Thursday, September 22, 2016

الشهيدالشيخ عبد الله العرب

النسخة الأخيرة.     ضريح المرحوم العلامة الشهيد الشيخ عبد الله بن الشيخ أحمد بن الشيخ إبراهيم العرب ولد سنة ١٢٨٤ هج و استشهد ليلة السبت ٢٧ ذو الحجة سنة ١٣٤١هج كان رحمه الله عالما و خطيبا و شاعرا مجيدا كتب فيه أبي الشيخ عبد الامير الجمري رحمه الله ما يلي: الشيخ عبدالله بن أحمد بن إبراهيم العرب الجمري البحراني «الفاضل العارف النحوي اللغوي الأديب الشاعر الماهر الخطاط المجيد الورع التقي الأوَّاه الشيخ عبدالله بن أحمد بن إبراهيم المعروف بالعرب الجمري البحراني، نسبة إلى قرية بني جمرة، المولد سنة 1284 هـ (1867 م)المقتول شهيدا في 27 ذي الحجة 1341هـ (1923 م)، قتل ظلما وعدوانا بدون سبب موجب، في أرض تعرف بالصُّليِّب بين قريتي مقابة وأبو صيبع مع رجل آخر من بني جمرة ، وأرخ شهادته بعضهم بقوله: «له العلا ندبت والدين والشرف». أخبرني ابنه محمد سعيد أن والده كان في مبدء أمره قد قرأ النحو والصرف والمعاني والكلام وبعض الكتب الفقهية كاللمعة الدمشقية وغيرها على الشيخ منصور الجشي البلادي في قرية البلاد، وبعد أن كثر عليه العيال اضطر إلى التوقف عن الدرس واشتغل بحرفة المنبر، وهي قراءة تعازي أهل البيت (ع) وكانت له يد في قرض الشعر إلا أنه لم يتجاوز به حدود المدح والرثاء في أصحاب الكساء، وهو كثير، فمنه قوله في مطلع قصيدة: لمن دِمَنٌ بالأبرقين وذي قار ألح عليها كل اسحم مدرار عفتها الغوادي غير سفح خوالد وأشعث شجته الإماء بأحجار ترحَّل عنها أهلها فتأبَّدت ولم يبقَ فيها من أنيس وسمَّار وقوله في مطلع قصيدة أخرى في سيد الشهداء الحسين (ع): قفا نسأل الربع الذي شط نازله متى قوضت سكانه ورواحله ترحَّل أهلوه فأصبح بعدهم تحن به سرحانه وفراعله وقفت به مضنى الفؤاد وأدمعي على صفحات الوجه ينهلُّ هاطله إلى أن قال في آخرها: بني المصطفى ياخير من وفدت بهم ركائب آمال المنى ورواحله ويا مطلب الحاجات يا باب حطة وبحر الندى الظامي الذي عم نائله والشهيد قدس سره، مجاز تولى الأمور الحسبية من قبل حجة الإسلام الشيخ محمد الحاج ناصر آل نمر القطيفي مؤرخة باليوم الثالث من شهر شعبان سنة 1339هـ (1921 م)، وفيما يلي نص الوكالة. « بسم الله الرحمن الرحيم . أقول وأنا الفقير القاصر الراجي عفو ربه الغافر محمد بن المقدس الحاج ناصر آل نمر إني قد أجزت ووكلت جناب الشيخ الجليل والفاضل النبيل الأمجد الأوَّاه الشيخ عبدالله بن المقدس أحمد الملقب بالعرب في كل ما يضطر إليه من الأمور الراجعة إلى المحاكم الشرعية من ولاية مال يتيم وصلح عن غائب أو مجهول مالك وما أشبه ذالك من قبض سهم إمام أو صدقة واجبة أو مستحبة وصرفها وكالة مطلقة غير مقيدة ولا معلقة لا على شرط ولا صفة وعليه في جميع ذلك الاحتياط والله الهادي لنا وله إلى سواء الصراط والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. حرر باليوم 3 من شهر شعبان المعظم سنة 1339هـ 1921م)». انتهى النقل. و قد سمعت من أبي ره و أمي أطال الله عمرها الكثير من التفاصيل عن جدها من أمها الشيخ عبد الله العرب ( والد جدتي سلمى ره) و عن سبب التسمية بالعرب ( إن لن تخني الذاكرة) أن جد الشيخ عبد الله العرب و هو إبراهيم العرب كان من قرية الدراز المجاورة لقريتنا بني جمرة و أنه كان بيته على الساحل و قد وفد رجل من إيران و عاش على الساحل مجاورا له فأسماه أهل الدراز بالعجمي و لتمييز جدنا إبراهيم عنه لقبوه بالعرب و إلا فإن كل البحارنة عرب و لكن كان اللقب لتمييزه عن جاره العجمي و لكن خالتي المرحومة كاملة بنت الشيخ تقول بأن سبب التسمية هو أن الشيخ إبراهيم جد الشيخ عبد الله عاش فترة في شيراز هربا من البطش الدائم على البحارنة فسمي هناك بالعرب و لازالت أسرة العرب موجود فرع منها في شيراز و أن زوجة الشيخ البهائي من عائلة العرب و عائلة العرب من الدراز من عائلة العصافرة و قد عاد للدراز و سكن على الشاطئ و عندما توفيت زوجته تزوج امرأة من بني جمرة انتقل للعيش معها في بني جمرة فأنجب ابنه الشيخ أحمد الذي أنجب الشيخ عبدالله و توفي فتزوجت أرملته برجل اسمه خزعل من بني جمرة و أنجبت منه زينب تزوجت من عائلة فتيل.           الشيخ عبد الله العرب تزوج ثلاث مرات حيث ماتت الأولى فتزوج الثانية ثم الثالثة و له الكثير من الولد منهم العلامة الشيخ محسن العرب و الشاعر الملا محمد جعفر و الملا محمد و الملا سعيد و محمد حكيم. و الشيخ محسن هذا كان قد وصل لدرجة الاجتهاد حسب ما يروي أبي ره الذي وجد اسمه في أحد المجلدات التي كتبت أسماء فقهاء الحوزة هناك في النجف و الذي دعا الشيخ للعودة للبحرين هو ورود برقية بها نبأ استشهاد والده فترك النجف و قفل عائدا لإعالة إخوته الصغار أما عن سبب استشهاد الشيخ فهو أنه مع مجيء آل خليفة للبلد أحضروا معهم القبائل العربية السنية الموالية لهم و منهم الدواسر من شبه الحزيرة العربية و منهم أيضا العبيد من زنجبار أتوا بهم كعبيد و هؤلاء سكنوا مما سكنوا قرية البديع المجاورة لبني جمرة و الدراز و بقية القرى و قد دأبوا على الهجوم ليلا بالسلاح و قتل الرجال و هتك النساء و أخذ الغلات و الأسماك و كل ما تصل له أيديهم من غنائم و القصص التي رواها لنا أجدادنا و جداتنا تفوق الحصر ينقصها التوثيق و لذا أهيب بأبناء قريتي أن يتداركوا كبار السن قبل موتهم و يسجلوا ما لديهم و قد كان الأهالي دائما يتعرضون للهجوم و الذبح على طريقة الدواعش حاليا سواء من العائلة الحاكمة  أو من حلفائهم الدواسر أو من قبلهم من الخوارج العمانيين الذين ارتكبوا الكثير من المجازر أيضار و في إحدى المرات هجموا و قد طلبوا فدية كبيرة كي يفرجوا عن القرية و كان زمان فقر و لم يكن لدى أهل القرية ما يطلبون فما كان من جدي الشيخ سلمان الجمري ره إلا أن أعطاهم أحد أبنائه كرهينة على أن يسلمهم الفدية المطلوبة بعد سنة كاملة و يسترجع ابنه و إلا يقتلوه فأخذوا ابنه سنة كاملة حتى موعد تسليم الفدية و عاد بسلام بعد تسليم الفدية و مرة هجم الدوار الساكنون في قرية البديع عليهم كالعادة ليلا و كان جدي منصور ره حديث الزواج فكان ممن أصيب فظنوه ميتا فتركوه و بعد انتهاء الهجوم بقي مدة طويلة يعالج حتى تعافى و قد وجدت هذه الحادثة مذكورة أيضا على لسان أبناء الدواسر في أحد منتدياتهم ( أنساب أون لاين) يذكرونها بتفاخر و يقولون بأن السلاح بالنسبة للبدوي كالذهب بالنسبة للمرأة و قد ذكرت جدتي سلمى ره بأن الرجال في القرية دأبوا على تناوب الحراسة على الأسطح لما اشتدت الهجمات في حين تطبخ لهم النسوة البلاليط و العصيد و كان من أسلحتهم الماء الحار و حبة الطماطم المملوءة بأمواس الحلاقة و كانت البيوت من عريش أو طين عدا بيت جدي الملا عطية ره و بيتين مبنيين من الطابوق و لكن الأكبر فيها هو بيت جدي الذي كان كبيرا و مبنيا بناء حديثا من طابقين يتسع لنساء القرية فكانوا يجمعون عند الشدة نساء و أطفال القرية فيه و كثيرا ما تم خطف البنات و النساء لاشتهار بنات البحارنة حينها بالجمال مقارنة بنسائهم قبل أن يختلطوا الآن بالبلوش و الهولة و المصريين فأصبحوا يضاهون البحارنة حاليا أما سجونهم فتعني الإعدام و لأتفه الأسباب يتم السجن للرجال و النساء و من يسجن يربط ليمشي خلف الخيل كما فعلوا مع جدي منصور و الهجوم يتم فجرا و في السجن تكون الزنزانة هي للنوم و الأكل و قضاء الحاجة في نفس المكان ( على أرض الزنزانة) إضافة للأعمال الشاقة في نفس الزنزانة كطحن الحب و حتى الموت أو يتم التوسط بفدية أو غيرها و بلا محاكمة و قد ماتت في السجن شابة لم تسلم جثتها لأهلها كان لها طفل عمره سنة و نصف رآها جدي ملا عطية ره حيث ذهب للسؤال عنها من نافذة الزنزانة و هي تطحن الحب و تبكي و بعدها لم يعلموا عنها شيئا و لا عن جثتها و هي أم المرحوم عبدالله علي الغسرة و لذلك كان البحارنة يهرب من يهدد منهم بالسجن ليلا عبر البحر قبل أن يصلوا إليه و هذا سبب نزوح الكثير من البحارنة للبصرة و المحمرة و لنجة و أفريقيا و غيرها و لا زالت مهاجرهم و الأجيال التي أنجبوها تحمل كل سمات و عادات و ثقافة البحارنة و تسمى أحياءهم بالبحارنة لهذه الأسباب رفع الشيخ عبد الله العرب عريضة جمع فيها توقيع الأهالي يشكو فيها أفعال الدواسر للمستشار الإنجليزي في بداية القرن العشرين حيث كانت البحرين تحت الوصاية البريطانية و كما يذكر أجدادنا فإن البحارنة لا ينصفهم إلا الإنجليز دائما أما الأسرة الحاكمة فهي ليست فقط منحازة بل تمارس أنواعا من الظلم و العبودية ما لا يخطر على بال على البحارنة كالسخرة و الضرائب و غيرها مما تعج بها ذاكرة أجدادنا و الوثائق البريطانية الموجودة في المتحف البريطاني و لا يحتاج الأمر لأكثر من تصويرها و ترجمتها كما فعل بعض المعارضين حديثا و في التسعينات و لكن الجهد يحتاج لمواصلة فهذا المصدر لا يختلف عليه أحد قد لا يصدقون رواياتنا و لكن الوثائق بصورتها الأصلية موثقة من المتحف تكون أدلة دامغة نعود للموضوع حين رفع الشيخ عريضة للمستشار( ديلي) فعاقب الأخير الدواسر بأن أرجعهم لشبه الجزيرة من حيث أتوا و بقيت بيوتهم فارغة لفترة كتب حينها جدي المرحوم الملا عطية قصيدة يؤرخ هذه الحادثة ( بشماتة طبعا و لا يلام) بعد فترة أرجعوهم آل خليفة فأخذوا يبحثون عمن كتب العريضة و رفعها فتوصلوا من بعض الوشاة إلى الفاعل فقرروا الانتقام منه ( حيث تذكر خالتي كاملة بنت الشيخ ره أن رسل آل خليفة جاءوا للقرية و سألوا الجمارى: من كتب العريضة ؟ فرد بعضهم لسنا حمالات قلم و حمال القلم هوالشيخ عبد الله. كان رحمه الله يذهب على حماره ( وسيلة التنقل آنذاك) إلى مناطق البحرين لأجل القراءة الحسينية و للتسوق في المنامة و يذهب و عند انتهاء القراءة ليلا و لبعد المسافة يبيت في نفس القرية و في الصباح يعود لقريته فكان عائدا من القراءة و التقى في طريقه بابن القرية الحاج حسن رمضان قادما من سوق المنامة فسار معه و قد كمن له الدواسر في منطقة فيها تلال تسمى الصليب ( بتشديد و كسر الياء) في قرية المقشع تقريبا فحزوا رأسه من الخلف تماما كإمامه الحسين ع و قطعوا الإصبع التي بها الخاتم كما فعل بسيد الشهداء ع أيضا أما مرافقه فقد شقوا بطنه و استخرجوا مصرانه بطريقة بشعة تروي جدتي طيبة أم أبي ره نقلا عن جدي منصور ره و كان عارفا و خطاطا و قارئا و وجيها في القرية أن الحاج حسن كان قد رأى رؤيا قبلا و قصها على الشيخ الشهيد بقوله : رأيت في المنام أنك شربت من كأس ماء و أعطيتني لأشرب منه من بعدك و كان لذيذا جدا فما هوالتفسير فقال له : هذه الشهادة ننالها معا. و حدث تأويله. تروي جدتي طيبة ره لأمي زهراء بأن جدي منصور ره كان قد اعتاد الذهاب اسبوعيا يوم الأربعاء للتسوق للمنامة و لا يكرر هذا إلا بعد أسبوع لمشقة التنقل تقول بأنه بعد صلاة الليل ( و كان عارفا تقيا مشهورا بالضيافة على رغم فقره حتى أنه يعطي ثوبه و زاده للضيف وليس لديه غيرهما) تقول نام فجاءه هاتف في المنام يقول له يا حاج منصور اصبح و اذهب للصليب فلك حاجة هناك لابد لك من إحضارها انتبه و تعوذ من الشيطان ثم نام فجاءه نفس الهاتف و قال له : لست بشيطان و عليك الذهاب حتما. فانتبه و أعد العدة للذهاب صباحا فاستغربت جدتي بأنه ليس يوم الأربعاء و لا حاجة له للذهاب فأخبرها بما رأى. يقول سار فلما وصل للمرخ وجد أحد كتب الشيخ ملقيا مشى أكثر فوجدا كتابا تلو الآخر ثم وجد خرج الحمار ملقيا حتى وصل للصليب فوجد المنظر المفجع فعاد للقرية صائحا في الأهالي أن هبوا فقد استشهد شيخكم و مثل به. من ناحية أخرى فإن حمار الشيخ يعرف الطريق فعاد لوحده قبل وصول جدي منصور فوصل لبيت المجن في بداية القرية على الجبل فاستغربوا و قالوا هذا حمار الشيخ و يذكرون - و العهدة على الراوي- بأن عين الحمار تسيل منها الدموع و استغربوا لماذا يسير وحده فربطوه عندهم لحين استعلام الأمر.  يذكر أن من قتلوه هم من عائلة بن  شمسان من الدواسر من البديع ، ( يذكر أن القاتل هو إبراهيم بن عبد اللطيف بن شمسان و لم يعاقب و عاش عمره كاملا و لم يؤخذ بالثأر و لم تعط أسرة الشهيد تعويضا كما ذكر في الوثائق البريطانية ( أنهم عوضوا)  و قد ذبحوه من القفا و قطعوا خنصره الذي به الخاتم و سرقوه و طعنوه في صدره و أخذوا قطعة منه و اقتطعوا حلمتيه و يقال أنهم وضعوهما في ماء و شربوه ( و الله العالم)، سبحان الله تاريخ متكرر القوم أبناء القوم    يذكر أبي رحمه الله أن موكب تشييع الشهيد كان مهيبا في وقت شديد البرودة و قد حضره أهل البحرين من جميع المناطق رغم صعوبة المواصلات آنذاك ،. الضريح الذي ترونه هذا قد بني و هو و ضريح الشيخ محسن ره مرتين كنذر المرة الأولى بناه الشاب -حينها- سلمان حسن طارش من القرية في السادسة عشر من العمر كنذر على التوظف و كان من أول راتب له و في المرة الثانية بناهما أبي ره كنذر على حمل زوجة منصور أخي التي تأخرت ست سنوات في الحمل فأنجبت زهراء أما الصخرة التي تسمى صخرة الشيخ فموضوعها مختلف جدا لا علاقة لها بجدي العرب أسأله سبحانه التوفيق للكتابة عنها لاحقا. عفاف الجمري