Friday, February 15, 2008

ذكراك جمر ياأبي

ذكراك جمر ياأبي



أغبط سيدتي الزهراء على أمر- و كل ما لديها تغبط عليه – و لكنني أغبطها على أمر يهمني بقوة ، و هو لحوقها بأبيها سريعا ، نعم ذقت يا سيدتي المرارة التي ذقتها – مع فارق عظمة الشأن لديكم آل البيت – و أصبحت لا شعوريا استخدم نفس كلماتك - سيدتي – للتعبير عن حالي فأقول :( أصبحت بين كمد و غم ) ،فسلام الله عليك و على أبيك و آله الطاهرين و الطيبين .

حبيبي يا أبي :كلماتك لازالت تشنف آذاني في كل موقف و كل صغيرة و كبيرة و لا زلت أهتدي بها غير جملة واحدة كنت تقولها عندما كنت تذكر فارق رقة القلب لدى الآباء على الأبناء عنها لدى الأبناء على الآباء فتقول :( لأنهم منا ، و لسنا منهم) ،أجد نفسي مضطرة أن أصحح و أقول : بلى يا أبي إن رقة قلبي عليك بمستوى رقة قلبك علي ،و لو لم أعرف جياشة عاطفتك لقلت أكثر ، إنني أبكيك بكاء الثكلى و أحن عليك كما أحن على ابني كلما تذكرت معاناتك على مر السنين من الجور الذي أعلم كل دقائقه منذ سنين مما لا يعلم الناس عنه إلا القليل ، و يبقى رصيدا لك في كتابك ، و جمرا لي في قلبي لايفتر أبدا ، أبكيك أبا و ابنا و صديقا و حضنا و ملاذا و درعا و موجها و ملهما و مربيا ، كنت و لازلت عيني التي أرى بها و سمعي الذي أسمع به و لساني و يدي ، كنت ماضي و حاضري و مستقبلي ، لم أكن أتصور الدنيا بدونك ، منذ أن كنا صغارا في النجف عندما كنت في وقت الوجبة تعمل لنا سباقا أنا وإخوتي تجهز لقمة بيدك و تسميها (بيضة حمام) نركض بعيدا و نأتي مسرعين لنلتقمها لنعود بعد ذلك ، تمزج اللقمة بالغذاء الروحي بتوجيهاتك الجميلة الممزوجة بالعاطفة بالغذاء الفكري الذي تخصص له وقت الفجر بعد الصلاة ، و استمررت بذلك حتى آخر لحظة من حياتك حتى أصبحنا من شدة التمازج كأننا لسنا فقط أجزاء منك بل أنت ولا نقوى على الشعور بخلاف ذلك. جرحك يا أبي طري في قلبي و سيبقى لا يلتئم أبدا و لو كان الفراق لكفى ، و لكن ما يدميه دوما هو كل الألم و العذابات التي عانيتها على المدى الطويل الطويل من القريبين و البعيدين ناهيك عن رموز الظلم الكبرى ، غير أن ما قد يخفف نوعا ما من لوعة هذا الحزن هو مشاركة أبنائك من الشعب لنا هذا الحزن ،الشعب الذي أحببته من كل قلبك و عاملت أبناءه كما تعامل أعز أبنائك إن لم يزد ، ففي كل العروض التي عرضت عليك ، أن تستلم أبناءك الذين أخذوا كرهينة في مقابل التنازل عن أبناء الناس كنت ترفض بإصرار و تقول الشعب كلهم أبنائي ، كنت تضحي بكل أوقات راحتك و راحتنا – حيث تضمنا في كل أعمالك- لأجل خدمة الناس ، و إذا دار الأمر بين تقديم المنفعة لأحدنا أو لأحد من أبناء الشعب ، كنت تقدمه علينا حتى أننا نتبرم – لجهلنا – في بعض الأحيان ، و لكننا الآن نرى أن الذين شاركونا في أبوتك بل زادوا علينا ، شاركونا أيضا الآن في الحزن عليك و في الإصرار على المضي في الدرب الذي بدأته فجمعتنا في حياتك وجمعتنا في مماتك و أحرقت شمعتك لتدشن سلوك درب الجهاد ، فسلام عليك حيا و سلام عليك مع الصديقين و الشهداء ( و حسن أولئك رفيقا).

ابنتك الملتاعة : عفاف

No comments: