Friday, April 30, 2010

المرأة السياسية الأولى في البحرين (1)
والدة الشعب.. أم جميل تحكي وقائع السبت الأسود
الوفاق - 10/04/2010م - 10:53 ص | عدد القراء: 80

ذكرى يوم السبت الأسود
ماذا عسايّ أن أقول .. إنها ذكريات مؤلمة وصعبة جداً ولكننا عشناها في تلك الفترة أي فترة الانتفاضة الشعبية .. كان منزلنا تحت الحصار والمتابعة الدائمة والقرية أيضاً بأكملها كانت محاصرة دائماً . ..

وفي تلك الليلة زاد الحصار على القرية فتوقعنا حدوث أمرٍ ما.. كانت مداخل القرية جميعها محاصرة من قبل قوات الأمن وسيارات المخابرات ..
بهذه الكلمات بدأت أم جميل حرم المرحوم المجاهد العلامة الشيخ عبد الأمير الجمري،حديثها لبرنامج نون الوفاق الذي نشرت نصه صحيفة الوفاق وروت تفاصيل ووقائع السبت الأسود والحصار على منزل الشيخ الجمري وقرية بني جمرة..
في قرية أحبت وطنها فأهدته الروح والدم .. وفي منزلٍ تشكل على شاكلة بحرٍ عميق يحتضنُ في أعماقه أسرار قبطان سفينة الوطن التي أعلنت ثورتها ضد عواصف الفجر وراحت تقدم عمرها فداءً للوطن ..
وعند حدود ذاكرة امرأة تكللت شخصيتها بالقوة .. داست على كل الأوجاع وأخذت تمسح بقايا الآلام بحنانها وشكلت ملامح الآمال ببسمة ثقة واعية برحمة ربها .. فكانت حواء التي تضمد جراح آدم في كل وقت ..
نرحب بضيفتنا الكريمة .. والدة هذا الشعب .. أم جميل .. حرم الشيخ الراحل سماحة العلامة عبد الأمير الجمري .. لتحدثنا عن واحدة من أهم المحطات التي عايشتها مع والد الشعب، و هي يوم السبت الأسود و الحصار الظالم على بيته و قريته.

السبت الأسود..
نون الوفاق : أم جميل .. فلتعذرينا على قسوتنا في فتح ذكريات ذلك اليوم .. أعني ( السبت الأسود ) .. ماذا حدث في ذلك اليوم .. وكيف كانت الأجواء ؟.. بالتحديد مع الشيخ الجمري رحمة الله عليه .
أم جميل : ماذا عسايّ أن أقول .. إنها ذكريات مؤلمة وصعبة جداً ولكننا عشناها في تلك الفترة أي فترة الانتفاضة الشعبية .. كان منزلنا تحت الحصار والمتابعة الدائمة والقرية أيضاً بأكملها كانت محاصرة دائماً . ..
وفي تلك الليلة زاد الحصار على القرية فتوقعنا حدوث أمرٍ ما .. كانت مداخل القرية جميعها محاصرة من قبل قوات الأمن وسيارات المخابرات ..
تكمل أم جميل قائلة : وأذكر في تلك الليلة كنا نملك أشرطة تسجيل خاصة بالسجن كنا قد تركناها في منزل الوالد الملا يوسف ملا عطية الجمري بالقرية فذهبت ابنتي وأحضرتها فقمنا بوضعها في آواني الطبخ خوفاً من مداهمة المنزل والحصول عليها ... إضافة إلى ذلك كنا نضع عباءاتنا بالقرب منا تحسباً لأي هجوم مفاجئ ..
الساعة الثانية عشرة بعد منتصف اليلل .. بداية الحصار!
تتوقف قليلاً عن الكلام وكأنها تعود لتلك الليلة ثم تكمل : عند الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل ... وإذا بالباب يُطرق بقوة .. نزل ابني صادق ليفتحه وإذا بالشارع مكتظ بالشرطة والكمندوز.. حتى أن أولادنا معتادين على رؤية هذه المناظر إلا أن ما شاهدوه في تلك الليلة كان شيئاً رهيباً ( أشكالهم مخيفة وتغطي وجوههم الأقنعة ) وكأنهم في معركة ! .. دخلوا المنزل وبدأوا بالتكسير .. امتلأت القاعة كلها وبقوا يكسرون أثاث المنزل حتى أسلاك الكهرباء لكي لا نستخدم أي جهاز نملكه في المنزل من تلفاز أو راديو .. و قد كنت قلقة بشأن الأموال الخاصة بالخمس لأنها أموال الناس فأخذت مفتاح الصندوق الخاص بتلك الأموال إلا أن الضابط "عادل فليفل" طلب مني أن أعطيه إياه ولكنني رفضت ذلك لأن الأموال ليست أموالنا الخاصة فهي أمانة وبعد جِدالٍ طويل أخذ المفاتيح وشمّع الصندوق ..
لم ينتهِ تفتيشهم وتخريبهم لأثاث المنزل بعد.. تواصل أم جميل نثر ذكريات ذلك اليوم قائلة : قاموا بتفتيش المنزل غرفة غرفة حتى وصلوا إلى الخزانة التي تحوي أشرطة التسجيل ( رسائل أُخرجت من السجن ) وإذا حصلوا عليها سيذهب ضحيتها ابني محمد جميل وزوج ابنتي عبد الجليل ... لذا كنت خائفة عليهم فتوسلت بالزهراء عليها السلام .. بالفعل .. فتحوا الخزانة وقاموا بتفتيش أطقم الطعام الموجودة فيها أشرطة التسجيل وقد كانوا خمسة أطقم فتحوا الأول والثاني والثالث ولم يفتحوا البقية والتي كانت تحوي أشرطة التسجيل ولله الحمد..
وبعد تفتيشهم الدقيق وتخريبهم لأثاث المنزل أخذوا ما تبقى من أثاث فامتلأت سيارة ( البيك آب ) التي جاءوا بها للمنزل بأغراضنا بعدما فتشوه .. حتى أنهم أخرجوا الجيران من منازلهم واقتحموا منزلنا ..
وبدأ الحصار الأول ..
تتحدث أم جميل وهي تصف أجواء الحصار وكأنه للتو قد حدث : بالصدفة في تلك الليلة كان الجميع متواجد في المنزل (19 شخص) ,لم نكن نعرف ما يدور بالخارج فلا تلفزيون ولا راديو ولا تلفون يمدنا بالأخبار ولم يكن يستطيع أحد الدخول لنا أو الخروج من عندنا حتى السيارات منعت من المرور عند المنزل لأنه كان محصار حصار شديد ومنارة الجامع كانت عبارة عن برج مراقبة للشغب ..
في تلك الفترة نفدت مؤونة الطعام لذا كانوا يأتون لنا بطعام كأنه طعام مساجين ويكتبون على علبة الكارتون الخاصة به ( 19 مجرم ) !
. فأشرت إلى ولدي صادق أن يخبر الضابط بأننا سنعطيهم مبلغاً من المال كي يشتروا لنا مانحتاج من طعام وشراب ووافقوا على ذلك بالفعل وبقينا على هذا الوضع لمدة أسبوع كامل .. كنا نقضي تلك الأوقات ما بين الصلاة والدعاء والمحاضرات وبسبب هذا الحصار مُنع أولادنا من الذهاب للمدارس.
أزمة صحية!
لم تنتهِ سلسلة الانقطاع عن العالم الخارجي وما فيه .. فلا وسائل اتصال ولا أمان والنتيجة تدهور الحالة الصحية لأفراد العائلة !
ما زالت أم جميل وهي تحكي لنا عن تلك الفترة الخانقة صابرة .. بل شامخة بصبرها : كانت ابنتي منصورة قد أجرت عملية فساءت حالتها الصحية بسبب سوء التغذية لذا طلبنا من الشرطة أخذها للمستشفى إلا أنهم رفضوا ذلك وقالوا بأنهم سيأتون بالدكتورة التي أجرت لها العملية للمنزل و بالفعل أتت الدكتورة وشخصت حالتها بأنها تعاني من الجفاف ولابد من نقلها للمستشفى لأنها لاتستطيع أن تعمل لها شيء في المنزل فتم نقل منصورة لمستشفى البحرين الدولي وقامت بالاتصال بالأهل وأخبرتهم عن الحصار وما جرى فيه ..
وبعد مرور عشرة أيام على الحصار سمحوا لأفراد االعائلة بالخروج ما عدا الشيخ الجمري وأنا ..
فقام الجميع بتجهيز حاجياته من أجل مغادرة المنزل وبعد فترة وجيزة تراجعت الشرطة عن موقفها وأخبرونا بأنهم قد تلقوا أمراً بعدم السماح لأي شخص منا بالخروج أياً كان..
الساعة الثامنة صباحاً من عُمر اليوم الخامس عشر من الحصار اعتقل الشيخ الجمري
وأنت تسمع حديثها عن ذلك اليوم تشعرُ بانقباضٍ حادٍ في قلبك .. وبصبرٍ لا حدود له تواصل حديثها : فاستمر الوضع لمدة خمسة أيام إضافية وفي اليوم الخامس عشر من الحصار في الساعة الثامنة صباحاً داهمت قوات الأمن منزلنا فأخبرت أبا جميل بأن فليفل وجماعته قد أتوا فقال حينها بأنه متأكد من أنهم سوف يعتقلونه .. طلبت من الشرطة أن يتركوه قليلاً حتى يتناول إفطاره وأحضرت له شيئاً بسيطاً وتناوله على عجل وغادر المنزل وأنا أدعوا الله أن يحفظه من كل سوء .. وآخر ما قلتهُ له لا تخف يا أبا جميل .. ، وبعد أن تم اعتقاله أتت الشرطة وقاموا بإعادة أجهزة التلفاز التي أخذوها وتصليح الأسلاك الكهربائية وإعادة خط الهاتف وتركيبه إلا أننا لم نكن نعرف إلى أي سجن قد تم أخذ الشيخ الجمري رحمه الله .
نون الوفاق : ماذا عن دوركِ في تلك الفترة عندما ترين أحد أفراد أسرتك منهاراً ومتألماً ؟
أم جميل : كنت دائماً أضحك وأقوي عزيمة الجميع حتى لو كنت من داخلي أتألم ، فقد كنت أعتصر ذلك الألم في أعماقي أما ظاهرياً فلم يكن يبدو عليّ ذلك ، و ما كان يخفف علينا وقع ذلك المصاب هو إقامة مجلس تعزية ليلياً من باب التخفيف من وتيرة الحزن والآلام .. إلا أنني شعرتُ بالانهيار لأول مرة عندما قالت لي إحدى قريباتي في أحد أيام تلك الفترة هل تذكرين كيف كان أبناءك يجتمعون على مائدة الطعام ؟ فلم أتمكن حينها من مقاومة الدموع التي انفجرت من مقلتي فأبنائي كانوا مابين سجين ومشرد .
نون الوفاق : هذا ما حكته ذاكرة والدتنا أم جميل عن يوم السبت الأسود الذي كوى قرية النسيج وراح يُشكل أطراف البحرين على هواه ..










المرأة السياسية الأولى في البحرين «2»
أم جميل... وما بعد السبت الأسود من حكايا الصبر
نون الوفاق - 09/04/2010م - 2:27 م | عدد القراء: 23
حين يعود قبطان السفينة إلى وطنه بعد عاصفة هوجاء محملاً بكثير من المتاعب... تستقبلهُ في ذلك نصفه الثاني... شريكة عمره... رفيقة دربه... لتخفف من هول ما يفكر... وتضمد جراحه التي حفرتها تلك العاصفة في قلبه...

وحين تشعرُ بأن كارثة ما ستصيب حياته وستجرف الوطن إلى جحيم من الظلم... تقف شامخة لتقدم له سلاحه الروحي وتُشجعه على مواصلة دربه...
وحين تشعرُ بأنه مُثقل بالتفكير في وطنه... تشدُ على يديه حتى يواصل دربه...
والدة الشعب... أم جميل قامت بهذا الدور البطولي الكبير الذي منحها ثقة بربها... فكانت ابتسامتها السلاح الروحي الذي يقضي على الأوجاع في كل حين...
وراء كل رجل عظيم امرأة
* «نون»: ألا يقال «وراء كل رجل عظيم امرأة» كنا نسمعها كثيراً لكننا نجهل معناها... وشيئاً فشيئاً اتضح ذلك المعنى العميق ابتداءً بالسيدة خديجة والسيدة فاطمة الزهراء وحتى السيدة زينب عليهن السلام... ولله الحمد مازال هذا المعنى واضحاً...
أيتها العظيمة... أم جميل... حدثينا عن تشجيعكِ للوالد الجمري لمواصلة مسيرته من أجل الوطن رغم كل الظروف من بُعد الأبناء والسجن والضغط الشديد الذي عانته العائلة بأكملها.
- أم جميل: كنت أشجعه على مواصلة دربه، فرغم كل الإغراءات والمناصب التي عُرضت عليه رحمه الله، إلا أنه رفض كل ذلك وظل متمسكاً بمبادئه ومطالب الشعب حتى آخر نفس... ولم أكن أقبل حتى بالاتصال بالداخلية وطلب مقابلة لابني أثناء سجنه، لأنني كنت مقتنعة بأنه لم يبق لدينا شيء لنخسره في تلك الفترة، ولذلك كنت أرفض الذل بأنواعه، وكنت أقول دائماً لنعاني كما عانى غيرنا من أبناء هذا الشعب، وهذا ما يُشعرني براحة الضمير والطمأنينة بيني وبين ربي رغم شعوري بالألم.
ما بين حكايا حنانه
* «نون»: مسيرة أم جميل لم تنته بعد ومازالت هناك حكايا يُخفيها الوقت لضيقه. الوالد الحنون... والد الشعب... يعقوب الوطن... الجمري (هكذا كان يُلقب ومازال) عرفنا عنه طيبة القلب والحنان... وسمعنا منه الثبات والاستمرار وسمعنا عنه كل الخير... قرأنا في عينيه حكايا الحب...
وشعرنا بالأمان يخرج من دفء أحضانه... رأيناهُ يجلسُ مع الصغير والكبير... متواضعاً يحترم الجميع... معلماً... مربياً... قائداً... وقرأنا عنه الكثير الكثير...
أم جميل... حدثينا عن شخصية الوالد الجمري مع الأهل والشعب بأكمله...
- ترسم ابتسامة مُشتاقة لأيامه وتجيب علينا قائلة: كان رحمه الله يدلل بناته وأبناءه وزوجاتهن، وقد كان حريصاً على عدم حصول أي خلاف بينهم، كما أن قلبه حنون لأبعد الحدود، وسرعان ما ينسى أي أمر يغضبه، كما كان شديد الحرص على زيارة أي مريض وحضور جميع المناسبات من أفراح وأتراح.
- وله علاقة جميلة بالأطفال تذكرها أم جميل: يحب الجلوس مع الصغار ودائماً ما كان يقوم بتوجيههم لأنه كان يقول إن هؤلاء هم شباب المستقبل وهم الذين سيصنعون الغد، وبالفعل فمازال هؤلاء الذين كانوا صغاراً يتذكرونه رحمه الله.
أشد التضحيات أثراً على قلب أم جميل
* «نون»: كثيرة هي تضحياته ومواقفه البيضاء... فكم ضحى بعمره لأجل الوطن وشعبه... وكم عانى لأجل ثباته لمواصلة دربه السامي... قدم الكثير من أجل أن يحيا أبناء هذا الوطن... وضحّى بالكثير من صحته وشبابه لكي يُرجع الأمان والخير لكل بقعة من بقاع وطننا هذا... فما أكثر موقف أو «تضحية من تضحياته لأجل الوطن» مرت في حياة الشيخ الجمري وتركت أثراً واضحاً في قلبكِ أم جميل؟
- أم جميل: كنت بجانبه في جميع تضحياته، ولكن حينما تم اعتقال ابنتي عفاف وزوجة ابني كانت هذه التضحية قد أثرت فيّ كثيراً، ومع ذلك لم أتنازل ولم أخف، فكأن الله قد نزع الخوف من قلبي ليلهمني الثبات والقوة، حتى أنني أصبحت عندما أذهب لزيارة الشيخ وبرغم علمي بوجود كاميرات المراقبة إلا أنني كنت لا أبالي لشيء، وكنت أنقل له كل ما لدي من أخبار حول الاعتقالات والأحداث الأمنية من دون أي خوف، فليس لدي ما أخشى عليه بعد اعتقال زوجي وأبنائي.
- وتكمل قائلة: واعتقال ابنتي عفاف وزوجة ابني حينها جعلني أعتني بأطفالي وأطفالهما، أي أنني كنت أعتني بتسعة أطفال لوحدي، وعانيت كثيراً وتأثرت صحتي من شدة الضغط النفسي والكتمان، إلا أن هذا الأمر لم يزلزل ثقتي بربي أبداً، بل بالعكس ازددت قوة أكثر من قبل، وعندما تم الحكم على أبي جميل كان جميع أفراد العائلة يبكون ما عداي، فقد كنت أضحك، وهو ما أثار دهشتهم.
* «نون»: التضحيات كثيرة، لكننا نتذكر أيام الاعتصام والإضراب عن الطعام، كانت مرحلة جداً صعبة على الشعب، فقد كنا نشعر بأن اللقمة التي نتناولها مُرّة، فكيف عشتم خلال هذه الفترة وما الأحداث المهمة التي حدثت خلالها؟
- أم جميل: كانت هناك مبادرة من قبل الشعب إلا أن القيادة لم تنفذ المطالب، فلم يكن هناك سوى الاعتصام والإضراب عن الطعام وكان منزلنا مفتوحاً على مدار 24 ساعة، حيث يتواجد أبناء الشعب طيلة اليوم.
الشعور بالطمأنينة والأيام القاسية
* «نون»: ما شعوركِ حينما تسمعين نبأ دخول الشيخ للمشفى؟
- أم جميل: أصبح قلبي كالجلمود حتى أن ولدي جميل قد أخبرني بأنه حينما سمع باعتقال والده قد شعر بالخوف عليّ، وتفأل لي بالقرآن وكانت الآية الكريمة التي ظهرت له في تقول «ويزيدكم قوةً إلى قوتكم ولا تتولوا مدبرين»، وقد كنت دائماً أكثر من قول «لا حول ولا قوة إلا بالله»، كما كنت أحرص على قراءة دعاء الجوشن الصغير وزيارة عاشوراء وحديث الكساء ودعاء علقمة بشكل يومي، وقد تحملت مسؤولية كبيرة زادت من تحملي وقوتي، حيث إن الشيخ حينما تم اعتقاله أجاز لي بالدفع للمتضررين والسادة، أي أنه منحني إجازة وقتية، إضافة إلى ذلك فقد تحملت مسؤولية رعاية أحفادي، فكنت حريصة على إظهار الضحكة أمامهم، خاصة أنهم أطفال صغار.
* «نون»: كان الشيخ دائماً يردد عبارة «اشتقت إليكم اشتياق يعقوب إلى يوسف» هذه العبارة التي كثيراً ما أبكت الشعب، فما هو أثرها عليكِ حين استمعت إليه؟
- أم جميل: حينما قالها لم أكن في المسجد، لكن بعدما سمعتها مُسجلة تأثرت جداً وبكيت من شدة التأثر.
رسالة أم جميل لكل امرأة بحرينية
* «نون»: ما هي يا ترى رسالة أم جميل لكل امرأة بحرينية وبالخصوص لأمهات الشهداء وزوجاتهم؟
- أم جميل بكل صبر وقوة: أقول لكل امرأة يجب عليها أن تقتدي بالسيدة زينب (ع)، فقد ضحت بكل شيء من أجل الله سبحانه وتعالى، وكانت تقول رغم كل آلامها «اللهم تقبل منا هذا القربان»، فالإنسان يجب أن يكون عمله خالصاً لربه ولأمته ووطنه، فلا يمتنع عن التضحية بالزوج أو الولد أو المال، وعليه أن يصطبر ويفوض أمره لله عز وجل، فلنا في رسول الله وأهل بيته أسوة حسنة.
«جني الثمار» حان وقت رحيله عن الشعب
* «نون»: اليوم وقد رحل الوالد الجمري مازلنا نشعرُ من خلال حديثنا معكِ بأنه موجود بيننا، وكلما سكتِ للحظات نشعرُ بأنكِ تتذكرين لحظات معينة... أم جميل في هذهِ اللحظة ماذا تريد أن تقول وما الأمنية التي يختزنها قلبها الآن؟
- أم جميل: مشاعر الحزن والهم والألم تعصر قلبي، فكلما أتذكر بأنه أصبح لدينا برلمان وتحقق ذلك في وقت قد رحل فيه الشيخ بعد كل تضحياته التي كانت لله سبحانه وتعالى... أشعر بالحسرة، فمن الجميل أن يقطف الإنسان ثمار ما زرعه ويقوم بجنيه في وقت حصاده، ولكن الحمد لله رب العالمين وأسأل الله أن يعيننا على مواصلة الدرب نفسه.
* «نون»: هذه والدة الشعب... أم جميل بتضحياتها وصبرها وبسمتها الواعية والواثقة بربها... عظيمة حين تقطع على الظروف طريقها بابتسامتها المشرقة في كل حين... ولو أسعفنا الزمان وعاد بنا إلى أيامه لتمسكنا به أكثر، فهو كل شيء في الحياة يستحقُ منا أن نقدم لأجله ما نملك... وأم جميل منحتنا فرصة في ركوب قطار ذلك الزمن والجلوس بقرب تلك الذكريات والحديث معها لفترة ذهبية قد تطول في المرات المقبلة إذا شاء الله لـ «نون الوفاق» ذلك...
نتمنى من العلي القدير أن يحفظ والدة الشعب من كل سوء وأن يمد في عمرها.

No comments: