Friday, May 2, 2008

إلى سميرة رجب

إلى سميرة رجب
أختي سميرة : بادئ ذي بدء أسألك عن هدفك من الهجوم الذي قمت به على طائفة كبيرة من الوطن ، هل هو لصلاح الوطن ؟ و كيف ؟ لقد قلت سابقا كلاما جميلا و لكنك لم تطبقيه عندما قلت بأنك قبل تناول أي موضوع تبحثين في نتائجه ، و الصدى الذي يحدثه ، و هل هو لمصلحة الوطن أم لا ، فهل ما فعلته الآن لمصلحة الوطن و يجمع اللحمة الوطنية أم يفتتها و يدفع باتجاه التناحر ؟ لقد ملئت المنتديات الإلكترونية بين مطبل لك و راد عليك ، و وضعتينا في حيرة هل نصحح لك أفكارك أمانة للتاريخ و إيضاحا للمراقب الذي قد تختلط عليه الصورة عند السكوت أم نرد و نكون قد وقعنا معك في الفخ الطائفي الذي نترفع عنه ؟ مع أن الطرح الذي أثرتيه ليس بجديد ما فتأت بعض الصحف أن تتخذه رسالة لها على عاتقها أن تحققها و لكن الجديد هذه المرة هو التوقيت بعد انتقاد دول كبرى مثل أمريكا و بريطانيا لسياسة الحكومة تجاه هذه الطائفة و ادعائك بامتلاك شهادات و أدلة موثقة ، و قبل أن أناقش ما طرحته أود أن أسالك بضعة أسئلة :
هل أن كل الاتهامات و الشكوك التي طرحتها تلغي حق أفراد هذه الطائفة في المساواة بأخوانهم السنة في حقهم في نسبة التمثيل الانتخابية ؟ و هل تضع كل فرد منهم في دائرة الاتهام منذ أن يولد حتى يثبت براءته ؟ هل تلغى وطنيته و يحتاج إثباتها إلى برهان و ينفى نسبه و عرقه و ينسب تشهيا لبلد أجنبي ؟ إن دوافع هذا الطرح الذي تبنيته و قبلك التيار شبه الرسمي لو تأملتها لما وجدتها تستند على المنطق السليم بل المبني على مشاعر مشحونة فكون الشيعة ( البحارنة ) في البحرين يمثلون النسبة الأكبر( و هذه لا يحتاج اثباتها إلى برهان فالماء يكذب الغطاس و حمى التجنيس الحكومية تفضح هاجس عقدة الأكثرية و كذلك توزيعها للدوائر و تكفي دلالة نسبة عدد الأصوات التي حصلت عليها المعارضة كانت 63 % من مجموع الأصوات كلها مع أنه ليست كل أطياف المعارضة شاركت في الانتخابات و في المقابل فإن غير المعارضة كلهم مشاركون و مضاف إليهم مراكز التصويت الخارجية و المجنسون ) ، و كونهم أصليين ( و هذه أيضا من المضحك المحاولات شبه الرسمية الحالية لتحريفها تأريخيا فهو صعب جدا تحريفه بسبب الدلالات الواقعية الكثيرة و التاريخية الموثقة من قبل غير أهل البحرين قبل أهلها أبسطها قول الرحالة المؤرخ الشهير ياقوت الحموي المتوفي سنة 1228م في كتابه معجم البلدان (إن جل البحرين من الرافضة إلا ما ندر )
، و ظهور قوة اقليمية شيعية كبيرة في المنطقة ، كل ذلك لا يبرر وضع كل من ينتمي لهذه الطائفة في قفص الاتهام و يبرر التمييز ضده و حرمانه من حقوقه ، و حتى لو فرضنا جدلا صحة اتهامهم فحقهم كمواطنين يبقى لا يمكن أن ينتزع فهم ليسوا مجنسين يكتسبون الحقوق بالجنسية بل قدماء قدم ( أوال ) ، و قد أثبتوا تاريخيا مرارا استعدادهم للتصالح مع الحكم ( و لا أقول مع أخوانهم السنة فالحكم غير و هم متمازجون في معظم التاريخ مع إخوانهم السنة إلا إذا لعبت السلطة لعبتها في بعض الأحيان من باب( فرق تسد) كما هو حاصل حاليا ) و تفضيله عما سواه شريطة العدل كما حدث في الاستفتاء الذي أجرته الأمم المتحدة في العام 1971 و خيرتهم بين التبعية لإيران الشيعية أو البقاء على حكم آل خليفة ففضلوهم حبا في استقلال الوطن ، ثم أنه عندما كان دستور 73 فيه مساواة في حق التمثيل الانتخابي و دخلوا بالنسبة الكبرى في البرلمان ماذا جنوا ؟ هل أفرز البرلمان حينها ما يسيء للوطن أو لأخوانهم السنة ؟ على العكس بل لم يحدث أي تصادم داخل البرلمان بين السنة و الشيعة بل أن بعض النواب الشيعة كانوا ممثلين للقرى السنية و خدموها على أحسن ما يكون كما يعاملون قراهم الشيعية ( و أقصد نيابة الجمري عن البديع ) و اسألي الآباء الذين عاصروا تلك الفترة فمازالوا أحياء ، إن كل الضرر الذي حدث من مساواة المواطنين حينها وقع على الحكومة عندما اتحدوا في ثلاثة أمور ( و هذا الكلام أنقله نصا عن الجمري (ره): "1- استجواب الوزراء 2- مناقشة مخصصات الأمير المالية 3- الوقوف ضد قانون أمن الدولة ) فالمساواة بين الشيعة و السنة لم تضر الوحدة الوطنية بل كانوا إخوانا و إنما أضرت بمصالح السلطة في الصميم ، و لتتذكري الفرحة التي عمت البلد بداية الإصلاح و كيف استقبل أهالي سترة الملك و رحبوا به تماما كما يسقبلون أعز رموزهم الوطنية بصورة لم يضاههم بها أحد و لا حتى القرى السنية و أشرطة الفيديو لا زالت موجودة لدى تلفزيون البحرين إن أردت المقارنة ، أما قولك بأن رفسنجاني ذكر لك بأنهم يمولون الحركات الخارجية فهذه أكبر مغالطة يعرفها كل من كان مطلعا على شؤون السياسة في الخليج و إيران منذ بداية الثورة فمعروف عن رفسنجاني وقوفه الشديد ضد (تصدير الثورة) و من خلفه آية الله الخميني (قدس سره) الذي قال بصريح العبارة أكثر من مرة في خطبه التي لازالت تبث سنويا في ذكرى وفاته فيقول رادا على من يسألون العون من المستضعفين في الدول الأخرى بغض النظر عن كونهم سنة أو شيعة حيث أن المخاطبين كان جمع غفير من خطباء و أئمة المساجد في العالم الإسلامي من أفريقيا و آسيا ، ممن ينطقون العربية و من لا ينطقونها ، فقال لهم (كثيرون يسألوننا العون فنقول ، اعتمدوا على أنفسكم ) ثم ألم تسمعي بالخلافات الكبيرة التي حدثت بينه و بين حاشية خليفته الأسبق آية الله منتظري وعلى إثرها أقاله من خلافته و كان من ضمن نقاط الخلاف هو احتضان حاشية الشيخ المنتظري (دام ظله ) لحركات التحرر في العالم الإسلامي فتم إيقاف عملها . أما قولك عن التظاهر بالفقر فإنني أشك بأنك يوما ما نزلت لمستوى الفقراء ( سنة أو شيعة ) و اندمجت معهم و تعرفت عليهم عن كثب و أكتفي هنا بقول الدكتور (الرميحي)(1976م) : «ان الشيعة هي الفئة المقهورة في المجتمع، ومنذ بداية هذا القرن الى وقت متأخر نسبياً فإنهم لم يكونوا يقومون بأعمال هامة في المجتمع، إذ أن أغلبهم كان وما يزال فقيراً»
أما اتهامك لجمعية الوفاق بالطائفية ، استنادا على قول الأستاذ عبد الوهاب حسين ، فلعلمك –إن لم تعلمي بعد- أقول لك بأنه منسحب من الوفاق منذ بدايتها و لم يستلم فيها منصبا قط فكيف تأخذين تصريحا ممن لا ينتمي لها ؟ هذا أولا و ثانيا : تقاس طائفية أي حزب أو حركة بأمرين :1- شروط الانضمام ، 2- البرنامج ، أما الشروط فاطلعي على اللائحة فلا شرط فيها للمذهب و قد حرصنا على ذلك بل و دعونا من البداية الأخوان السنة للانضمام و دعوناهم للقاء التعريفي الذي تم بصالة شهرزاد سنة 2002م و حضروا و عرضنا عليهم البرنامج والانضمام و طلبنا مقترحاتهم فلم نلق تجاوبا ، أما بخصوص البرنامج و الذي انطبعت به أنشطة الوفاق فهو يطالب بمطالب وطنية لا أثر فيها للمذهبية اللهم إلا إذا اعتبرت مطالبته بدستور عقدي و عدالة توزيع الدوائر و القضاء على الفقر و البطالة و حل مشكلة الأراضي و الإسكان و وقف التجنيس السياسي و الحفاظ على البيئة و السواحل و محاربة الفساد المالي و الإداري ، إلا إذا اعتبرت هذه الملفات خاصة بالشيعة ، نحن معك في شيء واحد ، هوأن يأتي اليوم الذي نرى فيه السنة و الشيعة متمازجين تماما بحيث حتى لو كان القانون يفصلهم فإنهم يلوون ذراعه و يتمازجون و لكن هذا يحتاج لقاعدة من النخب التي تقود هذا التيار لا أن تقود عكسه ، أما عن ذكرك لدولة القانون و المؤسسات و الدولة الدينية ، فهذه الإشكالية عمليا منحلة لأن المرجعية الفكرية الدينية النظرية حلتها بأن شرعنت التعامل بدولة المؤسسات ( حسب نظرية آية الله محمد حسين النائيني في الحكم ) و الذي يرى بأن الحكم يكون بالمؤسسات ، بعكس نظرية ولاية الفقيه التي لا تتبع إلا في إيران ، و بالمناسبة فإن الرموز الإسلامية الشيعية الفاعلة في الساحة الحالية و السائدة ، هي نفسها منذ الاستقلال و لحد الآن و هي الشيخ عيس قاسم (دام ظله ) و المرحومين الشيخ الجمري و الشيخ المدني و هي قبل الثورة الإسلامية و درست في حوزة النجف فهل صنعتها جمهورية إيران كما تدعين التي بدأت في العام 79م ؟ و سياستها منذ البداية هي إياها : دعوة لتطبيق الدستور و الإصلاح الإداري و المعيشي ، و التربوي الأخلاقي ، و ما استجد في التسعينات هو فقط عمل العريضة مع الأطياف الوطنية الأخرى فهل لو تفردت لكانت في نظرك صادقة و عندما لم تتفرد أصبحت محتالة و مخادعة ؟ ثم ما شأننا و العراق لتربطي البلد غصبا به ؟ العراق ابتلع الطعم الطائفي ، خلص من الطاغية الأكبر ليحترق بالحرب الطائفية المدبرة أمريكيا عندما عرضت لعبة المحاصصة للشيعة من جانب ، و فتحت الباب لأفواج المنتمين للقاعدة من جانب آخر ، لتحرق البلد و تضمن استمرار سيطرتها ، فهل تريدين إلباس أهل البحرين غصبا هذا اللباس و توزعين نفس الأدوار عليهم ؟ , هل يعجبك ما حدث في العراق ؟ ثم من طلب المحاصصة ؟ كل ما يسأل عنه هو: العدالة و تجريم التمييز و محاربة المتورطين بكل شفافية دونما عوائق ، و بالمناسبة ذكرت نسبا عن توزيع الشيعة كأطباء و محامين و غيرهم و أذكرك بأن العبرة ليس بالانتشار و إنما بالتمكين ، و مع ذلك أقول لك بأننا لانسعى للتمكين على أساس المذهب و إنما الكفاءة و ألا يستثنى كفوء بسبب مذهبه ، أما عن الأرقام التي ذكرت بأنها كاذبة ، ألم يعلن الشيخ أحمد عطية الله نفسه في بداية هذا العام عن أن التعداد السكاني أصبح ينيف على المليون في حين طوال هذه المدة كان الرقم المعلن ينيف على النصف مليون و هو الذي أثار ضجة كبرى عند الشيعة و السنة على السواء فالتجنيس لعلملك يحقق حسابات السلطة و لكنه أساء لأخواننا السنة أكثر منا و اسأليهم عن معاناتهم ، و عندما سأل رؤساء الصحف في اجتماع لهم مع وزير الداخلية عن حجم التجنيس لم ينكر و قال بأنه يتم حسب القانون ( الذي وضعوه هم ) 700 شخص في الشهر، ( و للمقارنة في الكويت يجنس خمسون فردا فقط في العام ) ، أما عن الدول التي شجبت التمييز في جنيف و المنظمات الدولية التي طعنت في مصداقيتها و مستوى أدائها فببساطة لوكانت نتائجها مخالفة لهواك لأيدتها و هي التي تنزل للميدان و تتقصى طويلا ثم أنها لا مصلحة لديها ضد البحرين فالبحرين بتصريح سمو ولي العهد حليف استراتيجي لأمريكا . أما عن أطماع إيران فحتى لو سلمنا جدلا بصحتها في البحرين فهذا شأنهم ليرغبوا بما يشاءون و نحن نقرر في بلدنا ما نشاء و لو أردنا لفعلنا في العام 71م إبان التصويت و من يريد أن يرهن نفسه لبلد أجنبي ؟ و لكن على السلطة في ذات الوقت أن تسد الثغرات إن كانت متوجسة لهذا الحد ، و أما عن قولك أنه في التربية الشيعية العداء للحاكم السني ابتداء ، فأسألك إن كان كذلك فكيف تم الترحيب بالأسرة الحاكمة عندما دخلت البحرين العام 1783م ؟ و ما حدث في استفتاء 71م ؟ و في الاستقبالات الجماهيرية للملك في القرى العام 2002م ؟ هل أجبرهم أحد على استقباله و حمل سيارته ابتهاجا ؟ أما عن قولك أن بعض المأتم خلايا نائمة : فليتك تسمين لنا و لو واحدا منها ، ثم أنك وصفت الشيعة بالتنظيم الشديد و توزع الأدوار و شبهتهم باليهود ( و هذه كبيرة) ، إذا كانوا كذلك فلماذا لم يسودوا العالم لحد الآن كما ساد اليهود منذ زمن ؟
ثم لست أدري علام إصرارك على بعث الدولة الصفوية من جديد و نسيانك للأيوبية التي عملت ذات العمل و لكن في الاتجاه الآخر فهؤلاء شيعوا إيران بالقوة و أولئك سننوا مصر بالقوة ، هل من الوطنية أن نبحث عن القنابل الملغومة في التاريخ و ما أكثرها و نعيد تفجيرها ؟ أم نتصالح مع الماضي و مع بعضنا و نعيد بناء بلدنا على أسس جديدة عادلة تنظر للمستقبل فقط و لا تأخذ من الماضي إلا ما هو بناء ؟ .
عفاف الجمري . Afaf39474225@gmail.com

No comments: