Wednesday, June 17, 2009

السبت الأسود -منقول

حبيب الجمري يتذكر فجر السبت
في بداية سرده لما يتذكره عن يوم السبت الأول من أبريل العام 1995 (قبل 14سنة مضت)، والذي تعارف أهالي بني جمرة والبحرين على تسميته بالسبت الأسود، حيث سقطت فيه ضحيتان من أبناء قرية بني جمرة، قضيا بعد إصابتهما بعشرات الطلقات من «الشوزن» حينما هجمت قوات الأمن على القرية بغرض اعتقال الشيخ عبدالأمير الجمري (رح)، يقول الشيخ حبيب الجمري الذي كان احد شهود فجر ذلك السبت: ربما أكون في حالة من البشاشة إلا إذا سئلت عن يوم السبت الأسود، حيث تتحول مشاعري الى الحزن والكآبة وربما استذكرت المعنى الكبير الذي يعنيه أن ينسكب الدم على الأرض وأنت تراه أمامك.
وأضاف الجمري، الذي كان أحد ضيوف ندوة جمعية العمل الإسلامي التي أقامتها يوم أمس الأول في ذكرى هذه الحادثة، سأكون شاهدا صادقا على ما حدث، ولن استطيع أن أفصل أكثر مما سأقول، وكنت أحبذ لو كان هناك أكثر من شاهد على الحادثة التي جرت لتكتمل الصورة أكثر.
وبدأ بسرد ما يتذكره عن ذلك اليوم بقوله: كنا في الأول من ابريل 1995 الموافق 1 رجب 1416 وبعد صلاة الصبح سمعنا صوتا في بني جمرة من أحد المساجد، فاستعلمنا عن الخبر فاخبرونا ان قوات الامن أحاطت بمنزل الشيخ عبدالامير الجمري تمهيدا لاعتقاله، وإنهم احتلوا بعض البيوت القريبة من منزل الشيخ تسهيلا لمهمتهم، فخرجت إلى مسجد أبوذر الغفاري بالقرية، وكان هناك مجموعة من الاهالي فقررنا الخروج في مسيرة سلمية ورسمنا مخططا للمسيرة التي عزمنا عليها، حيث عزمنا أن ننتقل من مسجد الى مسجد لنناشد الأهالي المشاركة في فك الحصار عن الشيخ الجمري، وكان هناك بعض الشباب اقترحوا توفير بعض المولوتوفات، ولكن نحن فضلنا ان تكون المسيرة سلمية، وانتقلنا إلى مسجد العيد ففتحنا مكبرات الصوت، ثم لمسجد الزهراء، ثم لمسجد الإمام علي، وكلها مساجد في القرية، وكانت المسيرة تزداد والتكبيرات ترتفع حتى وصلنا إلى مسجد الشيخ فرج، وبذلك كنا قد مررنا على كامل مساجد بني جمرة، وخرج الجميع بعفوية شبابا وصغارا وشيبا حتى جاءتنا أول الاطلاقات من الشوزن وأصيب في أول إطلاق أسعد ابن الشهيد محمد علي الذي قتل بعده بساعات، وكان الأب حينها يشجع ابنه للاستمرار حيث واصلنا حتى وصلنا الى مسجد الخضر حيث أطلق الشوزن علينا بغزارة فتجمعنا عند مسجد زيد، للملمة صفوفنا مرة أخرى، إلا أننا تفاجأنا بقوات تقدر بالمئات تحيط بنا، فحاولنا التفرق، مجموعة دخلت البيوت والبعض الآخر وصل إلى سدرة الشيخ (منطقة بالقرية) وكان عددنا 10 تقريبا، وفي هذه الاثناء أحاطوا بنا من كل اتجاه ورمونا بالشوزن، على رغم انه كان بإمكانهم أن يعتقلونا بكل سهولة لأنهم أحاطونا من جميع الجهات، لكنهم بادروا بإطلاق الشوزن علينا من قرب فأصابوا محمد جعفر في الرأس فاستشهد من فوره، ثم سقط محمد علي بعده بلحظات، بينما أدرت ظهري لهم حيث قاموا برشي بالشوزن على جميع أنحاء جسمي، كما صوبوا على جعفر طالب الذي تهتكت أعضاؤه وأصبح معاقا طوال عمره، أما صادق العرب فقد كان ينوي الرجوع لبيته فتلقته مجموعة ورشته في رجله التي تم قطعها بعد ذلك كما أصيب آخرون بإصابات مباشرة.
وأكمل الجمري: بعد ذلك بدأت أحس بضيق في التنفس وسقطت على الأرض، وتم اعتقالي وسحبوني سحبا وألقوني في الجيب الى جانب مجموعة أخرى جرى اعتقالها، وأصبت بنزيف حاد حيث أصبت بنحو 24 طلقة وأخذ النزيف يزداد في سيارة قوات الأمن، فخاف رجال الامن ورموني، وطلبوا مني اللجوء الى أقرب بيت، فقصدت اقرب بيت وأخذت اضرب على الباب برجلي وخرجت لي زوجة الحاج يوسف كاظم حيث صرخت عندما شاهدت حالي، ونادت على أولادها واتصلت بأهلي وتم اخذي الى أحد المستشفيات القريبة حيث تم علاجي هناك، فيما أخذ صادق العرب إلى السلمانية.
وختم الجمري: كنت في جوار الشهيد محمد جعفر في المستشفى، وكان على رغم جروحه صاحب نفسية شهيد، وكان يقول لي انه سيرحل عن الدنيا وطلب مني ان انقل وصيته، بأن نواصل النضال وانه لابد أن يزال الظلم من هذا البلد، واخذ يتشهد حتى اختفى صوته وقضى إلى جوار ربه.
الشملاوي: ما جرى قتل بدم بارد
وفي تعقيبه على ما شهده الشيخ حبيب الجمري عن يوم السبت، قال المحامي عبدالله الشملاوي: هناك جريمة في القانون تسمى جريمة التعسف في استخدام السلطة وهي تعني الشطط في استخدام السلطة؛ لأن ذلك يجعل الإن سان بلا حرية فلا يكاد يساوي اية قيمة والحيوان يصبح اكثر قيمة منه.
وقال الشملاوي في إعمال حكم القانون: لا افراط ولا تفريط، فلا شطط في حقوق الافراد ولا بغي في سلطة الحكومة، وحتى الميثاق العالمي لحقوق الانسان الذي يشترط ان توافق عليه اية دولة عضو أكد أنه لا يجوز أن تتهور السلطة مع مواطنيها بما أوتيت من صلاحية بانتهاك حقوقهم في سلامة بدنهم، وهذا الحق مصون بالدستور حيث حرم التعدي على سلامة الغير الا بحق.
وأضاف إذا طبقنا هذه المعايير على الحادثة نقول إنه كان ينبغي أن يكون هدف قوات الامن ألا تحيد عن روح القانون معنى وروحا، إذ يجب على هذه القوات ان تحافظ على النظام دون ان تخرج عنه، فلا يحق لها التعدي على الناس، وكان يمكن في هذه الحالة توجيه إنذار للمحاصرين ولا تتم بأي حال من الأحوال توجيه السلاح والقتل بروح باردة.