Wednesday, March 26, 2008

منقول

[align=justify]تيار الدعوة تيار وفاقي في البحرين

--------------------------------------------------------------------------------



الدعوة / الشيعة / التنظيم
الوسط - ندى الوادي
بالقرب من مدخل الدراز ستقع عيناك على مبنى «مهجور»، من دون لافتات كبيرة تشير إليه، ولهذا المبنى حكاية تمتد في عمق الزمان والمكان. لم تكن لترى المبنى نفسه مهجوراً لو شاهدته في العام 1984 أو قبل ذلك، وتحديداً قبل أن يتم غلقه «رسمياً» بيد السلطة، وذلك بعد فترة وجيزة من إلقاء القبض على عدد من مؤسسيه ورجالاته ... أعضاء وقيادات حزب الدعوة الإسلامية - فرع البحرين.

واليوم تجد مبنى آخر بين البيوت في منطقة كرانة، مبنى بلون البيج لا يختلف كثيراً عن المباني المحيطة به من حيث الشكل، تصله بسهولة بعد أن تبحث عن لافتته المتواضعة التي تحمل ذلك الشعار الأخضر المعروف، يتوسطه كتاب، ويد، وقلم. وتقرأ عليه اسم «جمعية التوعية الإسلامية».

بين هذين المبنيين، تفوح رائحة تاريخ عميق، عمق زماني وعمق فكري في الشارع البحريني. من كلاً من ذلك المبنى الصغير الحجم، الذي يمتلك فروعاً متعددة في مناطق مختلفة في مملكة البحرين. ومن ذلك المبنى المهجور، الذي خصص له مبلغ 750 ألف ديناراً لإعادة بنائه، لكنها لم تكفي لترميمه... من هذين المبنيين تصدر ذبذبات قوية، لا يعرف تماماً هل تعكس نبض الشارع الشيعي في البحرين، أم تحركه؟. في صورة هذين المبنيين، تشاهد صوراً مختلفة ومتنوعة، وتسمع أصواتاً مختلفة، تسمع صوت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، والمجلس الإسلامي العلمائي، وتوقيع العريضة النخبوية والشعبية، وحوادث التسعينات، وقائمة طويلة من الحوادث، والأشخاص، والذكريات.

نفتح في هذه الحلقة أحد الملفات الشائكة جداً للتيارات السياسية الإسلامية التي تحكم الساحة المحلية اليوم، بعدما تحدثنا في الملفين السابقين عن كل من جماعتي السلف والإخوان المسلمين في البحرين. انه ملف الاتجاه العام في الحركة الشيعية في البحرين. هو جمعية التوعية، هو حزب الدعوة، هو الوفاق، أو الخط العلمائي، هو كلها مجتمعة، أو لا شيء منها ... إنه «التيار الدعوتي - الوفاقي» ، مصطلحان يقود كل منهما للآخر، ويبدو الفصل بينهما شبه مستحيل. فقد بدأ هذا التيار الذي سنتحدث عنه في هذه الحلقات «دعوياً» وانتهى «وفاقياً». وفي هذه الحلقة الأولى من الملف، نحكي بداياته.

أيديولوجية حزب الدعوة

«هي رسالة إلهية، وحركة انقلابية، وعملية تغييرية، تستهدف استئصال الواقع الفاسد من جذوره، وقلب الأوضاع الشاذة التي عمت البشرية، وغرس التعاليم الإسلامية العادلة وإقامة الأوضاع الطبيعية التي يعم خيرها الإنسانية كلها».

تشرح هذه الكلمات المنقولة من كتاب «الدعوة والعقبات» لكاظم محمد النقيب، فكر «الدعوة» أيديولوجياً، ما الذي تريد أن تفعله، أو تغيره، أو تستأصله. يستعرض مؤلف هذا الكتاب - الذي يعتبر أحد الكتب الرئيسية التي يقرأها كل من ينضم إلى حزب الدعوة - مفهوم الدعوة الإسلامية، ما هي وما أصولها، يتحدث أساساً عن «فقه الدعوة» كما يقول الكتاب، ولا يخرج عن قوله انها «رسالة من الله وليست من البشر، فلم يكن محمد، خاتم النبيين ليأتي بشيء من عنده، بل كان ما يوحى إليه من ربه»، «وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحي» (النجم: 3). وبذلك تكون الدعوة هي «شريعة عامة جاءت لمعالجة جميع القضايا العامة والخاصة، وتحمل العلاج الناجع لا دواء البشرية فحسب، ولذلك فهي تتصف بالشمول والاستيعاب، والسمو والرفعة، والكمال والتمام، فليست هي مقتصرة على إصلاح نواح معينة من حياة الإنسان ولم تأت لتخفف من وطأة الأدواء الاجتماعية من دون أن تعطي الدواء اللازم لاستئصال الداء والقضاء على جرثومته، كما أنها ما جاءت لترمم البناء القائم للهيكل الاجتماعي المتداعي من دون أن تقلعه حجراً حجراً، وتزيل آخر معلما من معالمه، لتقيم مقامه البناء الاجتماعي السليم على أسس إسلامية رصينة».

ولعل أحد أكثر الأمور التي تذكر عن أيديولوجية «الدعوة» إثارة هو ذلك الارتباط الوثيق بينها وبين فكر جماعة الإخوان المسلمين، غير أن الفارق هو اعتماد حزب الدعوة في تبريره الفقهي المستخدم لعمل الحزب على أحاديث أهل بيت النبي (ص). من هنا لا نجد محلاً للاستغراب لو اكتشفنا أن كثيراً من الكتب التي يجب أن يقرأها أعضاء الحزب هي في الأساس نابعة من فكر الإخوان المسلمين، ككتب المفكر الإخواني فتحي يكن. إلى جانب عدد آخر من الكتب منها «الدعوة والعقبات» لكاظم محمد النقيب، و«خطوات على طريق الإسلام» للسيد محمد حسين فضل الله، وجميع كتابات ومؤلفات السيد محمد باقر الصدر.

ولعل التشابه بيّن مع الإخوان المسلمين لا يقتصر على استخدام المراجع نفسها، إذ يمتد إلى اعتماد منهجيات متشابهة أيضاً. فمنهج حزب الدعوة يعتمد بالأساس على فكرة «المرحلية»، وهي الفكرة ذاتها التي طرحها «الإخوان المسلمين» في تنظيمهم. تقوم هذه الفكرة على أساس أن يمر الحزب بمرحلة البناء أولاً عبر بناء كوادره وتكوين قاعدة جماهيرية قوية. ثم يدخل في مرحلة المشاركة في الحياة العامة، وحينها يمكنه أن يتواجه مع النظام القائم فيما لو قام هذا النظام بقمع الحزب، ويمكن أن تنحو هذه المواجهة أحياناً إلى استخدام العنف كوسيلة للدفاع في حال تعرضت كوادر الحزب وقواعده لأعمال عنف. تتبع ذلك مرحلة ثالثة تتمثل في الوصول إلى مواقع صنع القرار السياسي، إذ يفضل الحزب أن تسير الأمور في البلاد كافة بقيادة الحزب. على أن حزب الدعوة طور تلك المنهجية المرحلية فيما بعد ليتخلى عنها لاحقاً بعد مواجهة صعوبات كثيرة على أرض الواقع.

حزب الدعوة الأم في العراق

يعد حزب الدعوة الإسلامية أحد أقدم الأحزاب الشيعية العراقية، وتم تأسيسه في مدينة النجف الأشرف على يد مجموعة من علماء الدين الشيعة، مثل السيد محمد باقر الصدر والسيد محمد حسين فضل الله (وقيل أنه كان مصاحباً للتأسيس وليس مؤسساً) والسيد مرتضى العسكري والشيخ عبدالهادي الفضلي، وتعرض إلى ضغوطات هائلة من أنظمة الحكم، ومن حزب البعث خصوصا، واصدر الرئيس العراقي السابق صدام حسين في العام 1980حكما بإعدام أي شخص ينتمي للحزب، بحيث أجبر أعضاؤه على الفرار إلى خارج العراق.

يذكر تاريخ تأسيس الحزب أن النواة الأولى له تأسست بعد اجتماع للأعضاء المؤسسين في العام 1958، إذ تم تشكيله على صيغة هيئة مؤلفة من 8 أعضاء، وكان للسيد محمد باقر الصدر دور رئيسي في لجنة قيادة الحزب الذي تشكل لخلق «حالة توازن مع الأفكار الشيوعية والعلمانية والقومية العربية».

برز الحزب إلى سطح السياسة العراقية بقوة في سبعينات القرن، اذ قاد حملة ضد الحكومة العراقية والحزب الحاكم (حزب البعث العربي الاشتراكي). وفي العام 1975 اعتقل البعث وأعدم عدد من قيادات الحزب، يتصدرهم آنذاك الشيخ عارف البصري. الأمر الذي حمل ردود فعل كبيرة في البحرين، إذ تبنت مجلة «المواقف»، وكان يرأس تحريرها أحد أعضاء حزب الدعوة (فرع البحرين) عبدالله المدني، قضيتهم، وهو الأمر الذي أدى إلى اغتياله في العام 1976.

وعند نجاح الثورة الإسلامية في إيران ومجيء الإمام الخميني للسلطة قام حزب الدعوة بتشكيل علاقات مع قيادات الثورة الإسلامية الإيرانية، غير أنه كانت هناك نقطة خلاف وحيدة، اذ كان الاخير يؤمن بولاية الفقيه وأن علماء الدين هم من يجب أن تكون لهم الكلمة العليا في سياسة الدولة ولكن حزب الدعوة كان يرى بأن «السلطة يجب أن تتمركز في يد شورى الحزب أو الأمة برعاية علماء الدين والفقهاء» وهي الفكرة التي استلهمها من فكر الإخوان المسلمين.

النشأة الفكرية للحزب

يشير رئيس تحرير صحيفة «الوسط» البحرينية منصور الجمري في سلسة مقالات نشرها في الصحيفة العام 2005 إلى أن نشأة هذا الحزب في العراق كانت ردة فعل للحوزة العلمية في النجف الأشرف التي فوجئت في نهاية الخمسينات من القرن الماضي بتوسع ظاهرة الأحزاب السياسية «الإسلامية وغير الإسلامية» وامتدادها إلى صفوف الجامعيين ومن ثم إلى صفوف رجال الدين في الحوزة العلمية في النجف الأشرف. عن ذلك يقول الجمري «بعض الإسلاميين الشيعة، مثل الشيخ عارف البصري، كانوا قد التحقوا بحزب التحرير (حزب إسلامي سني)، وآخرون مالوا أو التحقوا بحزب الإخوان المسلمين، بينما توجهت مجاميع الشباب إلى الأحزاب القومية والعلمانية الأخرى».

لكن فكرة «الحزبية» لم تكن واضحة تماماً أو مقبولة لدى علماء الشيعة لأنها تتعارض مع التراتبية/ الهيكلية الدينية التي تطرحها الحوزة العلمية، وكانت هذه واحدة من المعضلات التي لازمت تأسيس حزب الدعوة، والتي حدت من نفوذه وأدت إلى خروج عدد غير قليل من علماء الدين منه لاحقا.

النجف مركزاً للثقل الشيعي

كانت التراتبية الهرمية قائمة فعلاً لدى الشيعة منذ أن تأسست الجامعة الدينية في النجف الأشرف (الحوزة الدينية) قبل أكثر من ألف عام. قامت هذه الفكرة على مفهوم الفقهاء العدول الواجب اتباعهم. وتطور هذا المفهوم لاحقا في القرن الثالث عشر الميلادي عندما تأسست «المدرسة الأصولية» في الفقه الشيعي التي طرحت الاجتهاد وتحدثت عن وجوب تقليد إتباع الفقيه (ويستحب أن يكون الأعلم)، وهو ما عزز مفهوم الهرمية أكثر من ذي قبل.

وفي القرون اللاحقة ظهرت حوزة دينية منافسة للنجف في كربلاء المقدسة، غير أن حوزة كربلاء ابتليت باختلافات كبيرة بين فقهائها أدت إلى تدمير موقعها في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، إذ أدى انتشار الفوضى على يد مجاميع من الشباب الذين اعتبروا أنفسهم مسئولين عن المدينة ومنعوا السلطان العثماني من دخولها عشرات السنين حتى أربعينات القرن التاسع عشر الميلادي. وأدى الاضطراب إلى أن تدخل القوات العثمانية مدينة كربلاء في أربعينات القرن التاسع عشر وهتك حرماتها. وأدت المشكلات التي حدثت في النصف الأول من القرن التاسع عشر إلى توحد كلمة فقهاء الشيعة على اعتماد «النجف» مركزا لـ «المرجعية الدينية العليا»، ومنذ ذلك الحين تعزز موقع النجف الأشرف في التنظيم الهرمي الديني الشيعي. وحتى عندما تأسست حوزة قم المقدسة في عشرينات القرن العشرين لم تتمكن من طرح نفسها كمنافس للنجف - بحسب الجمري في سلسلة مقالاته سابقة الذكر- وإنما مكملا لها، وبقي مركز الثقل الرئيسي في النجف.

][/align]








أبومنتظر
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أبومنتظر
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة أبومنتظر

19-08-2007, 04:56 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبومنتظر
اعضاء










BD












[align=justify]تابع الموضوع أعلاه

مرجعية سياسية/ مرجعية دينية

تمثلت المعضلة التي واجهها مؤسسو حزب الدعوة الإسلامية في العراق في البداية في نقطة الارتباط بين موقع قيادة الحزب مع موقع المرجعية الدينية، أي بعبارة أخرى موقع المرجعية الدينية والمرجعية السياسية.

لم تكن هذه المشكلة واضحة في البداية، لأن الحاجة طرحت نفسها على حوزة النجف، وكان الحديث الذي يدور في أوساط الحوزة هو أن غياب الحزب البديل يعني غزو الأحزاب للجامعات وحتى الحوزة نفسها. من هنا برز فكر الصف الثاني آنذاك - أبرز شخصياته محمد باقر الصدر ومحمد حسين فضل الله - في أن عدم وجود «حزب» للمسلمين الشيعة سيعني أن الأحزاب الأخرى كالحزب الشيوعي الذي كان قوياً ستعمل على استقطابهم، وسيزحف العمل الحزبي السري المنظم بصورة أكبر إلى داخل الحوزة العلمية في النجف الأشرف. ولذلك كان عليهم إيجاد البديل العملي لكل ذلك، وهو ما تمحور في تأسيس «حزب الدعوة الإسلامية» في العام 1958 ليحتوي شباب الشيعة الدارسين في الجامعات وعلماء الدين الذين بدأوا يتجهون نحو العمل الحزبي.

وعن المفاهيم التي استقاها حزب الدعوة في تشكيله الحزبي يقول الجمري: «اعتمد مفهوم الحزب على الأسس نفسها التي كانت متداولة في الهرمية العمودية (الصارمة)، والسرية التامة، والتنظيم المركزي لكل شيء، والتوجيه الأيديولوجي لكل صغيرة وكبيرة في شئون الحياة العامة للناس والخاصة للأعضاء»، ويضيف «احتاج هذا الطرح لمفهوم الحزب إلى تبرير فقهي لوجوده، ولكن المهمة كانت سهلة لأن هناك حزبين إسلاميين «حزب التحرير والإخوان المسلمين»، وبررا وجودهما فقهياً وفكرياً، ولم يكن على حزب الدعوة إلا أن يجد التبرير الفقهي الشيعي المقابل والقريب للتفسير المطروح من قبل الإسلاميين السنة»، وهو ما فسر به تشابه المواد التنظيمية والفكرية لحزب الدعوة في بداياته مع ما كان يطرحه أعضاء حزب التحرير أو الإخوان المسلمين، وكان أحد قياديي حزب الدعوة الشيخ عارف البصري عضوا في حزب التحرير آنذاك. من هنا طرح الحزب مبررات فقهية مستمدة من مفاهيم الفقه الشيعي لتبرير عمله الحزبي، مطلقاً لفظ «داعية» على أعضاء الحزب.

حزب الدعوة - فرع البحرين

تأثرت البحرين بتأسيس حزب الدعوة في العراق، مثلما تأثرت بتأسيس غيره من الأحزاب والجماعات السياسية والإسلامية في الدول المجاورة. فجاء من هنا تأسيس حزب الدعوة - فرع البحرين. وعلى رغم قدم تأسيسه، فإنه لا توجد مصادر تاريخية تحدثت عنه. وجاءت سلسلة المقالات التي نشرها رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري في العام 2005 لتسد بعض الفراغ بشأن هذا التاريخ. يقول الجمري في إحدى تلك المقالات «عندما تأسس حزب الدعوة في النجف الأشرف في نهاية الخمسينات كانت كلية الفقه التي أنشئت على النهج الأكاديمي الحديث في النجف تستقطب أذكى الشخصيات الشيعية من كل مكان، وكانت واحدة من المصادر الرئيسية التي اعتمد عليها حزب الدعوة لاجتذاب كوادره الأولية. وكان ممن التحقق بتلك الكلية، بالإضافة إلى التحاقه بدراسات الحوزة التقليدية الشيخ سليمان المدني رحمه الله.

يؤكد قدامى أعضاء حزب الدعوة أن الشيخ سليمان المدني كان أول بحريني انتمى إلى حزب الدعوة الإسلامية، وكان أول من دعا إلى تشكيل فرع للحزب بعد عودته إلى البحرين في منتصف الستينات من القرن الماضي. ولكن تشكيل هيئة قيادية للحزب لم يتم إلا في العام 1968 عندما انتظم عدد من الجامعيين الدارسين في العراق إلى حزب الدعوة، وعادوا إلى البحرين ليضعوا يدهم في يد الشيخ المدني، إذ شرعوا في تأسيس أول نواة لفرع حزب الدعوة الإسلامية في البحرين وذلك في العام 1968. ومن بين الرواد الأوائل علي عبد الحق وسيد سعيد سيد مرزوق (البلادي)، وعدد من الشخصيات الناشطة آنذاك.

انطلق الحزب بصورة سرية تامة في بداياته، وضم إلى صفوفه عددا غير قليل من مثقفي الشيعة. وبعد أن حصلت البحرين على استقلالها وبدأت الحياة الدستورية من خلال المجلس التأسيسي في العام 1972، متبوعاً بالمجلس الوطني في العام 1973. كانت كوادر الحزب الرئيسية تعمل بصورة ذاتية تنظيمية للدخول في الساحة السياسية والاجتماعية من أوسع أبوابها. وكانت كوادر الحزب خلف تأسيس «الكتلة الدينية» في المجلس الوطني في السبعينات، وهي الكتلة التي كان يوجهها الشيخ سليمان المدني من خارج المجلس، وكانت اجتماعات الكتلة الدينية تعقد دائما بحضور المدني الذي كانت بصماته واضحة على برامج الكتلة، وخصوصا أن أخاه الشهيد عبدالله المدني كان أمين سر المجلس الوطني وكان أيضا عضوا فاعلا في حزب الدعوة. لقد كان الشيخ سليمان المدني قائدا للحزب ورمزاً من رموز الكتلة البرلمانية رغم انه لم يكن عضواً فيها، واستمرت هذه الحال حتى إلغاء المجلس الوطني في 1975 ومن ثم اغتيال أخيه عبدالله المدني في 1976. يتغير الحال في هذه الفترة ويقرر المدني الابتعاد عن نشاطات الحزب.

خاتمة

استعرضنا في هذه الحلقة الأولى من ملف التيار الدعوتي - الوفاقي في البحرين الأسس الفكرية والأيديولوجية لهذا التيار، وقصة تأسيس الحزب الأم في العراق، مروراً بقصة تأسيس حزب الدعوة - فرع البحرين. تحدثنا أيضاً عن مشاركة هذا التيار في المجلس الوطني وبعض مواقفه فيه، حتى وصل الأمر إلى اغتيال أحد أبرز أعضائه (عبدالله المدني). وفي الحلقة المقبلة نتحدث عن التقارب الشيعي/ اليساري في المجلس الوطني، وقصة اغتيال المدني وما حصل بعدها، مروراً بحقبة الثمانينات وما شهدته من مظاهرات واعتقالات وتعذيب. وصولاً إلى قصة حل حزب الدعوة في العام 1984.



آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (1935 - 1980)

مفكر وفيلسوف إسلامي ومرجع ديني، ومؤلف كتب «فلسفتنا»، «اقتصادنا»، «البنك اللاربوي في الاسلام» وغيرهما من المؤلفات المهمة في المكتبة الاسلامية. من الحريصين أشد الحرص على وحدة المسلمين؛ له مقولة شهيرة قال فيها «إني بذلت نفسي من أجل السني قبل الشيعي».

ولد في مدينة الكاظمية المقدسة في العراق العام 1935، وتعلم القراءة والكتابة وتلقى جانباً من الدراسة في مدارس مدينة الكاظمية وهو صغير السن.

هاجر من الكاظمية المقدسة إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته في العام 1946، وتتلمذ على يد شخصيتين من أهل العلم البارزين وهما: آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين ، وآية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي. وصل لدرجة التميز عند بلوغه، كما أنه حصل على إجازة خطية بالاجتهاد من الإمام الخوئي وهو في 21 من عمره.

تصدى السيد الصدر بشكل فلسفي وفكري لما تعرضت له الساحة العراقية في الخمسينات من اشتداد الحركة الشيوعية. كما أصدر فتوى بحرمة الانتماء لحزب البعث حتى لو كان الانتماء صورياً، الأمر الذي كان أحد الأسباب التي أدت إلى إعدامه فيما بعد. كان يعتقد بأهمية إقامة حكومة إسلامية، وعرف بمناصرته للثورة الإسلامية في إيران.

بعد أن أمضى السيد الصدر عشرة أشهر في الإقامة الجبرية، تم اعتقاله من قبل نظام صدام حسين في العام 1980 للميلاد مع أخته بنت الهدى ونقلا إلى بغداد. وبعد اعتقاله طلب من السيد محمد صادق الصدر الحضور إلى بناية محافظة النجف، لتسلم جثتيهما بعد إعدامهما، ويعتقد أن الإعدام تم في 9 ابريل1980. وتم دفنهما في مقبرة وادي السلام، المجاورة لمرقد الإمام علي بن أبي طالب (ع) في النجف.



آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

مرجع ديني، لبناني ، ولد محمد حسين فضل الله في العام 1935 في مدينة النجف الأشرف في العراق. وترعرع في أحضان الحوزة العلمية الكبرى في النجف، وبدأ دراسته للعلوم الدينية في سنّ مبكرة جداً.

تتلمذ على يد عدد من المراجع الدينية مثل السيد أبو القاسم الخوئي، السيد محسن الحكيم، السيد محمود الشاهرودي، والشيخ حسين الحلي، وحضر درس الأسفار عند الملاّ صدرا البادكوبي.

كان السيد فضل الله من الطلاب البارزين في تحصيلهم العلمي في تلك المرحلة، وأثر عنه أنه كان من الأوائل البارزين في جلسات المذاكرة، حتى برز من بين أقرانه ممن حضروا معه، فتوجّهت إليه شرائح مختلفة من طلاب العلم في النجف آنذاك، فبدأ عطاؤه العلمي أستاذاً للفقه والأصول. ثم بدأ بعد ذلك بالتدريس العلمي اذ أصبح أستاذاً للفقه والأصول في الحوزة في النجف الأشرف. و شرع في تدريس بحث الخارج منذ أكثر من عشرين عاماً إذ يحضر درسه الكثير من الطلاب من شتى أنحاء العالم الإسلامي عموماً والعربي خصوصا.

عاد فضل الله من العراق إلى لبنان في العام 1966، وأسس هناك حوزة المعهد الشرعي الإسلامي. وبدأ يلقي الخطب والمحاضرات هناك، فيما أنشأ عدة جمعيات خيرية ومبرات للأيتام.

بعد وفاة السيد أبو القاسم الخوئي في 1992 أصبح السيد محمد حسين فضل الله (آية الله العظمى) وهو لقب يطلق على كل من يحصل على «درجة الاجتهاد والمرجعية»، وجمع فتاواه في كتاب فقه الشريعة المكون من ثلاثة أجزاء.


الوسط 17/8/2007م


http://www.alwasatnews.com/newspager...write r_code=[/color][/align[/size][/b][/align]

بعض جمل من رسائل الوالد (منصور الجمري)منقول

بعض جمل من رسائل الوالد (منصور الجمري)


منصور الجمري
[ اتصل بي الكثير من الأشخاص يسألون عن إمكانية نشر رسائل وكتابات الوالد الشخصية، والواقع أن مثل هذا الأمر ليس ممكناً، لأننا في العائلة كنا قد ناقشنا هذا الموضوع واستقر الأمر على تقليل النشر، وذلك لأن الوالد لم يكن يسعى إلى شيء سوى صلاح حال الأمة.


.. ولكنني وجدت نفسي وسط بعض الرسائل التي كان يرسلها لي عندما كنت في بريطانيا عبر الفاكس، وغرقت في قراءة بعضها، ووددت أن أنشر بعض الأسطر فقط.
رسالة مؤرخة في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2000 وهذا جزء منها: »بني العزيز، في هذا اليوم وفي الساعة السادسة صباحاً انتقلت إلى رحمة الله تعالى عمتك زهراء (أم عباس)... وقد شاء الله أن أتمكن من الصلاة على الجنازة ومواكبة التشييع حتى النهاية... (لقد) منعوني من حضور الفاتحة على رغم اتصال إخوتك... لقد شددوا على أبيك منذ أكثر من شهر، أكثر من ذي قبل... إننا صامدون، وإن شعبنا لهو المنتصر في النتيجة والعاقبة... وإن كنتُ - يا عزيزي - تنتابني أحياناً حالة صعبة من الألم النفسي وضيق الصدر من جراء فصلي عن الأمة وفصل الأمة عني، ولكن أي شيء في سبيل الله مقبول... المهم ألا تزلَّ القدم«.
رسالة بعد شهر مؤرخة في 21 يناير/ كانون الثاني 2001: »اليوم اتصل (...) بابني صادق وقال له إن سعادة وزير الداخلية يريد لقاء الوالد اليوم في المكتب بوزارة الداخلية في الساعة الواحدة. وذهبت مع صادق إلى وزارة الداخلية (...) وقال الوزير: هذه جلسة تأسيسية وسوف تتلوها جلسات نتحاور معك. الجمري: أنا مستعد ولكن لماذا لا تكون الجلسات خارج الوزارة، في بستان أو منزل، فإن مجيئي إلى هنا ليس في صالحي ولا صالحكم، فإن الناس إذا عرفوا مجيئي إليكم سيقولون إنكم اعتقلتموني. الوزير: اذا لاحظت الناس فإنك لا تعمل شيئاً. الجمري: كيف لا ألاحظ الناس والرسول (ص) يضع الحساب للرأي العام«.
وفي 24 يناير 2001 كتب يقول: »زرت أمس الأستاذ إبراهيم العريض في منزله بصحبة الولد صادق ودلالة سائق الوزير جواد العريض الذي عقد الموعد مع الأستاذ، وقد طلب الوزير أن يأتي ليأخذني بسيارته لهذه الزيارة فلم أوافق، وقد كانت زيارة الأستاذ مفيدة وممتعة أدبياً. وبعد الفراغ من الزيارة التي حضرها الوزير والأستاذ جليل العريض ابن الأستاذ إبراهيم العريض والدكتور أحمد العريض أخ الوزير، بعد الفراغ أصر الوزير إلا أن يأخذني بسيارته إلى المنزل وبعد الإلحاح وافقت وكان هو السائق، (...) قلت له إن الذين غادروا (من حول المنزل المحاصر) هم العسكريون فقط... فقال سيذهبون في مدة أقصاها يومان«.
وفي ختام الرسالة الطويلة يذكر الوالد: »وإني قد شبعت من الاضطهاد (...) وقد شبعت من المسرحيات ضدي من أجل إسقاطي، فمسرحية خروجي (من السجن) لم أنسها، وقد حفظ الله وكفى ما أراده الفاعلون، تلك المسرحية التي أجبرت عليها (...) وأسأل الله العون والتسديد والتوفيق، وكشف الهمِّ والغم، وأن يجعلني بمستوى واجباتي الدينية والوطنية، وأن يجعلني بمستوى ثقة الأمة بي«.
اخترت بعض العبارات من ثلاث رسائل و التي أعتقد أنها تكفي لاستيحاء شيء مما كان يفكر فيه الوالد، وهي تكفي الغرض، والأمل في أن نستفيد من تجاربنا كلها من أجل خير البحرين ومستقبلها.

تاريخ البحرين بقلم دكتور منصور الجمري

--------------------------------------------------------------------------------

البحرين و العتوب:-

في بداية 1700م بدأ هجوم من العتوب ( و هو تحالف ثلاث قبائل : أسرة ال خليفة الحاكمة مع آل الصباح و الجلاهمة ). و يذكر هذه الرواية الشيخ يوسف البحراني في كتابه لؤلؤة البحرين. و كان شيخ الإسلام في تلك الفترة محمد بن عبد الله آل ماجد. استعان الشيخ ال ماجد بجيش من الهولة الذين جاءوا إلى البحرين بطلب من حاكمه انذاك لصد الهجوم المذكور. ما بين 1700-1735 هتكت البحرين 3 مرات من قبل حكام مسقط ، و سمي هذا العهد بعهد "خراب البحرين". و ذكر الشيخ يوسف البحراني ان القرى تم احراقها و فرض عليها الحصار ثلاث مرات من قبل حكام مسقط و حدثت مجاعة و لأول مرة في تاريخ البحرين حتى استسلم أهل البحرين و هرب كثير منهم للخارج. (حدث الامر ذاته في 1799 واستولى حكام مسقط على البحرين لمدة 3 سنوات بعد حرب مع ال خليفة واهل البحرين وهي الحادثة التي استشهد فيها العلامة الشيخ حسين العصفور الذي لازال يقلده الكثير من شيعة البحرين).

في سنة 1735م أعاد نادر شاه توحيد ايران فعاد الحكم الايراني إلى البحرين في سنة 1737م و بنى القلعة الحالية (قلعة المنامة) و أسس الحكم الايراني مرة أخرى. الحكام الذين حكموا البحرين من سنة 1737م لغاية 1783م كانوا من آل مذكور و هم يمثلون الحكم السياسي الايراني. أما شيخ الإسلام (الحاكم الديني) فقد كان من أبناء البلد.

في هذه الفترة كانت البحرين معرضة للاضطراب لانها هي البلد الغني في الخليج و كان يشاركها في هذا الامر البصرة. أما البلدان الأخرى فكانت تكثر فيها المجاعة و تموت من الجوع كما حدث في نجدفي العشرينات من القرن الثامن عشر. ولذلك فإن الكثير من سكان الجزيرة العربية كانوا يقتربون من البصرة للحصول على بعض من التجارة العامرة هناك ولذلك تكونت الكويت في تلك الفترة.

ساد المنطقة الجفاف و القحط أما البحرين فكانت محط الأنظار لكثرة العيون فيها و كثافة الزراعة و فيها اللؤلؤ و أغنى الناس كانوا هم أهل البحرين. حدثت خلال هذه الفترة حرب أهلية داخل البحرين بين العوائل المتنفذة فيها مثل عائلة البلادي (حاليا تسمى الجشي) و آل مدن و ال ماجد و غيرهم. و حدث التصادم بين المدينتين الرئيسيتين المتمركزة فيها هذه العوائل و هما جدحفص و بلاد القديم – العاصمة أنذاك. و كانت البلاد القديم دائماً في حالة تنافس مع جد حفص، فحدث القتال فيما بينهما و انتهت بانتصار جدحفص على البلاد القديم. فاستعانت الأخيرة بآل خليفة الموجودين في الزبارة سنة 1783م. حدثت الحرب الاهلية بعد فشل حملة قادها أل مذكور ضد ال خليفة الذين اتهموا بقتل عدد من اهالي سترة اثناء شجار حدث في العام 1782 بين عدد من اتباع ال خليفة الذين جاءا للتجارة وبعض اهالي سترة. انتهت المعركة البحرية ضد ال خليفة بالزبارة بفشل ذريع مما ادى لنشوب الحرب الاهلية بين جدحفص والبلاد. في فترة ما بين 1783-1799م استقر الحكم إلى الحاكم الأول من عائلة ال خليفة و هو الشيخ أحمد ال خليفة.

البحرين في القرن التاسع عشر:-

ما بين 1799-1802م اصبح حاكم مسقط حاكم البحرين و عين شخصاً من آل عصفور نائباً عنه لمدة 3 سنوات. ثم تعاون آل خليفة مع الوهابيين و كانت بداية ظهورهم في الجزيرة العربية ولذا حكم الوهابيون البحرين لمدة 9 سنوات (1802-1811م). بعد ذلك تعاون آل خليفة مع حكام مسقط ضد الوهابيين و طردوهم من البحرين.

فترة 1811-1869م هي فترة تحارب أجنحة آل خليفة مع بعضهم البعض فهرب الكثير من اهالي البحرين إلى مناطق عديدة مثل القصبة و البصرة و الأهواز.

في عام 1869م كان هناك عزم من بريطانيا على إنهاء كل هذه المشاكل فتدخلت في البحرين بصورة مباشرة و طردت فرعاً من العائلة الحاكمة وهجرت بعضهم إلى الخارج و هو الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة ( و حفيدته الشيخة مي آل خليفة و هي خبيرة في كتابة تاريخ البحرين). و الشيخ محمد بن خليفة طرد من البحرين لأنه قتل أخاه الشيخ علي بن خليفة. ولذا أحضر البريطانيون الشيخ عيسى بن علي آل خليفة من قطر و كان عمره 21 سنة و استمر في حكم البحرين 54 سنة. و هذه هي الفترة التي استقر فيها الحكم و هي الفترة التي تم التعامل مع الذين يطلق عليهم بـ"البحارنة" معاملة قاسية حيث فرض عليهم نظام السخرة ( و هو نظام اقطاعي حيث يستلم شيخ من العائلة الحاكمة قرية أو قريتين او اكثر و يعين شخصاً من هذه المنطقة يسمى "وزيرا") . و مهمة هذا الوزير اخبار الشيخ عن عدد أفراد العوائل الموجودة في القرية و حصر ممتلكاتهم و مزارعهم و ثرواتهم لدفع الضرائب للشيخ. و هذا النظام الإقطاعي الظالم طبق فقط على فئة البحارنة مما ترتب عليه هجر المزارعين لمزارعهم حيث تحولوا من ملاك للأراضي إلى مستأجرين ثم إلى عمال في المزرعة مقابل أجر زهيد او مقابل العيش فقط بسلام. و بدأت مرحلة معاناة كبيرة جداً لهذه الفئة مما ترتب عليه توحد هذه الفئة و لأول مرة لرفع المعاناة سنة 1922م.

البحرين في القرن العشرين و بداية البحرين الحديثة:-

ما قبل سنة 1922م كان هناك محاولة انقلابية من شخص اسمه السيد شبر الستري حيث قام بإحضار أسلحة و رجالاً من مناطق البحرين و الإحساء و أراد القيام بانتفاضة مسلحة في سنة 1895م. و لكن المحاولة فشلت لعدم تعاون علماء الشيعة الاخرين معه. الانتفاضة السلمية كانت في سنة 1922م عندما اندلعت احداث اعتداءات هنا وهناك و غلقت الأسواق و طالب البحارنة بإلغاء نظام السخرة و إلغاء الضرائب والرقبية ( و هو دفع ضريبة للشيخ عن كل شخص بلغ من العمر 15 سنة ). و تدخل الانجليز و وعدوا الشيعة بإلغاء نظام الإقطاع مقابل تأييدهم لانتقال الحكم من الشيخ عيسى بن علي الى ابنه حمد بن عيسى (واقصاء عبد الله بن عيسى غير المحبوب انذاك)، و تبدأ بذلك مرحلة الإصلاحات الإدارية.

بدأت مرحلة البحرين الحديثة بالفعل بتأسيس بلدية المنامة سنة 1919م و تم تأسيس دوائر أخرى لاحقا مثل دائرة الطابو من أجل تسجيل الأراضي و هو مطلب تحقق بعد معاناة طويلة. و انتهى نظام الضريبة الرقابية و انتهت السخرة و بدأت المرحلة الحديثة بمجيء المستشار البريطاني تشارلز بلجريف - مستشار الحاكم - فهو المؤسس لمؤسسات البحرين الحديثة و هو المؤسس للمالية و الشرطة وكل الدوائر الاخرى... و أقام هذا المستشار البريطاني في البحرين لمدة 30 سنة (1926م-1956م).

انتهى في هذه الفترة صيد اللؤلؤ و بدأت صناعة النفط و بدأت مرحلة التعليم الحديث و بدأت لأول مرة ظواهر مجتمع البحرين المتنوع الذي تحرك بصورة غير طائفية و بدأ المثقفون السنة والشيع بقيادة الحركة الوطنية. (السنة كانوا السباقين في التعليم لأن الشيعة كانوا يرفضون التعلم في مدرسة الهداية الخليفية ولذا أسسوا لاحقا المدرسة الجعفرية و المدرسة العلوية لأنهم كانوا يشعرون دائماً أنهم مستنقص منهم).

أول حركة وطنية:-

مع كل ما سبق؛ فإننا نلاحظ أن تجار الشيعة و تجار السنة كان لهم دور مشرّف كبير و تحالفوا مع بعضهم البعض في العام 1938 لقيادة اول حركة وطنية تطالب بنقابات وهيئة وظنية تشريعية منتخبة.

اذاً مع مجيء النفط و مجيء التعليم حدثت أول حركة وطنية قادها الشيعة و السنة. و تاريخ النضال الوطني الحديث بدأ في سنة 1938م عندما تحرك تجار الشيعة و تجار السنة و الوجهاء و طالبوا بمجلس تشريعي منتخب و طالبوا بنقابات و طالبوا بقانون مكتوب و طالبوا بنفس المطالب التي طالب بها الشعب في التسعينات. و في تلك الفترة؛ و عندما هجم تشارلز بلجريف على الحركة لم يهجم على الشيعة بينما هجم فقط على السنة و ظلم السنة كثيرا و حاكمهم محاكمة عشوائية و صورية و كان من بينهم أبناء من عوائل الفاضل والشملان وغيرهم و نفى ثلاثة من قادة الحركة الوطنية السنة. أما الشيعة فأعطاهم بعض المصالح لتسكيتهم. وبهذا يشهد االتاريخ أن الظلم لم يقع فقط على الشيعة – كما يتصور البعض – و إنما السنة هم أيضاً تعرضوا لظلم كبير من سنة 1938م لأنهم تحركوا مع الشيعة و طالبوا بمطالب وطنية و تم نفي القادة من السنة بعد محاكمتهم خلال يوم واحد.. و نفوهم إلى الهند و هي نفس الممارسة التي مورست ضد آخرين في فترة لاحقة.

عودة الطائفية:-

في الخمسينات عادت الطائفية مرة أخرى؛ اذ بدأت في سنة 1953م. حدثت حادثة خطيرة جداً حيث قامت مجموعة و كان من بينهم شخص من الأسرة الحاكمة وهجموا على موكب العزاء في المنامة و حدثت مواجهة و جرح الكثير من الناس. و بدأت الفتنة الطائفية و حدثت حركة بابكو؛ ففي سترة خرج الشيعة و هجموا على الباصات التي تقل السنة؛ و في المحرق هجم السنة على الشيعة. فحدثت مشكلة الطائفية .. السني يضرب الشيعي و الشيعي يضرب السني .. و بدأت الطبقة المثقفة (الشيعية والسنية) عملها و تحركت لتوحيد الصف.. تحركت الطبقة المثقفة من السنة و الشيعة لحل المشكلة ، مثل عبد الرحمن الباكر و عبد العزيز الشملان و عبد علي العليوات و محسن التاجر.. و هؤلاء كلهم تجمعوا و حشدوا معهم المثقفين و المصلحين فبدأوا بحل المشاكل.

حدثت تعقيدات كثيرة في البحرين انذاك. مثلا فرضت الحكومة التأمين على أصحاب التكسي فاعتقد أصحاب التكسي أن المستشار يريد أن يسرقهم فعطلوا البلد بالاضراب و التوقف عن العمل.

الباكر و صندوق التعويضات و الهيئة التنفيذية العليا:-

أدى ضعف الثقة في المستشار بخصوص موضوع التكسي إلى تدخل عبد الرحمن الباكر الذي أسس بدوره صندوق للتعويضات و التأمين الاجتماعي. و خاطب اصحاب التكسي قائلا لهم أن هذا العمل أهلي و لخدمتهم و أنهم مشتركون فيه، فهو منهم واليهم. و كان عبد الرحمن الباكر أذكى القادة الوطنيين انذاك. ففي الوقت الذي كان مع الآخرين يحل مشكلة الطائفية قام أيضاً بحل مشكلة اصحاب التكسي ولذا تم تعيينه رئيساً لذلك الصندوق.

قام بتحويل الصندوق إلى مقر للنشاط السياسي بدلا النشاط التجاري فبدأت اجتماعاته كلها في الصندوق مما ادى لانزعاج المستشار تشارلز بلجريف. قام بليجريف بسحب جنسية عبد الرحمن الباكر متذرعاً بأن عائلة الباكر أصلهم من قطر. و رداً على ذلك تجمع الناس في الخميس و كان تجمعاً كبيراً جداً احتجاجاً على سحب جنسية عبد الرحمن الباكر. و بعد اسبوع واحد قرروا التجمع في السنابس و أسسوا الهيئة التنفيذية العليا من ثمانية أشخاص ( أربعة شيعة و أربعة سنة ) و تتبعهم جمعية عمومية تضم 120 عضواً من وجهاء البلد نصفهم من الشيعة و النصف الآخر من السنة.

وهكذا بدأ أول حزب سياسي في الخليج يتشكل و يقود الساحة و أصبح الآمر و الناهي لمدة سنتين في الساحة البحرينية. فلقد فازوا بانتخابات مجلس الصحة و مجلس التعليم واي انتخابات أخرى. وكان لديهم كشافة تتصرف مثل الشرطة فهي التي تنظم السير و وصل الأمر إلى أن الانجليز قرروا الاعتراف بالهيئة التنفيذية العليا و تدخلوا لدى الحاكم و أقنعوه بذلك. و طلبوا منهم تغيير الاسم إلى هيئة الاتحاد الوطني و تم الاعتراف بأول حزب سياسي في الخليج.

قمع الاتحاد الوطني:-

بعد ذلك تسارعت الأحداث خارج إطار هيئة الاتحاد الوطني حيث ما عادت تسيطر على الشارع فكانت أحداث تمر عليها و تفرض نفسها. فمثلاً نزول وزير خارجية بريطانيا (سلوين لويد) إلى البحرين كمحطة ترانزيت في سنة 1956م و بعد خروجه من المطار تزامن مروره باستاد المحرق و كانت هناك مباراة فخرجت الجماهير معترضة على موكبه و قذفوه بالحجارة و كاد يقتل.

بعد هذا الحادث جاء العدوان الثلاثي على مصر من قبل اسرائيل و فرنسا و بريطانيا وخرجت الجماهير لتنتقم من بريطاني. فتدخل الجيش البريطاني و قمع الحركة و اعتقل قادة الهيئة و حاكمهم في البديع و نفاهم إلى سانت هيلانة و أعلنت حالة الطوارئ في ديسمبر 1956م و لم ترفع حالة الطوارئ هذه إلا في فبراير 2001م.

قام الانجليز بتأسيس القسم الخاص سنة 1957م و بدأ حكم الطوارئ في البحرين بصورة قمعية شرسة. و في سنة 1965م استبدل قانون الطوارئ بقانون الأمن العام؛ وهو الذي قنن قانون الطوارئ و في سنة 1974م استبدل بقانون أمن الدولة و ألغي قانون أمن الدولة في فبراير 2001م. و انشاء الله لايرجع الى الابد.

لقد مررنا بصورة سريعة على مجمل أحداث البحرين من فترة الدلمونيين حتى العصر الحديث؛ و لكننا كنا سريعين بعض الشيء؛ فهناك أحداث و كل حدث ممكن أن يأخذ محاضرة و يستدعي توسعة كبيرة جداً.

خلاصة الموضوع:-

الفكرة هي أن نبدأ بأن نفكر بإعادة قراءة التاريخ و هي النقطة التي أريد أن أركّز عليها.


1. هل نفتح التاريخ لكي نقع في مأزق؟
2. هل نفتح التاريخ لكي نخلق بلبلة في المجتمع؟
3. هل نفتح التاريخ لكي نفتح الجروح؟
4. أم نكون عقلانيين و نفتح التاريخ لكي نستفيد من أخطاء الماضي و أجدادنا و أجداد غيرنا… و إذا كان لهم ذنب لا ينعكس على الأبناء.


هناك كتاب فيه أسماء الوزراء من أبناء القرى الذين تعاونوا مع الشيوخ و أبناؤهم موجودون فيما بيننا فهم أبناء القرى أساساً و لكن ليس لهم ذنب فالأولاد و الأحفاد ليس لهم ذنب. لقد كان هناك من شيوخ ال خليفة من وقف ضد الظلم، مثل الشيخ محمد بن عبد الرحمن الذي توفي قبل سنوات وكان عمره 104 سنوات، واهل المرخ جميعهم يشهدون له بالعدالة و الصفات الحميدة.

هل آن الأوان لكي نستطيع أن نفتح هذا التاريخ أيضاً؟

سمو الأمير الشيخ حمد قال في كلمته في ديسمبر الماضي انه ان الاوان للتصالح مع التاريخ.. فإذا أمكن أن نفتح قراءة عصرية و إجراء مصالحة مع التاريخ فهذا امر عظيم. و يجب الأخذ بعين الاعتبار أن كثيراً من الذي قيل هو أوهام و كثير من الأخطاء و المشاكل حدثت من جميع الأطراف و أن الظلم لم يقع على البحارنة فقط و إنما أصاب آخرين أيضاً و أن هناك أناساً كثيرين دافعوا عن حقوق الشعب و كانوا بعضهم ايضا من الأسرة الحاكمة.

و توجد حوادث تتطلب الإنصاف؛ فمثلاً عائلة الدواسر عندما هجموا على باربار و عالي فهناك كثير من الدواسر لم يرتكبوا هذه الأخطاء. و يوجد هناك من البحارنة ارتكبوا من الأخطاء ربما ما هو أعظم.

- آن الأوان أن نتصالح أنفسنا نحن أيضاً مع التاريخ.
- أن نفتح التاريخ لا لكي نثير الحماس.
- أن نفتح التاريخ لا لكي ننتقم من عائلة فلان أو علان.
- أن نفتح التاريخ لكي نفهمه بصورة أكبر.
- أن نفتح التاريخ لكي نتصالح مع بعضنا الآخر.
- أن نفتح التاريخ لكي نفتح به مستقبلاً مشرّفاً.

الآن السود .. كانوا عبيداً في أمريكا.. اليوم لا يجرؤ أحد أن يسمّيهم عبيداً. و الآن أصبحوا وزراء و أصبحوا في الحكم و أصبحوا مليارديرية .. جاءوا قبل 500 سنة بصفتهم عبيداً.. الآن الأبيض لا يستعبد الأسود و الأسود ليس له الحق في الانتقام من الأبيض في أمريكا. و الأسود له الحق أن يدرس تاريخه بأسلوب نزعت منه العبارات النابية و أيضاً الأبيض ينزع العبارات التحقيرية مثلاً عبارة (النيكا) كلمة تحقيرية للأسود الآن ممنوعة و يعاقب عليها القانون. إذاً نحن أيضاً في حاجة لحذف بعض العبارات.. آن الأوان أن نخلّص و ننظّف مصطلحاتنا و نغيّر الشكل السياسي السابق السيء لكي نستفيد و نخلق بحريننا الجديدة.

توجد كتب كثيرة مريضة تحتاج إلى معالجة مثل كتاب خرج قبل سنتين تقريباً من إعداد رئيس تحرير جريدة الوطن الكويتية مع الأخت سوسن الشاعر و هو سيء جداً و غير واقعي و يوجه الاتهامات و يثير الأحقاد و الطائفية حيث يتهم الشيعة بأنهم تحالفوا مع الانجليز و أنهم كانوا عملاءً للانجليز في العشرينات من القرن العشرين و هذا كلام سافل وخطير و خاطئ لأن الشيعة كانوا مساكين و كانوا مظلومين. عندما يلجأ تاجر اللؤلؤ أحمد بن خميس (مؤسس مأتم بن خميس) إلى البريطانيين (بيت الباليوز وهو نفسه مبنى السفارة البريطانية الحالية) فأنه ليس عميلا بل انه أول لاجئ سياسي في تاريخ البحرين.. فقد اشترى لؤلؤة غير مفصولة من القطيف و جلبها معه إلى البحرين حيث اشتراها رخيصة و تباع بسعر مرتفع بعد فصلها اذا نجح في فصلها. فسمع عن أمرها شيخ منطقة السنابس فطلب منه الضريبة بسعر اللؤلؤ المفصول فرفض أحمد بن خميس لأنه لم يخرجها من سواحل البحرين بل انه اشتراها من القطيف (حيث المتعارف عليه أنه تدفع الضرائب على اللؤلؤ المستخرج من سواحل االبحرين) بالإضافة إلى أنه لم يقرر بعد هل يبيعها قبل فصلها أو بعد فصلها؛ فبعث له الشيخ رجاله (الفداوية) لقتله لامتناعه عن دفع الضريبة المطلوبة فلجأ أحمد بن خميس إلى بيت الباليوز. فهل يسمى لجوء أحمد بن خميس هذا إلى بيت الباليوز عمالة؟؟؟

هل هذا اللجوء عمالة في الوقت الذي كان يحصل فيه الاخرون على حماية شاهات ايران وعلى حماية ابن سعود انذاك بينما يتفرد الشيخ بفئة واحدة فقط يفرض عليها مايشاء ... فإلى اين يذهبون؟

وملاحظة هنا ايضا ان الشيعة الاحسائيين لم يقع عليهم الظلم ذاته لانهم كانوا يأتون البحرين لحاجة السوق لمهارات معينة (حياكة، حدادة، الخ) وكانوا ايضا يستطيعون اللجوء الى ابن سعود لو وقع عليهم ظلم. …هذا كلام سخيف ان يتحدث شخص ويقول ان البحارنة عملاء لانهم طالبوا بحماية من الظلم في الوقت الذي لم توجد فيه مؤسسات دولة ولا نظام سياسي واضح المعالم…و نحن لا نريد الرد عليهما فنثير الطائفية و لكن نريد أن نثير المواضيع التي تذكر أن هناك ظلماً و انتهى هذا الظلم و لا عودة إليه إن شاء الله.

نحن بحاجة إلى أن نعي ذلك التاريخ و ندرسه و نستفيد منه لا لكي نثير الضغائن و المشاكل في أوساط المجتمع البحريني؛ فالبحرين لكل أهل البحرين سواءً كان سنياً أو شيعياً؛ سواءً كان بحرانياً، هولياً، عجمياً، حساوياً،...إلخ. و سوف ترى أنك لو رجعت إلى التاريخ فإنه ليس كل شيعي مظلوما و ليس كل سني لم يكون مظلوماً؛ فمن بيت الجودر كان هناك أناس مظلومين كثيراً بينما الاحسائيين لم يكونوا مظلومين!

أحسن كتاب كتب عن تلك الفترة هو إعداد رسالة الدكتوراه لطلال فرح و كتب باللغة الانجليزية و لم يترجم حتى الآن فهو كتاب قيم و عندما تقرأه يحترق قلبك.

و الغريب في الأمر أنني اكتشفت أن أحسن الناس الذين كتبوا عن تاريخ البحرين هم من اللبنانيين المسيحيين مثل أميل نخلة (مستشار الإدارة الأمريكية لشئون الخليج و لا زال مستشاراً لديهم) و كتابه من أحسن الكتب التي كتبت عن البحرين بالإضافة إلى طلال فرح و هو مسيحي لبناني وهناك كتاب ثالث لاسحاق الخوري و هو كاتب مسيحي لبناني ايضا و كلهم حضروا إلى البحرين و مكثوا فيها سنة أو سنتين و كتبوا التاريخ.

عندنا مصادر قيّمة جداً يمكننا فتحها و لكن علينا أن نكون حذرين و متفهّمين لمشاكل الماضي لكي نفتح مستقبلاً أفضل و تلك هي القراءة المعاصرة لتاريخ البحرين التي أدعو الجميع لإحيائها بناءً على أن هناك على رأس الهرم السياسي من يريد المصالحة مع تاريخ البحرين.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

منقول من ملتقى البحرين و منه من جريدة الوسط

منصور الجمري: أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينيات
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 13
منصور الجمري: أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينات

--------------------------------------------------------------------------------

تجربة الحوار بين أحد أطراف المعارضة والحكومة في الفترة من أغسطس 5991 إلى يناير 6991
«أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينات
الوسط - منصور الجمري
«انتفاضة التسعينات» كانت أحد الأسباب التي أدت الى حدوث الانفتاح السياسي الذي نعيشه في البحرين في هذه الفترة.

.. تلك الانتفاضة كانت قد انفجرت في ديسمبر/ كانون الأول 4991 واستمرت حوادثها حتى نهاية التسعينات من القرن الماضي. الانتفاضة عبّرت عن تحرك جانب من الشارع البحريني لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، وكانت تتوازى في جانب مع الحركة المطلبية التي قادتها «لجنة العريضة» التي طرحت المطالب المتفق عليها من فئات واتجاهات المجتمع البحريني. غير أن الحوادث تطورت وأدت الى اصطدام الشارع السياسي الشيعي مع قوات الأمن لعدة أسباب، ومن بين تلك الأسباب الاستراتيجية التي اتبعتها القيادة الأمنية آنذاك لإحداث شرخ داخل الحركة المطلبية من خلال تركيز القمع على فئة واحدة من المجتمع، وبالتالي يمكن أن ينفصل الشيعة عن السنة، ويسهل التعامل مع الأمور.
تشكلت عدة جهات قيادية ورمزية أثناء التحرك السياسي في التسعينات، ومن تلك الجهات التي تشكلت بعد انفجار الانتفاضة كانت «أصحاب المبادرة».

أصحاب المبـادرة

مباشرة وبعد انفجار الانتفاضة في ديسمبر 4991 ظهرت شخصية الشيح عبدالأمير الجمري بصورة محورية، لأنه كان أكبر رمز ديني شيعي يتبنى «العريضة النخبوية» في العام 2991، ومن ثم «العريضة الشعبية» في العام 4991. وبعد ذلك تقدم للصلاة على الشهداء الذين سقطوا أثناء المسيرات التي عمت مناطق عدة في البحرين. وفي 1 أبريل/ نيسان 5991 تمت محاصرة منزل الشيخ الجمري لمدة أسبوعين، ومن ثم نقل الى سجن القلعة،
وبعدها نقل الى سجن سافرة. بعد ادخال الجمري السجن ازدادت الأوضاع سوءاً، ما أدى بالقيادة الأمنية (ممثلة حينها بالمدير العام للأمن العام إيان هندرسون) إلى فتح حوار معه داخل السجن. ولكن الجمري طلب ان يكون معه ايضا اثنان من رموز المعارضة الذين تم اعتقالهم أيضاً، هما: الاستاذ عبدالوهاب حسين، والاستاذ حسن مشيمع. وبعد ان اكتملت الحوارات الأولية تم إشراك عدد من الشخصيات التي كانت داخل المعتقل للمساندة في تنفيذ بنود الاتفاق، وهؤلاء اطلق عليهم لاحقاً «أصحاب المبادرة».


المعارضة في لندن تدخل على الخط

كنت في لندن مع الناشطين في حركة أحرار البحرين، التي كانت قد تصدرت وكان لها دور رئيسي في تمثيل وجهة نظر المعارضة في الخارج. وفي منتصف اغسطس/ آب 5991 انهالت علينا التقارير من داخل البحرين تتحدث عن اطلاق عدد من الرموز القيادية في التحرك الشعبي المطالب بعودة الحياة الدستورية للبلاد، وما هي إلا فترة وجيزة حتى اتصل الأستاذ حسن مشيمع (أحد القياديين الذين افرج عنهم) بنا في لندن يعلمنا انه عازم على السفر إلى الخارج لتبادل وجهات النظر بشأن المحادثات التي بدأت في السجن بين القيادة الامنية وخمسة من قياديي التحرك الشعبي (الشيخ عبدالأمير الجمري، الأستاذ حسن مشيمع، الأستاذ عبدالوهاب حسين، الشيخ خليل سلطان، والشيخ حسن سلطان).
وهكذا، دخلت انتفاضة التسعينات مرحلة جديدة اتسمت بالأفراح الشعبية ومظاهر الزينة للاحتفال بمئات من المفرج عنهم بعد ان وصلت الاوضاع إلى حال من الاختناق... ما طبيعة هذه المحادثات؟ وكيف تم التوصل إليها؟ وما كان المرجو منها؟ وهل... وهل... وهل؟ الأسئلة بدأت تنهال من كل جانب وبدا كأن البحرين قد دشنت آنذاك مرحلة حرية التعبير عن الرأي والحوار بين المعارضة والحكومة. الشكوك والظنون كثيرة وكذلك الآلام والآمال، وهكذا بدأنا في لندن نترقب مجيء الاستاذ حسن مشيمع والشيخ خليل سلطان للاطلاع على ما دار مع القيادة الامنية.
وصل الوفد لندن يوم 62 اغسطس/ آب 5991 (بعد يوم واحد من إطلاق سراح الشيخ الجمري من الاعتقال الاول)، وكان في وداع الوفد في مطار البحرين الدولي فريق أمني برئاسة عادل فليفل، لتسهيل سفر الوفد (ذلك لأن من يعتقل ويفرج عنه لا يسمح له بالسفر مباشرة). كان الارهاق بادياً على مشيمع وسلطان، ولذلك تركناهما ليرتاحا في اليوم الأول من وصولهما لكي نبدأ معهما حوارات مكثفة استمرت 4 ايام متتالية.


رسالة الشيخ الجمري

في أول لقاء لي بالاستاذ حسن، سلمني رسالة كتبها الوالد الشيخ عبدالأمير الجمري في السجن بتاريخ 42 اغسطس 5991، أي قبل يومين من سفر الوفد إلى لندن. والرسالة لخصت الحوار الجاري بالقول: «فإنني قد اطلعت على البيان الصحافي الصادر عن حركة احرار البحرين الاسلامية بتاريخ 12 اغسطس 5991م، والذي تـناول فيما تـناول موضوع الاتفاق بيننا وبين الحكومة، وجاء فيه التزام الحركة مشكورة بما جاء في الاتفاق، وانني ارجو منكم جميعا التعاون معنا لإتاحة الفرصة الكافية لإنجاحه، وتجنب كل ما يعوق تنفيذه ويطيل زمن محنة شعبنا، وأن تتكرس الجهود في البحث عن افضل السبل بتعزيز الحوار مع الحكومة التي أعربت عن رغبتها فيه، مؤكداً الحاجة القصوى للتعاون من اجل اخراج البلاد من محنتها بأسلوب حضاري حكيم وراق يتناسب مع تراثنا التاريخي والثقافي وقيم ومبادئ شعبنا المسلم وطبائعه الانسانية النبيلة، ومؤكداً رفض الاسلام لاستخدام العنف مادام يوجد للحوار سبيل، ومؤكداً أيضاً ان عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد مع المحافظة على الحقوق والواجبات المتبادلة بين الشعب والحكومة تمثل الاساس الاقوى والأفضل لنمو البلاد وازدهارها وتحقيق آمال وطموحات شعبنا والمحافظة على مكتسباته، وانني على ثقة بأنكم سوف تهتدون بفضل الله تعالى وتسديده لأفضل السبل السلمية الدستورية الحكيمة التي تمر عبر الحوار لتحقيق ذلك، وعدم تضييع الفرص التاريخية الثمينة ولاسيما هذه الفرصة التي تمثل منعطفاً خطيراً في تاريخ شعبنا، متمنياً لكم التوفيق والتسديد فيما تصبون اليه من الخير لهذا الشعب والوطن».


مشيمع وسلطان في لندن

الحوار بين مشيمع وسلطان من جانب وشخصيات المعارضة الموجودين في لندن من جانب آخر تطرق إلى جميع الامور المنظورة، وكان النقاش جاداً وصريحاً إلى الدرجة التي كان الوفد الضيف يشعر وكأنه خرج من سجون البحرين والمشادات مع المخابرات إلى سجون منازل لندن ومشادات المعارضة.
وبينما كنا نتحاور مع الوفد القادم إلى لندن، كان وزير الاعلام آنذاك محمد المطوع يصرح لاذاعة لندن بأن الافراج عن المعتقلين كان «لتوفير الفرصة للمفرج عنهم لكي يعودوا إلى الصراط المستقيم».
وعلى رغم كل ذلك شعرنا بضرورة المتابعة لمجريات الامور بصبر وحذر شديدين، وكان علينا أن نبتعد عن الجوانب النظرية البحتة ونتعامل مع الواقع وظروفه، وكيفية معالجة السلبيات التي قد تصاحب مثل هذه التجربة.
وكان مشيمع قد بدأ حواره بالاشارة إلى أن مثل هذا الحوار لم يكن ليحصل لو أنهم كانوا على انفراد في زنزانات متفرقة، وكانت الخطوة الاولى التي سعوا إليها هي اقناع وزارة الداخلية بسجنهم في مكان مشترك لأجل التداول في جميع القضايا،
وفي مقابل هذا الطلب، كانت المخابرات تريد الحصول على ورقة مكتوبة وموقعة من الشخصيات الخمس يقدمون فيها «اعتذاراً» للحكومة. ومن أجل هذا الأمر تُرك الخمسة في غرفة خاصة ومجهزة بأجهزة التنصت للاستماع لما يتم الاتفاق عليه. وكان القرار الذي اتخذه الخمسة كتابة رسالة تحمل جملة «شرطية» يقول فيها الموقعون عليها إنهم يعتذرون «إذا» كان قد صدر منهم خطأ، وذكر مشيمع ان كلمة «إذا» وضعت في منتصف الجملة لكي لا يتم حذفها بعد ذلك، عندما تقوم الحكومة بنشرها فيما لو تراجعت عن الحوار. وهكذا كُتبت الرسـالة الموجهة إلى سمو امير البلاد بتاريخ 42 ابريل 5991 (اي بعد 3 اسابيع من اعتقال الشيخ الجمري) متضمنة الجملة الشرطية الآتية: «وإزاء الأحداث المؤلمة التي شهدتها البحرين في الأشهر القليلة الماضية نعرب عن اسفنا الشديد لسموكم (إذا) كانت قد تسببت تصرفاتنا والأعمال التي قمنا بها وأدت إلى الاضطرابات في البلاد». لقد كانت خطـورة الرسـالة واضحة امـامهم، لكنهم فضلوا أن يقدموا على المخاطرة لكي يتمكنوا من الاجتماع مع بعضهم بعضاً بصورة مستمرة والخروج بمشروع مشتـرك استمر الحوار فيه لإخراجه قرابة الاربعة أشهـر داخل السجن مع قيادة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية.


ملخص الحوار في لندن

أشار الوفد الزائر إلى أن جذور المبادرة بدأت بعد أيام قلائل من الاعتقال، وخرج عدد من الاخوة بصورة مستقلة اثناء اعتقالهم الانفرادي بفكرة لتهدئة الاوضاع مقابل الدخول في حوار مع الحكومة. بعد عدة جلسات من التحقيق المنفرد مع المخابرات بدا واضحاً أن هناك رأياً مشتركاً بين عدد من القياديين، ولهذا تم تقديم طلب بالسماح لخمسة منهم بالاشتراك في سجن واحد لكي يخرجوا بمشروع مشترك تضمن اربعة بنود، إلا أن البند الـرابع حذف بعد اعتراض الحكومة عليه. وجاء في بنود المشروع ما يأتي:
البند الاول: الدعوة للهدوء والاستقرار مقابل اطلاق سراح جميع الموقوفين (غير المحكومين) وتم الاتفاق على أن يطلق سراح 3 من المحاورين مع 051 شخصاً في 61 اغسطس 5991، ثم يتم الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين مع 051 معتقلاً آخرين، وفي 03 سبتمبر / أيلول 5991 يتم الافراج عن الشيخ عبدالأمير الجمري مع 005 إلى 006 موقوف.
البند الثاني: معالجة آثار الازمة. فقد خلفت آثاراً مختلفة، ولكي يتحقق استقرار دائم فلابد من الافراج عن الذين حكم عليهم وارجاع المبعدين ومناقشة عودة البرلمان المنتخب.
البند الثالث: تعزيز العلاقة الطيبة بين الشعب والحكومة. وقد اصرت الحكومة على كلمة «تعزيز» بدلاً من الكلمة الاصلية «خلق».
البعد الرابع: (الذي لم توافق عليه الحكومة): كان ينص على تصحيح العلاقة بين المعارضة في الخارج والحكومة.


ملاحظات ذكرها الوفد الزائر

1 * قال رئيس المخابرات ايان هندرسون في إحدى جلسات الحوار: «لقد استطعتم هز الكأس فلا تكسروه، لقد وصلنا إلى قناعة بأن القمع لن يخمد الشارع العام بالصورة التي نحب، كما أن الوجهاء الذين اعتمدنا عليهم لم يستطيعوا حل المشكلة».
2 * عندما طلبنا توثيق الاتفاق قبل بدء الافراجات تم ترتيب لقاء مع وزير الداخلية بتاريخ 41 اغسطس 5991 (قبل يومين من الافراج عن الدفعة الاولى) حضره وزير العمل (آنذاك) عبدالنبي الشعلة وقضاة المحكمة الجعفرية المرحوم الشيخ سليمان المدني والشيخ أحمد العصفور والمرحوم الشيخ منصور الستري بالإضافة إلى الوجيه الحاج احمد منصور العالي، وقام الشيخ الجمري بقراءة المبادرة المكتوبة أمام الحضور الذين استمعوا لما قيل عن الحوار الدائر.
3 * قال هندرسون إن زيارة لندن واقناع المعارضة هناك سيكون لهما الأثر الكبير في الاسراع بحلحلة الاوضاع، وخصوصاً بعد ذهاب العلماء الثلاثة الذين تم ابعادهم في يناير/ كانون الثاني 5991 إلى لندن، لأن ذلك قلب الموازين على الحكومة.
4 * تم إخبار وزارة الداخلية أن المحاورين لن يطلبوا من المعارضة ومن الجماهير التوقف وانما سيطلبون اعطاء فرصة للحوار.


ملاحظات ذكرها أفراد المعارضة في لندن

1* الحكومة رفضت أن توثق الاتفاق من جانبها كتابياً ورفضت وضع جدولة واضحة للفترة الأمنية من الحوار. كما أن المرحلة السياسية للحوار غامضة بالنسبة إلى الآلية. فالمعارضة طرحت مطالب دستورية تعتمد على الاجماع الوطني وأي آلية للحوار لابد أن تحتوي على ممثلين من الاطراف المشاركة في العريضة الشعبية ومن الاطراف الأخرى المؤثرة في الساحة.
2* ان الحكومة طلبت كتابة رسالة اعتذار كمقدمة للحوار، وعلى رغم أن الرسالة كتبت بلغة «شرطية» فإن الابتزاز واضح ولن تتوانى وزارة الداخلية عن استخدام هذه الورقة ونكران الحوار لأنها لم تقدم شيئاً مكتوباً.
3* إن النهج الذي تسير عليه الحكومة آنذاك لا ينبئ بالخير.
4* إن تكرار وزير الاعلام آنذاك لوصف خروج القياديين بأنه من أجل العودة للصراط القويم أمر آخر لا ينبئ بالخير في التوجه الحكومي.
5* الحكومة تريد معالجة عوارض الازمة وليس جذورها، ولا يبدو أن تغييراً حقيقياً في النهج قد حصل. فالحديث كان ينصب عن مجلس شورى معين.


رجوع مشيمع إلى البحرين

رجع مشيمع إلى البحرين (بينما بقي الشيخ خليل سلطان خارج البحرين وهاجر لاحقاً الى هولندا ولم يعد حتى الآن) والتقى الشيخ عبدالأمير الجمري والأستاذ عبدالوهاب حسين داخل السجن ليخبرهما بنتيجة الحوار مع المعارضة في الخارج. ولكن سرعان ما بدأت الحوادث تأخذ منحى آخر عندما جاء موعد الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في 7 سبتمبر/ أيلول. فوزارة الداخلية لم تفرج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في اليوم المحدد، كما لم تفرج عن العدد الكامل المتفق عليه احتجاجاً على مظاهر الفرح الجماهيرية التي بدأت تتسع مع الايام، وعندما أفرج عن الشيخ الجمري في 52 سبتمبر، وخرجت الجماهير من كل مكان لاستقباله، انزعجت «الداخلية» من دون سبب معقول وامتنعت عن الافراج عن باقي الموقوفين المتفق عليهم ويقدر عددهم بـ 005 شخص.
وكان شهر اكتوبر/ تشرين الأول 5991 حافلاً بالمساجلات والاتهامات بين القيادة الامنية والمعارضة، في الوقت الذي بدا واضحاً ان الحكومة لم تكن جادة في فتح باب الحوار وان ما كانت تريده هو الالتفاف على المطالب الجوهرية للتحرك الشعبي، التي منها إعادة الحياة الدستورية واحترام حقوق المواطن.


تصاعد الحوادث مرة أخرى

وهكذا بدأت الحوادث في التصاعد وبدأت تختفي مظاهر الفرح وتعود حال اللاأمن واللااستقرار والاعتقالات العشوائية والمحاكمات الجائرة والتصريحات غير المسئولة.
لقد تسارعت الحوادث في يناير/ كانون الثاني 6991 بصورة خاطفة، وبدا الارتباك واضحاً في ردود فعل الحكومة، ويمكن تلخيص الحوادث المتسارعة مع ما سبقها كما يأتي:
* 52 سبتمبر 5991: الافراج عن الشيخ عبدالأميرالجمري.
* 32 أكتوبر/ تشرين الأول 5991: اعتصام 7 قياديين واضرابهم عن الطعام في منزل الشيخ الجمري، احتجاجاً على عدم وفاء الحكومة بالاتفاق المبرم معها.
* 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 5991: انتهاء الاعتصام واحتشاد أكبر تجمع في تاريخ البحرين (قدر العدد 06 * 07 ألف شخص) أمام منزل الشيخ الجمري للاستماع إلى البيان الختامي للمعتصمين.
* 3 يناير 6991: بعثت قيادة أمن المنامة إلى مسئول جامع الصادق بالقفول (المنامة) وأنذروه بمنع الشيخ الجمري من الصلاة مساء الجمعة كل أسبوع. وعندما اتصل المسئول عن الجامع بادارة الأوقاف الجعفرية قيل له إنه ليس من مسئوليتنا أن نمنع أو نحدد من يصلي جماعة في المسجد. مدير أمني في وزارة الداخلية اتصل بالاوقاف ليأمرهم، لكن الاوقاف اعتذرت عن ذلك. بعدها اتصل المدير الأمني بالشيخ الجمري، وقال له: «إنك ممنوع من الصلاة والخطبة في مسجد الصادق»، وكررها ثلاث مرات، فرد عليه الشيخ الجمري بأنه يرفض المنع.
* 4 يناير 6991: هجمت قوات الأمن على جامع الامام زين العابدين، إذ كان الشيخ الجمري مع جمهور من المصلين يقرأون الدعاء، واستخدمت مسيلات الدموع بكثافة وتم الاعتداء على المارة بصورة عشوائية وفرض الحصار حول منزل الشيخ الجمري. بعد فترة انسحبت قرابة 02 سيارة جيب من المنطقة وبقيت السيارات المدنية و4 شاحنات مملوءة بالقوات. وبعد فترة تجمعت أعداد غفيرة حول منزل الشيخ الجمري وخرج الشيخ وخطب فيهم قائلا: «إن هذه الحركة الصبيانية المراهقة قد فعلها هؤلاء من دون سبب، وأرى أنهم قد أرهقتهم وحدة الشعب وإصراره على مطالبه، وأرهقتهم الجماهير الهائلة التي تجتمع للصلاة يوم الجمعة في جامع الصادق ولا نستغرب مثل هذه الحركة، ونحن صامدون لن نتراجع، والذي أراه أن هذا الانسحاب تكتيكي لكي تتجمعوا بسبب هذه المكيدة ثم يأتون مرة اخرى للهجوم زاعمين ان هناك فوضى وتجمعا غير مشروع، اننا سوف نظل متمسكين بسلوكنا الذي هزمهم وجعلنا نستـقطب الرأي العـام في الداخل والخارج وهو السلوك السلمي، وأرى أن نفوّت عليهم الفرصة ونحبط هذه المكيدة بالتفرق والانصراف من هذا المكان، شكر الله مساعيكم، على أن الانصراف لا يعني التخـلي عـن المسـئولية، بل هـو انصراف مع التحسـب للطوارئ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
* الجمعة 5 يناير 6991: صلى الشيخ الجمري الظهر في جامع الصادق بالدراز، بينما كانت مداخل الدراز توجد فيها القوات ولكن الجماهير انهالت من كل حدب وصوب، أما صلاة المغرب فكان يصليها الجمري في جامع الصادق بالقفول. وعندما توجه الناس إلى القفول كانت القوات قد حاصرت الجامع منذ الثالثة بعد الظهر بـ 052 مسلحاً وأغلقت جميع الطرق إلى الجامع. وقامت هذه القوات باستخدام مسيلات الدموع والرصاص المطاطي وأصبحت الاجواء مشحونة، وأصيب عدد غير قليل من النساء والرجال والاطفال.
* مساء الجمعة 5 يناير 6991: اقيم حفل ديني في منطقة النعيم بالمنامة وكان من بين الحضور الشيخ الجمري. وبينما كان الاستاذ حسن مشيمع يلقي كلمته أمام الحضور هجمت قوات الشغب بالقنابل الخانقة على الحضور، فانفض الجمهور وسقط عدد كبير على الأرض من بينهم الشيخ الجمري، فحمله الشباب إلى بيت صغير ملاصق لمكان الحفل. وقد التجأ إلى هذا المنزل نحو 001 شخص، وبقوا هناك ما لا يقل عن ساعة ونصف الساعة لا يستطيعون النزول ويتكلمون بالهمس، لأن البيت كان مطوقا والمنطقة كذلك. بعد ذلك هجمت قوات الشغب على المنزل وكسروا ابوابه ودخلوا واقتادوا الشباب بصورة وحشية ضرباً ورفساً وشتماً. وقيّدوا أيدي الشباب من الخلف. وتعرض الشيخ الجمري لضربة على ظهره من أحد افراد قوات مكافحة الشغب.
* 8 يناير 6991: الشيخ الجمري يصلي في جامع الصادق على رغم التهديد له قبل الصلاة والجماهير تجتمع من كل مكان وتجدد العهد. بعد ذلك توجه الشيخ الجمري للدراز وحضر احتفالاً جماهيرياً ضخماً رددت فيه هتافات الصمود ضد الهجمة الحكومية.
* 21 يناير 6991: طوقت قوات الأمن جامع الصادق بالقفول، وعندما جاء عدد كبير من الناس وغالبيتهم من الشباب للصلاة وجدوا شرطة الشغب اغلقت المنافذ المؤدية للجامع من الجهات الأربع، وتمت ملاحقة القادمين للصلاة باستخدام الرصاص المطاطي الذي تسبب في اتلاف عدد من السيارات والممتلكات.
* 31 يناير 6991: استدعت وزارة الداخلية الشيخ الجمري و7 من رفاقه وادخلوهم واحداً بعد الآخر في مكتب وزارة الداخلية الذي كان يتوسطه 41 من قوات الأمن وضباط الداخلية، قالوا إن الهدف هو ابلاغ رسالة، ان الحكومة قررت منع الصلاة جماعة وإلقاء الخطب أمام الناس. وكان جواب الشيخ الجمري ورفاقه، أنهم لا يعترفون بهذا القرار لأنه غير دستوري.
* 41 يناير 6991: اعتقل الاستاذ عبدالوهاب حسين من منزله الساعة الثالثة بعد الظهر. وكان حسين ألقى كلمة أمام حفل جماهيري في عراد مساء 31 يناير شرح فيه ما جرى مع ضباط وزارة الداخلية وموقف قادة المعارضة الرافض لمثل هذه التهديدات.
* 51 يناير 6991: بدأت حملة اعتقالات واسعة شملت جميع الذين ظهرت اسماؤهم للعلن خلال الأشهر الماضية من علماء دين وأساتـذة وخطباء ووجهاء ومسئولي مساجد، من مختلف مناطق البلاد.
* 61 يناير 6991: الشيخ الجمري يلقي كلمة أمام جمهور غفير في مدينة حمد ويتعرض للحوادث الجارية ويدعو إلى وحدة الشعب ويؤكد المطالب العادلة.
* 71 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري لمقابلة اللجنة الأمنية التي انشئت لقمع الانتفاضة، وكان اللقاء مختلفا عما قبله. اذ قُدم الاعتذار لاساءة المعاملة في الاجتماع السابق (31 يناير). فطالب الشيخ الجمري بالافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين وإيقاف الهجوم على المساجد والتجمعات العامة لكيلا ينفلت الوضع الأمني وتعود الاضطرابات. طلبت اللجنة الامنية عدم رفع الشعارات السياسية، إلا أن الشيخ قال إن المطالب سلمية ودستورية وليس من شأنها الاضرار بالأمن، بل على العكس، ولكن الاجتماع انتهى من دون معرفة الهدف الاساسي من اللقاء بهذا الاسلوب المختلف عن سابقه.
* 91 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري للقاء اللجنة الأمنية مرة أخرى، وكان هذا اللقاء عكس اللقاء الذي سبقه ما يعكس تذبذب الحكومة وعدم استقرارها على رأي محدد بشأن كيفية التعامل مع الحوادث.
* 02 يناير 6991: فرض الحصار المنزلي على الشيخ الجمري ابتداء من الساعة 3 فجراً. المظاهرات تعم مناطق البحرين وتعود مظاهر الاشتباكات مرة اخرى للساحة. اعتقالات واسعة شملت جميع اعضاء «المبادرة» ومعظم العلماء والخطباء والوجهاء الذين تحركوا خلال تلك الفترة.
* 12 يناير 6991: اعتقال الشيخ الجمري (للمرة الثانية) من منزله والعودة الكاملة لحال التوتر التي سبقت الافراج عن «اصحاب المبادرة» في اغسطس وسبتمبر 5991.

رسالة الجمري قبيل الاعتقال الثاني

قبل اعتقاله بساعات قليلة كتب الشيخ الجمري رسالة لي بالفاكس، قائلا:
«أنا والعائلة نعيش الحصار داخل البيت وقد طوقنا بعشرات الجنود وعدد من السيارات، بل حوصر جيراننا في بيوتهم وهم الذين بجانبنا وخلفنا حتى المغتسل، وشرقا حتى بيت طه جاسم، ويمتد غرباً إلى بيت ميرزا آدم، ولم يسمح لأحد منا بالخروج الا الاطفال إلى المدرسة ويفتشون في خروجهم ودخولهم تفتيشاً دقيقاً. نحن في حال سيئ جداً... لا أدري ما سيجري بالنسبة إلينا وللشعب من تطور وتصعيد للعنف... هذا وإذاعتهم وتلفزيونهم وصحفهم تتكلم ضدنا وتربط الاحداث (احداث العنف) التي استدرجوا الناس إليها بنا وبالمساجد وتزعم اننا استغللنا المساجد. الآن يحاولون اسكات الأمة من خلال اعتقال عدد من العلماء وجميع الشيالين (خطباء المواكب الحسينية) وأعداد كبيرة من الشباب... وتعتبر هذه الاصـوات قـد أخمـدت، ولم يبـق إلا الأمـل فـي الله والرجـاء منه... ولعلمـكم، من جانبنا لا تراجع عن مطالب الشعب ونحن * إن شاء الله * على الدرب سائرون... مع السلامة».#


اليراع الفضي
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة اليراع الفضي

24-02-06, 09:36 AM #2
آهات أوال
صديق الملتقى


تاريخ التسجيل: Jun 2002
الدولة: جمهورية البحرين
المشاركات: 2,240
منصور الجمري: أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينات

--------------------------------------------------------------------------------



تجربة الحوار بين أحد أطراف المعارضة والحكومة في الفترة من أغسطس 5991 إلى يناير 6991
«أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينات

الوسط - منصور الجمري
«انتفاضة التسعينات» كانت أحد الأسباب التي أدت الى حدوث الانفتاح السياسي الذي نعيشه في البحرين في هذه الفترة.


.. تلك الانتفاضة كانت قد انفجرت في ديسمبر/ كانون الأول 4991 واستمرت حوادثها حتى نهاية التسعينات من القرن الماضي. الانتفاضة عبّرت عن تحرك جانب من الشارع البحريني لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، وكانت تتوازى في جانب مع الحركة المطلبية التي قادتها «لجنة العريضة» التي طرحت المطالب المتفق عليها من فئات واتجاهات المجتمع البحريني. غير أن الحوادث تطورت وأدت الى اصطدام الشارع السياسي الشيعي مع قوات الأمن لعدة أسباب، ومن بين تلك الأسباب الاستراتيجية التي اتبعتها القيادة الأمنية آنذاك لإحداث شرخ داخل الحركة المطلبية من خلال تركيز القمع على فئة واحدة من المجتمع، وبالتالي يمكن أن ينفصل الشيعة عن السنة، ويسهل التعامل مع الأمور.
تشكلت عدة جهات قيادية ورمزية أثناء التحرك السياسي في التسعينات، ومن تلك الجهات التي تشكلت بعد انفجار الانتفاضة كانت «أصحاب المبادرة».

أصحاب المبـادرة

مباشرة وبعد انفجار الانتفاضة في ديسمبر 4991 ظهرت شخصية الشيح عبدالأمير الجمري بصورة محورية، لأنه كان أكبر رمز ديني شيعي يتبنى «العريضة النخبوية» في العام 2991، ومن ثم «العريضة الشعبية» في العام 4991. وبعد ذلك تقدم للصلاة على الشهداء الذين سقطوا أثناء المسيرات التي عمت مناطق عدة في البحرين. وفي 1 أبريل/ نيسان 5991 تمت محاصرة منزل الشيخ الجمري لمدة أسبوعين، ومن ثم نقل الى سجن القلعة،
وبعدها نقل الى سجن سافرة. بعد ادخال الجمري السجن ازدادت الأوضاع سوءاً، ما أدى بالقيادة الأمنية (ممثلة حينها بالمدير العام للأمن العام إيان هندرسون) إلى فتح حوار معه داخل السجن. ولكن الجمري طلب ان يكون معه ايضا اثنان من رموز المعارضة الذين تم اعتقالهم أيضاً، هما: الاستاذ عبدالوهاب حسين، والاستاذ حسن مشيمع. وبعد ان اكتملت الحوارات الأولية تم إشراك عدد من الشخصيات التي كانت داخل المعتقل للمساندة في تنفيذ بنود الاتفاق، وهؤلاء اطلق عليهم لاحقاً «أصحاب المبادرة».


المعارضة في لندن تدخل على الخط

كنت في لندن مع الناشطين في حركة أحرار البحرين، التي كانت قد تصدرت وكان لها دور رئيسي في تمثيل وجهة نظر المعارضة في الخارج. وفي منتصف اغسطس/ آب 5991 انهالت علينا التقارير من داخل البحرين تتحدث عن اطلاق عدد من الرموز القيادية في التحرك الشعبي المطالب بعودة الحياة الدستورية للبلاد، وما هي إلا فترة وجيزة حتى اتصل الأستاذ حسن مشيمع (أحد القياديين الذين افرج عنهم) بنا في لندن يعلمنا انه عازم على السفر إلى الخارج لتبادل وجهات النظر بشأن المحادثات التي بدأت في السجن بين القيادة الامنية وخمسة من قياديي التحرك الشعبي (الشيخ عبدالأمير الجمري، الأستاذ حسن مشيمع، الأستاذ عبدالوهاب حسين، الشيخ خليل سلطان، والشيخ حسن سلطان).
وهكذا، دخلت انتفاضة التسعينات مرحلة جديدة اتسمت بالأفراح الشعبية ومظاهر الزينة للاحتفال بمئات من المفرج عنهم بعد ان وصلت الاوضاع إلى حال من الاختناق... ما طبيعة هذه المحادثات؟ وكيف تم التوصل إليها؟ وما كان المرجو منها؟ وهل... وهل... وهل؟ الأسئلة بدأت تنهال من كل جانب وبدا كأن البحرين قد دشنت آنذاك مرحلة حرية التعبير عن الرأي والحوار بين المعارضة والحكومة. الشكوك والظنون كثيرة وكذلك الآلام والآمال، وهكذا بدأنا في لندن نترقب مجيء الاستاذ حسن مشيمع والشيخ خليل سلطان للاطلاع على ما دار مع القيادة الامنية.
وصل الوفد لندن يوم 62 اغسطس/ آب 5991 (بعد يوم واحد من إطلاق سراح الشيخ الجمري من الاعتقال الاول)، وكان في وداع الوفد في مطار البحرين الدولي فريق أمني برئاسة عادل فليفل، لتسهيل سفر الوفد (ذلك لأن من يعتقل ويفرج عنه لا يسمح له بالسفر مباشرة). كان الارهاق بادياً على مشيمع وسلطان، ولذلك تركناهما ليرتاحا في اليوم الأول من وصولهما لكي نبدأ معهما حوارات مكثفة استمرت 4 ايام متتالية.


رسالة الشيخ الجمري

في أول لقاء لي بالاستاذ حسن، سلمني رسالة كتبها الوالد الشيخ عبدالأمير الجمري في السجن بتاريخ 42 اغسطس 5991، أي قبل يومين من سفر الوفد إلى لندن. والرسالة لخصت الحوار الجاري بالقول: «فإنني قد اطلعت على البيان الصحافي الصادر عن حركة احرار البحرين الاسلامية بتاريخ 12 اغسطس 5991م، والذي تـناول فيما تـناول موضوع الاتفاق بيننا وبين الحكومة، وجاء فيه التزام الحركة مشكورة بما جاء في الاتفاق، وانني ارجو منكم جميعا التعاون معنا لإتاحة الفرصة الكافية لإنجاحه، وتجنب كل ما يعوق تنفيذه ويطيل زمن محنة شعبنا، وأن تتكرس الجهود في البحث عن افضل السبل بتعزيز الحوار مع الحكومة التي أعربت عن رغبتها فيه، مؤكداً الحاجة القصوى للتعاون من اجل اخراج البلاد من محنتها بأسلوب حضاري حكيم وراق يتناسب مع تراثنا التاريخي والثقافي وقيم ومبادئ شعبنا المسلم وطبائعه الانسانية النبيلة، ومؤكداً رفض الاسلام لاستخدام العنف مادام يوجد للحوار سبيل، ومؤكداً أيضاً ان عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد مع المحافظة على الحقوق والواجبات المتبادلة بين الشعب والحكومة تمثل الاساس الاقوى والأفضل لنمو البلاد وازدهارها وتحقيق آمال وطموحات شعبنا والمحافظة على مكتسباته، وانني على ثقة بأنكم سوف تهتدون بفضل الله تعالى وتسديده لأفضل السبل السلمية الدستورية الحكيمة التي تمر عبر الحوار لتحقيق ذلك، وعدم تضييع الفرص التاريخية الثمينة ولاسيما هذه الفرصة التي تمثل منعطفاً خطيراً في تاريخ شعبنا، متمنياً لكم التوفيق والتسديد فيما تصبون اليه من الخير لهذا الشعب والوطن».


مشيمع وسلطان في لندن

الحوار بين مشيمع وسلطان من جانب وشخصيات المعارضة الموجودين في لندن من جانب آخر تطرق إلى جميع الامور المنظورة، وكان النقاش جاداً وصريحاً إلى الدرجة التي كان الوفد الضيف يشعر وكأنه خرج من سجون البحرين والمشادات مع المخابرات إلى سجون منازل لندن ومشادات المعارضة.
وبينما كنا نتحاور مع الوفد القادم إلى لندن، كان وزير الاعلام آنذاك محمد المطوع يصرح لاذاعة لندن بأن الافراج عن المعتقلين كان «لتوفير الفرصة للمفرج عنهم لكي يعودوا إلى الصراط المستقيم».
وعلى رغم كل ذلك شعرنا بضرورة المتابعة لمجريات الامور بصبر وحذر شديدين، وكان علينا أن نبتعد عن الجوانب النظرية البحتة ونتعامل مع الواقع وظروفه، وكيفية معالجة السلبيات التي قد تصاحب مثل هذه التجربة.
وكان مشيمع قد بدأ حواره بالاشارة إلى أن مثل هذا الحوار لم يكن ليحصل لو أنهم كانوا على انفراد في زنزانات متفرقة، وكانت الخطوة الاولى التي سعوا إليها هي اقناع وزارة الداخلية بسجنهم في مكان مشترك لأجل التداول في جميع القضايا،
وفي مقابل هذا الطلب، كانت المخابرات تريد الحصول على ورقة مكتوبة وموقعة من الشخصيات الخمس يقدمون فيها «اعتذاراً» للحكومة. ومن أجل هذا الأمر تُرك الخمسة في غرفة خاصة ومجهزة بأجهزة التنصت للاستماع لما يتم الاتفاق عليه. وكان القرار الذي اتخذه الخمسة كتابة رسالة تحمل جملة «شرطية» يقول فيها الموقعون عليها إنهم يعتذرون «إذا» كان قد صدر منهم خطأ، وذكر مشيمع ان كلمة «إذا» وضعت في منتصف الجملة لكي لا يتم حذفها بعد ذلك، عندما تقوم الحكومة بنشرها فيما لو تراجعت عن الحوار. وهكذا كُتبت الرسـالة الموجهة إلى سمو امير البلاد بتاريخ 42 ابريل 5991 (اي بعد 3 اسابيع من اعتقال الشيخ الجمري) متضمنة الجملة الشرطية الآتية: «وإزاء الأحداث المؤلمة التي شهدتها البحرين في الأشهر القليلة الماضية نعرب عن اسفنا الشديد لسموكم (إذا) كانت قد تسببت تصرفاتنا والأعمال التي قمنا بها وأدت إلى الاضطرابات في البلاد». لقد كانت خطـورة الرسـالة واضحة امـامهم، لكنهم فضلوا أن يقدموا على المخاطرة لكي يتمكنوا من الاجتماع مع بعضهم بعضاً بصورة مستمرة والخروج بمشروع مشتـرك استمر الحوار فيه لإخراجه قرابة الاربعة أشهـر داخل السجن مع قيادة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية.


ملخص الحوار في لندن

أشار الوفد الزائر إلى أن جذور المبادرة بدأت بعد أيام قلائل من الاعتقال، وخرج عدد من الاخوة بصورة مستقلة اثناء اعتقالهم الانفرادي بفكرة لتهدئة الاوضاع مقابل الدخول في حوار مع الحكومة. بعد عدة جلسات من التحقيق المنفرد مع المخابرات بدا واضحاً أن هناك رأياً مشتركاً بين عدد من القياديين، ولهذا تم تقديم طلب بالسماح لخمسة منهم بالاشتراك في سجن واحد لكي يخرجوا بمشروع مشترك تضمن اربعة بنود، إلا أن البند الـرابع حذف بعد اعتراض الحكومة عليه. وجاء في بنود المشروع ما يأتي:
البند الاول: الدعوة للهدوء والاستقرار مقابل اطلاق سراح جميع الموقوفين (غير المحكومين) وتم الاتفاق على أن يطلق سراح 3 من المحاورين مع 051 شخصاً في 61 اغسطس 5991، ثم يتم الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين مع 051 معتقلاً آخرين، وفي 03 سبتمبر / أيلول 5991 يتم الافراج عن الشيخ عبدالأمير الجمري مع 005 إلى 006 موقوف.
البند الثاني: معالجة آثار الازمة. فقد خلفت آثاراً مختلفة، ولكي يتحقق استقرار دائم فلابد من الافراج عن الذين حكم عليهم وارجاع المبعدين ومناقشة عودة البرلمان المنتخب.
البند الثالث: تعزيز العلاقة الطيبة بين الشعب والحكومة. وقد اصرت الحكومة على كلمة «تعزيز» بدلاً من الكلمة الاصلية «خلق».
البعد الرابع: (الذي لم توافق عليه الحكومة): كان ينص على تصحيح العلاقة بين المعارضة في الخارج والحكومة.


ملاحظات ذكرها الوفد الزائر

1 * قال رئيس المخابرات ايان هندرسون في إحدى جلسات الحوار: «لقد استطعتم هز الكأس فلا تكسروه، لقد وصلنا إلى قناعة بأن القمع لن يخمد الشارع العام بالصورة التي نحب، كما أن الوجهاء الذين اعتمدنا عليهم لم يستطيعوا حل المشكلة».
2 * عندما طلبنا توثيق الاتفاق قبل بدء الافراجات تم ترتيب لقاء مع وزير الداخلية بتاريخ 41 اغسطس 5991 (قبل يومين من الافراج عن الدفعة الاولى) حضره وزير العمل (آنذاك) عبدالنبي الشعلة وقضاة المحكمة الجعفرية المرحوم الشيخ سليمان المدني والشيخ أحمد العصفور والمرحوم الشيخ منصور الستري بالإضافة إلى الوجيه الحاج احمد منصور العالي، وقام الشيخ الجمري بقراءة المبادرة المكتوبة أمام الحضور الذين استمعوا لما قيل عن الحوار الدائر.
3 * قال هندرسون إن زيارة لندن واقناع المعارضة هناك سيكون لهما الأثر الكبير في الاسراع بحلحلة الاوضاع، وخصوصاً بعد ذهاب العلماء الثلاثة الذين تم ابعادهم في يناير/ كانون الثاني 5991 إلى لندن، لأن ذلك قلب الموازين على الحكومة.
4 * تم إخبار وزارة الداخلية أن المحاورين لن يطلبوا من المعارضة ومن الجماهير التوقف وانما سيطلبون اعطاء فرصة للحوار.


ملاحظات ذكرها أفراد المعارضة في لندن

1* الحكومة رفضت أن توثق الاتفاق من جانبها كتابياً ورفضت وضع جدولة واضحة للفترة الأمنية من الحوار. كما أن المرحلة السياسية للحوار غامضة بالنسبة إلى الآلية. فالمعارضة طرحت مطالب دستورية تعتمد على الاجماع الوطني وأي آلية للحوار لابد أن تحتوي على ممثلين من الاطراف المشاركة في العريضة الشعبية ومن الاطراف الأخرى المؤثرة في الساحة.
2* ان الحكومة طلبت كتابة رسالة اعتذار كمقدمة للحوار، وعلى رغم أن الرسالة كتبت بلغة «شرطية» فإن الابتزاز واضح ولن تتوانى وزارة الداخلية عن استخدام هذه الورقة ونكران الحوار لأنها لم تقدم شيئاً مكتوباً.
3* إن النهج الذي تسير عليه الحكومة آنذاك لا ينبئ بالخير.
4* إن تكرار وزير الاعلام آنذاك لوصف خروج القياديين بأنه من أجل العودة للصراط القويم أمر آخر لا ينبئ بالخير في التوجه الحكومي.
5* الحكومة تريد معالجة عوارض الازمة وليس جذورها، ولا يبدو أن تغييراً حقيقياً في النهج قد حصل. فالحديث كان ينصب عن مجلس شورى معين.


رجوع مشيمع إلى البحرين

رجع مشيمع إلى البحرين (بينما بقي الشيخ خليل سلطان خارج البحرين وهاجر لاحقاً الى هولندا ولم يعد حتى الآن) والتقى الشيخ عبدالأمير الجمري والأستاذ عبدالوهاب حسين داخل السجن ليخبرهما بنتيجة الحوار مع المعارضة في الخارج. ولكن سرعان ما بدأت الحوادث تأخذ منحى آخر عندما جاء موعد الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في 7 سبتمبر/ أيلول. فوزارة الداخلية لم تفرج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في اليوم المحدد، كما لم تفرج عن العدد الكامل المتفق عليه احتجاجاً على مظاهر الفرح الجماهيرية التي بدأت تتسع مع الايام، وعندما أفرج عن الشيخ الجمري في 52 سبتمبر، وخرجت الجماهير من كل مكان لاستقباله، انزعجت «الداخلية» من دون سبب معقول وامتنعت عن الافراج عن باقي الموقوفين المتفق عليهم ويقدر عددهم بـ 005 شخص.
وكان شهر اكتوبر/ تشرين الأول 5991 حافلاً بالمساجلات والاتهامات بين القيادة الامنية والمعارضة، في الوقت الذي بدا واضحاً ان الحكومة لم تكن جادة في فتح باب الحوار وان ما كانت تريده هو الالتفاف على المطالب الجوهرية للتحرك الشعبي، التي منها إعادة الحياة الدستورية واحترام حقوق المواطن.


تصاعد الحوادث مرة أخرى

وهكذا بدأت الحوادث في التصاعد وبدأت تختفي مظاهر الفرح وتعود حال اللاأمن واللااستقرار والاعتقالات العشوائية والمحاكمات الجائرة والتصريحات غير المسئولة.
لقد تسارعت الحوادث في يناير/ كانون الثاني 6991 بصورة خاطفة، وبدا الارتباك واضحاً في ردود فعل الحكومة، ويمكن تلخيص الحوادث المتسارعة مع ما سبقها كما يأتي:
* 52 سبتمبر 5991: الافراج عن الشيخ عبدالأميرالجمري.
* 32 أكتوبر/ تشرين الأول 5991: اعتصام 7 قياديين واضرابهم عن الطعام في منزل الشيخ الجمري، احتجاجاً على عدم وفاء الحكومة بالاتفاق المبرم معها.
* 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 5991: انتهاء الاعتصام واحتشاد أكبر تجمع في تاريخ البحرين (قدر العدد 06 * 07 ألف شخص) أمام منزل الشيخ الجمري للاستماع إلى البيان الختامي للمعتصمين.
* 3 يناير 6991: بعثت قيادة أمن المنامة إلى مسئول جامع الصادق بالقفول (المنامة) وأنذروه بمنع الشيخ الجمري من الصلاة مساء الجمعة كل أسبوع. وعندما اتصل المسئول عن الجامع بادارة الأوقاف الجعفرية قيل له إنه ليس من مسئوليتنا أن نمنع أو نحدد من يصلي جماعة في المسجد. مدير أمني في وزارة الداخلية اتصل بالاوقاف ليأمرهم، لكن الاوقاف اعتذرت عن ذلك. بعدها اتصل المدير الأمني بالشيخ الجمري، وقال له: «إنك ممنوع من الصلاة والخطبة في مسجد الصادق»، وكررها ثلاث مرات، فرد عليه الشيخ الجمري بأنه يرفض المنع.
* 4 يناير 6991: هجمت قوات الأمن على جامع الامام زين العابدين، إذ كان الشيخ الجمري مع جمهور من المصلين يقرأون الدعاء، واستخدمت مسيلات الدموع بكثافة وتم الاعتداء على المارة بصورة عشوائية وفرض الحصار حول منزل الشيخ الجمري. بعد فترة انسحبت قرابة 02 سيارة جيب من المنطقة وبقيت السيارات المدنية و4 شاحنات مملوءة بالقوات. وبعد فترة تجمعت أعداد غفيرة حول منزل الشيخ الجمري وخرج الشيخ وخطب فيهم قائلا: «إن هذه الحركة الصبيانية المراهقة قد فعلها هؤلاء من دون سبب، وأرى أنهم قد أرهقتهم وحدة الشعب وإصراره على مطالبه، وأرهقتهم الجماهير الهائلة التي تجتمع للصلاة يوم الجمعة في جامع الصادق ولا نستغرب مثل هذه الحركة، ونحن صامدون لن نتراجع، والذي أراه أن هذا الانسحاب تكتيكي لكي تتجمعوا بسبب هذه المكيدة ثم يأتون مرة اخرى للهجوم زاعمين ان هناك فوضى وتجمعا غير مشروع، اننا سوف نظل متمسكين بسلوكنا الذي هزمهم وجعلنا نستـقطب الرأي العـام في الداخل والخارج وهو السلوك السلمي، وأرى أن نفوّت عليهم الفرصة ونحبط هذه المكيدة بالتفرق والانصراف من هذا المكان، شكر الله مساعيكم، على أن الانصراف لا يعني التخـلي عـن المسـئولية، بل هـو انصراف مع التحسـب للطوارئ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
* الجمعة 5 يناير 6991: صلى الشيخ الجمري الظهر في جامع الصادق بالدراز، بينما كانت مداخل الدراز توجد فيها القوات ولكن الجماهير انهالت من كل حدب وصوب، أما صلاة المغرب فكان يصليها الجمري في جامع الصادق بالقفول. وعندما توجه الناس إلى القفول كانت القوات قد حاصرت الجامع منذ الثالثة بعد الظهر بـ 052 مسلحاً وأغلقت جميع الطرق إلى الجامع. وقامت هذه القوات باستخدام مسيلات الدموع والرصاص المطاطي وأصبحت الاجواء مشحونة، وأصيب عدد غير قليل من النساء والرجال والاطفال.
* مساء الجمعة 5 يناير 6991: اقيم حفل ديني في منطقة النعيم بالمنامة وكان من بين الحضور الشيخ الجمري. وبينما كان الاستاذ حسن مشيمع يلقي كلمته أمام الحضور هجمت قوات الشغب بالقنابل الخانقة على الحضور، فانفض الجمهور وسقط عدد كبير على الأرض من بينهم الشيخ الجمري، فحمله الشباب إلى بيت صغير ملاصق لمكان الحفل. وقد التجأ إلى هذا المنزل نحو 001 شخص، وبقوا هناك ما لا يقل عن ساعة ونصف الساعة لا يستطيعون النزول ويتكلمون بالهمس، لأن البيت كان مطوقا والمنطقة كذلك. بعد ذلك هجمت قوات الشغب على المنزل وكسروا ابوابه ودخلوا واقتادوا الشباب بصورة وحشية ضرباً ورفساً وشتماً. وقيّدوا أيدي الشباب من الخلف. وتعرض الشيخ الجمري لضربة على ظهره من أحد افراد قوات مكافحة الشغب.
* 8 يناير 6991: الشيخ الجمري يصلي في جامع الصادق على رغم التهديد له قبل الصلاة والجماهير تجتمع من كل مكان وتجدد العهد. بعد ذلك توجه الشيخ الجمري للدراز وحضر احتفالاً جماهيرياً ضخماً رددت فيه هتافات الصمود ضد الهجمة الحكومية.
* 21 يناير 6991: طوقت قوات الأمن جامع الصادق بالقفول، وعندما جاء عدد كبير من الناس وغالبيتهم من الشباب للصلاة وجدوا شرطة الشغب اغلقت المنافذ المؤدية للجامع من الجهات الأربع، وتمت ملاحقة القادمين للصلاة باستخدام الرصاص المطاطي الذي تسبب في اتلاف عدد من السيارات والممتلكات.
* 31 يناير 6991: استدعت وزارة الداخلية الشيخ الجمري و7 من رفاقه وادخلوهم واحداً بعد الآخر في مكتب وزارة الداخلية الذي كان يتوسطه 41 من قوات الأمن وضباط الداخلية، قالوا إن الهدف هو ابلاغ رسالة، ان الحكومة قررت منع الصلاة جماعة وإلقاء الخطب أمام الناس. وكان جواب الشيخ الجمري ورفاقه، أنهم لا يعترفون بهذا القرار لأنه غير دستوري.
* 41 يناير 6991: اعتقل الاستاذ عبدالوهاب حسين من منزله الساعة الثالثة بعد الظهر. وكان حسين ألقى كلمة أمام حفل جماهيري في عراد مساء 31 يناير شرح فيه ما جرى مع ضباط وزارة الداخلية وموقف قادة المعارضة الرافض لمثل هذه التهديدات.
* 51 يناير 6991: بدأت حملة اعتقالات واسعة شملت جميع الذين ظهرت اسماؤهم للعلن خلال الأشهر الماضية من علماء دين وأساتـذة وخطباء ووجهاء ومسئولي مساجد، من مختلف مناطق البلاد.
* 61 يناير 6991: الشيخ الجمري يلقي كلمة أمام جمهور غفير في مدينة حمد ويتعرض للحوادث الجارية ويدعو إلى وحدة الشعب ويؤكد المطالب العادلة.
* 71 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري لمقابلة اللجنة الأمنية التي انشئت لقمع الانتفاضة، وكان اللقاء مختلفا عما قبله. اذ قُدم الاعتذار لاساءة المعاملة في الاجتماع السابق (31 يناير). فطالب الشيخ الجمري بالافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين وإيقاف الهجوم على المساجد والتجمعات العامة لكيلا ينفلت الوضع الأمني وتعود الاضطرابات. طلبت اللجنة الامنية عدم رفع الشعارات السياسية، إلا أن الشيخ قال إن المطالب سلمية ودستورية وليس من شأنها الاضرار بالأمن، بل على العكس، ولكن الاجتماع انتهى من دون معرفة الهدف الاساسي من اللقاء بهذا الاسلوب المختلف عن سابقه.
* 91 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري للقاء اللجنة الأمنية مرة أخرى، وكان هذا اللقاء عكس اللقاء الذي سبقه ما يعكس تذبذب الحكومة وعدم استقرارها على رأي محدد بشأن كيفية التعامل مع الحوادث.
* 02 يناير 6991: فرض الحصار المنزلي على الشيخ الجمري ابتداء من الساعة 3 فجراً. المظاهرات تعم مناطق البحرين وتعود مظاهر الاشتباكات مرة اخرى للساحة. اعتقالات واسعة شملت جميع اعضاء «المبادرة» ومعظم العلماء والخطباء والوجهاء الذين تحركوا خلال تلك الفترة.
* 12 يناير 6991: اعتقال الشيخ الجمري (للمرة الثانية) من منزله والعودة الكاملة لحال التوتر التي سبقت الافراج عن «اصحاب المبادرة» في اغسطس وسبتمبر 5991.

رسالة الجمري قبيل الاعتقال الثاني

قبل اعتقاله بساعات قليلة كتب الشيخ الجمري رسالة لي بالفاكس، قائلا:
«أنا والعائلة نعيش الحصار داخل البيت وقد طوقنا بعشرات الجنود وعدد من السيارات، بل حوصر جيراننا في بيوتهم وهم الذين بجانبنا وخلفنا حتى المغتسل، وشرقا حتى بيت طه جاسم، ويمتد غرباً إلى بيت ميرزا آدم، ولم يسمح لأحد منا بالخروج الا الاطفال إلى المدرسة ويفتشون في خروجهم ودخولهم تفتيشاً دقيقاً. نحن في حال سيئ جداً... لا أدري ما سيجري بالنسبة إلينا وللشعب من تطور وتصعيد للعنف... هذا وإذاعتهم وتلفزيونهم وصحفهم تتكلم ضدنا وتربط الاحداث (احداث العنف) التي استدرجوا الناس إليها بنا وبالمساجد وتزعم اننا استغللنا المساجد. الآن يحاولون اسكات الأمة من خلال اعتقال عدد من العلماء وجميع الشيالين (خطباء المواكب الحسينية) وأعداد كبيرة من الشباب... وتعتبر هذه الاصـوات قـد أخمـدت، ولم يبـق إلا الأمـل فـي الله والرجـاء منه... ولعلمـكم، من جانبنا لا تراجع عن مطالب الشعب ونحن * إن شاء الله * على الدرب سائرون... مع السلامة».#


http://www.alwasatnews.com/topic.asp...date=2-24-2006


آهات أوال
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة آهات أوال

24-02-06, 10:41 AM #3
أيمان
عضو فعَّال


تاريخ التسجيل: Jul 2002
المشاركات: 185
تجربة الحوار بين أحد أطراف المعارضة والحكومة في الفترة من أغسطس 1995 إلى يناير 1996

--------------------------------------------------------------------------------

تجربة الحوار بين أحد أطراف المعارضة والحكومة في الفترة من أغسطس 5991 إلى يناير 6991
«أصحاب المبادرة» تحاوروا باسم انتفاضة التسعينات
الوسط - منصور الجمري
«انتفاضة التسعينات» كانت أحد الأسباب التي أدت الى حدوث الانفتاح السياسي الذي نعيشه في البحرين في هذه الفترة.


.. تلك الانتفاضة كانت قد انفجرت في ديسمبر/ كانون الأول 4991 واستمرت حوادثها حتى نهاية التسعينات من القرن الماضي. الانتفاضة عبّرت عن تحرك جانب من الشارع البحريني لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، وكانت تتوازى في جانب مع الحركة المطلبية التي قادتها «لجنة العريضة» التي طرحت المطالب المتفق عليها من فئات واتجاهات المجتمع البحريني. غير أن الحوادث تطورت وأدت الى اصطدام الشارع السياسي الشيعي مع قوات الأمن لعدة أسباب، ومن بين تلك الأسباب الاستراتيجية التي اتبعتها القيادة الأمنية آنذاك لإحداث شرخ داخل الحركة المطلبية من خلال تركيز القمع على فئة واحدة من المجتمع، وبالتالي يمكن أن ينفصل الشيعة عن السنة، ويسهل التعامل مع الأمور.
تشكلت عدة جهات قيادية ورمزية أثناء التحرك السياسي في التسعينات، ومن تلك الجهات التي تشكلت بعد انفجار الانتفاضة كانت «أصحاب المبادرة».

أصحاب المبـادرة

مباشرة وبعد انفجار الانتفاضة في ديسمبر 4991 ظهرت شخصية الشيح عبدالأمير الجمري بصورة محورية، لأنه كان أكبر رمز ديني شيعي يتبنى «العريضة النخبوية» في العام 2991، ومن ثم «العريضة الشعبية» في العام 4991. وبعد ذلك تقدم للصلاة على الشهداء الذين سقطوا أثناء المسيرات التي عمت مناطق عدة في البحرين. وفي 1 أبريل/ نيسان 5991 تمت محاصرة منزل الشيخ الجمري لمدة أسبوعين، ومن ثم نقل الى سجن القلعة،
وبعدها نقل الى سجن سافرة. بعد ادخال الجمري السجن ازدادت الأوضاع سوءاً، ما أدى بالقيادة الأمنية (ممثلة حينها بالمدير العام للأمن العام إيان هندرسون) إلى فتح حوار معه داخل السجن. ولكن الجمري طلب ان يكون معه ايضا اثنان من رموز المعارضة الذين تم اعتقالهم أيضاً، هما: الاستاذ عبدالوهاب حسين، والاستاذ حسن مشيمع. وبعد ان اكتملت الحوارات الأولية تم إشراك عدد من الشخصيات التي كانت داخل المعتقل للمساندة في تنفيذ بنود الاتفاق، وهؤلاء اطلق عليهم لاحقاً «أصحاب المبادرة».


المعارضة في لندن تدخل على الخط

كنت في لندن مع الناشطين في حركة أحرار البحرين، التي كانت قد تصدرت وكان لها دور رئيسي في تمثيل وجهة نظر المعارضة في الخارج. وفي منتصف اغسطس/ آب 5991 انهالت علينا التقارير من داخل البحرين تتحدث عن اطلاق عدد من الرموز القيادية في التحرك الشعبي المطالب بعودة الحياة الدستورية للبلاد، وما هي إلا فترة وجيزة حتى اتصل الأستاذ حسن مشيمع (أحد القياديين الذين افرج عنهم) بنا في لندن يعلمنا انه عازم على السفر إلى الخارج لتبادل وجهات النظر بشأن المحادثات التي بدأت في السجن بين القيادة الامنية وخمسة من قياديي التحرك الشعبي (الشيخ عبدالأمير الجمري، الأستاذ حسن مشيمع، الأستاذ عبدالوهاب حسين، الشيخ خليل سلطان، والشيخ حسن سلطان).
وهكذا، دخلت انتفاضة التسعينات مرحلة جديدة اتسمت بالأفراح الشعبية ومظاهر الزينة للاحتفال بمئات من المفرج عنهم بعد ان وصلت الاوضاع إلى حال من الاختناق... ما طبيعة هذه المحادثات؟ وكيف تم التوصل إليها؟ وما كان المرجو منها؟ وهل... وهل... وهل؟ الأسئلة بدأت تنهال من كل جانب وبدا كأن البحرين قد دشنت آنذاك مرحلة حرية التعبير عن الرأي والحوار بين المعارضة والحكومة. الشكوك والظنون كثيرة وكذلك الآلام والآمال، وهكذا بدأنا في لندن نترقب مجيء الاستاذ حسن مشيمع والشيخ خليل سلطان للاطلاع على ما دار مع القيادة الامنية.
وصل الوفد لندن يوم 62 اغسطس/ آب 5991 (بعد يوم واحد من إطلاق سراح الشيخ الجمري من الاعتقال الاول)، وكان في وداع الوفد في مطار البحرين الدولي فريق أمني برئاسة عادل فليفل، لتسهيل سفر الوفد (ذلك لأن من يعتقل ويفرج عنه لا يسمح له بالسفر مباشرة). كان الارهاق بادياً على مشيمع وسلطان، ولذلك تركناهما ليرتاحا في اليوم الأول من وصولهما لكي نبدأ معهما حوارات مكثفة استمرت 4 ايام متتالية.


رسالة الشيخ الجمري

في أول لقاء لي بالاستاذ حسن، سلمني رسالة كتبها الوالد الشيخ عبدالأمير الجمري في السجن بتاريخ 42 اغسطس 5991، أي قبل يومين من سفر الوفد إلى لندن. والرسالة لخصت الحوار الجاري بالقول: «فإنني قد اطلعت على البيان الصحافي الصادر عن حركة احرار البحرين الاسلامية بتاريخ 12 اغسطس 5991م، والذي تـناول فيما تـناول موضوع الاتفاق بيننا وبين الحكومة، وجاء فيه التزام الحركة مشكورة بما جاء في الاتفاق، وانني ارجو منكم جميعا التعاون معنا لإتاحة الفرصة الكافية لإنجاحه، وتجنب كل ما يعوق تنفيذه ويطيل زمن محنة شعبنا، وأن تتكرس الجهود في البحث عن افضل السبل بتعزيز الحوار مع الحكومة التي أعربت عن رغبتها فيه، مؤكداً الحاجة القصوى للتعاون من اجل اخراج البلاد من محنتها بأسلوب حضاري حكيم وراق يتناسب مع تراثنا التاريخي والثقافي وقيم ومبادئ شعبنا المسلم وطبائعه الانسانية النبيلة، ومؤكداً رفض الاسلام لاستخدام العنف مادام يوجد للحوار سبيل، ومؤكداً أيضاً ان عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد مع المحافظة على الحقوق والواجبات المتبادلة بين الشعب والحكومة تمثل الاساس الاقوى والأفضل لنمو البلاد وازدهارها وتحقيق آمال وطموحات شعبنا والمحافظة على مكتسباته، وانني على ثقة بأنكم سوف تهتدون بفضل الله تعالى وتسديده لأفضل السبل السلمية الدستورية الحكيمة التي تمر عبر الحوار لتحقيق ذلك، وعدم تضييع الفرص التاريخية الثمينة ولاسيما هذه الفرصة التي تمثل منعطفاً خطيراً في تاريخ شعبنا، متمنياً لكم التوفيق والتسديد فيما تصبون اليه من الخير لهذا الشعب والوطن».


مشيمع وسلطان في لندن

الحوار بين مشيمع وسلطان من جانب وشخصيات المعارضة الموجودين في لندن من جانب آخر تطرق إلى جميع الامور المنظورة، وكان النقاش جاداً وصريحاً إلى الدرجة التي كان الوفد الضيف يشعر وكأنه خرج من سجون البحرين والمشادات مع المخابرات إلى سجون منازل لندن ومشادات المعارضة.
وبينما كنا نتحاور مع الوفد القادم إلى لندن، كان وزير الاعلام آنذاك محمد المطوع يصرح لاذاعة لندن بأن الافراج عن المعتقلين كان «لتوفير الفرصة للمفرج عنهم لكي يعودوا إلى الصراط المستقيم».
وعلى رغم كل ذلك شعرنا بضرورة المتابعة لمجريات الامور بصبر وحذر شديدين، وكان علينا أن نبتعد عن الجوانب النظرية البحتة ونتعامل مع الواقع وظروفه، وكيفية معالجة السلبيات التي قد تصاحب مثل هذه التجربة.
وكان مشيمع قد بدأ حواره بالاشارة إلى أن مثل هذا الحوار لم يكن ليحصل لو أنهم كانوا على انفراد في زنزانات متفرقة، وكانت الخطوة الاولى التي سعوا إليها هي اقناع وزارة الداخلية بسجنهم في مكان مشترك لأجل التداول في جميع القضايا،
وفي مقابل هذا الطلب، كانت المخابرات تريد الحصول على ورقة مكتوبة وموقعة من الشخصيات الخمس يقدمون فيها «اعتذاراً» للحكومة. ومن أجل هذا الأمر تُرك الخمسة في غرفة خاصة ومجهزة بأجهزة التنصت للاستماع لما يتم الاتفاق عليه. وكان القرار الذي اتخذه الخمسة كتابة رسالة تحمل جملة «شرطية» يقول فيها الموقعون عليها إنهم يعتذرون «إذا» كان قد صدر منهم خطأ، وذكر مشيمع ان كلمة «إذا» وضعت في منتصف الجملة لكي لا يتم حذفها بعد ذلك، عندما تقوم الحكومة بنشرها فيما لو تراجعت عن الحوار. وهكذا كُتبت الرسـالة الموجهة إلى سمو امير البلاد بتاريخ 42 ابريل 5991 (اي بعد 3 اسابيع من اعتقال الشيخ الجمري) متضمنة الجملة الشرطية الآتية: «وإزاء الأحداث المؤلمة التي شهدتها البحرين في الأشهر القليلة الماضية نعرب عن اسفنا الشديد لسموكم (إذا) كانت قد تسببت تصرفاتنا والأعمال التي قمنا بها وأدت إلى الاضطرابات في البلاد». لقد كانت خطـورة الرسـالة واضحة امـامهم، لكنهم فضلوا أن يقدموا على المخاطرة لكي يتمكنوا من الاجتماع مع بعضهم بعضاً بصورة مستمرة والخروج بمشروع مشتـرك استمر الحوار فيه لإخراجه قرابة الاربعة أشهـر داخل السجن مع قيادة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية.


ملخص الحوار في لندن

أشار الوفد الزائر إلى أن جذور المبادرة بدأت بعد أيام قلائل من الاعتقال، وخرج عدد من الاخوة بصورة مستقلة اثناء اعتقالهم الانفرادي بفكرة لتهدئة الاوضاع مقابل الدخول في حوار مع الحكومة. بعد عدة جلسات من التحقيق المنفرد مع المخابرات بدا واضحاً أن هناك رأياً مشتركاً بين عدد من القياديين، ولهذا تم تقديم طلب بالسماح لخمسة منهم بالاشتراك في سجن واحد لكي يخرجوا بمشروع مشترك تضمن اربعة بنود، إلا أن البند الـرابع حذف بعد اعتراض الحكومة عليه. وجاء في بنود المشروع ما يأتي:
البند الاول: الدعوة للهدوء والاستقرار مقابل اطلاق سراح جميع الموقوفين (غير المحكومين) وتم الاتفاق على أن يطلق سراح 3 من المحاورين مع 051 شخصاً في 61 اغسطس 5991، ثم يتم الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين مع 051 معتقلاً آخرين، وفي 03 سبتمبر / أيلول 5991 يتم الافراج عن الشيخ عبدالأمير الجمري مع 005 إلى 006 موقوف.
البند الثاني: معالجة آثار الازمة. فقد خلفت آثاراً مختلفة، ولكي يتحقق استقرار دائم فلابد من الافراج عن الذين حكم عليهم وارجاع المبعدين ومناقشة عودة البرلمان المنتخب.
البند الثالث: تعزيز العلاقة الطيبة بين الشعب والحكومة. وقد اصرت الحكومة على كلمة «تعزيز» بدلاً من الكلمة الاصلية «خلق».
البعد الرابع: (الذي لم توافق عليه الحكومة): كان ينص على تصحيح العلاقة بين المعارضة في الخارج والحكومة.


ملاحظات ذكرها الوفد الزائر

1 * قال رئيس المخابرات ايان هندرسون في إحدى جلسات الحوار: «لقد استطعتم هز الكأس فلا تكسروه، لقد وصلنا إلى قناعة بأن القمع لن يخمد الشارع العام بالصورة التي نحب، كما أن الوجهاء الذين اعتمدنا عليهم لم يستطيعوا حل المشكلة».
2 * عندما طلبنا توثيق الاتفاق قبل بدء الافراجات تم ترتيب لقاء مع وزير الداخلية بتاريخ 41 اغسطس 5991 (قبل يومين من الافراج عن الدفعة الاولى) حضره وزير العمل (آنذاك) عبدالنبي الشعلة وقضاة المحكمة الجعفرية المرحوم الشيخ سليمان المدني والشيخ أحمد العصفور والمرحوم الشيخ منصور الستري بالإضافة إلى الوجيه الحاج احمد منصور العالي، وقام الشيخ الجمري بقراءة المبادرة المكتوبة أمام الحضور الذين استمعوا لما قيل عن الحوار الدائر.
3 * قال هندرسون إن زيارة لندن واقناع المعارضة هناك سيكون لهما الأثر الكبير في الاسراع بحلحلة الاوضاع، وخصوصاً بعد ذهاب العلماء الثلاثة الذين تم ابعادهم في يناير/ كانون الثاني 5991 إلى لندن، لأن ذلك قلب الموازين على الحكومة.
4 * تم إخبار وزارة الداخلية أن المحاورين لن يطلبوا من المعارضة ومن الجماهير التوقف وانما سيطلبون اعطاء فرصة للحوار.


ملاحظات ذكرها أفراد المعارضة في لندن

1* الحكومة رفضت أن توثق الاتفاق من جانبها كتابياً ورفضت وضع جدولة واضحة للفترة الأمنية من الحوار. كما أن المرحلة السياسية للحوار غامضة بالنسبة إلى الآلية. فالمعارضة طرحت مطالب دستورية تعتمد على الاجماع الوطني وأي آلية للحوار لابد أن تحتوي على ممثلين من الاطراف المشاركة في العريضة الشعبية ومن الاطراف الأخرى المؤثرة في الساحة.
2* ان الحكومة طلبت كتابة رسالة اعتذار كمقدمة للحوار، وعلى رغم أن الرسالة كتبت بلغة «شرطية» فإن الابتزاز واضح ولن تتوانى وزارة الداخلية عن استخدام هذه الورقة ونكران الحوار لأنها لم تقدم شيئاً مكتوباً.
3* إن النهج الذي تسير عليه الحكومة آنذاك لا ينبئ بالخير.
4* إن تكرار وزير الاعلام آنذاك لوصف خروج القياديين بأنه من أجل العودة للصراط القويم أمر آخر لا ينبئ بالخير في التوجه الحكومي.
5* الحكومة تريد معالجة عوارض الازمة وليس جذورها، ولا يبدو أن تغييراً حقيقياً في النهج قد حصل. فالحديث كان ينصب عن مجلس شورى معين.


رجوع مشيمع إلى البحرين

رجع مشيمع إلى البحرين (بينما بقي الشيخ خليل سلطان خارج البحرين وهاجر لاحقاً الى هولندا ولم يعد حتى الآن) والتقى الشيخ عبدالأمير الجمري والأستاذ عبدالوهاب حسين داخل السجن ليخبرهما بنتيجة الحوار مع المعارضة في الخارج. ولكن سرعان ما بدأت الحوادث تأخذ منحى آخر عندما جاء موعد الافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في 7 سبتمبر/ أيلول. فوزارة الداخلية لم تفرج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين في اليوم المحدد، كما لم تفرج عن العدد الكامل المتفق عليه احتجاجاً على مظاهر الفرح الجماهيرية التي بدأت تتسع مع الايام، وعندما أفرج عن الشيخ الجمري في 52 سبتمبر، وخرجت الجماهير من كل مكان لاستقباله، انزعجت «الداخلية» من دون سبب معقول وامتنعت عن الافراج عن باقي الموقوفين المتفق عليهم ويقدر عددهم بـ 005 شخص.
وكان شهر اكتوبر/ تشرين الأول 5991 حافلاً بالمساجلات والاتهامات بين القيادة الامنية والمعارضة، في الوقت الذي بدا واضحاً ان الحكومة لم تكن جادة في فتح باب الحوار وان ما كانت تريده هو الالتفاف على المطالب الجوهرية للتحرك الشعبي، التي منها إعادة الحياة الدستورية واحترام حقوق المواطن.


تصاعد الحوادث مرة أخرى

وهكذا بدأت الحوادث في التصاعد وبدأت تختفي مظاهر الفرح وتعود حال اللاأمن واللااستقرار والاعتقالات العشوائية والمحاكمات الجائرة والتصريحات غير المسئولة.
لقد تسارعت الحوادث في يناير/ كانون الثاني 6991 بصورة خاطفة، وبدا الارتباك واضحاً في ردود فعل الحكومة، ويمكن تلخيص الحوادث المتسارعة مع ما سبقها كما يأتي:
* 52 سبتمبر 5991: الافراج عن الشيخ عبدالأميرالجمري.
* 32 أكتوبر/ تشرين الأول 5991: اعتصام 7 قياديين واضرابهم عن الطعام في منزل الشيخ الجمري، احتجاجاً على عدم وفاء الحكومة بالاتفاق المبرم معها.
* 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 5991: انتهاء الاعتصام واحتشاد أكبر تجمع في تاريخ البحرين (قدر العدد 06 * 07 ألف شخص) أمام منزل الشيخ الجمري للاستماع إلى البيان الختامي للمعتصمين.
* 3 يناير 6991: بعثت قيادة أمن المنامة إلى مسئول جامع الصادق بالقفول (المنامة) وأنذروه بمنع الشيخ الجمري من الصلاة مساء الجمعة كل أسبوع. وعندما اتصل المسئول عن الجامع بادارة الأوقاف الجعفرية قيل له إنه ليس من مسئوليتنا أن نمنع أو نحدد من يصلي جماعة في المسجد. مدير أمني في وزارة الداخلية اتصل بالاوقاف ليأمرهم، لكن الاوقاف اعتذرت عن ذلك. بعدها اتصل المدير الأمني بالشيخ الجمري، وقال له: «إنك ممنوع من الصلاة والخطبة في مسجد الصادق»، وكررها ثلاث مرات، فرد عليه الشيخ الجمري بأنه يرفض المنع.
* 4 يناير 6991: هجمت قوات الأمن على جامع الامام زين العابدين، إذ كان الشيخ الجمري مع جمهور من المصلين يقرأون الدعاء، واستخدمت مسيلات الدموع بكثافة وتم الاعتداء على المارة بصورة عشوائية وفرض الحصار حول منزل الشيخ الجمري. بعد فترة انسحبت قرابة 02 سيارة جيب من المنطقة وبقيت السيارات المدنية و4 شاحنات مملوءة بالقوات. وبعد فترة تجمعت أعداد غفيرة حول منزل الشيخ الجمري وخرج الشيخ وخطب فيهم قائلا: «إن هذه الحركة الصبيانية المراهقة قد فعلها هؤلاء من دون سبب، وأرى أنهم قد أرهقتهم وحدة الشعب وإصراره على مطالبه، وأرهقتهم الجماهير الهائلة التي تجتمع للصلاة يوم الجمعة في جامع الصادق ولا نستغرب مثل هذه الحركة، ونحن صامدون لن نتراجع، والذي أراه أن هذا الانسحاب تكتيكي لكي تتجمعوا بسبب هذه المكيدة ثم يأتون مرة اخرى للهجوم زاعمين ان هناك فوضى وتجمعا غير مشروع، اننا سوف نظل متمسكين بسلوكنا الذي هزمهم وجعلنا نستـقطب الرأي العـام في الداخل والخارج وهو السلوك السلمي، وأرى أن نفوّت عليهم الفرصة ونحبط هذه المكيدة بالتفرق والانصراف من هذا المكان، شكر الله مساعيكم، على أن الانصراف لا يعني التخـلي عـن المسـئولية، بل هـو انصراف مع التحسـب للطوارئ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
* الجمعة 5 يناير 6991: صلى الشيخ الجمري الظهر في جامع الصادق بالدراز، بينما كانت مداخل الدراز توجد فيها القوات ولكن الجماهير انهالت من كل حدب وصوب، أما صلاة المغرب فكان يصليها الجمري في جامع الصادق بالقفول. وعندما توجه الناس إلى القفول كانت القوات قد حاصرت الجامع منذ الثالثة بعد الظهر بـ 052 مسلحاً وأغلقت جميع الطرق إلى الجامع. وقامت هذه القوات باستخدام مسيلات الدموع والرصاص المطاطي وأصبحت الاجواء مشحونة، وأصيب عدد غير قليل من النساء والرجال والاطفال.
* مساء الجمعة 5 يناير 6991: اقيم حفل ديني في منطقة النعيم بالمنامة وكان من بين الحضور الشيخ الجمري. وبينما كان الاستاذ حسن مشيمع يلقي كلمته أمام الحضور هجمت قوات الشغب بالقنابل الخانقة على الحضور، فانفض الجمهور وسقط عدد كبير على الأرض من بينهم الشيخ الجمري، فحمله الشباب إلى بيت صغير ملاصق لمكان الحفل. وقد التجأ إلى هذا المنزل نحو 001 شخص، وبقوا هناك ما لا يقل عن ساعة ونصف الساعة لا يستطيعون النزول ويتكلمون بالهمس، لأن البيت كان مطوقا والمنطقة كذلك. بعد ذلك هجمت قوات الشغب على المنزل وكسروا ابوابه ودخلوا واقتادوا الشباب بصورة وحشية ضرباً ورفساً وشتماً. وقيّدوا أيدي الشباب من الخلف. وتعرض الشيخ الجمري لضربة على ظهره من أحد افراد قوات مكافحة الشغب.
* 8 يناير 6991: الشيخ الجمري يصلي في جامع الصادق على رغم التهديد له قبل الصلاة والجماهير تجتمع من كل مكان وتجدد العهد. بعد ذلك توجه الشيخ الجمري للدراز وحضر احتفالاً جماهيرياً ضخماً رددت فيه هتافات الصمود ضد الهجمة الحكومية.
* 21 يناير 6991: طوقت قوات الأمن جامع الصادق بالقفول، وعندما جاء عدد كبير من الناس وغالبيتهم من الشباب للصلاة وجدوا شرطة الشغب اغلقت المنافذ المؤدية للجامع من الجهات الأربع، وتمت ملاحقة القادمين للصلاة باستخدام الرصاص المطاطي الذي تسبب في اتلاف عدد من السيارات والممتلكات.
* 31 يناير 6991: استدعت وزارة الداخلية الشيخ الجمري و7 من رفاقه وادخلوهم واحداً بعد الآخر في مكتب وزارة الداخلية الذي كان يتوسطه 41 من قوات الأمن وضباط الداخلية، قالوا إن الهدف هو ابلاغ رسالة، ان الحكومة قررت منع الصلاة جماعة وإلقاء الخطب أمام الناس. وكان جواب الشيخ الجمري ورفاقه، أنهم لا يعترفون بهذا القرار لأنه غير دستوري.
* 41 يناير 6991: اعتقل الاستاذ عبدالوهاب حسين من منزله الساعة الثالثة بعد الظهر. وكان حسين ألقى كلمة أمام حفل جماهيري في عراد مساء 31 يناير شرح فيه ما جرى مع ضباط وزارة الداخلية وموقف قادة المعارضة الرافض لمثل هذه التهديدات.
* 51 يناير 6991: بدأت حملة اعتقالات واسعة شملت جميع الذين ظهرت اسماؤهم للعلن خلال الأشهر الماضية من علماء دين وأساتـذة وخطباء ووجهاء ومسئولي مساجد، من مختلف مناطق البلاد.
* 61 يناير 6991: الشيخ الجمري يلقي كلمة أمام جمهور غفير في مدينة حمد ويتعرض للحوادث الجارية ويدعو إلى وحدة الشعب ويؤكد المطالب العادلة.
* 71 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري لمقابلة اللجنة الأمنية التي انشئت لقمع الانتفاضة، وكان اللقاء مختلفا عما قبله. اذ قُدم الاعتذار لاساءة المعاملة في الاجتماع السابق (31 يناير). فطالب الشيخ الجمري بالافراج عن الاستاذ عبدالوهاب حسين وإيقاف الهجوم على المساجد والتجمعات العامة لكيلا ينفلت الوضع الأمني وتعود الاضطرابات. طلبت اللجنة الامنية عدم رفع الشعارات السياسية، إلا أن الشيخ قال إن المطالب سلمية ودستورية وليس من شأنها الاضرار بالأمن، بل على العكس، ولكن الاجتماع انتهى من دون معرفة الهدف الاساسي من اللقاء بهذا الاسلوب المختلف عن سابقه.
* 91 يناير 6991: استدعي الشيخ الجمري للقاء اللجنة الأمنية مرة أخرى، وكان هذا اللقاء عكس اللقاء الذي سبقه ما يعكس تذبذب الحكومة وعدم استقرارها على رأي محدد بشأن كيفية التعامل مع الحوادث.
* 02 يناير 6991: فرض الحصار المنزلي على الشيخ الجمري ابتداء من الساعة 3 فجراً. المظاهرات تعم مناطق البحرين وتعود مظاهر الاشتباكات مرة اخرى للساحة. اعتقالات واسعة شملت جميع اعضاء «المبادرة» ومعظم العلماء والخطباء والوجهاء الذين تحركوا خلال تلك الفترة.
* 12 يناير 6991: اعتقال الشيخ الجمري (للمرة الثانية) من منزله والعودة الكاملة لحال التوتر التي سبقت الافراج عن «اصحاب المبادرة» في اغسطس وسبتمبر 5991.

رسالة الجمري قبيل الاعتقال الثاني

قبل اعتقاله بساعات قليلة كتب الشيخ الجمري رسالة لي بالفاكس، قائلا:
«أنا والعائلة نعيش الحصار داخل البيت وقد طوقنا بعشرات الجنود وعدد من السيارات، بل حوصر جيراننا في بيوتهم وهم الذين بجانبنا وخلفنا حتى المغتسل، وشرقا حتى بيت طه جاسم، ويمتد غرباً إلى بيت ميرزا آدم، ولم يسمح لأحد منا بالخروج الا الاطفال إلى المدرسة ويفتشون في خروجهم ودخولهم تفتيشاً دقيقاً. نحن في حال سيئ جداً... لا أدري ما سيجري بالنسبة إلينا وللشعب من تطور وتصعيد للعنف... هذا وإذاعتهم وتلفزيونهم وصحفهم تتكلم ضدنا وتربط الاحداث (احداث العنف) التي استدرجوا الناس إليها بنا وبالمساجد وتزعم اننا استغللنا المساجد. الآن يحاولون اسكات الأمة من خلال اعتقال عدد من العلماء وجميع الشيالين (خطباء المواكب الحسينية) وأعداد كبيرة من الشباب... وتعتبر هذه الاصـوات قـد أخمـدت، ولم يبـق إلا الأمـل فـي الله والرجـاء منه... ولعلمـكم، من جانبنا لا تراجع عن مطالب الشعب ونحن * إن شاء الله * على الدرب سائرون... مع السلامة».#


أيمان
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة أيمان

24-02-06, 10:52 AM #4
hassn_17
عضو فعَّال


تاريخ التسجيل: Sep 2003
المشاركات: 195


--------------------------------------------------------------------------------

مباشرة وبعد انفجار الانتفاضة في ديسمبر 4991 ظهرت شخصية الشيح عبدالأمير الجمري بصورة محورية، لأنه كان أكبر رمز ديني شيعي يتبنى «العريضة النخبوية» في العام 2991، ومن ثم «العريضة الشعبية» في العام 4991. وبعد ذلك تقدم للصلاة على الشهداء الذين سقطوا أثناء المسيرات التي عمت مناطق عدة في البحرين. وفي 1 أبريل/ نيسان 5991 تمت محاصرة منزل الشيخ الجمري لمدة أسبوعين، ومن ثم نقل الى سجن القلعة،



نعم لازلت اتذكر موقف الشيخ الجمري ( في صلاته على روح الشهيد عبد الحميد قاسم )
في ضل الجو المرعب في ذالك الوقت ووجود عناصر الامن بشكل كبير ولن ولن أنسى موقف الشيخ الجمري في ذالك اليوم الذي أنب النظام على فعلتهم الشنعاء .

كما اشكر الدكتور منصور الجمري على طرحة الى هاذي المفصلة التأريخية في حياة البحرين والتي عاصرها الكثير.

لا أدري هل هي سلسة متصلة ام ماذا لئنه هناك فصول وفصول