدت من رحم تصاعد الأحداث، فقد بدأت مجاميع كبيرة من الرجال والنساء تقوم بزيارات مكثفة إلى قبور الضحايا الذين سقطوا في الأحداث، وتخللت هذه التجمعات الشعبية الكبيرة نشاطات وخطب للمعارضة وتأكيد على المطالب الدستورية وكان يتبع ذلك اعتقالات واسعة، ومع تصاعد الأحداث ولدت ظاهرة جديدة لشعب البحرين، فالناس بدأوا يقتسمون الأكل والشرب، وهناك جهود كبيرة لتأمين مورد ثابت لحياة أهالي المعتقلين وبدأت مظاهر جديدة من أساليب النشاط المجتمعي الجديد من نوعه.

المعارضة توسع نشاطها خارج لندن

المعارضة البحرينية وسعت نشاطاتها الى خارج لندن تزامنا مع انعقاد مع الدورة السنوية لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في فبراير 1995، وذهب وفد من المعارضة إلى ستراسبورغ (حيث مقر البرلمان الاروبي) والى جنيف (حيث تجتمع لجنة حقوق الإنسان آنذاك).

البرلمان الاوروبي في ستراسبورغ (فرنسا) استجاب لنداءات وفد مشترك من المعارضة تشكل من عدد من الاتجاهات اليسارية والاسلامية، وأصد رالبرلمان الاوروبي قرارا في 15 فبراير 1995 أعلن فيه مساندته لمطالب الحركة الديمقراطية في البحرين ، وأدان اعتقال الناشطين وتعذيبهم وطرح عدد من المطالب التي ذكرتها العريضة الشعبية، كما طالب بمحاسبة المدير العام للأمن العام ورئيس المخابرات آنذاك البريطاني إيان هندرسون.

بعد ذلك، توجه وفد المعارضة الى جنيف وعقد مؤتمراً صحافياً في إحدى قاعات الأمم المتحدة حضرته وكالات الأنباء والإذاعتين السويسرية والبريطانية، وكان وفد المعارضة وزّع نسخاً كثيرةً من وثائق المعارضة على الوفود المشاركة في اجتماعات جنيف، تضمنت مطالباً بإعادة البحرين إلى الرقابة الدولية في مجال حقوق الإنسان ، اذ كانت البحرين قد اخضعت للمراقبة غير العلنية بحسب اجراء 1503 مابين اغسطس/ آب 1991 إلى فبراير 1993، وكانت المراقبة قد رفعت على ضوء تعهدات بعودة المبعدين والافراج عن عدد من المعتقلين السياسيين.

عن ذلك المؤتمر الصحافي، يذكر المتحدث باسم حركة أحرار البحرين سابقا منصور الجمري «لكي تمارس أي نشاط داخل اروقة الامم المتحدة فانه يتوجب ان يكون ذلك تحت رعاية منظمة غير حكومية مسجل كعضو مراقب في الامم المتحدة، وحينها تبنت اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب المؤتمر الصحافي، وحجزت غرفة رقم 21 التي تقابل المدخل الرئيسي لقاعة الاجتماعات التي كانت تستخدمها لجنة حقوق الإنسان، ومباشرة بعد ذلك تدخل الوفد الرسمي وطالب بإلغاء الندوة، لكن المفوض السامي لحقوق الإنسان آنذاك رفض طلب إالغائها، فلجأ اوفد الرسمي على مايبدو الى نيويورك حيث مكتب الأمين العام للامم المتحدة آنذاك بطرس غالي، وجاء أمر المنع من نيويورك. وعليه انتقل المؤتمر الصحافي الى مكان آخر خارج المبنى، ولكن الدوشة التي حدثت لمنع المؤتمر الصحافي أدى لاجتذاب وكالات الانباء والاذاعات لحضوره ونقله بصورة أكبر مما كان سيحدث لو ترك مكان انعقاده في المكان الأصلي».

الـ «بي بي سي» ...تزور البحرين وتتفاجأ

وفي هذه الفترة اشتكت الحكومة البحرينية على هيئة الإذاعة البريطانية الـ «بي بي سي»، اذ اتهمت الحكومة هذه الإذاعة بأنها منحازة للمعارضة وأنها تبث مقابلات مع المعارضين بانتظام وتنشر إدعاءات باطلة.

الشكوى أيضاً تسلمها وفد برلماني بريطاني زار البحرين في الفترة من 12 إلى 16 مارس 1995، وكان الوفد مشكلاً من أعضاء في حزب المحافظين الحاكم آنذاك.

وعليه قام وفد من الـ «بي بي سي» بإرسال رئيس القسم العربي في الإذاعة مع وفد مرافق له إلى البحرين للاطلاع على الشكوى الرسمية البحرينية ضد الإذاعة، إلا أن المفاجأة هي ما كشف عنه أحد أعضاء الوفد الذي ذهب إلى البحرين، وسرد ماحدث لاحقاً الى بعض من التقوه قائلا: «في الساعة الأولى التي اجتمعنا فيها مع أحد الوزراء البحرينيين انقلبت الأمور رأساً على عقب بالنسبة لنا، فعندما وصلنا إلى مكان الاجتماع كان في استقبالنا الوزير البحريني المعني بالاجتماع معنا ومع عدد من الأشخاص بمناصب عالية في الدولة وبدأوا يستعرضون لنا ما نشرته الـ «بي بي سي» من أخبار ومقابلات اعتبروها منحازة ومسيئة، وحاولوا أن يثبتوا لنا كيف أن هذه الأخبار غير صحيحة وأخبرونا بأنهم سيأخذون الوفد في زيارة إلى المناطق وسيرتبوا لنا لقاءات حتى نتأكد بأنفسنا أن ما قيل كان تزويراً ليس إلا».

ويضيف قائلاً: «بعد الاجتماع خرج الوزير ومن معه ولم يبق إلا شخص واحد كان من المفترض أن يأخذ الوفد إلى الفقرة الثانية من البرنامج، ولكن المفاجأة أنه في أثناء ذلك قام هذا الشخص بالحديث مع الوفد بشكل مغاير، وأخبرنا أن الوضع سيئ جداً وأن ما قاله الآخرون غير صحيح وبدأ المسئول البحريني الكبير يشرح لنا الأوضاع السيئة، ومن المضحك هو أن هذا المسئول وأثناء شرحه لمجمل الأوضاع دخل الوزير عليه فجأة فقلب كلامه رأساً على عقب، وبدأ يهاجم الإرهابيين الذين يثيرون الفتن في البحرين، ما أدى إلى وضع مضحك فتبسم الوفد وسط غرابة الوزير».

عاد وفد الاذاعة البريطانية مقتنعاً أكثر بأن ما قامت به الـ «بي بي سي» كان صائباً، وكتب تقريراً إلى الخارجية البريطانية أوضح فيه أن ما ذكرته الإذاعة أقل مما أورده مسئول بحريني كبير في حديث مع الوفد بشكل خاص. وهذا يوضح أن المعارضة كانت عامة واشترك فيها جنود مجهولون كثر من مختلف الفئات والطبقات.

اعتقال عبدالوهاب حسين وحسن مشيمع

وفي 18 مارس 1995 اعتقلت قوات الأمن الناشط عبدالوهاب حسين في منزله بقرية النويدرات وذلك إثر إلقائه خطبة جمعة انتقد فيها الخطاب الرسمي الذي ألقي في افتتاح مجلس الشورى في اليوم السابق، إذ رحب حسين بالدعوة الرسمية للحوار لكنه دعا إلى خطوات عملية لكبح جماح الأزمة. كما اعتقلت السلطات في اليوم التالي الناشط حسن مشيمع من منزله في منطقة جدحفص، وأدى ذلك إلى توتر الوضع الأمني أكثر من ذي قبل، واستمرت حملة الاعتقالات في مختلف مناطق البحرين بشكل مكثف.

طلاب المدارس يدخلون على الخط

طلاب المدارس أصبحوا الآن يدخلون على خط الأحداث بحماس كبير، وبدأوا يدشنون تحركات طلابية لمناصرة الناشطين والمعتقلين، ففي 21 مارس 1995نظمت المعارضة احتجاجات في مدارس البحرين، وعمت الإضرابات الطلابية في كل مكان، وأغلقت مدارس كثيرة أبوابها، وحدثت مواجهات حادة في مدرسة الجابرية الثانوية وخرجت مسيرة كبرى في الجامعة، وهكذا تصاعد الوضع بشكل حلزوني وسقط في هذه الفترة قتلى آخرون.

وفي 26 مارس 1995سقط الشاب حميد عبدالله قاسم (17 عاماً) في الدراز، والمناطق أصبحت تشهد حراكاً متواصلاً في الوقت الذي أصدرت فيه عدد من منظمات دولية بينها منظمة العفو الدولية بيانات عن الوضع المتردي في السجون.

الاعتقال المنزلي للشيخ الجمري

وصلت قمة الأحداث في 1 أبريل/ نيسان 1995، إذ طوقت الآلاف من قوات الأمن بني جمرة وأغلقت جميع مداخل بني جمرة منذ الفجر ووضعوا الشيخ عبدالأمير الجمري وعائلته تحت الحصار المنزلي، وحدثت مواجهات كبيرة بين أهالي بني جمرة مع قوات الأمن منذ الصباح الباكر، وأسفرت هذه المواجهات عن سقوط اثنين من القتلى، وهما: محمد جعفر عطية(28 عاماً) ومحمد علي عبدالرزاق (50 عاماً) اللذين سقطا إثر إطلاق النار عليهما، كما جرح العشرات جراء المواجهات، وأحدهم تسبب جرحه في قطع ساقه.

واستمر الحصار الأول بشكل متواصل لأول مرة على نحو محكم، وقد صدرت نداءات دولية تطالب برفع الحصار عن الشيخ الجمري والاستجابة إلى المطالب الشعبية، إلا أن الرد كان بانتشار المزيد من قوات مكافحة الشغب في الشوارع، وجرت موجة من الاعتقالات المتتالية لعدد كبير من الشباب لينضموا لأقرانهم في السجون. وبدأت الاعتقالات تطال النساء أيضاً.

الاعتقالات كانت تجري على قدم وساق بينما تطويق بني جمرة لايزل مستمراً لمدة أسبوعين كاملين (حتى 15 ابريل 1995)، وفي هذه الفترة كانت المعارضة في لندن تغرق البحرين بالفاكسات اليومية ( قبل ظهور الإنترنت)، وكانت الفاكسات عبارة عن بيانات للمعارضة تتضمن رصداً يومياً للأحداث، وتولى الكثير من الناشطين توزيعها في المساجد وعدد من المحافل الأخرى.

وكانت الحكومة قد دعت إلى تنظيم مؤتمر اقتصادي كبير في فندق المريديان في الفترة مابين 10 إلى 12 أبريل 1995، وكان من بين المدعوين رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت ثاتشر ( ولم تكن حينها رئيسة وزراء)، وهذا أيضاً أعاد سيناريو أحداث ديسمبر/ كانون الأول 1994(أثناء انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي) عندما توجه الناس لإسماع صوتهم للدبلوماسيين والإعلاميين بالقرب من منطقة السيف، أي في مناطق السنابس والديه وكرباباد.

اعتقال الشيخ الجمري

وفي 15 أبريل 1995 انتهت الإقامة الجبرية التي فرضت على الشيخ عبدالأمير الجمري و18 شخصاً من أفراد عائلته، وأخذ الشيخ الجمري إلى السجن، ورغم أن السلطات كانت ترى في اعتقال الشيخ الجمري عاملاً لوقف مسلسل الانتفاضة إلا أن ما حدث هو العكس تماماً، فقد تصاعد زخم المطالبات الشعبية بالإفراج عن جميع المعتقلين الذين أصبح في مقدمتهم الشيخ عبدالأمير الجمري.

وفي 19 أبريل 1995 سقط الشاب حسين العشيري (18 عاماً) من قرية الدير إثر إصابته برصاصة بعد مشاركته في مسيرة نظمت قبل أيام للمطالبة بالإفراج عن الشيح الجمري.

الجامعة تتحرك...

عدوى الاحتجاجات الكبيرة انتقلت إلى قلب الجامعة، فقد حدثت مصادمات كبيرة في الحرم الجامعي بين قوات الأمن والطلبة المتظاهرين المنادين بالحرية للمعتقلين، وقد حاول نائب رئيس جامعة البحرين وعميد كلية الهندسة سابقاً نزار البحارنة منع رجال الأمن من الاصطدام بالطلبة، وفي هذه الفترة ظهر اسم البحارنة لأول مرة في الأحداث بسبب تحركه لحماية الطلاب المتظاهرين، وكان البحارنة يحاول أن يقنع قوات الأمن بأنه سوف يتفاهم مع الطلاب، إلا أن ذلك لم يحدث، بل قامت قوات مكافحة الشغب بتفتيش مكتب رئيس جامعة البحرين السابق إبراهيم الهاشمي ونائبه عميد كلية الهندسة سابقاٍ نزار البحارنة تفتيشاً دقيقاً، وأخذت من مكتبيهما أجهزة الكمبيوتر وعدداً من الملفات الخاصة، ولاحقاٍ تم التخلص من اكثر الكوادر الجامعية على اساس من التمييز الواضح.

استمرت الإجراءات الأمنية المتشددة في جامعة البحرين التي انخفض عدد الطلاب المداومين فيها بشكل كبير، واستمرت عملية تفتيش سيارات الطلاب عند مدخل الجامعة، فضلاً عن نصب خيمة كبيرة لرجال الأمن في ساحة قريبة من الجامعة.

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين10-28-2008, 01:46 PM
«مايو المحاكمات»

في هذه الفترة استمرت الاعتقالات إلى أن بدأت المحاكمات أمام محكمة أمن الدولة وأصدرت أحكاماً كبيرة بالسجن والغرامات في صفوف عدد من الشباب الحركيين من مختلف المناطق، وقد أدى ذلك إلى صدور انتقادات من عدد من المنظمات الحقوقية الدولية التي اتهمت السلطات البحرينية بعدم الالتزام بقواعد القضاء النزيه حسب الأعراف والمواثيق الدولية.

وكانت قد تشكلت قبل بدء المحاكمات لجنة من المحامين البارزين للدفاع عن المعتقلين الذين غصت بهم السجون، واللجنة تكونت من ثمانية محامين هم: أحمد الشملان، محسن مرهون، حسين بديوي، عبدالشهيد خلف، يوسف خلف، جليلة السيد، محمد عيد الحسيني وعلي الجبل، وهذا أطّر طبيعة التحرك داخل البحرين، إذ كانت النخبة من مختلف الاتجاهات تدافع عن الشارع المتحرك.

العريضة النسوية

النساء بدأن يلعبن دوراً آكبر في مجريات الأحداث على مستوى الشارع وعلى مستوى النخبة ،ففي 14أبريل دشنت العريضة النسوية بمشاركة 321 امرأةً من المواطنات المثقفات، وطالبت العريضة الموجهة إلى سمو الأمير الراحل بعودة الدستور وفتح قنوات الحوار ووقف المواجهات الامنية، والناشطات هن من خلفيات سياسية متعددة، ومن بينهن مدرسات جامعيات ومثقفات وإعلاميات.

غير ان رد فعل الحكومة كان عنيفا جداً، اذ استدعت أكثر المساء العاملات في الحكومة وهددتهن اذا لم يسحبن توقيعهن فانهن سيتعرضن للفصل. وعليه رفضت كلاً من الاستاذة الجامعية منيرة فخرو ومسئولة التعليم المستمر في وزارة التربية والتعليم حصة الخميري ومعدّة البرامج بإذاعة البحرين المرحومة عزيزة البسام سحب تواقيعهن، وهذا أدى الى فصلهن من وظائفهن، وتحولن الى رموز قيادية نسوية يعبرن عن صمود ويدعمن قوة المعارضة في الداخل والخارج، لاسيما وانهن من الاتجاه الليبرالي الداعم لاستعادة الحياة البرلمانية.

مؤتمر صحافي للمعارضة في واشنطن

في الوقت ذاته كانت المعارضة تنشط في الخارج وتزداد في مؤتمراتها الصحافية واتصالاتها، ما انعكس لصالح موقف المعارضة على المستوى الدولي. وازدات ظاهرة الاعتصامات المتكررة أمام السفارة البحرينية ، وازداد عدد الناشطين، كما استمرت التغطيات الإعلامية المتعاطفة مع قضية المعارضة ، إذ عرضت شبكة تلفزيون «سكاي نيوز» برنامجاً خاصاً حول البحرين احتوى على صور خاصة للتظاهرات ومقابلات مع الناشط في حركة أحرار البحرين سابقاً مجيد العلوي ومنظمة العفو الدولية، فيما رفضت سفارة البحرين في واشنطن المشاركة واكتفت بإدلاء تصريح ينفي وجود أي شي في البحرين.

وفي هذه الفترة سافر وفد من المعارضة الى العاصمة الأميركية (واشنطن) والتقى بعدد من الفعاليات السياسية وأعضاء الكونغرس الأمريكي وعقد مؤتمرصحافي في نادي الصحافة الوطني، تحدث فيه المتحدث باسم حركة أحرار البحرين سابقاً منصور الجمري وأجرى مقابلات مع الصحف والاذاعات والتلفزيون.

الوضع يزداد توتراً في الداخل

في 5 مايو/ أيار 1995 تمخضت المسيرات في منطقة الدراز عن سقوط شاب آخر يلتحق وهو نضال النشابة (17 عاماً)، وأصدرت منظمة العفو الدولية بياناً أدانت ممارسات قوات الأمن واعتبرت ان محاكم أمن الدولة التي كانت تجري في البحرين قاصرةً عن المستوى الدولي للمحاكمات العادلة، وطالبت بالإيقاف الفوري لتلك المحاكمات. وبعد ذلك شهد الوضع هدوءاً لأول مرة بسبب كثرة الاعتقالت وانقطاع وسائل الاتصال آنذاك، اذ قامت قوات الأمن بحرق الهواتف العمومية التي كانت تستخدم لتقل أخبار التحرك الداخلى الى جماعات المعارضة في الخارج.

لكن الهدوء الذي حدث بسبب القمع انكسر مع سقوط الشاب سعيد الإسكافي (15 عاماً) تحت التعذيب في 8 يوليو/ تموز 1995، وكان أول اختراق كبير للهدوء النسبي الذي عرفته الساحة و أصدرت السلطات أوامر بعدم تشييع الإسكافي، إلا أن الشباب رفضوا الانصياع لهذا الطلب، وحاصرت «قوات الشغب» منطقة السنابس طوال ذلك اليوم، وأطلقت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي على المتظاهرين بسبب ما رواه شهود عيان، كما سقط عدد من الجرحى.

أول تغيير حكومي منذ 20 عاماً

وأول إشارة عن «المبادرة»

وفي 26 يونيو/ حزيران 1995، أعلنت البحرين عن تغيير وزاري واسع، وهو الأول من نوعه منذ عشرين عاماً، وشمل خروج الوزراء : علي فخرو، يوسف الشيراوي، حسين البحارنة، حبيب قاسم وطارق المؤيد.

وكان لافتاً في الاسبوع الأول من يوليو 1995 إعلان الحكومة في تلك الفترة عزمها على إطلاق سراح 150 معتقلاً وكانت أول اشارة رسمية من الحكومة الى حدوث نوع من المفاوضات بين قادة المعارضة المعتقلين في السجون ، وعلى رأسهم الشيخ عبد الأمير الجمري، وهو ما عرف لاحقاً بـ «جماعة المبادرة» التى سيتم تناولها في حلقة أخرى. وعلى صعيد متصل، قام وفد بحريني رفيع المستوى بزيارة إلى بريطانيا في أعقاب التغيير الوزاري، لإقناع الجهات البريطانية بصوابية موقف الحكومة تجاه التحرك الشعبي، وأعاد الوفد الرسمي طرح طلب حكومة البحرين من الحكومة البريطانية بعدم إيواء معارضين بحرينيين في لندن، وهو الطلب ذاته الذي تردد مرات عديدة بعد نمو نشاط المعارضة البحرينية المقيمة في المملكة المتحدة بشكل ملحوظ.



العريضة النسائية في البحرين - أبريل 1995

حضرة صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الموقر

أمير دولة البحرين

تحية من نساء البحرين

انطلاقاً من ثقتنا الراسخة بسعة صدر سموكم، ومن إيماننا العميق بأهمية إيصال آرائنا إليكم عن طريق الحوار الديمقراطي الذي أكدتم تمسككم به مرات عديدة، يشرفنا أن نتقدم إلى سموكم بهذا الخطاب للتعبير عن بالغ قلقنا تجاه الأوضاع التي يمر بها وطننا الحبيب البحرين.

لقد هالنا كمواطنات بحرينيات التصاعد الأخير للأحداث واستخدام العنف بدلاً من لغة الحوار لمواجهة الحدث وحل الخلاف بحيث لم نعد قادرات على تجاهل ما يدور حولنا يومياً خاصةً مع إدراكنا بأن استمرار العنف لا يعني حلاً للقضية وإنما يفاقمها.

إن استمرار العنف وانتشار سوف يطال الجميع آجلاً أو عاجلاً. إن تجارب الشعوب قد أثبتت أن دائرة العنف هي حلقة مفرغة لا نهاية لها، تولد الضغينة وتعمّق الكراهية وتكرس العنف، وفي نهاية الأمر سنكون جميعاً خاسرين وسيثخن بلدنا بجروح لن تندمل لفترة طويلة.

إننا إذ نؤكد قناعاتنا التامة بأن التخريب والتدمير للمنشآت العامة أمر غير مقبول إطلاقاً، إلا أننا نتفهم كذلك أنه قد يكون تعبيراً عن غياب قنوات الحوار وانعكاساً لعمق وحجم التراكمات الهائلة من المعاناة ومن تدني الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لدى شريحة واسعة من أبناء البحرين خصوصاً العاطلين منهم. هذه الأوضاع التي باتت تتطلب حلولاً عاجلة لمواجهة التطورات الراهنة.

لقد هالنا كذلك بوصفنا مواطنات وأمهات، ممارسات قوى الأمن والشغب مع المواطنين من أهل القرى، تلك الممارسات التي تراوحت بين الإهانات والضرب المبرح للشباب والنساء والأطفال إلى قتل المتظاهرين العزل بالرصاص بما فيهم طلبة المدارس والجامعات.

إننا مع تأكيدنا القاطع على رفض أعمال التخريب إلا أننا لا نراها مبرراً كافياً لاستخدام الرصاص من قبل قوات الأمن، خصوصاً مع الأطفال والمواطنين العزل. إننا على ثقة بأن حكومة البحرين الموقرة لن تعدم وسائل الحوار والتعامل مع المتظاهرين كي تلجأ للتفاهم معهم بالرصاص، خاصة أن جملة ما نسب للمتظاهرين ارتكابه من أعمال تخريب لا تصل عقوبته القانونية حد القتل.

إننا نؤمن يا صاحب السمو بأنه لا يغيب عن حكمتكم بأن المضي في التعامل مع التطورات يتطلب كسر دائرة العنف، ولن يستطيع ذلك إلا الطرف الأقوى بحكمته وعقلانيته وليس بسلاحه. وإننا لعلى ثقة تامة بقدرتكم على إخراج بلادنا من هذه المحنة العصيبة للحفاظ على الوحدة الوطنية.

بناءً على ذلك، فإننا نتقدم إلى سموكم بهذا الخطاب راجين تدخل سموكم شخصياً لكسر دائرة العنف وفتح باب الحوار للنظر في كيفية معالجة الوضع بحكمتكم المعهودة والتي يمكن أن تتحقق عبر الوسائل التالية:

1 - وقف استخدام الرصاص لتفريق المتظاهرين ووقف عمليات المداهمات غير القانونية والاعتقالات الجماعية.

2 - التعامل مع الموقوفين وفقاً لأحكام القانون بكل ما يتضمنه من ضمانات للمتهمين طوال فترتي التحقيق والمحاكمة مع سرعة تقديم المتهمين للمحاكمة وإطلاق سراح بقية المعتقلين فوراً وإرجاع المبعدين.

3 - توفير فرص العمل لكل المواطنين وتحقيق الحد الأدنى لمتطلبات معيشتهم وإيجاد حل حاسم لتزايد العمالة الأجنبية.

4 - فتح باب الحوار الوطني بهدف الوصول إلى الحل المناسب.

5 - تفعيل دستور دولة البحرين والدعوة لانتخابات المجلس الوطني وإتاحة المجال للحريات العامة وحرية التعبير.

6 - مشاركة المرأة البحرينية في صنع القرار السياسي والاستفادة من طاقاتها الخلاقة في جميع المجالات لخدمة وطننا البحرين.

وكلنا أمل بأن سموكم بروحكم الأبوية المعهودة وبحكمتكم البالغة مدركون حساسية الموقف وقادرون على اتخاذ القرار الصحيح والكفيل بوضع حدٍ لإراقة الدماء وإنقاذ الأمة من هذا المنعطف الخطير في تاريخ بلدنا العزيز.

هذا وتفضلوا بقبول فائق التقدير والاحترام لسموكم الكريم

--------------------------------------------------------------------------------

بقعة ضوء10-28-2008, 04:26 PM
جميل جداً .. فمن هنا يتضح لنا مدى الوعي الذي يتمتع به المجتمع البحراني بجميع فئاته، فتتجلى لنا مشاركة المرأة واحتجاجها وعظمة دورها في إبراز رأيها ومساهمتها في قضايا مجتمعها.. كما نرى دور طلاب المدارس والطلبة الجامعيين في مناصرة النشطاء السياسيين والمعتقلين، وحتى الفتية الصغار كلٍِِ له دوره !!

بالمقابل نشاهد ضحالة فكر القبيلة الخليفية الدخيلة التي تسعى لطمس الواقع من خلال سياسة التعتيم التي كانت تمارسها ظناً منها بأن المجتمع الدولي غافل عما كان يجري في البحرين، فهذا ما لمسناه من موقفها الجبان مع قناة البي بي سي التي فضحتهم وفضحت تجاوزاتهم اللا إنسانية مع الشعب في ذاك الوقت ..

وما يؤكد غباءهم هو ممارستهم لنفس الأسلوب الآن في ظل انتشار وسائل الإعلام بالصوت والصورة !!

فليشاهد العالم من نحن ومن هم !!
سر يا شعبي فموعدنا الصبح .. أوليس الصبح بقريب؟!

--------------------------------------------------------------------------------

Husain10-28-2008, 05:13 PM
صور من الأحداث:
1- سقط الشابان هاني أحمد الوسطي (22 عاماً) وهاني عباس خميس (24 عاماً) في 17 ديسمبر / كانون الأول 1994بسبب الوابل المطاطي والرصاص الحي ومسيلات الدموع

2- في 20 ديسمبر 1994 سقط الحاج ميرزا علي عبد الرضا (70 عاماً) أثناء أحد الاحتجاجات

3- وصلت قمة الأحداث في 1 أبريل/ نيسان 1995، إذ طوقت الآلاف من قوات الأمن بني جمرة وأغلقت جميع مداخل بني جمرة منذ الفجر ووضعوا الشيخ عبدالأمير الجمري وعائلته تحت الحصار المنزلي، وحدثت مواجهات كبيرة بين أهالي بني جمرة مع قوات الأمن منذ الصباح الباكر، وأسفرت هذه المواجهات عن سقوط اثنين من القتلى، وهما: محمد جعفر عطية(28 عاماً) ومحمد علي عبدالرزاق (50 عاماً) اللذين سقطا إثر إطلاق النار عليهما، كما جرح العشرات جراء المواجهات، وأحدهم تسبب جرحه في قطع ساقه.

4- مع سقوط الشاب سعيد الإسكافي (15 عاماً) تحت التعذيب


رصاص حي ورصاص مطاطي وتعذيب في السجون وقتلى بسبب ذلك واعتقالات وتهجير ... هكذا واجهوا الناس حين علا صوتهم للمطالبة ببعض حقوقهم



وفي يوم 13 يناير 1995 حاصرت قوات الأمن الدراز من كل جانب تحسباً لتشييع الفتلاوي، غير أن الشيخ عبد الأمير الجمري ذهب بنفسه للصلاة على الفتلاوي، وكان في مقدمة المشيعين، تماماً كما كان كذلك عندما سقط الهانيين في السنابس في 17 ديسمبر 1994.



وفي الجانب الآخر بطولة وشجاعة ونضال وتحدي للحصار يتقدمه الشيخ المجاهد عبد الأمير الجمري رحمه الله ... تاريخ مشرف لقادة الانتفاضة وابنائها

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين11-12-2008, 07:18 PM
أبريل 1995... بني جمرة و15 يوماً من طوق الحصار


::

لم يكن نبأ حصار المرحوم الشيخ عبدالأمير الجمري (1 - 15 أبريل/ نيسان 1995) ومن ثم إيداعه السجن خبراً اعتيادياً، فقد كان محطة محورية في طريق تفاقم الوضع الأمني في عشرات المناطق، وقد مثل هذا الحدث علامة فارقة منذ انطلاق شرارة الانتفاضة في العام 1994.

الأول من أبريل أو «السبت الأسود» كما يسميه الأهالي هنا... كان يوماً مأساوياً ببني جمرة، فقد شهد سقوط شابين من أبناء القرية وبتر رِجْلِ ثالث، فضلاً عن نحو خمسين جريحاً آخر.

بني جمرة طوت النهار على وقع سيل من الرصاص واقتحام عشرات المنازل، وغابت عنها الشمس بصوت طلقات الرصاص ومسيلات الدموع لم تفارق القرية حتى مطلع الفجر!

فقد كانت بني جمرة ساحة لأحداث دموية ومرعبة... وعاش أهلها 15 يوماً من الحصار المحكم و15 يوماً من المعاناة، ولكن ما ميزها أنها 15 يوماً من التضامن بين الأهالي الذين هبوا احتجاجاً على الإجراءات غير الإنسانية في تعامل السلطات مع كل من في القرية.

فالحصار القاسي الذي فرضته قوات الأمن المدججة في السلاح على الشيخ عبدالأمير الجمري شمل القرية بأكملها...القرية مغلقة بالكامل ومحاطة من كل جانب، ولا يدخلها أحدٌ إلا بعد المرور بتفتيش دقيق عند المنافذ التي نصبتها قوات الأمن التي طوقت القرية.

كثيرة هي القصص وكثيرة هي الروايات وكثيرة هي الجراحات أيضاً، فكل أبناء بني جمرة يتذكرون ذلك اليوم الطويل، كل من في القرية شمله العذاب، ولكن ماذا يقول شهود العيان عن شريط دامٍ عاصروه ولا يزال محفوراً بالذاكرة... لكنه مقرون بطعم تحرك شعبي غير مسبوق، لذلك فإن الحصار كان كفيلاً لاكتشاف صلابة الناس.

حصار قبل مطلع الفجر

ويروي سلمان عطية (شاهد عيان من أبناء بني جمرة) ما واجهه من أحداث خلال هذه الفترة قائلاً: «يمكنني القول إن السلطات الأمنية اختارت الوقت غير المناسب لبدء الحصار على قرية بني جمرة ، لأنه كان قبل أذان الفجر، ففي هذه الفترة كل الناس كانت تتوجه للمساجد، ولذلك فإن قوات الأمن كانت مدهوشة من الجموع الآتية من كل القرية قاصدة جامع الإمام زين العابدين (ع) (القريب من بيت الشيخ الجمري) عن طريقين هما: طريق المقبرة وطريق البر».

ويوضح عطية أن قوات الأمن الكثيفة التي كانت تحاصر الجامع استغربت من هذه الجموع الغفيرة، فتصورت أن ما حدث هو ردة فعل شعبية على قرار الحصار، مع أن الناس كانت تجهل ما كان يحدث أساساً، وكان التصور هو مجرد عملية اعتقال، لأن مسألة الحصار لم تكن معتادة، فظن الناس أنها مجرد اعتقالات.

الطلقات في وجه الجماهير

ويعتقد عطية أن ردة الفعل المباشرة من قبل قوات الأمن كانت هي الأخرى غير متوقعة... فقوات الشغب بادرت بإطلاق الرصاص الحي في كل مكان، وقد لاذ الناس بالفرار وهم مأسورون بهول الصدمة، كما قامت قوات الأمن بإبعاد كل الموجودين في البيوت المجاورة لمنزل الشيخ الجمري حتى تضمن أن يسير مخططها لمحاصرة الشيخ كما خططت له.

ويروي عطية ما شاهده بأم عينيه قائلاً: « لم يكن نبأ اعتقال الشيخ الجمري حدثاً طبيعياً، ولذلك فإن الناس لم تفر إلى بيوتها كما توقعت الشرطة، بيتي كان قريباً من الحدث ولذا فإن أصوات الرصاص كانت تسمع فيه بقوة، لقد وقفت الجماهير محتارة، وتجمّع الناس في منطقة البر (المنطقة القديمة من بني جمرة)، لم تتوقف أصوات الرصاص فأردنا الخروج من المنزل، إلا أن الوالدة وقفت على الباب لتحول بيننا وبين الخروج».

قتلى وجرحى يتساقطون

ويبيّن عطية أن «إطلاق الرصاص استمر لعشر دقائق، وكنا نسمع صوت طلقات مختلفة، وبعد مضي خمس دقائق، سمعنا صوت امرأة تصرخ بقوة... وكانت زوجة محمد صادق العرب الذي بترت رجله في ذلك اليوم... اقتربنا من مزرعتنا القريبة من المنزل، فجاء شخص وجهه مغطى بالدماء، وبالكاد كان قادراً على المشي (جعفر طالب)... أدخلناه في بيتنا ولكننا لم نكن نعلم حتى ذلك الوقت سبب صراخ المرأة».

لم يتمالك عطية نفسه وهو يقص دقائق من الأحداث المؤلمة: «بعد لحظات وجدنا شخصاً آخر ملقياً على الأرض فوق عينيه دائرة سوداء تحوطها نقاط داكنة اللون، كان الجميع في حيرة لمعرفة هذا الشخص، لأن رأسه كان - بفعل النزيف الداخلي - أكبر من كرة قدم، ولاحقاً تعرفنا عليه وكان هو الشهيد محمد جعفر الذي كان يتنفس بشدة، بعدها سرنا خطوات ورأينا شخصاً ملقياً على بطنه وثوبه مسحوبة وكان يئن».

وقد شاهدنا الطلقة التي أصيب بها وكان مضروباً أيضاً، إنه الشهيد محمد علي عبدالرزاق الذي كان مضروباً بعدة طلقات مباشرة... فكان يشتكي من شدة الألم، فالطلقة دمرته لأنها أصابته في موضع حساس، علماً أن الطلقات كانت توجه عن قرب، وبعد إدخاله إلى البيت كان يردد «أسعد، أسعد...»، وكان تشخيص جميع الموجودين انه كان فاقداً للوعي (ولكن عرفنا لاحقاً أنه يردد اسم ابنه)». وبحسب عطية فإن الشرطة كانت قد ضربت هذه المجموعة بصورة مفاجئة، وقد ابتعد الشهيد محمد علي عن هذه المجموعة، إلا أنه بعد إطلاق الرصاص على الشهيد محمد جعفر قرر أن يرجع إليه مرة أخرى، وسرعان ما قد ازدادت جموع الشرطة التي ظهرت بين النخيل فجاءت قوات أمن كثيفة فأطلقت عليه الرصاص، فأردته أرضاً.

مصاب ملقىً وسط نخلة!

ويعود عطية إلى حديث الذكريات بقوله: «بعد عشرين دقيقة عرفنا سبب صراخ المرأة، فزوجها (محمد صادق العرب)... تجمّع الشباب وجرت عملية بحث عن محمد صادق، وبعد ثلث ساعة رأينا زوجها ملقياً في وسط نخلة قرب مزرعتنا، ورأيت تحته بقعة كبيرة من الدم. قمت بالتدقيق في إصابته، إلا أن كسور العظم لمحنا فيها زوايا حادة، حاولت أن أحلل وظننت أنها ضربة أداة حادة، فرأيت أن أطلع على حجم الإصابة... وكانت عدنا سجادة قديمة سميكة فدحرجناه عليها، وهناك شخصان حملهما أحد الأشخاص، وهما الشهيد محمد جعفر وجعفر طالب، بينما الاثنان الآخرين فقد حملتهما في سيارتي «البيكب»، وهما محمد صادق العرب والشهيد محمد علي».

الطريق إلى المستشفى

تحيّرنا إلى أي طريق نسلك - يضيف عطية - بسبب الكثافة الأمنية وكان في نيّتنا أن نذهب إلى المستشفى الدولي، غير أن الرصاص لا يزال يطلق في بني جمرة، وخرجنا إلى قرية المرخ وقد أوقفنا أهالي المرخ وسألونا عما يجري، فشرحنا لهم الوضع، وطلبوا منا التقاط صور للتوثيق، ولكننا رفضنا لشدة الإصابات التي لا تتحمل أي نوع من التأخير، وكان ذلك على الأرجح بعد أذان الفجر ولكن المؤكد أن الشمس لم تظهر بعد...

ويمضي قائلاً: «دخلنا قرية سار واتجهنا نحو دوار سار، إلا أن دوريتي شرطة كانتا واقفتين أيضاً ولكن لحسن الحظ انهما تحركتا بعد قليل وقد، واصلنا السير قاصدين المستشفى الدولي، وعند وصولنا المستشفى استقبلنا رجل أمن مدني كان يسجل أرقام السيارات، وبعد فترة بسيطة وصل الشخص الآخر الذي حمل مصابين آخرين وقد سلك طريقاً آخر».

ولكن ماذا بعد الوصول إلى المستشفى؟ يجيب عطية: « قمنا بإدخال الجرحى الواحد بعد الآخر، وأدخلنا محمد صادق العرب الغرفة ووضعناه على السرير، لحد الآن لم يئنّ، لأنه مازال لا يعلم حجم إصابته، ثوبه كانت مرفوعة... كان واعياً ولكنه في حالة صدمة، عندما وضعناه طلب مني أن يرى مدى إصابته، فأبيت أن أريه إلا انه أصرّ عليَّ ورفع رأسه فساعدته، ورأى رجله فأغمي عليه مباشرة من شدة صدمته من حجم الإصابة.

ويضيف «وعند إدخال جعفر طالب أتت زوجة الشهيد محمد جعفر وكانت موجودة في المستشفى بسبب الاعتداء عليها بالضرب المبرح هي ووالدتها فسمعت صوتنا، وبادرتنا بالسؤال عن زوجها... ارتبكنا، ولكنها أصرت علينا، فقلت لها: «اطمئني، هو تعرض لإصابة كالآخرين»، مردفاً «بعد ذلك، حاولنا أن نرجَع بني جمرة مرة أخرى ولكن «البيكيب» كان مملوءاً بالدماء، لم نتمكن من ذلك، فقد حوصرنا لثلاثة أيام خارج بني جمرة حتى قلَّ التشديد الأمني على كل منافذ القرية فاستطعنا الدخول لبني جمرة من منفذ ثانوي».

«إنهم يريدون أن يعتقلوا الشيخ الجمري»

أما فيصل الخباز (شاهد عيان ومصاب) فيقول: بالنسبة إلى اعتقال الشيخ الجمري فقد كان أمراً متوقعاً، فقد كان الشباب يتوقعون ذلك في أية لحظة، وكانوا يتواصون بالدفاع عن الشيخ الجمري، وفي ليلة السبت كنت عند والدتي إلى وقت متأخرٍ من الليل ومن ثم رجعت إلى حجرتي وألقيت بنفسي. وقبل نحو نصف ساعة من الأذان انتبهت على صوتٍ غريب: «إنهم يريدون أن يعتقلوا الشيخ الجمري».

ويضيف الخباز «كان الصوت حلماً بالنسبة لي، فبادرت ولبست ثوبي للصلاة، وايقظت زوجتي، وقلت لها: إنني أتوقع عدم رجوعي إلى المنزل، فقالت: ولم؟ فأخبرتها أنني أسمع صوتاً يقولون «إنهم سيعتقلون الشيخ الجمري»، نزلت زوجتي خلفي ونزل خلفنا ولدي مهدي وكان صغيراً حينها، وتوجهت إلى الشخص، وكان عبدالأمير عبدالوهاب هو من ينادي في المأذنة».

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين11-12-2008, 07:23 PM
المقبرة تتحول إلى ثكنة أمنية

ويواصل الخباز حديثه قائلاً: «جاء أستاذ عمران حسين للمنزل، وأخبرنا أن الشيخ الجمري محاصر وأن المنازل تم الاستيلاء عليها وإخراج أهلها، وقد بادرت إلى الخروج رغم معارضة البعض خوفاً علَيَّ، إلا أنني أصريت وذهبت إلى بيت الشيخ الجمري وأثناء مروري بجانب المقبرة متجهاً لمنزل الشيخ، توقفت لأتامّل، وكنت أدقق النظر عند الزاوية للتأمل إلى المقبرة فرأيت حركة غريبة في المقبرة فدققت النظر وإذا بالمقبرة كلها تحوّلت إلى ثكنة أمنية، فتوقفت عن الرواح، وصرت أفكر «ماذا نفعل»؟، فكان القرار أن نكبّر في كل المساجد، فطلبت من أحد الإخوة تشغيل المبكرات الصوتية في جميع المساجد، وبدأنا نتنقل من مسجدٍ إلى آخر للتكبير.

التكبير يصدح من مآذن بني جمرة

وكانت البداية من مسجد الوسطة (أبا ذر الغفاري حالياً) وبدأنا التكبير وتجمع الناس شيئاً فشيئاً، وأخذت المسيرة تتجه إلى المسجد الآخر وهو مسجد الإمام علي(ع)، وفي طريقنا كان بعض الأشخاص يطرقون المنازل ليخبرونهم عن اعتقال الشيخ، والمسيرة يزيد عددها بشكل واسع، وقامت جماعة بالتكبير في مسجد الإمام علي، وعندما وصلنا إلى قرب بيت علي محمد، ونحن متجهين إلى مسجد الخضر، وهنا المسيرة بلغت ذروتها من كثرة المشاركين، الذين وصل عددهم في هذا التجمع العفوي إلى نحو 500 شخص، وكان هذا العدد كبيراً، رغم أنه في وقت الفجر، وعندما وصلنا مسجد الخضر بدأ بعض الأشخاص في المسيرة بترديد بعض الشعارات، إلا أن البعض نهاهم، وأفهمهم أن هدفنا أكبر من مجرد شعارات!

المسيرة تتفرق إلى اتجاهات شتى

ويضيف «عندما وصلنا مسجد الخضر سمعنا أصوات الطلق بكثافة، وبدأت المسيرة تتراجع إلا أن الشهيد محمد علي عبدالرزاق وهو من شهداء يوم السبت الأسود كان مرابطاً، وطلبت منه الخروج من مسجد الخضر، ومسيلات الدموع كانت تضرب فوق المسجد، وهنا تفرقت المسيرة إلى مناطق مختلفة، ولكن القسم الأكبر بقي معنا، ودخلنا إلى الممر القريب من مأتم الانثيعشرية ، وعندما وصلنا زاوية المأتم (الشرقية الجنوبية) هنا أصيب «أسعد» ابن الشهيد محمد علي عبدالرزاق برصاصة في ظهره، ولكن أباه كان قوي الجأش، وحاول أن يهدئه، فأخذ ولده إلى مكان آخر، فاتجهنا إلى البر، وهنا فوجئنا أن كل شبر في القرية تحوّل إلى (معسكر)، ولم يبقَ محل في القرية يمكن الاختباء فيه، الكل بدا محتاراً وهو يبحث عن الوجهة الأنسب».

ولكن عندما رجعت إلى السدرة (سدرة الشيخ كما يعرفها أهالي بني جمرة) حاولت أن أركض فضربوني بالرصاص، ومن حرارة الضربة، لم أتوقف بل سرت مهرولاً إلى أن وصلت بالقرب من مأتم الخضر، فوجدت كراجاً بجانبه سيارة وزحفت ودخلت تحت السيارة، وقد كنت أنزف إلى أن بلغت نفسي الموت، وكان رجائي أن أرى الشيخ الجمري... بعد هذه الخاطرة كأنما ذهب عني كل شيء وكأنني لم أصَبْ فنهضت وذهبت أجري بسرعة».

ويشرح الخباز اللحظات الأخيرة التي رآها في القرية بقوله «تفاجأت مرة أخرى بأن سيارة الشغب نازلة وكنت آتياً من مسجد الخضر متجهاً لمأتم الاثنيعشرية. وكان أمامي برميل للقمامة في الطريق وأنا من سرعتي ضربت البرميل، وهذا المنظر أرهب الشرطي، وأنا لم ألتفت إلى الخلف وواصلت المسير إلى أحد البيوت و طرقت الباب، إلا أن بعض الأبواب لم تفتح خوفاً من ملاحقة الشرطة. فالتفتُّ للخلف ورأيت أن قوات الأمن قد غادرت، وصارت عندي طمأنينة وجئت مسجد الوسطة وتفاجأت بوجود أحد الأشخاص الذي أوصلني إلى منزلي... وقعت على الباب، بينما زوجتي وولدي كانا في المسيرة ولكن لم أكن أعلم عنهما شيئاً، وقد غبت عن الوعي وما أتذكره هو أنني في المستشفى الدولي وانتبهت على السرير، وعندما تقيأت دماً خفّ عني الوجع كثيراً، وصرت في وعيي الكامل، وكنا نسمع أصوات الطلق في محيط المستشفى».

استيقظنا على أصوات الحواجز

أمام منزل الشيخ الجمري

أما جعفر عبدالحسين منصور (جار الشيخ الجمري من جهة الشرق) فيروي لقطات من الحصار المحكم على منزل الشيخ قائلاً: «لقد استيقظنا في يوم السبت الأسود (1 أبريل 1995) في الساعة الثانية والنصف صباحاً على أصوات الحواجز التي ألقتها قوات الأمن في الأرض، وكان ذلك مثار استغراب، ففي بادئ الأمر كانت هناك مضايقات مختلفة للشيخ، نظرت من غرفة السلّم (الدرج) فرأيت قوات الأمن يطوقون بيت الشيخ الجمري، كما داهموا غالبية البيوت الملاصقة لبيت الشيخ، أرادوا عزل الشيخ الجمري، وبدأوا إخراج أبناء الشيخ، كانت قوات الأمن ترصد كل شي، في بادئ الأمر اعتقدنا أنها إجراءات سريعة، ولكن الحواجز جعلتني متيقناً أن الهدف هو فرض إقامة جبرية على الشيخ الجمري وأن المسألة ستطول كثيراً».

يوم استثنائي في تاريخ البحرين

كل شيء كان ممنوعاً، لأنه يوم استثنائي لم يمر ليس فقط على بني جمرة وإنما البحرين من قبل. يضيف منصور «في السادسة صباحاً سمعنا صوت الرصاص عن بعد، وسمعنا التكبيرات أيضاً، وسمعت أحد المسئولين الأمنيين أمام منزل الشيخ يوجه الشرطة إلى ملاحقة الخارجين في القرية، وكنت مستعداً لأن أنقل بناتي إلى المدرسة، وجعلتهن يفتحن الباب أولاً لأختبر رد قوات الأمن الذين طلبوا من بناتي الرجوع إلى المنزل، فخرجت لهم فقال لي أحد المسئولين الأمنيين: ارجع بيتك لا يوجد أي شيء اليوم!».

ويضيف «رجعنا البيت، وكنا نريد الاطمئنان على وضع الشيخ الجمري، لم أذهب الدوام إلا عند الساعة الواحدة عندما طلبت من الشرطة أن أذهب لعملي في أمرٍ شديد الأهمية، وفي العمل تم إخباري عما جرى في القرية».

ويشير منصور إلى أن الطوق الأمني قد أحكم على مجمع المنطقة 539، فقد نصبت العديد من نقاط التفتيش، كانت في البداية نقطتين للخروج والدخول، ولاحقاً اقتصروا على نقطة واحدة، فإذا كان العنوان على المجمع المذكور يسمح لصاحبه بالدخول ويرفض ما سواه، ولا يسمح الدخول إلا في فترات محدودة فضلاً عن تفتيش دقيق للسيارة، فأحياناً بعض المفتشين لا يعرف البطاقة، فيطلب مني جلب تصريح من مركز البديع للدخول إلى القرية. تم التضييق على المنطقة، والتفتيش لم يقتصر على السائق بل شمل جميع ركاب السيارة.

كنا نرى بعض التحركات وقد انقطعت الأخبار عن الشيخ الجمري «لقد كان هاتف منزل الشيخ مقطوعاً، ولم نكن نعرف شيئاً سوى أن منزل الشيخ كان مطوَّقاً بشدة، ومنعوا أيَّ اتصال للشيخ بالعالم الخارجي، والأمر الأكثر غرابة أننا كنا نتلقى الأخبار عن وضع الشيخ الجمري من إذاعة البي بي سي، واستمر الحصار الأول لمدة أسبوعين، وحسب ما كنا نعرفه أن الشيخ رفض أن يتنازل عن كل شيء في مقابل رفع الحصار».

قوات الأمن تسيطر على منزل الشيخ

إلى ذلك يقول مهدي عبدالأمير الجمري: كنت صغيراً، إلا انني بعدما استيقظت من النوم، رأيت قوات الشغب داخل المنزل، في الطابق الأرضي، وفي الطابق العلوي كانت شقة أخي جميل فيها شرفة (بلكونة) وثلاثة من قوات الشغب، وحتى فوق السطح كانوا يقفون مدججين في السلاح ليراقبوا محيط المنزل، فهذا الطوق كان موجوداً في الداخل والخارج، كما أزيلت من المنزل كل الأجهزة والكتب.

وكانوا يحاولون الدخول إلى داخل القاعة التي يوجد فيها الشيخ، كنا لا نستطيع الخروج إلى داخل المنزل، ما أتذكره أن أختي كانت حاملاً وأتوا بممرضة، وكانت خالتي معنا فانحجزت لأسبوعين في داخل المنزل، كنا نسمع طلقات الرصاص، وكانت النافذة مفتوحة، فتألم الوالد من الأخبار السيئة المتوالية من القرية.

ولكن الأخبار السيئة لم تنتهِ برفع الحصار!

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين11-12-2008, 07:38 PM
قصة «المبادرة» والحوار بين المعارضة والحكومة في البحرين (أغسطس 1995 - يناير 1996) كما كتبها منصور الجمري في العام 1996

::

في منتصف أغسطس/آب 1995 انهالت علينا التقارير من داخل البحرين تتحدث عن إطلاق عدد من الرموز القيادية في التحرك الشعبي المطالب بعودة الحياة الدستورية للبلاد. وما هي الا فترة وجيزة حتى اتصل حسن مشيمع ـ احد القياديين الذين أفرج عنهم ـ بنا في لندن يعلمنا انه عازم على السفر إلى الخارج لتبادل وجهات النظر حول المحادثات التي بدأت في السجن بين القيادة الأمنية (ممثلة في المدير العام ايان هندرسون، ووزير الداخلية) وبين خمسة من قياديي التحرك الشعبي (الشيخ عبدالأمير الجمري، حسن مشيمع، عبدالوهاب حسين، الشيخ خليل سلطان والشيخ حسن سلطان).

وهكذا دخلت الانتفاضة مرحلة جديدة اتسمت بالأفراح الشعبية ومظاهر الزينة للاحتفال بمئات من المفرج عنهم بعد أن وصلت الأوضاع إلى حال من الاختناق.

بدا وكأن البحرين تدشن مرحلة حرية التعبير عن الرأي والحوار بين المعارضة والحكومة. الشكوك والظنون كثيرة وكذلك الآلام والآمال. وهكذا بدأنا في لندن نترقب مجيئ مشيمع والشيخ خليل سلطان إلى لندن للاطلاع على ما دار مع القيادة الأمنية.

وصل الوفد إلى لندن يوم 26 أغسطس 1995، في ختام أسبوع حافل للمعارضة عقدت خلاله مؤتمرا صحافيا وندوة سياسية وخرجت مظاهرة جماهيرية في شوارع لندن. كان في وداع الوفد في مطار البحرين الدولي فريق امني برئاسة عادل فليفل، لتسهيل سفر الوفد (ذلك لأن من يعتقل ويفرج عنه لا يسمح له بالسفر مباشرة).

قام مشيمع بتسليم «أحرار البحرين» رسالة كتبها الشيخ الجمري في السجن بتاريخ 24/8/1995، أي قبل يومين من سفر الوفد إلى لندن. لخصت الحوار الجاري بالقول: «فإنني قد اطلعت على البيان الصحفي الصادر عن حركة أحرار البحرين الإسلامية بتاريخ 21 أغسطس 1995، والذي تـناول فيما تـناول موضوع الاتفاق بيننا وبين الحكومة، والذي جاء فيه التزام الحركة مشكورة بما جاء في لاتفاق، وإنني أرجو منكم جميعا التعاون معنا لإتاحة الفرصة الكافية لإنجاحه، وتجنب كل ما يعيق تنفيذه ويطيل زمن محنة شعبنا، وان تتكرس الجهود في البحث عن أفضل السبل بتعزيز الحوار مع الحكومة التي أعربت عن رغبتها فيه، مؤكدا الحاجة القصوى للتعاون من اجل إخراج البلاد من محنتها بأسلوب حضاري حكيم وراق يتناسب مع تراثنا التاريخي والثقافي وقيم ومبادئ شعبنا المسلم وطبائعه الإنسانية النبيلة، ومؤكدا رفض الإسلام لاستخدام العنف مادام يوجد للحوار سبيل، ومؤكدا أيضا أن عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد مع المحافظة على الحقوق والواجبات المتبادلة بين الشعب والحكومة تمثل الأساس الأقوى والأفضل لنمو البلاد وازدهارها وتحقيق آمال وطموحات شعبنا والمحافظة على مكتسباته، وإنني على ثقة بأنكم سوف تهتدون بفضل الله تعالى وتسديده لأفضل السبل السلمية الدستورية الحكيمة التي تمر عبر الحوار لتحقيق ذلك، وعدم تضييع الفرص التاريخية الثمينة لاسيما هذه الفرصة التي تمثل منعطفا خطيرا في تاريخ شعبنا».

عبرت هذه الرسالة عن الأجواء التي يعيشها قادة المعارضة الذين تحاوروا مع وزارة الداخلية. فلقد كانت الأخيرة توصل المنشورات التي نوزعها داخل البلاد ونعبر فيها عن مواقفنا إلى داخل السجن. وكانت حركة أحرار البحرين قد أصدرت بيانا رحبت فيه بمبادرة الحوار مع الحكومة للخروج من الأزمة. لقد حاز قادة المعارضة في السجن على ثقة الجماهير وكان الجميع بانتظار التعرف على التفاصيل وعلى كيفية التفاهم مع الحكومة للخروج من الأزمة السياسية.

الحوار بين مشيمع والشيخ سلطان وبين شخصيات المعارضة المتواجدين في لندن تطرق إلى جميع الأمور المنظورة، وكان النقاش حاداً وصريحاً إلى الدرجة التي كان الوفد (الضيف) يشعر وكأنه خرج من سجون البحرين والمشادات مع المخابرات إلى سجون منازل لندن ومشادات المعارضة. ولكن مثل هذا النقاش كان ضروريا لأن المصلحة العامة للأمة تتطلب الابتعاد عن الجانب العاطفي والشخصي كل البعد للتأكد من سلامة الطريق.

وبينما كنا نتحاور مع الوفد القادم إلى لندن، كان وزير الإعلام الجديد، محمد المطوع يصرح لإذاعة لندن أن الإفراج عن المعتقلين ما هو إلا «مكرمة أميرية» لتوفير الفرصة للمفرج عنهم لكي يعودوا إلى الصراط المستقيم. لعبت هذه الكلمات الجارحة دورها لاحقا في عدم عودة احد أفراد الوفد إلى البحرين بعد انتهاء الزيارة. وبالرغم من ذلك شعرنا بضرورة المتابعة لمجريات الأمور بصبر وحذر شديدين مع الإمساك بقدرة التحرك الجماهيري عندما تتراجع الحكومة عن ما تم الاتفاق عليه. أمام هذه المعادلة، كان علينا أن نبتعد عن الجوانب النظرية البحتة ونتعامل مع الواقع وظروفه، وكيفية معالجة السلبيات التي تصاحب مثل هذه التجربة.

وكان مشيمع قد بدأ حواره بالإشارة إلى أن مثل هذا الحوار لم يكن ليحصل لو أن القادة كانوا على انفراد في زنزانات متفرقة. وكانت الخطوة الأولى التي سعوا إليها هي إقناع وزارة الداخلية بسجنهم في مكان مشترك لأجل التداول في جميع القضايا. وفي مقابل هذا الطلب، كانت المخابرات تريد الحصول على ورقة مكتوبة وموقعة من القادة الخمسة يعتذرون فيها عما جرى. ومن اجل هذا الأمر تُرك الخمسة في غرفة خاصة ومجهزة بأجهزة التنصت للاستماع لما يتم الاتفاق عليه.

وكان القرار الذي اتخذه الخمسة كتابة رسالة تحمل جملة «شرطية» يقول فيها الموقعون عليها أنهم يعتذرون «إذا» كان قد صدر منهم خطأ. وذكر مشيمع أن كلمة «إذا» وضعت في منتصف الكتابة لكي لا يتم حذفها بعد ذلك عندما تقوم الحكومة بنشرها فيما لو تراجعت عن الحوار. وهكذا كتبت الرسـالة الموجهة إلى أمير البلاد بتاريخ 24 ابريل/نيسان 1995 (أي بعد ثلاثة أسابيع من اعتقال الشيخ الجمري) متضمنة الجملة الشرطية التالية: «وإزاء الأحداث المؤلمة التي شهدتها البحرين في الأشهر القليلة الماضية نعرب عن أسفنا الشديد لسموكم «إذا» كانت قد تسببت تصرفاتنا والأعمال التي قمنا بها وأدت إلى الاضطرابات في البلاد».

لقد كانت خطـورة الرسـالة واضحة أمام الخمسة ولكنهم فضلوا أن يقدموا على المخاطرة لكي يتمكنوا من الاجتماع مع بعضهم البعض بصورة مستمرة والخروج بمشروع مشتـرك استمر الحوار فيه لإخراجه قرابة الأربعة اشهـر داخل السجن مع قيادة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية.

ملخص الحوار في لندن

أشار الوفد الزائر إلى أن جذور المبادرة بدأت بعد أيام قلائل من الاعتقال، وخرج عدد من القيادات بصورة مستقلة أثناء اعتقالهم الانفرادي بفكرة لتهدئة الأوضاع مقابل الدخول في حوار مع الحكومة.

بعد عدة جلسات من التحقيق المنفرد مع المخابرات بدا واضحا أن هناك رأي مشترك بين عدد من القياديين، ولهذا تم تقديم طلب بالسماح لخمسة منهم بالاشتراك في سجن واحد لكي يخرجوا بمشروع مشترك. ولكن وزارة الداخلية كانت تصر على كتابة رسالة إلى الأمير قبل السماح بذلك. وقال مشيمع: «إلا أن البند الرابع حُذف بطلب من السلطات العليا في الحكومة حسب ما قاله هندرسون.

البند الأول: هو الدعوة للهدوء والاستقرار مقابل إطلاق سراح جميع الموقوفين (غير المحكومين) وتم الاتفاق على أن يطلق سراح ثلاثة من المحاورين مع 150 شخص في 16 أغسطس، ثم يتم الإفراج عن عبدالوهاب حسين مع 150 معتقل آخرين، وفي 30 سبتمبر/أيلول يتم الإفراج عن الشيخ الجمري مع 500 ـ 600 موقوف.

البند الثاني: معالجة آثار الأزمة. فقد خلفت آثارا مختلفة، ولكي يتحقق استقرار دائم فلا بد من الإفراج عن الذين حُكم عليهم وإرجاع المبعدين ومناقشة عودة البرلمان المنتخب.

البند الثالث: تعزيز العلاقة الطيبة بين الشعب والحكومة. وكان الطرف الحكومي قد أصرّ على كلمة تعزيز بدلا من الكلمة الأصلية «خلق».

البعد الرابع: (الذي لم توافق عليه السلطات العليا): كان ينص على تصحيح العلاقة بين المعارضة في الخارج والحكومة.

ملاحظات ذكرها الوفد الزائر

1 - قال رئيس المخابرات هندرسون في إحدى جلسات الحوار: «لقد استطعتم هز الكأس فلا تكسروه. لقد وصلنا إلى قناعة بأن القمع لن يخمد الشارع العام بالصورة التي نحب، كما أن الوجهاء الذين اعتمدنا عليهم لم يستطيعوا حل المشكلة».

2 - عندما طلبت المعارضة توثيق الاتفاق قبل بدء الإفراجات تم ترتيب لقاء مع وزير الداخلية بتاريخ 14اغسطس (قبل يومين من الإفراج عن الدفعة الأولى) حضره وزير العمل والشئون الاجتماعية عبدالنبي الشعلة، وقضاة المحكمة الجعفرية الشيخ سليمان المدني والشيخ احمد العصفور والشيخ منصور الستري، بالإضافة إلى الوجيه الحاج احمد منصور العالي. وقام الشيخ الجمري بقراءة المبادرة المكتوبة أمام الحضور الذين استمعوا إلى ما قيل عن الحوار الدائر.

3 - قال هندرسون إن زيارة لندن وإقناع المعارضة هناك سوف يكون له الأثر الكبير في الإسراع بحلحلة الأوضاع. خصوصا بعد ذهاب العلماء الثلاثة الذين تم إبعادهم في يناير/كانون الثاني 1995 إلى لندن لأن ذلك قلب الموازين على الحكومة.

4 - تم إخبار وزارة الداخلية أن المحاورين لن يطلبوا من المعارضة ومن الجماهير التوقف وإنما سيطلبون إعطاء فرصة للحوار.

ملاحظات ذكرها أفراد المعارضة في لندن

1 - الحكومة رفضت أن توثق الاتفاق من جانبها كتابيا ورفضت وضع جدولة واضحة للفترة الأمنية من الحوار. كما أن المرحلة الأساسية للحوار غامضة بالنسبة للآلية. فالمعارضة طرحت مطالب دستورية تعتمد على الإجماع الوطني وأي آلية للحوار لا بد أن تحتوي على ممثلين من الأطراف المشاركة في العريضة الشعبية ومن الأطراف الأخرى المؤثرة في الساحة.

2 - إن الحكومة طلبت كتابة رسالة اعتذار كمقدمة للحوار، وبالرغم أن الرسالة كتبت بلغة «شرطية» فإن الابتزاز واضح ولن تتوانى وزارة الداخلية عن استخدام هذه الورقة ونكران الحوار لأنها لم تقدم شيئاً مكتوباً.

3 - إن تكرار وزير الإعلام الجديد لوصف خروج القياديين بأنه مكرمة أميرية من أجل العودة للصراط القويم أمر آخر لا ينبئ بالخير.

4 - الحكومة تريد معالجة عوارض الأزمة وليس جذورها، ولا يبدو أن تغييرا حقيقيا في النهج السياسي قد حصل. فالحديث لا زال عن مجلس الشورى المعيّن وهناك محاولة لتغيير تركيبة الحكم بحيث تستعصي عودة الحياة الدستورية والبرلمان المنتخب.

رجوع مشيمع إلى البحرين

رجع مشيمع إلى البحرين والتقى مع الشيخ الجمري وحسين داخل السجن ليخبرهما بنتيجة الحوار مع المعارضة في الخارج. ولكن سرعان ما بدأت الحوادث تأخذ منحى آخر عندما جاء موعد الإفراج عن حسين في 7 سبتمبر 1995. فالسلطة لم تفرج عنه في اليوم المحدد، كما لم تفرج عن العدد الكامل المتفق عليه احتجاجا على مظاهر الفرح الجماهيرية التي بدأت تتسع مع الأيام. وعندما أفرج عن الشيخ الجمري في أواخر سبتمبر، وخرجت الجماهير من كل مكان لاستقباله، انزعجت الحكومة من دون سبب وامتنعت عن الإفراج عن باقي الموقوفين المتفق عليهم ويقدر عددهم بـ 500 شخص. ينبغي ان نذكر هنا ان الشيخ خليل سلطان الذي خرج من السجن وسافر الى لندن مع مشيمع لم يرجع الى البحرين، وانما بقي في الخارج وتنقل بين عدة بلدان وانتهى به الأمر في سنوات لاحقة الى تقديم اللجوء السياسي في هولندا.

وكان شهر أكتوبر/تشرين الأول 1995 حافلا بالمساجلات والاتهامات بين القيادة الأمنية والمعارضة في الوقت الذي بدا واضحا أن الحكومة لم تكن جادة في فتح باب الحوار بل الالتفاف على المطالب الجوهرية للتحرك الشعبي، وهو إعادة الحياة الدستورية واحترام حقوق المواطن. وهكذا بدأت الحوادث في التصاعد وبدأت تختفي مظاهر الفرح وتعود حالة اللا أمن واللا استقرار والاعتقالات العشوائية والمحاكمات الجائرة والتصريحات غير المسئولة.

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين11-12-2008, 07:39 PM
تسارع الأحداث

لقد تسارعت الحوادث في يناير/كانون الثاني 1996 بصورة خاطفة، وبدا الارتباك واضحا في ردود فعل الحكومة، وهذا ملخص ما جرى:

25 سبتمبر 1995: الإفراج عن الشيخ الجمري.

23 أكتوبر 1995: اعتصام سبعة قياديين وإضرابهم عن الطعام في منزل الشيخ الجمري، احتجاجا على عدم وفاء الحكومة بالاتفاق المبرم معها.

1 نوفمبر/تشرين الثاني 1995: انتهاء الاعتصام واحتشاد اكبر تجمع في تاريخ البحرين (قدر العدد بما بين 60 - 70 ألف شخص) أمام منزل الشيخ الجمري للاستماع للبيان الختامي للمعتصمين.

3 يناير 1996: بعثت قيادة امن المنامة إلى الحاج علي عبدالله الابريق مسئول جامع الصادق بالقفول (المنامة) وأنذروه بمنع الشيخ الجمري من الصلاة مساء الجمعة كل أسبوع. وعندما اتصل الإبريق بدائرة الأوقاف الجعفرية قيل له انه ليس من مسئوليتهم منع أو تحديد من يصلي جماعة في المسجد. فاتصل مدير مركز امن القرى العقيد (ع.م) بالأوقاف ليأمرهم، لكن دائرة الأوقاف اعتذرت عن ذلك. بعدها اتصل العقيد (ع.م) بالشيخ الجمري وقال له: «انك ممنوع من الصلاة والخطبة في مسجد الصادق» وكررها ثلاث مرات. فرد عليه الشيخ الجمري انه يرفض المنع.

4 يناير 1996: هجمت قوات الأمن على جامع الامام زين العابدين حيث كان الشيخ الجمري مع جمهور من المصلين يقرؤون الدعاء (دعاء كميل). واستخدمت مسيلات الدموع بكثافة وتم الاعتداء على المارة بصورة عشوائية وفرض حصار حول منزل الشيخ الجمري. بعد فترة انسحبت قرابة عشرين سيارة جيب من المنطقة وبقيت السيارات المدنية وأربع شاحنات مملوءة بالقوات. وبعد فترة تجمعت أعداد غفيرة حول منزل الشيخ الجمري وخرج الشيخ وخطب فيهم قائلا: «إن هذه الحركة الصبيانية المراهقة قد فعلها هؤلاء بدون سبب. وارى انها قد أرهقتهم وحدة الشعب وإصراره على مطالبه، وأرهقتهم الجماهير الهائلة التي تجتمع لصلاة يوم الجمعة في جامع الصادق ولا نستغرب مثل هذه الحركة، ونحن صامدون لن نتراجع، والذي أراه أن هذا الانسحاب تكتيكي لكي تتجمعوا بسبب هذه المكيدة ثم يأتوا مرة أخرى للهجوم زاعمين أن هناك فوضى وتجمعا غير مشروع، إننا سوف نظل متمسكين بسلوكنا الذي هزمهم وجعلنا نستـقطب الرأي العـام في الداخل والخارج وهو السلوك السلمي، وأرى أن نفوّت عليهم الفرصة ونحبط هذه المكيدة بالتفرق والانصراف من هذا المكان، شكر الله مساعيكم، على أن الانصراف لا يعني التخـلي عـن المسـئولية، بل هـو انصراف مع التحسـب للطوارئ. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

الجمعة 5 يناير 1996: صلى الشيخ الجمري الظهر في جامع الصادق بالدراز، بينما كانت مداخل الدراز تتواجد فيها القوات ولكن الجماهير انهالت من كل حدب وصوب. أما صلاة المغرب فيصليها الشيخ في جامع الصادق بالقفول. وعندما توجه الناس إلى القفول كانت القوات قد حاصرت الجامع منذ الثالثة بعد الظهر بـ 250 مسلحاً وأغلقت جميع الطرق إلى الجامع. وقامت هذه القوات باستخدام مسيلات الدموع والرصاص المطاطي وأصبحت الأجواء مكفهرة، وأصيب عدد غير قليل من النساء والرجال والأطفال. وقد شاهد هذا الحادث السواح الأجانب الذين كانوا متواجدين في الحديقة المائية القريبة من الجامع.

مساء الجمعة 5 يناير 1996: أقيم حفل ديني في منطقة النعيم بالمنامة وكان من بين الحضور الشيخ الجمري. وبينما كان مشيمع يلقي كلمته أمام الحضور هجمت قوات الشغب بالقنابل الخانقة على الحضور. فانفض الجمهور وسقط عدد كبير على الأرض من بينهم الشيخ الجمري، فحمله الشباب إلى بيت صغير ملاصق لمكان الاجتماع. وقد التجأ إلى هذا المنزل حوالي مئة شخص، وبقوا هناك ما لا يقل عن ساعة ونصف لا يستطيعون النزول ويتكلمون بالهمس، لأن البيت مطوق والمنطقة كذلك. بعد ذلك هجمت قوات الشغب على المنزل وكسروا أبوابه ودخلوا واقتادوا الشباب بصورة وحشية ضربا ورفسا وشتما. وقيدوا أيدي الشباب من الخلف. وتعرض الشيخ الجمري لضربة على ظهره من احد أفراد قوات الشغب، بعدها واجه الشيخ الشخص الذي قام بالهجوم واسمه الملازم (ع.ق)، وحمّله مسئولية ما حدث. ثم طالب بالإفراج عن الشباب الذين قيدوا، وتم ذلك بعد فترة من النقاش الحاد. وقام الشيخ والشباب بتفقد الجرحى الذين سقطوا على الأرض ونقل بعضهم إلى المستشفى.

8 يناير 1996: الشيخ الجمري يصلي في جامع الصادق رغم التهديد له قبل الصلاة والجماهير تجتمع من كل مكان. بعد ذلك توجه الشيخ الجمري للدراز وحضر احتفالا جماهيريا ضخما رددت فيه هتافات الصمود.

12 يناير 1996: طوقت قوات الأمن جامع الصادق بالقفول، وعندما جاء عدد كبير من الناس واغلبهم من الشباب للصلاة وجدوا شرطة مكافحة الشغب قد أغلقت المنافذ المؤدية للجامع من الجهات الأربع مما أدى لامتداد طوابير السيارات القادمة من كل جهة لأكثر من كيلومتر واحد. وحدث إرباك في الحركة المرورية وعم التذمر العام من تصرفات قوات الأمن. ثم قامت الأخيرة بملاحقة القادمين للصلاة باستخدام الرصاص المطاطي الذي تسبب في إتلاف عدد من السيارات والممتلكات. كما أطلقت قوات الأمن قنابل غازية ذات لون احمر لخلق حالة من الفزع.

13 يناير 1996: استدعت وزارة الداخلية الشيخ الجمري وسبعة من رفاقه وأدخلوهم واحداً بعد الآخر في مكتب وزارة الداخلية الذي كان يتوسطه 14 من قوات الأمن. وكان وكان يحاورهم وكيل وزارة الداخلية. وطالب قادة المعارضة بحضور محامي الدفاع إلا أن ضباط الداخلية قالوا إن الهدف هو إبلاغ رسالة، إن الحكومة قررت منع الصلاة جماعة وإلقاء الخطب أمام الناس. وكان جواب الشيخ الجمري ورفاقه، إنهم لا يعتبرون بهذا القرار لأنه غير دستوري.

14 يناير 1996: اعتقل الناشط عبد الوهاب حسين من منزله الساعة الثالثة بعد الظهر. وكان حسين قد ألقى كلمة أمام حفل جماهيري في عراد مساء 13 يناير شرح فيه ما جرى مع ضباط وزارة الداخلية وموقف قادة المعارضة الرافض لمثل هذه التهديدات.

15 يناير 1996: بدأت حملة اعتقالات واسعة شملت جميع الذين ظهرت أسماؤهم للعلن خلال الأشهر المنصرمة من علماء دين وأساتذة وخطباء ووجهاء ومسئولي مساجد، من مختلف مناطق البلاد.

16 يناير 1996: الشيخ الجمري يلقي كلمة أمام جمهور غفير في مدينة حمد ويتعرض للحوادث الجارية ويدعو لوحدة الشعب ويؤكد المطالب العادلة.

17 يناير 1996: استدعي الشيخ الجمري لمقابلة رئيس اللجنة الأمنية التي انشئت لقمع الانتفاضة. وكان اللقاء مختلفا عما قبله. إذ قدم الاعتذار لإساءة الخُلق في الاجتماع السابق (13 يناير). طالب الشيخ الجمري بالإفراج عن حسين وإيقاف الهجوم على المساجد والتجمعات العامة لكيلا ينفلت الوضع الأمني وتعود الاضطرابات. طلب رئيس اللجنة الأمنية بعدم رفع الشعارات السياسية، إلا أن الشيخ قال إن المطالب سلمية ودستورية وليس من شأنها الإضرار بالأمن، بل على العكس. ولكن الاجتماع انتهى دون معرفة الهدف الأساسي من اللقاء.

19 يناير 1996: استدعي الشيخ الجمري للقاء رئيس اللجنة الأمنية مرة أخرى، وكان هذا اللقاء عكس اللقاء الذي سبقه. احتدم الخلاف بين الطرفين بعد أن اتهم رئيس اللجنة الأمنية الشيخ الجمري بالتحريض ضد الحكومة، وطالب بإيقاف النشاطات والتجمعات والصلاة وعدم الإدلاء بأي تصريح لوكالات الأنباء العالمية، إلا أن الشيخ الجمري رفض كل ذلك.

20 يناير 1996: فرض الحصار المنزلي الثاني (الأول كان في ابريل 1995) على الشيخ الجمري ابتداء من الساعة الثالثة فجرا. الإحتجاجات تعم مناطق البحرين وتعود مظاهر الاشتباكات مرة أخرى للساحة. اعتقالات واسعة شملت جميع أعضاء «المبادرة» ومعظم العلماء والخطباء والوجهاء الذين وقفوا بحزم أمام هجوم قوات الشغب على المساجد والتجمعات العامة.

21 يناير 1996: اعتقال الشيخ الجمري من منزله والعودة الكاملة لحالة الانتفاضة التي سبقت الإفراج عن قادة المبادرة في أغسطس وسبتمبر 1995. بل إن الأوضاع ازدادت حدة ودخلت البحرين مرحلة صراع أخرى كان بالإمكان تفاديها لولا تجنب السلطة من الحوار مع المعارضة.

وقبل اعتقاله بساعات قليلة، كتب الشيخ الجمري رسالة أرسلها لي بالفاكس قائلا: «أنا والعائلة نعيش الحصار داخل البيت وقد طوقنا بعشرات الجنود وعدد من السيارات، بل حوصر جيراننا في بيوتهم وهم الذين بجانبنا وخلفنا حتى المغتسل، وشرقا حتى بيت طه جاسم، ويمتد غربا إلى بيت ميرزا آدم، ولم يسمح لأحد منا بالخروج إلا الأطفال إلى المدرسة ويفتشون في خروجهم ودخولهم تفتيشا دقيقا. نحن في حال سيئة جدا . . . لا أدري ما سيجري بالنسبة لنا وللشعب من تطور وتصعيد للعنف... هذا وإذاعتهم وتلفزيونهم وصحفهم تتكلم ضدنا وتربط الأحداث (حوادث العنف) التي استدرجوا الناس إليها بنا وبالمساجد وتزعم أننا استغلينا المساجد. الآن يحاولون إسكات الأمة من خلال اعتقال عدد من العلماء وجميع الشيالين (خطباء المواكب الحسينية) وأعداد كبيرة من الشباب... وتعتبر هذه الأصـوات قـد أخمـدت، ولم يبـق إلا الأمـل فـي الله والرجـاء منه».

--------------------------------------------------------------------------------

كواسر البحرين11-16-2008, 06:27 PM
http://www.alwasatnews.com/wasatdata/alwasat/archive/2258/images/008_Alwasat-B90-11-11-1.jpg

--------------------------------------------------------------------------------

vBulletin إصدار 3.8.4, كافة الحقوق محفوظة ©2000-2010, مؤسسة Jelsoft المحدودة.