Monday, December 17, 2007

عفواً شيخنا.. انتفاضة التسعينات ليست طائفيةعفاف الجمري
كتبت هذا الرد منذ أكثر من شهرين وتم تأجيله لأسباب فنية وهو بشأن رد الشيخ عبداللطيف المحمود على ما ذكره الأستاذ ربيعة، حيث لفتت انتباهي مجموعة أمور أقتصر في التعليق على جانب واحد منها وليعذرني حفظه الله.إن وصم اللجنة أو الانتفاضة بالطائفية لهو طرح حكومي لم يصمد أمام الدليل حتى أنه قد ساند البرلمان الأوروبي هذه الحركة وكذا المنظمات الدولية، وأعتقد أن مساندتهم لقضية ما لا يكون ببساطة إن لم تكن هناك أدلة دامغة (ولا شذوذ عن هذه القاعدة إلا في حالة الكيان الصهيوني لمساندة أميركا له). فأدبيات الحركة كلها مازالت محفوظة وخطابات الجمري أثناء الانتفاضة كلها موجودة في كتاب (دعاة حق وسلام) وقد رد في إحدى خطبه على خلفية تحرك بعض الوجهاء من الشيعة في ذروة الأزمة ورفض هذا التحرك - كما أوردنا سابقا- فقال ‘’وقد سمعنا فعلا بوجود تحرك يهدف لحل جزئي يختص بالطائفة الشيعية خصوصا من خلال تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي، هذا التحرك الذي يقوم به بعض رجال الاقتصاد والمال تحرك قاصر، لأنه يهدف من جهة لتحويل المطالب من مطالب سياسية إلى مطالب معيشية خاصة، ومن جهة أخرى يهدف لشق الصف الوطني الذي تمحور وتوحد بشأن أهداف واضحة تهم الوطن كله[1]’’. لكي لا تتحول الحركة إلى شيعية فهو لا يريد مكاسب للشيعة فقط. وثانياً لا يريد المكاسب المتعلقة بإصلاح المعيشة فقط (كما ذكر) وإنما حلحلة الإشكالية الدستورية (بتطبيق الدستور وتشكيل البرلمان)، فهذا موقف وليس كلام فقط فهل من دليل أقوى من هذا؟ ولديه الكثير، ففي خطبة له رحمه الله بتاريخ 29 ديسمبر/ كانون الأول ,1995 يقول مستنكرا التحقيق مع الكاتب حافظ الشيخ وأحمد الشملان والشيخ حسن سلطان: ‘’ومع تزايد حدة التوتر والاختناق الأمني في الشارع العام بسبب أنباء الاعتقالات (...) ومع التحقيقات والمحاسبات لرموز المعارضة بهدف مصادرة حرية إبداء الرأي والتعبير كما حدث مع المحامي أحمد الشملان والصحافي حافظ الشيخ ومع الشيخ حسن سلطان[1]’’. وفي مقابلة للشيخ الجمري مع محطة ‘’بي بي سي’’ (موجودة لحد الآن بصوته على موقع الإذاعة الإلكتروني) وذلك بعد الانفراج عندما سألوه بأنه إذا تم تشكيل البرلمان هل سيساند الكتلة الشيعية أجاب بالحرف ‘’توجهنا إسلامي لا فرق عندنا بين السنة والشيعة’’ فسأله المذيع: على طريقة الأخوان المسلمين؟ فقال: ‘’إذا كان يحلو لك أن تسميه كذلك’’. وإذا كان جلالة الملك نفسه قد قال للجمري بعد الانفراج بالحرف: ‘’أنت الشخص الوحيد المعتدل فقد راجعت خطاباتك منذ العام 1975 كلها ولحد الآن فلم أرَ فيها ما يحيد عن الاعتدال، وإنما سبب المشكلات هم رجال الأمن الذين ينقلون لنا تقارير خاطئة’’ [2].إذا كان صاحب الشأن نفسه قد شهد له بالاعتدال، فكيف يثبت عليه الشيخ المحمود تهمة الطائفية والإرهاب والعنف (عندما وصم الانتفاضة بهذه الصفات)؟ إن كل خطب الشيخ الجمري ليس فيها ما يشير للعنف بل كلها تدعو للتهدئة ولزوم أساليب السلم، رغم الرصاص الحي الذي كان ينهمر على المواطنين، ويوصي بعدم الانفلات والرد بالمثل، أما ما يشير له الشيخ من تخريب أقول له: لنكن واقعيين إذا كان الشعب محتقناً لأقصى درجة ولمدة طويلة وقد استثير بقوة فماذا تتوقع؟ انفجرت الانتفاضة بدون برمجة، بدفع من السلطة التي دفعت الشعب لها دفعاً وذلك لوأد العريضة. وكل الأحداث ومنها ما ذكره الأستاذ ربيعة توضح ذلك فحدثت (ثورة) ومنطق الثورات في كل مكان يعني منتهى التخريب وبهذا المقياس تكون الثورة في البحرين من أكثر الثورات سلمية (نسبياً) فهي لم تتحول لحرب أهلية ولم يتم التعرض إلا لمن انخرط في قوات الشغب بشكل مباشرة أو غير مباشر (من المخبرين) وفي الميدان وهذا له قوانين خاصة كما يحدث في الحروب. مع ذلك فأنا لا أبرر، لأن حتى هذا المستوى القليل نسبياً قياساً بالثورات، أضف أن الجمري ورجال المبادرة كانوا ينهون عنه والخطب موجودة، ولكن علينا ان لا ننسى بالمقابل أن طائرات الهيلوكوبتر كانت ترش المواطنين بالرصاص الحي وأن المواطنين جميعهم وضعوا في قفص الاتهام من دون استثناء، وتم تكديس السجون حتى بالنساء والأطفال وتم اختراع أساليب عجيبةً لم نسمع عنها من قبل مثل اقتلاع أبوب البيوت ليلاً بجهاز خاص والهجوم ومن مات فليمت ومن أصبح معوقاً فلا بأس، وفرق التمشيط التي تجوب الشوارع وتكسر السيارات وزجاج النوافذ وتضرب كل من تصادفه في طريقها حتى الموت وبهذه الطريقة استشهد عبد الزهراء (من السنابس) والحاجة الستينية زهراء (من بني جمرة) وأشرف على الموت زهير (وهو يتيم بالمناسبة) في الحادية عشر من العمر (من قرية الديه) وعندما اعتقدوه ميتا رموه في القمامة، والشهيد حميد (من الدراز) وهو تلميذ في المرحلة الإعدادية وقد ضرب بأعقاب البنادق حتى الموت داخل مدرسته. والصور محفوظة في أدبيات الانتفاضة وتسعة أشرطة فيديو للأحداث سجلتها هيئة الإذاعة البريطانية بشكل مباشر عن طريق مذيعتين متنكرتين بلباس الأهالي مازالت موجودة عند هيئة الإذاعة، والمعارضة، والحديث في هذا يطول.علينا أن لا ننسى أنه قبل بدء الانتفاضة تم منع فعاليات اشخاص عدة -كما ذكر ربيعة- منها الجمري والشيخ علي سلمان وعبدالوهاب حسين خوفاً من تحدثهم في موضوع العريضة وتم تطويق الجوامع بالشغب، بل وأذكر بأنه بعيد اعتقال الشيخ علي سلمان بعد حادثة ‘’الماراثون’’ أصبحت هناك حملة مداهمات واسعة لكل البيوت وفي أحد البيوت أمضوا في التفتيش إلى أن وجدوا نسخة من العريضة وفيها توقيعات أصلية عندها قالوا: ‘’هذا ما جئنا نبحث عنه’’. فالسلطة استدرجت الشارع للانتفاضة بغرض وأد العريضة، ثم لجأت لحيل أخرى، منها وأهمها أنها ضربت الشيعة دون السنة لغرض إفهام السنة بأن التحرك شيعي وليس وطنياً وأنهم خطر عليهم وهي تحميهم منهم وفي هذا لم تكن لتنجح لولا انسحاب سماحتكم الذي كان الوسيلة الكبرى لوأد وطنية الانتفاضة. إن لم تكن السلطة تريد مسبقا وأد العريضة ولا تريد الاستجابة لها فلماذا رفضت العريضة النسوية الموقعة من 310 شخصيات؟ وما علاقة هذه بتلك؟ إن قلت التوقيت فلماذا رفضت العريضة النسوية التي عملناها قبل الانتفاضة سنة 1992 وتم جمع تواقيع جميع أمهات وزوجات المعتقلين السياسيين وذهبنا للقاء عقيلة الأمير الراحل وتم رفض استقبالنا وطلبوا منا أن نرسل شخصاً (رجلاً يمثلنا) فذهبنا للسيد علوي الشرخات وأعطيناه العريضة وأسماء اثنتين للمساءلة (إن احتاجوا) ولم نتلق رداً؟.أقول ما علاقة هذه العرائض بتلك مع العلم أن هذه كانت قبل الانتفاضة بحوالي عامين، المسألة أن الحكومة كانت ترفض كل عريضة وأهم سؤال هو: لماذا عندما حدثت المبادرة واستجاب الشارع بالكامل وتم وقف كل مظاهر الاحتجاج على أساس الاتفاق بأن تتم التهدئة أولاً ثم يحدث الحوار؟ لماذا رفضت الحكومة الحوار بشأن مطالب العريضة ونقضت الاتفاق بأن أعادت الجمري ورجال المبادرة للسجن؟ أضف إلى ذلك كل أدبيات الانتفاضة التي لازالت محفوظة لحد الآن الداعية للوحدة ومنها كمثال قصيدة الشيخ عبدالمحسن الملا عطية وفيها: ‘’اورّثنا البعض معاناةً/ من فرط الفتنة والغدر/ لازالت أرواح الأشرار تعيش بمصيدة المكر/ لتثير الفتنة من حقد بين عليٍ وأبي بكر’’.وقصيدة عبد الأمير البلادي التي يقول فيها:بـالإسـلام وبالقـومـيـةِ المحمـودُ شقيـقُ الجمـري’’. وغيرها الكثير من الأدبيات والمواقف، حتى أن بعض الشيعة ذهبوا للصلاة خلف الشيخ عبداللطيف المحمود كنوع من المساندة له بعد إطلاق سراحه، ثم وهناك معلومة ليعذرني الشيخ على إبدائها وهي أنني سمعت قبل الانتفاضة وأثناء اللقاءات التنسيقية لإعداد العريضة أنه لوحظ البرود الذي بدأ يتسلل للشيخ المحمود وأنه أخذ يتململ ولا يعرف السبب، والوالد كان يقدره ويعزه بينما لم يسأل عنه هو طيلة فترة مرضه ولا حتى تليفونيا بل لم نسمع -وليصححني إن أخطأت- حتى بحضوره للتعزية بعد وفاته. وأخيراً، أعذرني سماحة الشيخ، إن تجاسرت عليك فأنت في سن والدي ولا أكن لك إلا الود والاحترام.[1] راجع: ‘’دعاة حق وسلام’’، كتيب يضم خطب الشيخ عبدالامير الجمري ووثائق أخرى، من إصدارات حركة أحرار البحرين، لندن .1996[2] صادق الجمري حضر اللقاء الذي جمع بين الملك والجمري.
التعليقات:
أبو أحمد - البحرين
الأربعاء 12 ديسمبر 2007
أم حسين لك التحية على عمودك ، اتصور انه من اجمل ما كتبت، وحقيقة كنت كاللبؤة استنفرت للدفاع عن والدنا الجمري الغالي وعن الانتفاضة المباركة، فلك التحية والتقدير
الصـ الجارح ـقر - البحرين
الثلاثاء 11 ديسمبر 2007
شكراً على المقال الرائع ووصل المقصود ..هناك تصحيح فقط بخصوص القصيدة للرادود فاضل البلادي وليست لعبد الأمير البلادي